جريدة الجرائد

محمد خرّوب: إسرائيل جديدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الصدفة وحدها التي جمعت بين تصريحين لافتين «وثوريين» ادلى بهما في تزامن غريب رئيس هيئة الاركان الاسرائيلي الجنرال موشيه يعالون ونائب رئيس الوزراء وزير الصناعة والتجارة ايهود اولمرت، وبدا للحظة اننا امام اسرائيل جديدة تقوم اثر صحوة مفاجئة او استدراك على دروس التاريخ قام بها اثنان من ابرز المسؤولين في الدولة العبرية وان كانا لا يحسمان كثيرا في النهاية لافتقادهما الى قواعد حزبية وشعبية مؤثرة فرئيس الاركان المحسوب على اليمين المتطرف والمؤيد للتعامل بقوة وقسوة اكبر مع الفلسطينيين (رغم انه يحظر عليه ان ينضم الى اي حزب في خلال الخدمة العسكرية وكذلك لمدة ستة اشهر بعد تركه الخدمة تقاعدا او ابعادا او استقالة) ليس له رصيد كبير في اوساط الحكومة كذلك الحال مع ايهود اولمرت وان كان نظريا الرجل الثاني في الحكومة وهو الذي جاء من خلال «تفوقه» في انتخابات رئاسة بلدية القدس المحتلة واحتفاظه بها لدورتين كرس فيهما حضور الليكود المتحالف مع الاحزاب الدينية بعد ان انسحب من الحياة السياسية والعامة تيدي كوليك «العمالي» الذي تربع على رئاستها مدة تصل الى ثلاثة عقود.. لكنه اي اولمرت يعتبر من قيادات الصف الثاني مقارنة بنتنياهو وسيلفان شالوم وليمور ليفنات وحتى وزير الدفاع شاؤول موفاز رغم ان الاخير جديد على الموقع الليكودي وهو انضم لليكود بعد ان خلع بزته العسكرية مباشرة وتسلم وزارة الدفاع وان كان ليس عضوا في الكنيست لأنه لم يرشح علي قائمته كونه لم يمض ستة اشهر بعد ان خرج من رئاسة الاركان قبل عامين بالضبط ليحل محله الجنرال الحالي موشيه يعالون.
يعالون يقول انه نظريا يمكن التنازل عن هضبة الجولان وانه لم ينس ان يمزج بين الاعتدال السياسي «النـظري» وبين غطرسة القوة والاستعلاء الذي يميز تصريحات قادة اسرائيل عندما قال: الجيش الاسرائيلي قادر على حماية الحدود مع سوريا بالنسبة الى اي قرار تتخذه المستويات السياسية في اسرائيل».
رد فعل الاوساط المحيطة بشارون كان غاضبا وسريعا ومتطرفا ما يوحي بأن الامر كان مفاجئا وان هذا «العسكري» انما اراد تسجيل موقف سياسي مبكر قبل خروجه الى الخدمة المدنية ربما يوظفه لاحقا في الحلبة السياسية وفي تحسين موقعه المنتظر على الخريطة الحزبية التي تمتلىء مقاعدها الاولى والثانية واكثر من 90% من قواعدها بجنرالات وعمداء وعقداء ورتب متفاوتة ما يعكس التركيبة السياسية والعسكرية المتشابكة والمعقدة في اسرائيل.
تصريحات يعلون تعيد الاعتبار او التذكير بما بات يعرف «بوديعة رابين» التي قيل ان اسحق رابين اودعها لدى الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون والذي اشار اليها في مذكراته وقال انها بالفعل اودعت لديه لكن خليفة رابين الليكودي نتنياهو تنكر لها وعندما جاء العمالي ايهود باراك لم يستطع التعامل معها بشجاعة لافتقاره الى الحنكة السياسية والجرأة هكذا قال كلينتون ولم يرد باراك.
لن يكون لتصريحات يعلون اصداء سياسية وحزبية عاصفة وستكون في حدود ما قيل على لسان مصدر مسؤول لم يكشف النقاب عن هويته بأن موقف الحكومة الاسرائيلية لم يتغير في هذا الشأن وان قبولها مجرد التفاوض مع دمشق مرهون بتخلي الاخيرة عن دعم العمليات الارهابية ضد اسرائيل وبدون شروط مسبقة تتعلق بطبيعة اي اتفاق نهائي.
اذا لا قيمة ميدانية وعملية لتصريحات يعلون وهي مجرد اقوال صحفية قيلت في مناسبة مرور عامين على توليه منصبه.
ماذا عن تصريحات اولمرت؟
المسألة هنا تختلف قليلا لأن «الرجل الثاني» قالها في اطار المعركة المحتدمة بين شارون وخصومه في شأن تمرير خطة الانفصال من غزة واولمرت معروف بمواقفه المعتدلة نسبيا والتي كشفها في احاديث صحفية قبل عشرة اشهر تقريبا عندما دعا اسرائيل الى الانسحاب من غالبية المناطق الفلسطينية وبعض مناطق القدس وقيام دولتين اسرائيلية وفلسطينية وترسيم الحدود بينهما على اساس ديموغرافي.
لماذا الآن؟
ربما لاحداث صدمة داخلية والكشف عن تباين متزايد في اوساط الليكود الذي يستعد لعقد مؤتمره يوم الاربعاء المقبل والذي قد يشهد انشقاقا وتصدعا بين معسكري «شارون واولمرت» من جهة والمعسكر الاقوى بزعامة الثلاثي شالوم نتنياهو وليفنات اضافة الى عوزي لانداو.
اولمرت قال ان اسرائيل ستخلي مستوطنات اخرى كثيرة غير تلك الاربع التي سيتم اخلاؤها ضمن خطة الانفصال؟
هل كان ينطق على طريقة الهواة ام انه قصد ما يقول؟
اغلب الظن انه يعرف ما يقول ويدرك ابعاد تصريحاته حتى لو اغضبت شارون لأنه يحذر بأن اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا اذا رفضت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف