صالح إبراهيم: مبادرة السلام العربية.. وخطر المستوطنات..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
*في قمة الجزائر حدد القادة العرب موقفهم بالنسبة لخطوات التطبيع مع إسرائيل.. عندما جددوا التمسك بمبادرة السلام التي اعتمدت في قمة بيروت. والتي تطالب بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة والعودة إلي خط الرابع من يونيو ..1967 والقبول بقيام دولة فلسطينية مترابطة الأوصال في غزة والضفة وعاصمتها القدس.. والتوصل إلي حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ورفض كل أشكال التوطين.. والارتكاز علي مبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد.. وإذا حدث ذلك كله تقوم الدول العربية باعتبار النزاع مع إسرائيل منتهياً وتبدأ في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل.. والجديد هنا بالاضافة للتمسك بالحلول الجادة والتي يقبلها الشعب العربي والشعب الفلسطيني.. ان تجديد الثقة بمبادرة بيروت ان صح التعبير يكشف النوايا الحقيقية للطرف الآخر.. والذي يتمسك حتي الآن بفك الارتباط في غزة وتفكيك عدة مستوطنات في الضفة الغربية.. واناطة الأمور الأمنية أساساً بالشرطة الفلسطينية "التي يجري إعادة تأهيلها".. كما أنه يساعد في ربط جميع الأطراف حقيقة بخارطة الطريق.. ويساعد علي تنفيذها كما تقتضي العدالة والحقوق المشروعة.. وليس فقط بالانتقائية الشارونية.. واعتماد ما يخدم أو يحقق مصالحه.. وتعتبر المبادرة هنا اضافة لتفاهمات شرم الشيخ.. كما أن عرضها للمناقشة في مجلس الأمن والجمعية العامة والسعي لإصدار قرار دولي باعتمادها.. لا يعد تفعيلاً دولياً للمبادرة ويجعلها من بين المرجعيات المحققة للسلام فقط.. ولكنه يغذي ملعب مفاوضات السلام المرتقبة بورقة مهمة.. تعيد التوازن إلي الفريقين المتباريين.. وبالطبع فإن الهرولة لن تفيد العرب.. الذين يدرك الكثيرون أهميتهم ونقاط القوة لديهم.. ومكانتهم الحضارية والاستراتيجية دون مبالغة أو إقلال.
** وفي هذه النقطة يحذر عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية بيت العرب من الهرولة المحتملة مثلما فعل أيام اوسلو.. قال.. مازالت إسرائيل مستمرة في ممارساتها الاستعمارية الشيطانية.. تضغط لتحصل علي تنازلات دون مقابل.. وتتصور ان الحقوق سوف تنسي وأن ما تحظي به من دعم وحصانة سيسمح لها بالاستمرار في بناء المستوطنات.. وإقامة الجدار العازل.. والاحتفاظ بالأراضي المحتلة أو معظمها.. وان العرب مع كل ذلك سيتنازلون بل سيطبعون العلاقات معها دون مقابل.. أو دون مقابل يذكر.. وهو ما يجب ألا يكون دون مقابل حقيقي.. يجب أن يكون الالتزام مقابل الالتزام.. وعندئذ يمكن أن نصل إلي سلام متوازن.. ونغلق ملفات النزاع.. لتقام العلاقات بالتوازي مع الانسحاب الشامل وإقامة دولة فلسطينية.. بل أن موسي مضي أبعد من ذلك بفتح ملف ترسانة أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية.. التي لا يجب استثناء إسرائيل منها.. وكما هو معلوم فإن الحجة الإسرائيلية لامتلاك هذه الأسلحة مرتبطة دائماً بعدم تحقيق السلام حتي الآن.
إسرائيل ليست سعيدة
** ورغم ان آلة الدعاية الإسرائيلية قد ملأت الدنيا صياحا.. حول عمليات المقاومة الفلسطينية واستطاعت في أحيان كثيرة قلب الحقائق لتقرن المقاومة البطلة والشريفة.. بالإرهاب وبصفة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.. وأصبحت جهات صنع القرار في واشنطن دائماً وفي مناطق أخري في أحيان كثيرة.. تلتمس العذر لشارون في استخدامه القوة المفرطة ضد الفلسطينيين بل أن البعض اعتبر مداهمات جنود شارون رد فعل طبيعي لما تفعله المقاومة ودعوا لإيقاف العنف كشرط مسبق لاستئناف مفاوضات السلام وتطبيق خارطة الطريق.. وتلقي شارون تفويضاً من بوش يتيح له التنصل من التزام إعادة كامل الأراضي المحتلة.. كما رحب الكثيرون بالانسحاب الإسرائيلي قسراً من قطاع غزة.. واعتبروه مكسباً عربياً.. رغم انه بالطبع لن يصبح كذلك إلا إذا دخل في إطار خارطة الطريق.. وأدي إلي مناقشة الوضع النهائي وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.. وليست ذات حدود مؤقتة.. علي أية حال فإن آلة الدعاية الإسرائيلية لم ترحب بتفاهمات شرم الشيخ.. وحاولت استثمارها وقصر عناصرها علي الجانب الأمني فقط.. كما لم ترحب بالتالي بنجاح الفصائل الفلسطينية برعاية مصر.. التوصل إلي تهدئة مفتوحة لمدة عام مع إسرائيل بشرط أن تلتزم حكومة شارون بذلك.
ماذا فعلت حكومة شارون؟
** وبعدها وجدنا حكومة شارون تعلن عن استئناف جدار الشر العازل الذي أدانته محكمة العدل الدولية ليتغلغل أكثر في الأراضي الفلسطينية ويمزق أوصالها.. وكذلك البدء في إنشاء جدار جديد بنفس الارتفاع حول غزة هذه المرة.. وربما فاجأت العالم بأقامة العازل البحري عند ممر فلاديلفيا.. ولم نشهد علي الأرض من بوادر مشجعة حتي الآن سوي تسليم المسئولية الأمنية في أريحا وطولكرم وبعض القري المجاورة لهما.. للشرطة الفلسطينية.. وسط مظاهر دعائية لايجيدها سوي الإسرائيليين.. ولم يتم أي اقتراب لانفراج في غزة بحجة أن القوات الإسرائيلية ستغادرها اعتباراً من يوليو القادم.. وان كانت ستبقي علي مشارف القطاع.. تراقب الموقف.. ومستعدة للعودة والانقضاض علي الأرض والناس والمخيمات.. كما صرح شارون وموفاز في مناسبات متعددة.
غول المستوطنات
وعلي الرغم من النص الواضح في خارطة الطريق علي إيقاف بناء المستوطنات للتمهيد لبناء الثقة والاستنكار العالمي وحتي الأمريكي لانتشار البؤر الاستيطانية.. فإن حكومة شارون تغازل المستوطنين بورقة الاستيطان.. وتهدد بالغول الاستيطاني الفلسطينيين.. عندما أعلن موفاز قرار حكومة شارون ببناء 3500 وحدة سكنية في "معالي ادوميم" بالضفة الغربية واعقب ذلك ضجة حول بيع الكنيسة اليونانية بالقدس إلي شخصية يهودية.. الخطوة وصفها صائب عريقات كبير المفاوضين بأنها تعني تدمير أي جهد من شأنه إخراج عملية السلام إلي مسارها الطبيعي وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإلغاء القرار.. بينما رد مسئول إسرائيلي كبير مؤكداً أنه لن يوقف أحد البناء في معالي ادوميم شرق القدس.. وغوش عتصيون جنوب القدس واريل شمال الضفة لأنها قطاعات لن تنقل أبداً إلي السلطة الفلسطينية.. والقنبلة العنقودية جاهزة هذه المرة.. إذ أعلن معلق إسرائيلي بارز ان الضفة الغربية أرض غير محتلة.. ولا تعود لأي دولة من دول الصراع العربي الإسرائيلي.. وان حكومة إسرائيل لم تتسلمها من أية حكومة عربية معترف بها.. هذه القنبلة تكشف نوايا حكومة إسرائيل التي دخلت في جدل سوفسطائي مع الأسرة العالمية من قبل حول القرار 242 وهل يتضمن الانسحاب من أراض محتلة.. أو الأراضي المحتلة.. هذه المرة تريد سلخ الضفة الغربية.. وأيضاً غزة من رؤية عالمية مستقرة.. ومبادرة عربية واضحة ومتوازنة.. لتفتح معركة كسب وقت جديدة.. تحاول خلالها كالعادة تغيير الملامح الديموجرافية علي أرض الواقع.. ولا مانع من الحديث عن السلام.. طالما لا يتناقض مع نظرية الأمن الإسرائيلية.