إسرائيل تستعد لاقتحام المقاطعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نصر المجالي من لندن: حطت الطائرة الفرنسية التي أقلت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اليوم (الجمعة) في مطار عسكري قرب العاصمة الفرنسية حيث نقل على الفور على مستشفى في ضواحي باريس لاستكمال العلاج، وسط تناقض في التقارير الصحية الصادرة عن الأطباء المشرفين على حالته بين ما إذا كان مصابا بسرطان الدم (اللوكيميا) أو أنه يعاني وجود حصوة في كيس المرارة، وبالمقابل فإن أصواتا إسرائيلية يقودها اليمين بدأت العدة لمواجهة أي قرار بدفن الزعيم الفلسطيني لو حدث له مكروه على نحو طارئ في مدينة القدس، حيث هو أوصى بذلك منذ زمن طويل، وإليه يتعرض عرفات المريض إلى ملاحقات قانونية من جانب فرنسيين تأثروا بهجمات إرهابية ضد مصالح فرنسية ويتهمونه بالتورط فيها. وإلى التفاصيل، حول حالة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات (74 عاما)، حسب ما تناقلته التقارير ووكالات الأنباء من رام الله وعمان وباريس والقدس ولندن.
فقد حطت طائرة فرنسية ظهر اليوم، كانت بمثابة مستشفى طائر في إحدى القواعد العسكرية الفرنسية قرب باريس حاملة على متنها الرئيس الفلسطيني الذي كان نقل على متن مروحية أردنية في الصباح من رام الله على مطار الملكة علياء الأردني، وكان مرفوقا بعدد من الأطباء من تونسيين ومصريين وأردنيين، وكذلك عدد من القيادات الفلسطينية من بينهم في العاصمة الأردنية
عرفات يغادر رام الله على متن مروحية أردنية
وكان عرفات غادر رام الله صباح الجمعة وسط حشود من المسؤولين وقوات الأمن الفلسطينية، في أول مغادرة للزعيم الفلسطيني من رام الله منذ أكثر من عامين حين فرضت إسرائيل على مقره حصارا عسكريا بهدف عزله،
واستغرقت عملية المغادرة حوالي 45 دقيقة، تم خلالها نقل عرفات مباشرة إلى الطائرة، ويبدو أن حالته الصحية لم تسمح بإجراء وداع رسمي، لكن عددا من كبار المسؤولين الفلسطينيين رافقوه في رحلته إلى باريس من بينهم رئيس الوزراء السابق محمود عباس (أبو مازن) ، صائب عريقات، محمد رشيد ومحمد دحلان الرجل القوي أمنيا.
وقال الطبيب المعالج لعرفات، أشرف الكردي، وهو وزير سابق للصحة في الحكومة الأردنية ويحمل رتبة الفريق في الجيش حين كان يعمل في الخدمات الطبية الملكية الأردنية في مؤتمر صحافي أن الزعيم الفلسطيني يعاني من انخفاض عدد الصفائح الدموية، نافيا أن تكون هناك أية مؤشرات لإصابته بسرطان الدم. موضحا أن هناك عدة اختبارات يجب إجرائها للتعامل مع الخلل الحادث في خلايا الدم لا يتسنى القيام بها في رام الله، على أن تقارير فلسطينية قالت في وقت سابق أنه مصاب بإنفلونزا حادة والتهابات في المعدة. .
لكن مسؤولا فلسطينيا آخر يعتقد أن عرفات ربما يكون مصابا بسرطان الدم (لوكيميا)، وإن الفحوصات الطبية التي سيجريها في باريس ستكون قاطعة في هذا الشأن، فيما قال مصادر طبية أخرى أن عرفات يعاني من حصوة في كيس المرارة،ولكن أيا من التقارير لم يتأكد بعد.
وأشار آخرون من الأطباء، إلى أن صحة عرفات تدهورت بسبب الإجهاد والمرض، بالإضافة إلى إصراره على مواصلة صيام رمضان، الأمر الذي ساهم في تدهور وضعه وضعف جسده. وقال مصدر طبي رسمي في السلطة الفلسطينية إن الفحوصات التي خضع لها رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، أظهرت وجود حصوة كبيرة نسبيًا، يصل طولها إلى 1 سم تقريبًا، في كيس المرارة. وقال المصدر إنه لا خطر يتهدد حياة الرئيس عرفات، وإنه يمكن معالجة هذه الحالة بسهولة.
وكانت انتشرت في الأسابيع الأخيرة، شائعات حول إصابة عرفات بمرض السرطان، إلا أن الفلسطينيين سارعوا إلى نفي هذه الشائعات، وادعوا أن عرفات يتعافى من الإصابة بالإنفلونزا. وقد أجريت، في الأيام الأخيرة، لعرفات فحوصات طبية، قام بها أطباء مصريون، اكتشفوا وجود الحصى في المرارة
واجتمعت أمس الخميس، فرق الأطباء الذين قدموا من تونس، الأردن ومصر بالإضافة إلى الأطباء الفلسطينيين لتحديد الوضع الصحي الحقيقي لعرفات، وكيفية معالجته بأسرع وأفضل السبل، وقال مصدر عربي قريب من عرفات لشبكة الأخبار الأميركية CNN إنّ أخصائيين من الولايات المتحدة وأوروبا في طريقهم لفحص عرفات.
وكان مصدر رفيع في الديوان الهاشمي الأردني قال في تصريحات للصحافة أن رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع طلب رسميا من الأردن تأمين نقل عرفات من رام الله إلى الأردن، ليغادر بعدها إلى العاصمة الفرنسية باريس. ومن جانبه فقد ارسل قصر الأليزيه الفرنس بناء على تعليمات من الرئيس جاك شيراك طائرة خاصة مجهزة بكل المعدات الطبية لنقل عرفات إلى باريس.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رعنان غيسين، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إسرائيل ستسمح لعرفات بالعودة لمقره برام الله إذا ما قرر مغادرته لتلقي العلاج، فإن مصادر فلسطينية مقربة لعرفات أشارت إلى أن مباحثات تجري حاليا مع مسؤولين إسرائيليين بهدف توضيح ما إذا كان سيسمح لعرفات العودة إلى رام الله أم غزة.
وأعربت المصادر عن تخوفها من أن تكون الموافقة الإسرائيلية غير المشروطة بعودة عرفات، وإجباره بالتوجه إلى غزة، هي مؤشر لاقتصار عملية الانسحاب الإسرائيلي المنفرد على القطاع فقط، ودون الخوض بباقي الأراضي الفلسطينية. وترفض السلطات الإسرائيلية السماح لعرفات بمغادرة مقر إقامته في رام الله منذ أواخر العام 2001.
لكن بالمقابل، فإن جماعات متشددة تنتمي إلى الأحزاب اليمينية في إسرائيل عبرت عن ممانعتها لدفن جثمان الرئيس الفلسطيني حسب وصية سابقة له في الحرم القدسي في مدينة القدس. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية، إن الكابوس الأكبر الذي تتخوف منه هو قيام حشود فلسطينية بمحاولة اختطاف جثمان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، بعد وفاته، ودفنه في الحرم القدسي.
وتتابع الشرطة الإسرائيلية والجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، كل ما يحدث من تطورات في المقاطعة، في رام الله، بشأن الحالة الصحية لرئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات. وقد سبق للجيش أن أعد خطة لليوم الذي سيلي رحيل عرفات، تتضمن تحسباً من اندلاع اضطرابات في المناطق الفلسطينية، بعد وفاة عرفات، وامتدادها إلى داخل الخط الأخضر.
وأضافت المصادر أنه يجري الاستعداد، أيضاً، لاحتمال اندلاع اضطرابات في أنحاء مختلفة من المناطق الفلسطينية، حتى إذا ازداد تدهور صحة عرفات، وعندها "سيتحتم الاستعداد بشكل آخر". ولم تستبعد المصادر قيام القوات الإسرائيلية باقتحام مقر المقاطعة إذا ما غادره عرفات لتلقي العلاج في دولة ما، وذلك بهدف اعتقال المطلوبين الذين يختبؤون هناك. وتعارض إسرائيل دفن عرفات في الحرم القدسي. وكانت قد اقترحت، في السابق، دفنه في أبو ديس.
في المقابل، تستعد الشرطة الإسرائيلية، بالتنسيق مع الجيش لمواجهة تداعات رحيل محتمل لعرفات، وقد استمع المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، اللواء موشيه كرادي اليوم، إلى تقارير تتضمن آخر المستجدات في هذا الشأن، قدمها قادة جهاز الاستخبارات والعمليات. ولم تقرر الشرطة، حتى الآن، تغيير أنظمة الحراسة على مداخل الحرم القدسي.
وتوجه عضو الكنيست بيني إيلون (هئيحود هليئومي)، اليوم، إلى وزير الدفاع، شاؤول موفاز، طالباً صدور تصريح رسمي إسرائيلي يعلن فيه، منذ الآن، أن إسرائيل لن تسمح بدفن عرفات في القدس. كما توجه عدد من أعضاء الكنيست من اليمين بطلبات مماثلة إلى موفاز ورئيس الحكومة، آريل شارون.
وإلى ذلك، كشف النقاب عبر تقارير من رام الله أن عرفات اصدر مرسوما يقضي بتشكيل لجنة ثلاثية للقيادة، وهي تتألف من سليم الزعنون، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، واحمد قريع، رئيس الوزراء، ومحمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وأوضحت التقارير أن هذه اللجنة الثلاثية، مخولة بمزاولة مهام الرئاسة، في حال غيابه، أو سفره أو خضوعه لعملية جراحية، غير أن مسؤولين فلسطينيين نفوا تلك التقارير. وينص الدستور الفلسطيني على تولي رئيس المجلس التشريعي، روحي فتوح، السلطة حال وفاة عرفات. يشار إلى أن تنص المادة 19 من الدستور تنص على تولي رئيس المجلس التشريعي السلطة في حال وفاة الرئيس "لمدة ستين يوما كحد أقصى تجري خلالها انتخابات رئاسية."