أكثر من 3 ملايين لاجيء و 10 ملايين نازح يعيشون حياة بائسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعثة الأهرام تزور معسكرات اللاجئين في منطقة البحيرات العظمي
أشرف أبو الهول ـ مختار شعيب ـ ياسر محب
رغم المخاطر الكبيرة استطاعت بعثة الأهرام في شرق إفريقيا الدخول الي أكبر وأسوأ معسكرات للاجئين ليس فقط في إفريقيا وإنما في العالم, فهي الأخطر لأنها تضم داخلها امتدادات للجماعات العرقية المتنازعة والحاملة للسلاح كما في معسكرات اللاجئين في شرق الكونجو وفي شمال بوروندي, حيث لاحظنا في معظم المعسكرات التي قمنا بزيارتها وجود أعلام مختلفة تعبر عن الفصائل والاثنيات المختلفة داخل المعسكر الواحد,
ويتواجد داخل هذه المعسكرات ايضا الي جوار هؤلاء آلاف النساء والشيوخ والأطفال وهم يعيشون حياة بائسة وصعبة ويعانون جميع أنواع الأمراض المتوطنة في إفريقيا خاصة الإيدز والكوليرا والملاريا والتيفويد وغيرها فضلا عن نقص الغذاء والدواء, لذلك فهذه المعسكرات هي الأخطر والأسوأ عالميا, ورغم ذلك حملتنا الدوافع الصحفية الي اختراق هذا العالم المليء بالأخطار للتعرف علي حقيقة المآسي التي يعانيها أكثر من ثلاثة ملايين لاجيء في منطقة البحيرات العظمي وشرق إفريقيا وأكثر من10 ملايين نازح ومشرد داخل تلك البلدان التي شملتها زيارة بعثة الأهرام والمعسكرات هي الأكبر تعدادا علي المستوي الإفريقي بل والعالمي,
وتعد قضية اللاجئين في إفريقيا من أكبر التحديات التي تواجه القارة السمراء ليس فقط لتعقد هذه المشكلة وشيوعها في معظم دول القارة, ولكن لتنوع أسباب اللجوء التي أدت الي معاناة أكثر من سبعة ملايين إفريقي فضلا عن تشرد أكثر من15 مليون نازح داخلي اضطرتهم الظروف للانتقال من إقليم الي آخر داخل نفس الدولة.
فقدنا كل شيء
ومن خلال مساعدات مختلفة قدمتها لنا المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من خلال مقارها في بوروندي ورواندا وكينيا وأوغندا استطاعت بعثة الأهرام التجول في عدد من معسكرات اللاجئين وعدد من معسكرات النازحين التي تعيش في حماية قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة, ورغم ذلك شاهدنا علي وجوه الناس هناك إحساسا بالضياع وفقدانا للأمل في الحياة, وجملة لقد فقدنا كل شيء تكررت علي لسان كل الذين التقيناهم في تلك المعسكرات, فقدنا بيوتنا. فقدنا ممتلكاتنا.. فقدنا مزارعنا فقدنا أولادنا.. فقدنا آباءنا.. خسرنا كل شيء, لقد هربنا حتي لا نفقد أرواحنا, هربنا لكي نعيش.. لماذا لا نعيش مثل غيرنا في العالم في أمن وسلام, لماذا هذه الحروب التي أبادتنا, لماذا يريدون قتلنا, أليست لنا نفس الحقوق في الحياة, في السلام, في الأمن, في الاستقرار, الميليشيات المسلحة تتصارع علي السلطة ونحن الضحايا, نحن لا نريد السلطة ولكن نريد أن نعيش بكرامة.
هذه الكمات ترددت بكل اللغات الإنجليزية والفرنسية والسواحلية والمحلية داخل تلك المعسكرات من الشيوخ والنساء والفتيات والشباب.. بل والأطفال الذين ينظرون إليك بنظرات مليئة بالتوسل والحذر والخوف أحيانا وعندما تحاورهم تسمع منهم نفس الكلمات رغم تباعد المسافات بالأميال بين معسكراتهم إلا أن المأساة وحدتهم في المشاعر والأفكار بل وفي مطالبهم وكلماتهم.
ويوجد في منطقة البحيرات العظمي وشرق إفريقيا أكثر من110 معسكرات للاجئين ووصلت مشكلة اللاجئين في إفريقيا الي الذروة في عقد التسعينيات من القرن العشرين مع انفجار الحرب الأهلية في رواندا وبوروندي والكونجو الديمقراطية زائير سابقا.
وترتب علي الحروب الأهلية الطاحنة في هذه المنطقة التي تعد أغني مناطق العالم ثراء بالموارد الطبيعية مقتل أكثر من مليوني شخص وفرار ما يزيد علي خمسة ملايين لاجيء وتشرد أكثر من10 ملايين شخص داخل هذه الدول. وفي الوقت الحالي وبعد سنوات من الهدوء وعودة الاستقرار الي بعض دول المنطقة تقول أرقام المفوضية العليا لشئون اللاجئين إن أكثر من2 مليون لاجئ تمت اعادتهم الي بلدانهم إلا أن مشاكل النازحين مازالت متفاقمة وقد ازدادت حدة مع عودة اللاجئين الذين لم يستطع الآلاف منهم العودة الي ديارهم أو ممتلكاتهم بسبب سيطرة بعض الميليشيات المسلحة عليها.
ومن أهم المعسكرات التي قامت بعثة الأهرام بزيارتها في بوروندي وعلي حدودها مع شرق الكونجو وفي رواندا هي معسكرات كانيوشا, وكامنجي, وشيبي توكي, وروجومبو, وكاروراما, وجاتومبا, وجينجا.
مشاهدات من داخل المعسكرات
وخلال تجولنا لأكثر من10 ساعات متواصلة داخل هذه المعسكرات شاهدنا المأساة الحقيقة التي تعانيها القارة السمراء, آلاف الصبية والأطفال والشباب والفتيات التي تقول البيانات إنهم يمثلون60% من مجمل اللاجئين يعانون من التشرد البادي علي ملامحهم, فملابسهم رثة ولا توجد مدارس داخل المعسكرات أو مراكز صحية أو مستشفيات ولا طرق أو تليفونات أومراحيض, ومعظم هؤلاء الأطفال والصبية وبعض الشيوخ والشباب يقومون ببناء أكواخ من الأخشاب لهم أو من صخور الجبال, حيث تتواجد تلك المعسكرات في المناطق الجبلية لتسهل حمايتها من الجماعات المسلحة التي تستهدفها بشكل متكرر, وهذا يعني أن أجيالا كاملة من الشباب الإفريقي ستعيش بدون تعليم وتعاني الجهل والأمراض, كما اشتكي لنا العديد منهم من الممارسات غير الإنسانية التي يتعرضون لها سواء كان التعذيب أو الاغتصاب أوالانتهاكات الجنسية ضد الفتيات والنساء والأطفال من قبل الميليشيات المسلحة فضلا عن نقص الغذاء والدواء, ولقد أدي هذا الوضع الي ارتفاع حدة الوفيات في أوساطهم لنسب مرتفعة للغاية, فيوميا يموت العشرات من الأطفال والشيوخ والفتيات بسبب هذه الأوضاع المأساوية.
أكثر من3 ملايين لاجيء و10 ملايين نازح
وباستعراض وثائق الأمم المتحدة في هذا الصدد يوجد110 معسكرات للاجئين والنازحين في منطقة البحيرات العظمي تضم داخلها أكثر من3 ملايين لاجئ وأكثر من10 ملايين نازح ومشرد داخل أوطانهم, ويتركز اللاجئون في تنزانيا والكونجو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وكينيا والسودان واوغندا والصومال.
أسباب مشكلة اللاجئين
تتعدد أسباب ظهور مشكلة اللاجئين في القارة الإفريقية ومن اهمها الحروب الأهلية والعرقية الطاحنة التي وقعت في القارة سواء داخل الدول أو فيما بينها ولقد شهدت القارة الإفريقية منذ عام1960 وحتي عام2005 نحو35 نزاعا مسلحا وقع معظمها في منطقة البحيرات العظمي ومازال الكثير منها قائما حتي الآن, ومعظم هذه الحروب وقعت بسبب النزاع علي السلطة بين الاثنيات المختلفة وبما ساهم في ايجاد حالة من عدم الاستقرار السياسي في القارة الإفريقية أدت إلي وقوع اكثر من مائة انقلاب عسكري خلال الفترة من عام1960 وحتي عام2005 وقع في دولة مثل بوروندي مثلا خلال هذه الفترة9 انقلابات عسكرية والتي ترتب عليها حروب آهلية ومذابح إبادة بشرية ضد الخصوم وهذه الأجواء تدفع بالملايين من السكان إلي الهروب للدول المجاورة أو من اقليم إلي اخر داخل نفس الدولة خوفا علي حياتهم.
وما ساهم في تفاقم حدة مشكلة اللاجئين في إفريقيا بشكل عام وفي منطقة البحيرات العظمي بشكل خاص هو تهاون المجتمع الدولي خاصة القوي الدولية الكبري في التعامل مع الأزمات والحروب الأهلية الإفريقية, حيث وقعت العشرات من المذابح علي مسمع ومرأي من تلك الدول لكنها لم تتحرك, وعندما تحركت كانت متأخرة جدا في استجابتها لهذه التحديات فضلا عن دعم كل قوة دولية لاحدي الفصائل المتحاربة بالسلاح في اطار الصراع بين الدول الكبري خاصة الولايات المتحدة وفرنسا علي النفوذ في هذه المنطقة, وكان ذلك واضحا في حالات الحروب الأهلية في رواندا وبوروندي والكونجو الديمقراطية,
هذه الأجواء ساهمت في ضعف دور الأمم المتحدة في حفظ الأمن والاستقرار في إفريقيا بشكل عام والبحيرات العظمي بشكل خاص فضلا عن تدخل القوي الإقليمية في هذه الحروب بدعم احدي الفصائل العرقية في مواجهة الأخري, علي سبيل المثال قامت أوغندا بدعم التوتسي في رروندا وبوروندي في مواجهة الهوتو, كما قامت بغزو أراضي الكونجو الديمقراطية في حين قامت أنجولا والكونجو وزامببيا بدعم الهوتو, كل هذه التدخلات تساهم في استمرار الحروب, والتي ينتج عنها هجرات متعددة للسكان إلي الدول المجاورة.
كما ساهم في حدة مشكلة اللاجئين في إفريقيا بشكل عام وفي منطقة البحيرات العظمي بشكل خاص ارتفاع معدلات الفقر لنسب غير مسبوقة حيث يعاني75% من السكان من هذه المشكلة فضلا عن الموجات المتلاحقة من التصحر والجفاف والأمراض المتوطنة التي يعاني منها22 مليون إفريقي مما يفاقم من مشكلة النزوح الداخلي والتشرد اضافة إلي عدم وجود المستشفيات والأدوية والمواصلات والاتصالات في معظم أنحاء البلاد, وغيرها من الأسباب التي تغذي هذه العملية.
اللاجئون.. ينقلون الحروب والأوبئة
علي الرغم من أن مشكلة اللاجئين تعتبر في الأساس مشكلة إنسانية بالنسبة للدول المضيفة إلا أنها تتسبب في الكثير من الحالات في نشوب مشكلات أمنية لهذه الدول فمن ناحية فإن معسكرات اللاجئين يمكن ان تكون منابع لتجنيد المقاتلين الجدد من جانب جماعات المعارضة أو حتي من جانب حكومات الدول المضيفة, ولأن اللاجئين يعيشون في ظروف إنسانية بالغة القسوة فإنهم يكونون محملين بمشاعر انتقامية من نظم الحكم في بلادهم وتوفر معسكرات اللاجئين للجماعات المعارضة مجالا ملائما في ظل توافر السلاح للتدريب والقيام بعمليات عسكرية ضد بلادهم, كما يحدث بشكل متكرر علي الحدود بين الكونجو الديمقراطية ورواندا وبما يسهم في حدوث حرب بين البلدين ودخول القوات الرواندية الأراضي الكونجولية لاكثر من مرة, كما قد يتسبب اللاجئون الحاملون للسلاح في مشكلات أمنية للدول المضيفة, حيث تتزايد معدلات الجريمة وقد تستخدمهم جماعات المعارضة الداخلية في مواجهة نظام الحكم.كما حدث في الكونجو الديمقراطية حيث ساعد بعض اللاجئين التوتسي لوران كابيلا في الاطاحة بنظام حكم موبوتو سيسي كو.
ويبدو تأثير اللاجئين في انتشار الحروب الاهلية علي الصعيد الاقليمي واضحا بقوة في منطقة البحيرات العظمي وبالذات في رواندا وأوغندا, حيث كانت هناك ارتباطات مباشرة في الحروب الاهلية فيهما. فقد هرب عشرات الآلاف من اللاجئين التوتسي من رواندا في عقدي الخمسينيات والستينيات الي اوغندا وتنزانيا, وقام ابناء وأحفاد هؤلاء اللاجئين بتشكيل ميليشيات تسعي الي العودة بقوة السلاح الي رواندا وظلوا يحلمون بالعودة الي بلادهم وفي ظل عدم الاستقرار الداخلي في اوغندا وجد التوتسي اللاجئون أنفسهم طرفا في الصراعات الداخلية حيث استعان بهم عيدي أمين كأدوات لقمع المعارضة الاوغندية,
لذلك ما أن انهار هذا النظام فان ميلتون اوبوتي اتجه الي مطاردتهم وعقابهم, مما دفعهم الي التعاون مع يوري موسيفيني الذي تعود أصوله ايضا الي مجموعة عرقية قريبة من التوتسي هي قبيلة الانكولي وضمهم موسيفيني الي قواته اثناء فترة الحرب الاهلية وأصبحوا العمود الفقري لقواته حيث كان معظم قادته منهم حتي امكنه السيطرة علي حكم أوغندا عام1986, ثم قدم لهم العون بعد ذلك فشكلوا الحركة الوطنية الرواندية عام1990 وحصلوا علي أسلحة من الجيش الاوغندي وخاضوا حربا ضد نظام حكم الهوتو في رواندا حتي استولوا علي الحكم في عام1994 وكانوا سببا في حرب اهلية طاحنة عاشتها رواندا وأدت الي مقتل مليون شخص وتشريد ولجوء أكثر من2 مليون آخرين.
وقد يؤدي تدفق اللاجئين داخل دولة الملجأ الي الاخلال بالتوازن الديموجرافي خاصة الإثني وهو ما قد يتسبب في صراعات جديدة في دولة الملجأ وبما يسهم في زيادة التوتر الداخلي وحالة عدم الاستقرار السياسي وهذا مايحدث في الكونجو الديمقراطية, كما ان ما يحدث في دارفور بالسودان يعد مثالا لهذه الحالة حيث مع مرور الزمن شكل اللاجئون والنازحون من الدول المجاورة قوة سكانية كبيرة وميليشيات عسكرية بدأت الصراع علي الموارد والمياه والرعي مع السكان الأصليين للبلاد مما تسبب في الحرب الدائرة هناك.
كما يشكل اللاجئون ضغطا علي البنية الاساسية والموارد الاقتصادية لدول الملجأ, فضلا عن انهم يعيشون في ظروف شديدة القسوة وتعيش معظم مخيمات اللاجئين في حالة عدم استقرار وتتزايد فيها حالات التجنيد القسري للاطفال والصبية من قبل الجماعات المسلحة فضلا عن الانتهاكات الجنسية الصارخة وبما أسهم في حدة ظاهرة الدعارة في تلك الدول.
هذه المشكلات تدفع ببعض دول الملجأ الي استخدام الاساليب القسرية العنيفة في مواجهة اللاجئين سواء بترحيلهم اجباريا الي بلادهم او غلق الحدود امامهم. الأمر الذي يعرضهم للخطر وهذا ما فعلته تنزانيا والكونجو في مواجهة اكثر من2 مليون لاجئ من الهوتو البورونديين.
كما ان دخول عدد كبير من اللاجئين بأسلحتهم الخاصة قد يتسبب في وصول اعداد كبيرة من هذه الاسلحة, الي أيدي مواطني الدولة بأسباب مختلفة. كما انهم يسهمون في زيادة حدة الجرائم ذات الطابع المسلح خاصة السطو, والقتل وغيرها.. وبما يهدد الأمن الداخلي للدول المضيفة. كما ان اللاجئين ينقلون الاوبئة والامراض الخطيرة معهم علي المناطق التي يرحلون إليها, ولا تقل مشكلة المشردين في إفريقيا خطورة عن مشكلة اللاجئين حيث انهم يظلون مصدر قلق دائم لدولهم بسبب ما يثيرونه من مشكلات مع ابناء قبائل أصحاب الارض الاصليين.
نزيف القوة البشرية والعمالة
تتعدد الاثار السلبية التي تؤثر بها مشكلة اللاجئين علي الدول الفارين منها لعل اولها الاخلال بالتوازن الديموجرافي الإثني وبما يسهم في استمرار الحرب الاهلية والصراع علي السلطة, وثانيها ان اللاجئين الفارين غالبا ما يشكلون ميليشيات مسلحة يحاربون بها نظم الحكم في بلادهم كما هو حال متمردي الهوتو في شرق الكونجو الذين يهاجمون بشكل دائم الاراضي الرواندية, وثالثها فرار المزارعين والعمال مما يترتب عليه اهمال الاراضي الزراعية وانتشار التصحر والجفاف في تلك الاراضي وبما يسهم في حدة المشكلة الغذائية داخل تلك الدول, فضلا عن المرارات الاجتماعية والنفسية التي يتركها اللجوء في نفوس الناس وبما يدفعهم لارتكاب جرائم ذات طبيعة مسلحة تزيد من تهديد الأمن الداخلي لتلك الدول والاثر الخطير ايضا هو هجرة المثقفين والعلماء والمفكرين وهروبهم خاصة اساتذة الجامعات والمدارس وموظفي الجهاز الاداري في الدولة والاطباء بما يشل قدرة تلك المؤسسات عن العمل ويعطل امكانيات التنمية الداخلية حتي بعد عودة الهدوء والاستقرار للبلاد وهذا الوضع تعاني منه حاليا كل من رواند وبوروندي مما يعطل مشروعات اعادة الاعمار التي تعتزم الحكومات القيام بها.
برغم الجهود... المشكلة متفاقمة!!
رغم الجهود العديدة التي تبذلها المفوضية العليا لشئون اللاجئين لمواجهة هذه المشكلة ورغم مساندة الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي لها في مهامها وعدد من المؤسسات الاهلية العالمية الا ان الاوضاع المأساوية للاجئين لا تزال قائمة بسبب استمرار الصراعات والحروب الاهلية في بعض المناطق وعدم قدرة العائدين الي ديارهم علي استرداد منازلهم وممتلكاتهم من الجماعات المسلحة والمواطنين الذين سيطروا عليها حيث يفاجأ اللاجئ عندما يعود الي وطنه انه فقد كل شيء
كما انه معرض للملاحقة الامنية من الشرطة والميليشيات المسلحة, لذلك يفضل الاف اللاجئين عدم العودة الي بلادهم ويفضلون الحياة في معسكرات مكتظة ومأساوية علي العودة غير الآمنة وهذه هي مشكلة معسكرات اللاجئين الهوتو في شرقي الكونجو وفي تنزانيا. كما ان بعضهم عندما يعود الي بلاده يضطر للاقامة كنازح ومشرد في مقاطعات اخري غير التي هرب منها, حيث يجد الميليشيات المسلحة او بعض المواطنين قد سيطروا علي كل ما يمتلك او أن منزله قد تهدم وان إقامته في موطنه الاصلي قد تكلفه حياته
وفي ظل ضعف القدرات المالية للمفوضية العليا لشئون اللاجئين في مواجهة هذه الاعباء الضخمة تتفاقم المشكلة يوما بعد يوم, فعل سبيل المثال يحتاج اللاجئون في دولة واحدة مثل بوروندي, الي600 مليون دولار لمواجهة مشكلاتهم وإعادتهم الي ديارهم الذين يصل عددهم الي مليون لاجيء و3 ملايين نازح. في حين أن ميزانية المفوضية ككل التي تخدم15 مليون لاجئ في العالم منهم في إفريقيا وحدها7 ملايين و30 مليون نازح يوجد في إفريقيا وحدها15 مليونا منهم10 ملايين في منطقة البحيرات العظمي تقدر بـ850 مليون دولار!!.
لذلك من المتوقع تفاقم هذه المشكلة في السنوات المقبلة في إفريقيا بشكل عام وفي منطقة البحيرات العظمي بشكل خاص لما يثيره اللاجئون من قلاقل ومتاعب في الأماكن التي يحلون بها, ومن المؤكد أن تزايد الاهتمام الدولي في الآونة الأخيرة بمنطقة البحيرات العظمي سياسيا وتزايد دور عمليات التدخل الإنساني خاصة من قبل الأمم المتحدة قد يسهم في مواجهة أخطار هذه المشكلة بشرط استمرار وتيرة الاتجاهات السلمية والجهود الدولية علي ما هي عليه. الآن لمنع اندلاع حروب جديدة قد تهدد باستمرار الصراعات وسيادة حالة عدم الاستقرار التي عانت منها المنطقة بشكل متكرر منذ الستينيات وحتي الآن.