الفانك: يزعمون الطبقة الوسطى تذوب

فهد الفانك
ليس هناك صنف من النمو الاقتصادي ينعكس على مستوى المعيشة ويشعر به المواطنون، وصنف اخر لا ينعكس على مستوى المعيشة ولا يشعر به المواطنون؟
الاحتمال الاخير ممكن اذا كانت الدخول الاضافية تذهب الى الاقلية الغنية فقط او اذا كان النمو في الدخل ناشىء عن الفساد الكبير الذي لا تطال ثماره الناس العاديون.
الفساد الكبير موجود، ولكن الدخل الناشىء عنه لا يدخل في حسابات الناتج المحلي الاجمالي، وبالتالي لا يحسب من النمو كما تعكسه الارقام الاحصائية. وهناك بالتأكيد سوء في توزيع الدخل القومي ولكنه ليس جديدا، وليس هناك اي دليل على ان توزيع الدخل يزداد سوءا، فالمقارنة تفترض عدم التغيير في التوزيع.
يزعمون ان الطبقة الوسطى تذوب، واعضاؤها ينتقلون الى طبقة الفقراء، وهذا مجرد انطباع لا يقوم عليه دليل، وهو شعار يوظفه سياسيون لاحراج الحكومات، وقد سمعنا باستمرار عن ذوبان الطبقة الوسطى، فلو كانت في حالة تآكل لانتهت منذ مدة طويلة.
الغالبية الساحقة من المجتمع الاردني تقع ضمن الطبقة الوسطى، وفي تقديري ان حجمها لا يقل عن 70% في حين تبلغ الطبقة العليا 5%، ويبقى 25% تحت خط الفقر، ولم تتغير هذه النسب خلال السنوات الاخيرة.
ولكن ما هو تعريف الطبقة الوسطى التي يتحدثون عنها؟ احد هذه التعاريف ان الطبقة الوسطى تتكون من منتجي الخدمات، ولكن الخدمات تشكل 70% من الاقتصاد الاردني، ويعمل بها نفس النسبة من القوى العاملة.
اما اذا كان المقصود ذوي الدخول المحدودة، كأصحاب الرواتب من الموظفين والمستخدمين والمهنيين والعاملين لحسابهم الخاص، فان الطبقة الوسطى في توسع وليس في انكماش.
ليس هناك نمو اقتصادي لا يؤثر على حياة الناس، وقد اقترحنا مؤشرا لقياس التغير في مستوى المعيشة هو حصة الفرد من الاستهلاك الخاص، ووجدنا انها ترتفع بمعدل 3% سنويا، وهنا نذكر ان زيادة دخول الاغنياء لا يزيد من استهلاكهم لانهم في حالة اشباع، في حين ان معظم الزيادة في دخول الفقراء تذهب للاستهلاك بسبب الطلب الحبيس الذي ينطلق اذا توفر دخل اضافي.
اعطونا نموا اقتصاديا، وباقي الاعتبارات الاجتماعية تأخذ مجراها تلقائيا.
صحيفة (الٍرأي الاردنية)