جبران تويني: خطاب مضلِّل لعهد فاشل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الرئيس اميل لحود في عيد الجيش، إن لم يتميز بالشجاعة والصراحة المطلوبة من ناحية اعلان رغبته في التجديد والتمديد، فإنه تميّز "بشجاعته" - ربما دون أن يدري - بإعلانه الصريح عن عجزه عن تنفيذ خطاب القسم طوال عهده!
نعم، لقد اعترف الرئيس لحود بأنه فشل على طول الخط خلال السنوات الست الماضية، لأنه لم يتمكن من تنفيذ ما وعد به الشعب، مما أبقى الوضع على حاله، بل ازداد سوءاً باعتراف الرئيس نفسه!
بمعنى آخر، ان الرئيس قد أطلق بنفسه رصاصة الرحمة على عهده!
وبعد هذا الحُكم من الرئيس على عهده، كيف تجرؤ جماعته على المطالبة بالتجديد أو التمديد لعهده؟ الا اذا كان اللامنطق قد بات سيد الموقف حيال أداء هذا العهد. ويبدو أن هذا هو الصحيح!
وهل في الدنيا عاقل واحد يمكن أن يطالب بالتجديد أو التمديد لمسؤول فشل في تحمل مسؤولياته، كما فشل في تنفيذ وعوده وسكت، بل تغاضى، عن كل ما حصل في السنوات الست الماضية؟
ويقول المنطق إن عدم تنفيذ خطاب القسم يعود الى سببين أساسيين: فإما الذي كُلّف التنفيذ لم يكن على مستوى المسؤولية فيُستبدل بسواه، وإما خطاب القسم في ذاته غير صالح وغير نافع فيُستبدل هو ومن وضعه. وهذا يعني منطقياً أنه لا يجوز أن تطرح قضية التجديد أو التمديد للرئيس لحود الذي وضع خطاب القسم وكُلّف تنفيذه وفشل.
إلا إذا كان منطق هذا العهد أعوج الى درجة أنه يكافئ من فشل بدل محاسبته!
أما بالنسبة الى ما قاله الرئيس لحود في خطابه الشهير من أنه لا يوجد عهد فاسد بل فاسدون في كل عهد، فجوابنا عنه بسيط: معه حق رئيس الجمهورية. ولكن عندما يكون العهد صالحاً فإنه يتمكّن من قطع الطريق على الفاسدين، بل يقطع أيديهم كما وعد في خطاب القسم. ولكن عندما تمضي ست سنوات على العهد والفاسدون فيه ما زالوا يسرحون ويمرحون بكل حرية وكأن العهد عهدهم، فمن الطبيعي أن يتساءل المواطنون عن مدى تورّط العهد في الفساد وتواطئه مع الفاسدين والمفسدين!
علماً أن القانون ينص على أن من يغطي جريمة أو يسكت عليها يصبح شريكاً فيها، ويلاحق كما يلاحق مرتكبها!
وإننا لنتساءل استطراداً: لماذا لم يقطع الرئيس لحود أيدي الفاسدين طوال ست سنوات من عهده ما دام قال إنه يعرفهم؟ ولماذا لم يسمِّهم؟
ثم ألا يعتبر رئيس الجمهورية أن أداءه ساهم بشكل أساسي في تفشّي الفساد والطائفية والمذهبية؟
وهل نسي أن الشعور بالغبن والخوف والقهر زاد خلال عهده بسبب قرارات اتخذتها حكومات غطّاها هو، بل ساهم في تأليفها وترأس جلساتها؟
ومن البديهي القول إن العهد يصبح فاسداً عندما يحمي الفاسدين، أو حتى عندما يستحيل عليه وضع حد لهم فيتركهم يسرحون ويمرحون متحكّمين بالمؤسسات وبالقرار السياسي!
وهذا ما يردده المواطنون بأكثريتهم الساحقة قائلين إن المسؤول الأوّل في الحكم هو المسؤول الأوّل عن وجود الفساد أو عدم وجوده.
وهل نسي الرئيس لحود أن الإعلام الحر حاول أكثر من مرة فتح ملفات فاضحة وساخنة وملأى بالفضائح كبنك المدينة وكازينو لبنان وكوبونات النفط وأموال صدام وقضية الخليوي، فضلاً عن "المجالس الخاصة" كمجلس الجنوب وغيره، وكان هذا الإعلام يُتهم ويُلاحقه القضاء بدل تقصّي الحقائق عن هذه الملفات، وينتهي الأمر بإسكات الإعلام واقفال الملفات "بالتي هي أحسن" للعهد والمنتفعين طبعا"؟!
ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن ما أورده الرئيس لحود في خطابه بعيد الجيش حول تمسكه بتنفيذ خطاب القسم هو إعلان لرغبته في التمديد والتجديد، وما الكلام على الخطاب سوى ذريعة للتمسّك بالحكم ومغانمه لئلا نقول بوضع اليد على الحكم أياً يكن الثمن!
وقد لا نُلام اذا صارحنا الرأي العام بأن ما يخيفنا اليوم هو أن يلجأ العهد الى كل الوسائل من أجل إدامة وضع اليد على الحكم بما فيها الوسائل الانقلابية، كاستقالة جماعية للوزراء المحسوبين عليه من أجل إسقاط الحكومة وتأليف حكومة اللون الواحد والصوت الواحد والهدف الواحد: توقيع مشروع تعديل الدستور من أجل تكريس عملية وضع اليد!
وهل هذا ما تنتظره الأجيال الطالعة من هذا العهد، وما نتطلع اليه من خطط لمستقبل أفضل؟
بل هل هذا ما وعد به الرئيس لحود الشباب يوم أقسم اليمين الدستورية قبل ست سنوات؟
الجواب عند رئيس الجمهورية، ويا ليته أتى من خطاب مختلف عن خطاب التجديد والتمديد الذي أدلى به يوم الأوّل من آب، خطاب على مستوى رغبات المواطنين وطموحاتهم!
... طموحاتهم بأن لا يُعدل الدستور وأن تجرى انتخابات رئاسية ويرحل العهد من أجل تحقيق التغيير.