ناصر الظاهري: كانت طيّارة قرمزية وطارت
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نخرج من ثوب المهرجانات إلى فضاء خارجي لبطولة العالم للاستعراضات الجوية لنعمق سؤالاً فلسفياً دائم الحضور في ذهنية الإنسان منذ استقرّت قدماه على أرض اليابسة، لماذا يعشق الإنسان الطيران والتحليق؟ لماذا يتمنى أن يكون مثل ذاك الطائر السابح في السماء الزرقاء معتلياً هام السحب؟ لماذا حين يسأل الطفل عن ماذا يتمنى أن يكون في المستقبل تنبري على شفته إجابة واحدة ومحددة أتمنى أن أكون طياراً ثمة إبهار جميل تعطيه هذه السماء، لذا يصرّ الفتى العربي أن يصبح طياراً في المستقبل، لكن الأمر قد يكون مختلفاً عند فتى دانمركي ربما يفضل أن يكون ملاّحاً أو صياداً مثل أبيه، ربما أوضاع الوطن العربي هي التي سرّبت هذه الأمنية إلى نفوس الأطفال، ربما عشق العربي للعلياء والعزّة، وربما أشياء كثيرة، لكن الكثيرين الذين كانوا يتمنّون أن يكونوا طيارين في المستقبل طار بهم المستقبل، ولم يعودوا يتذكرون تلك الأمنية الصغيرة التي كانت تذوب في الفم كقطعة سكّر·
طبعاً ·· على أيامنا كلنا كنا نتمنى أن نكون طيارين، الضعيف في الإنجليزي أو الضعيف في الرياضيات أو ضعيف النظر أو ضعيف البنية، جميعهم كانوا يتمنون أن يصبحوا طيارين، وبعضهم كان يبالغ عن جهل فيقول أتمنى أن أكون طيّاراً ·· وأسوق الصاروخ، هذا الطفل كان عذره معه، أما المطرب الجاهل والشاعر الجاهل والملحن الجاهل، ثلاثي الجهل هذا فليس لديه عذر حين يشتركون في أغنية تنمّ عن جهل مبكر ومتأصّل، كأغنية دخيلك سايق الصاروخ·· ودّيني لحبيب الروح هو الصاروخ سيحمل من؟ أو من؟ السائق أم الحبيب الولهان أم طن القنابل·
ومن أشياء زمن الجهل والجاهلية أننا كنا نندهش حين يضحك علينا حرّوب ولد ما ياكل السح بجهله مؤكداً أن الملك حسين يطيّر طيّارته في الظلام، ونبقى مندهشين متعجبين، كيف له أن يصل إلى الأرض·
مضت تلك الأيام والطفل الصغير الذي ضيّع طيارة الورق بقيت عيناه ترنوان إلى السماء الزرقاء متتبعاً الخيط المقطوع وتلك الطائرة القرمزية التي طارت بعيداً·· عنه وبأحلامه الصغيرة··
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف