جريدة الجرائد

جمعة اللامي: تومسون.. ماذا فعلت بالأمانة؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


"فمن أدب الفقير ترك السؤال للخلق ما دام يجد عنه مندوحة" (عبدالقادر الكيلاني الغنية جرح)

حال الزمان بيني وبين حضور حفل عازف الكمان اللبناني “نداء أبومراد” الذي شهده “المجمع الثقافي” بأبوظبي، السبت الماضي، والذي كان عنوانه: “ترانيم الحبّ الإلهي”.

وحسب برنامج الحفل الذي أعلن مسبقاً، فإن نخبة من الدبلوماسيين، وبعض أهل الذوق، استمعوا الى نصوص شعرية، بكمان الفنان أبومراد، للحسين بن منصور الحلاج، ومحيي الدين ابن عربي، وسمعان اللاهوتي.

ولو أن الكاتب الأمريكي هانتر تومسون، استمع الى تلك الفواصل الموسيقية، أو كان على بيّنة من بعض شأن “الحلاج”، وشؤون “ابن عربي”، لكلف بتلك الأمانة الضخمة التي ائتُمن عليها.

ولكن هيهات، فقد “فات الفَوت”.

وكان “لويس ماسينيون” سعيد الطالع، كبير الحظ، حيث اهتدى الى قبر “الحلاج” صدفة، الى جوار قبر “الجنيد” في بغداد حين كان يبحث في شؤون أهل العرفان والذوق، فاستحق جائزة سنيّة، تجلت من بين ما تجلت، في رسالة “الإنسان الكامل” التي شرح فيها “آية المباهلة” ثم كتاب عمره: عذاب الحلاج.

وانشغلت أفئدة كل من قرأ ما كتبه الدكتور، أو الدكاترة، زكي مبارك، حول القطب الشيخ عبدالقادر الكيلاني، بعد رحلتين الى بغداد المحروسة، ظهرت عنواناتها في بحثه عن الأدب والأخلاق في التصوف الاسلامي.

وللشيخ الكيلاني كتب عديدة، من بينها كتاب: “الغنية لطالبي طريق الحق عز وجل” الذي حققه ووضع حواشيه “أبو عبدالرحمن صلاح بن محمد بن عويضة”، وطبع في بيروت، وهو من مجلدين. وفي المجلد الثاني فصل بعنوان: “في سؤال الفقير” يقول فيه: “فمن آداب الفقير ترك السؤال للخلق ما دام يجد عنه مندوحة، فإذا ألجأته الضرورة والحاجة المحقرة، فيسأل بقدر الحاجة فتكون حاجته كفارته، فحينئذ يسلم له السؤال”.

وفي كتاب “الرسالة القُشَيريّة” للعلامة “عبدالكريم القُشَيري”، وهو “أبو القاسم” بن هوازن بن عبدالملك بن طلحة بن محمد، ويلقب أيضاً: النيسابوري.. ثبت بأخبار أهل العرفان وأصحاب الذوق.

وجاء في الباب رقم،28 بحث بعنوان “الحياء” على لسان ذنّون المصري، قوله: “الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة ما سبق منك الى ربك تعالى”.

و”ابن عربي” رجل حيي، خوّاف من الله تعالى:

فَرَرتُ منّي إليه

أوخِفْتُ مِنهُ عَليْهِ

وذاكَ مِنْ جَهْلِ نفسي

بما تَؤُولُ إليه

لكن الكاتب الأمريكي، هانتر تومسون، لم يسمع بابن عربي، ولم يطرق سمعه اسم سمعان اللاهوتي، وإلا لما تنازل عن الأمانة الإلهية العظمى: الحرية، بإطلاق الرصاص على نفسه، أمس الأول.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف