هكذا اخترق كوهين سورية في الستينات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صعدت إسرائيل مطالبتها لدمشق بتسليم رفات الجاسوس الأكثر شهرة في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدمته سورية في العام 1965 ، وقالت مصادر سياسية إن إسرائيل تعتبر تسليم الرفات شرطا مهما في التقارب بين الجانبين اللذين بدآ يرسلان إشارات مهمة لبعضهما البعض في الأوان الأخير عبر وسطاء ومن بينهم دول من أجل الجلوس على مائدة مفاوضات للوصول إلى تسوية بينهما.
وتصاعد الحديث عن قضية تسليم رفات الجاسوس كوهين يأتي وسط زحمة من الاتصالات لعقد صفقات لتبادل الجواسيس الأحياء من بعد إفراج مصر عن الجاسوس الإسرائيلي العربي الدرزي الأصل عزام عزام ومحاولات الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي المسجون في الولايات المتحدة جوناثان بولارد.
كما أنه يجيء ، وسط مساع جديدة من دمشق لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ العام 2000 تجاهلتها إسرائيل حتى الآن، لكن يبدو أنهاستحاول انتزاع تنازلات كبيرة من سورية في التخلي عن أراضي بعض هضبة الجولان الاستراتيجية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران (يونيو ) العام 1967 ، وخصوصا الساحل الشرقي لبحيرة طبرية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون قد ألمح قبل يومين إلى هذا الشرط، كما كان مسؤولون إسرائيليون طالبوا بإعادة الرفات من بعد حملة ظلت تقودها نادية كوهين أرملة الجاسوس لأربعين عاما متواصلة، وكان الرئيس الإسرائيلي موشي كاتساف شارك في الحملة عبر وسطاء أوروبيين في مطلع العام الحالي للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد في هذه المسألة.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن المطالبة برفات كوهين هو لأسباب محض إنسانية "وليس طلبا من سورية كي تظهر حسن نواياها بشكل قد يؤدي إلى استئناف المحادثات حول هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل".
وكان كوهين الذي حمل اسم كامل أمين ثابت خلال مهمته التجسسية في الستينات من القرن الماضي نجح في اختراق أعلى مستويات من الحكومة السورية قبل اكتشاف أمره وشنقه علنا عام 1965 في ميدان المرجة الشهير في دمشق لمثل هكذا أحكام.
وعلى الرغم من حكم الإعدام بحقه، فإن دوره المثير في اختراق جهاز السلطة الحاكم في سورية آنذاك التي بدأت تحكم من جانب حزب البعث في العام 1963 ، ودوره الاستخباري لمصلحة إسرائيل، إلا أن المسؤولين السوريين سابقا وحتى راهنا يحاولون التقليل من هذا الدور، وأنه لم يستطع أن ينقل لإسرائيل إلا القليل من المعلومات المهمة.
لكن من جانب آخر تشير الوثائق إلى نجاح الجاسوس إيلي كوهين خاصة مع إغداقه الأموال على حزب البعث الذي وصل إلى السلطة حديثا في سورية، وتجمع رجالات حزب البعث حوله، فإنه صار قاب قوسين أو أدنى من حكم البلاد سواء من خلال ترشيح نفسه لزعامة حزب البعث ، أو لرئاسة الوزراء.
والاسم الحقيقي لهذا الجاسوس الذي عاد من بعد أربعين عاما من قبر مجهول إلى اللحظة لتتسلط الأضواء عليه ثانية هو الياهو بن شاؤول كوهين وهو يهودي من أصل سوري حلبي، وكان ولد في الإسكندرية التي هاجر إليها أحد أجداده سنة 1924.
وفي عام 1944 انضم ايلي كوهين الى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدا متحمسا للسياسة الصهيونية، وبعد حرب 1948 اخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة الى هجرة اليهود المصريين إلى فلسطين وبالفعل في عام 1949 هاجر أبواه وثلاثة من أشقائه إلي إسرائيل بينما تخلف هو في الإسكندرية. وفي تلك الفترة عمل تحت قيادة إبراهام دار، وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود على الهجرة وتجنيد العملاء.
واتخذ الجاسوس إبراهام دار اسم جون دارلينغ وشكل شبكة للاستخبارات الإسرائيلية في مصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأميركية في القاهرة والإسكندرية بهدف تخريب العلاقات المصرية الأميركية، إلى أن تم اعتقال الشبكة في عام 1954 في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون.
وخلال التحقيقات، تمكن كوهين من إقناع المحققين ببراءته إلى أن غادر العام 1955 حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز أمان تابع لاستخبارات الجيش الإسرائيلي، ثم أعيد إلى مصر كمواطن مصري ليواصل مهماته التجسسية، ولكن الاستخبارات المصرية التي كانت نشيطة في ذلك الوقت لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي ضد مصر في العام 1956 ، بعد الإفراج عنه هرب إلى إسرائيل عام 1957 ، حيث بدأ العمل كمحاسب في بعض الشركات، وانقطعت صلته مع جهاز "أمان" لفترة من الوقت، ولكنها استؤنفت عندما طرد من عمله وعمل لفترة كمترجم في وزارة الدفاع الإسرائيلية ولما ضاق به الحال استقال وتزوج من يهودية من أصل مغربي العام 1959.
ولما كان كوهين مشروع جاسوس جيد من وجهة نظر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ، فإن هذا الجهاز بدأ عملية إعادة إعداد له، لكي يعمل في مصر ثانية، ولكن الخطة ما لبثت أن عدلت، ورأى أن أنسب مجال لنشاطه التجسسي هو سورية، ولم تكن هناك صعوبة في تدريبه على التكلم باللهجة السورية، لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته في الإسكندرية.
ولتأكيد انطلاقته في مهماته رتبت له الاستخبارات الإسرائيلية قصة ملفقة تقوم على أنه رجل مسلم اسمه كامل أمين ثابت كان هاجر وعائلته إلى الإسكندرية من حلب السورية، ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947 وفي عام 1952 توفى والده في الأرجنتين بسكتة قلبية كما توفيت والدته بعد ستة اشهر وبقي كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة.
وقام الموساد بتدريب العميل الجديد على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل المعلومات والأنباء عن سورية ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة.
وتدرب كوهين على يد شخص معروف للموساد باسم "درويش"، وبدأت مهمة تحضيره لهويته الجديدة في العام 1960 ، وأول تغيير طرأ على شخصيته قبل توجهه إلى سورية، كان في جعله عربياً ملماً بالديانة الإسلامية، فأرسلته الاستخبارات الى شيخ في مدينة الناصرة العربية في الجليل (فلسطين المحتلة 1948) يدعى محمد سلمان بصفته طالباً في الجامعة العبرية في القدس، فتعلم الصلوات الخمس وسورة الفاتحة والعديد من سور القرآن الكريم، وحمل معه مصحفاً بصورة دائمة حفظ منه سوراً عدة، فكسب رضا الشيخ الناصري الذي كان يصطحبه معه إلى المسجد يوم الجمعة للصلاة.
كما أنه تدرب، على أنه ابن لإحدى العائلات السورية على يد معلم يهودي من أصل سوري حتى يتدرب على اللهجة السورية، وخلال ذلك تعلم جغرافية سورية وبدأ متابعة التطورات السورية عبر الإذاعة للتعرف الى التطورات السورية ومن جهة أخرى كي يتقن اللهجة.
وكانت انطلاقة إيلي كوهين بدأت عمليا حين غادر إسرائيل إلي زيوريخ في سويسرا، ومنها حجز تذكرة سفر إلى العاصمة التشيلية سنتياغو باسم كامل أمين ثابت، ولكنه تخلف في بيونس آيرس حيث كانت هناك تسهيلات معدة سلفا لكي يدخل الأرجنتين من دون تدقيق في شخصيته، وفي الأرجنتين استقبله عميل إسرائيلي يحمل اسم ابراهام حيث نصحه بتعلم اللغة الإسبانية، وكان ابراهام يمده بالمال ويطلعه على كل ما يجب أن يعرفه لكي ينجح في مهمته.
وبمساعدة بعض العملاء تم تعيين كوهين في شركة للنقل وظل يعمل جاهدا لمدة تقارب العام لبناء نفسه في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح، فكون لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك، واكتسب وضعا متميزا لدى الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره قوميا سوريا شديد الحماس لوطنه وأصبح شخصية مرموقة في كل ندوات العرب واحتفالاتهم، وسهل له ذلك إقامة صداقات وطيدة مع الدبلوماسيين السوريين وبالذات مع الملحق العسكري بالسفارة السورية العقيد أمين الحاوي من خلال المآدب الفاخرة التي اعتاد كامل أمين ثابت إقامتها في كل مناسبة وغير مناسبة، حيث كان يصر على أن يكون الدبلوماسيون السوريون على رأس الضيوف.
وخلال تلك الحفلات الفخمة التي كانت الاستخبارات الإسرائيلية تتحمل نفقاتها الباهظة الثمن، لم يكن الجاسوس المنتظر يخفي حنينه إلى الوطن الحبيب سورية، ورغبته في زيارة دمشق التي رحل إليها فورا بعد تلقيه إشارة من الموساد ، ووصل فعلا إلى دمشق في كانون الثاني (يناير) العام 1962 حاملا معه آلات دقيقة للتجسس، ومزودا بعدد غير قليل من التوصيات الرسمية وغير الرسمية لأكبر عدد من الشخصيات المهمة في سورية.
ولكن قبل وصوله إلى دمشق، تقول التقارير إنه مر في طريقه على تل أبيب من خلال ترتيب جولة له في عواصم أوروبية، وما إن وصل إلى دمشق حتى قوبل باستقبال رائع من قيادات سورية كبيرة كانت تحكم سورية آنذاك مشيدة بانتمائه القومي والوطني العالي،إذ حين حل في دمشق أعلن أنه سيصفي كل أعماله في الرجنتين ليعود على أرض الوطن الغالي سورية ليقدم خدماته إليها".
وتشير التقارير الأرشيفية المتوفرة، إلى أنه بعد اقل من شهرين من استقرار كامل أمين ثابت "كوهين" في دمشق، فإن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي تلقى أول رسائله التجسسية التي لم تنقطع على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات بعد ذلك.
وخلال السنوات الثلاث، استطاع كوهين أن يرسل رسالة أو اثنتين لجهازه في تل أبيب اسبوعيا من بعد أن تمكن من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش و المسؤولين العسكريين والسياسيين، وهو حين اخترقهم كان يؤدي زيارات شخصية لهم يوميا في مكاتبهم الرسمية وسط ترحيب كبير، وهؤلاء بطبيعة الحال كانوا يتحدثون معه بحرية عن تكتيكاتهم في حال نشوب الحرب مع إسرائيل.
وتشير الوثائق الأرشيفية عن سيرة الجاسوس كوهين، إلى أن القيادات السورية كانت تجيبه بمنتهى الدقة عن أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميغ أو السوخوي السوفياتيتين اللتين كانتا عماد القوة الجوية السورية، وكذلك عن الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفياتي أو تلك الفروقات في القدرة بين الدبابتين السوفياتيين تي ـ 52 وتي ـ 54 في القدرة الميدانية القتالية.
وفضلا عن ذلك، فإن مسؤولين عسكريين سوريين كبارا رافقوه في جولات للتحصينات السورية في هضبة الجولان، وهو خلال تلك الجولات تمكن من تصوير جميع التحصينات بوساطة آلة التصوير الدقيقة المثبتة في ساعة يده، وكانت تلك المعلومات التي كان يمررها يوميا إحدى ثمار التعاون الوثيق بين الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية، مع أن صور هذه المواقع سبق أن تزودت بها إسرائيل عن طريق وسائل الاستطلاع الجوي الأميركية، إلا أن مطابقتها على رسائل كوهين كانت لها أهمية خاصة سواء من حيث تأكيد صحتها، أو من حيث الثقة في مدى قدرات الجاسوس كوهين.
وتقول التقارير الأرشيفية إنه في العام 1964 ، زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة، وفي تقرير آخر أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز تي ـ 54 ، وأماكن انتشارها، وكذلك تفاصيل الخطة السورية التي وضعت بمعرفة من الخبراء العسكريين السوفيات لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حال نشوب الحرب.
وهناك اكثر من رواية حول سقوط إيلي كوهين نجم المجتمع السوري لكن الرواية الأصح هي تلك التي يذكرها رفعت الجمال الجاسوس المصري الشهير ، حيث يقول :"... شاهدته مرة في سهرة عائلية حضرها مسؤولون في الموساد وعرفوني به انه رجل أعمال إسرائيلي في أميركا ويغدق على اسرائيل بالتبرعات المالية.. ولم يكن هناك اي مجال للشك في الصديق اليهودي الغني، وكنت على علاقة صداقة مع طبيبة شابة من اصل مغربي اسمها (ليلى) وفي زيارة لها بمنزلها شاهدت صورة صديقنا اليهودي الغني مع امرأة جميلة وطفلين فسألتها من هذا؟ قالت انه إيلي كوهين زوج شقيقتي ناديا وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج".
ويضيف الجاسوس المصري الذي هو الآخر نسجت حوله أساطير كثيرة ومسلسلات تلفزيونية القول "لم تغب المعلومة عن ذهني كما أنها لم تكن على قدر كبير من الأهمية العاجلة، وفي أكتوبر عام 1964 كنت في رحلة عمل للاتفاق على افواج سياحية في روما وفق تعليمات الاستخبارات المصرية وفي الشركة السياحية وجدت بعض المجلات والصحف ووقعت عيناي على صورة ايلي كوهين فقرأت المكتوب أسفل الصورة، (الفريق أول علي عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سورية والعضو القيادي لحزب البعث العربي الإشتراكي كامل أمين ثابت) وكان كامل هذا هو إيلي كوهين الذي سهرت معه في إسرائيل وتجمعت الخيوط في عقلي فحصلت على نسخة من هذه الصحيفة اللبنانية من محل بيع الصحف في الفندق وفي المساء التقيت مع (قلب الأسد) محمد نسيم رجل المهام الصعبة في الاستخبارات المصرية وسألته هل يسمح لي أن اعمل خارج نطاق إسرائيل؟ فنظر الي بعيون ثاقبة..
- ماذا ؟
- قلت: خارج إسرائيل.
- قال: أوضح.
- قلت: كامل أمين ثابت أحد قيادات حزب البعث السوري، هو إيلي كوهين الإسرائيلي مزروع في سورية وأخشى أن يتولى هناك منصبا كبيرا.
- قال: ما هي ادلتك؟
- قلت: هذه الصورة ولقائي معه في تل أبيب ثم إن صديقة لي اعترفت انه يعمل في جيش الدفاع.
وأضاف رفعت الجمال "ابتسم قلب الأسد وأوهمني انه يعرف هذه المعلومة فأصبت بإحباط شديد ثم اقترب من النافذة وعاد فجأة واقترب مني وقال..
- لو صدقت توقعاتك يا رفعت لسجلنا هذا باسمك ضمن الأعمال النادرة في ملفات الاستخبارات المصرية.."
وعقب هذا اللقاء طار رجال الاستخبارات المصرية شرقا وغربا للتأكد من المعلومة وفي مكتب مدير الاستخبارات في ذلك الوقت السيد صلاح نصر تجمعت الحقائق وقابل مدير الاستخبارات الرئيس جمال عبد الناصر ثم طار في الليلة نفسها بطائرة خاصة الى دمشق حاملا ملفا ضخما وخاصا الى الرئيس السوري أمين حافظ. وتم القبض على إيلي كوهين وسط دهشة الجميع واعدم هناك في أيار (مايو) 1965
أرملة كوهين تتحدث
وإليه في الآتي، رواية لصحيفة (الحياة ) اللندنية عبر شقيقتها (الوسط) عن حملة أرملة كوهين لاستعادة رفاته من جانب دمشق، حيث نشر التقرير في 22 /3 / 2004 : " تعيش ناديا كوهين, التي تجاوزت الثامنة والستين في مدينة هرتسليا على بعد عشرة كيلومترات شمال تل ابيب. وفي مناطق قريبة منها يقيم أولادها الثلاثة صوفي وايريس وشاؤول وأحفادها الاربعة. وخلال أربعين عاما بعد اعدام زوجها رفضت الزواج وبقيت قريبة وصديقة لعائلة زوجها التي تعيش في رمات غان. من بيتها ادارت طوال هذه الفترة عملية استعادة رفات زوجها من سورية. وبذلت جهوداً كبيرة. فلم تترك باباً الا وطرقته. لكن لا المراسلات ولا الوساطات الاجنبية تمكنت من اقناع سورية بالموافقة على طلبها. اما في الحكومة الاسرائيلية فعلى الرغم من انها على قناعة بأن جهوداً كبيرة بذلت لاستعادة الجثة الا انها في مكان ما لا تخفي شعورها بالتقصير وعدم الاهتمام بأمرها، وأكبر دليل على ذلك صفقة تبادل الاسرى التي نفذت أخيراً بين "حزب الله" واسرائيل. فهي على قناعة بأن هذه الصفقة كانت الفرصة الافضل "لكن شارون، لاسباب لا نعرفها، لم يشمل ايلي كوهين بهذه الصفقة".
ويضيف التقرير " وإلى جانبها يقود المعركة ويمسك بزمام الأمور, موريس, شقيق ايلي كوهين. فقد أقام موقعاً الكترونياً وجند جمعيات ومؤسسات دولية وجمع عشرات آلاف التواقيع التي تطالب السلطات السورية بإعادة جثة كوهين الى عائلته لكنه لم يفلح: "لم نيأس. سننتظر قليلا. ربما تعلن سورية عن مبادرة حسنة في سياق توجهها الى السلام في الشرق الاوسط. فقد تعلن اعادة جثة ايلي وبذلك تكون رمت الكرة في المرمى الاسرائيلي". لكن شعوره بأن جهوده لن تجدي نفعا لا يفارقه ويقول: "اذا فشلت الحكومة الاسرائيلية ولم تتجاوب سورية مع كل طلباتنا فسنتوجه الى المحكمة الدولية. اسمعي ما أقوله لك, وبكل صدق. انا وايلي واخوتي ولدنا في مصر, لكن جذورنا من سورية. من حمص. أمي من عائلة طويل وأبي كان معروفا باسم شحادة الجندي وهما من مواليد سورية. وأنا أكن في قلبي محبة لسورية ولا أريد الاساءة لها. ولكن في المقابل أرى ان من حقي استعادة جثة أخي. لقد عوقب ايلي وعوقبنا نحن. عوقبت زوجته وأولاده وكل العائلة وهذا يكفي. من حقنا ان يكون له قبر لنزوره على الأقل. لذلك لن نترك الأمور في أيدي المسؤولين, فان اغلقت كل الابواب سأتوجه الى المحكمة الدولية وأطالب باستعادة الجثة. فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي ستبقى أمامنا, وان كلفتنا الكثير".
خلال هذه الفترة تسعى العائلة الى ضمان استعادة الرفات من خلال شخصيات دبلوماسية وسياسية في اوروبا واميركا وتبذل جهوداً خاصة ايضاً للحصول على مساعدة ودعم من شخصيات عربية ترفض الاعلان عنها حتى لا يسبب ذلك عراقيل اضافية في مسار المحاولات لاقناع سورية باستعادة جثة ايلي كوهين. ويقول شقيقه موريس: "حتى اننا نبذل الجهود من الناحية الدينية لاستعادة الجثة، سواء عن طريق الفاتيكان او شخصيات اخرى. فالدين، اي دين، يعطينا الحق باستعادة رفات ايلي كوهين ونحن ندرك تماماً ان الدولة السورية تدرك هذا الامر فلماذا لا تعلن عن خطوة جريئة، خطوة انسانية، انما تحمل رسالة سياسية للعالم كله، قد تحدث انقلاباً (ايجابياً) في مكانة سورية ووضعها".
وعلى أي حال من الأحوال، فإن قصة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين تعتبر من أكثر القصص المثيرة في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية. فهو مسجل في التاريخ الإسرائيلي كواحد من الأبطال الكبار. وخُصص له كتاب يتطرق إلى أدق تفاصيل علاقاته مع الشخصيات السورية وما نقله لإسرائيل من معلومات من خلال التقارير التي كان يرسلها من مكان وجوده في سورية أو التقارير التي كان يعدها لدى كل زيارة له.
أما في تاريخ سورية فيسجل إيلي كوهين كجاسوس إسرائيلي صدر بحقه حكم بالإعدام في الأول من ايار (مايو) العام 1965، وجاء في قرار الحكم "بما أن المتهم الياهو بن شاؤول كوهين، المسمى كمال أمين ثابت، دخل الى المناطق العسكرية المحظورة ليجمع المعلومات للعدو ما يضر أمن سورية فقد حكم عليه بالإعدام شنقاً".
التدريبات الأولية
وفي تقرير آخر على موقع على شبكة الانترنت نلاحظ المعلومات التالية "بدأ كوهين يتدرب على العمل التجسسي في القدس وتل ابيب من خلال التعرف الى شخصيات يهودية واجنبية هناك وبمراقبة رجال من الاستخبارات. وكان ابرز التدريبات التي تلقاها ما يسمى بـ"تمرين الذاكرة", وحسب هذا التمرين كانت توضع على المنضدة مجموعة من الاشياء ويطلب اليه ان يتذكرها بعد رؤيتها لمدة ثوان قليلة. او كانت تعرض أمامه صور كثيرة للاسلحة, مثل المسدسات والبنادق والدبابات والطائرات من كل الانواع ويطلب منه التعرف اليها, خصوصاً دبابات تي 54 وطائرات ميغ 15و17و19و21.
والاهم من هذا تلقى ايلي كوهين دورات خاصة لاستعمال آلات البث والاستقبال وتركيب اجزاء هذه الآلات الدقيقة التي كان حجمها لا يتجاوز حجم علبة السجائر وكان عليه ان يتعلم كيف يجد الأماكن الملائمة لتخبئة هذه الاجهزة الصغيرة, كما تعلم التصوير. وكان أمضى ساعات طويلة في غرفة مظلمة لمشاهدة أفلام عن الحياة في سورية والقوات المسلحة السورية في شوارع دمشق. اما الدرس الذي جاء بعد هذه التدريبات فقدمه مدربه اليهودي رجل الاستخبارات درويش على النحو الآتي:
1- اصبحت سورية قاعدة للعداء ضد اسرائيل, وكل المعلومات عن التطورات داخل سورية لها أهمية كبرى لاسرائيل.
2- تعطى الأهمية الكبرى للمعلومات التي لها علاقة بالقوى العسكرية المعادية لاسرائيل.
3- التدقيق والاسراع في المعلومات.
هذه النقاط الثلاث كانت المواضيع المركزية التي توجب على كوهين فهمها قبل وصوله الى سورية. للاقامة فيها والتسلل الى قلب الاوساط الحاكمة.
لكن قبل سفره الى سورية توجه كوهين الى الارجنتين ليتعرف الى سوريين ومن هناك يصل بوساطتهم الى سورية حتى تكون قصته مقنعة اكثر. وتم اختيار الارجنتين لأنها كانت تحاول تقريب جميع الشعوب آنذاك. ولذلك لم يكن يذكر في جواز السفر اسم الدولة التي وصل منها الشخص ولا ديانته, ما ساعده على عدم كشف هويته.
وفي الارجنتين اصبح كوهين, الذي عرف هناك بكمال ثابت، من رواد "نادي الاسلام" الدائمين, وكان يعرف نفسه كتاجر يتمنى ان يعود بأمواله الى دمشق لخدمة الوطن العربي. وكان يناقش التطورات السياسية في دمشق حتى ساعة متأخرة من الليل. وهناك التقى صدفة عبداللطيف الخشن، محرر المجلة الاسبوعية, "العالم العربي" وتوثقت العلاقة بينهما.
وقدم كوهين نفسه باسمه الجديد كمال ثابت وان أباه اسمه أمين وأمه سعيدة. وهاجرا من سورية الى بيروت وراء الرزق, وفي بيروت ولد هو في العام 1930 ولم يعرف شيئاً عن سورية لأنه لم يرها, بل سمع عنها الكثير من والديه وتعلم عنها في المدرسة وظل يفكر في العودة اليها لخدمة الوطن.
وذكر امام عبد اللطيف الخشن ان عائلته تركت بيروت وسكنت في مصر وكان عمره ثلاث سنوات. في الاسكندرية عمل ابوه في تجارة المنسوجات حتى العام 1946 ثم هاجر الى الارجنتين حيث أسس متجراً للنسيج لكن المحل أفلس بعد بضع سنوات.
ويبدو أن هذه الرواية اقنعت الخشن بكامل ثابت فتوثقت العلاقة بينهما وساعده في الوصول الى سورية.
في دمشق أمضى كوهين ثلاث سنوات تعرف خلالها الى شخصيات كثيرة, سياسية وعسكرية, وكسب ثقة الجميع. واليوم يقول شقيقه موريس ان شخصيته التي عكسها في سورية كانت ستساعده على كسب أكبر تأييد لو رشح للانتخابات.
عند وصوله الى دمشق بحث عن شقة واختار ان تكون قريبة من قيادة الاركان السورية في قلب العاصمة. فهذا المكان تعرف اليه من خريطة عرضت أمامه في تل ابيب. وبعد البحث الطويل وجد بيتاً في حي أبو رمانة وهو الحي الموجودة فيه قيادة الاركان السورية والبنوك والسفارات الاجنبية وأهم المحلات التجارية. واختار ان يقيم في شقة لا في منزل مستقل, ففي مثل هذه الحال يكون عدد المقيمين في المبنى كثيراً ويصبح من الصعب مراقبته.
وفي يوم 12 شباط (فبراير) من العام 1962 أرسل كوهين اول رسالة الى اسرائيل وكانت عبارة عن رقم 88, ومعناه انه وجد الشقة وسكن.
أثناء اقامته في سورية نجح كوهين في كسب ثقة كثيرين من السياسيين والعسكريين ومن خلالهم تمكن من معرفة كثير من الاسرار التي ساعدته في مهمته الجاسوسية. وبوساطة علاقته مع جورج سيف أحد كبار موظفي وزارة الاعلام السورية، تمكن من العمل في الاذاعة السورية ما ساعده بشكل كبير على تنفيذ مهمته, اذ استغلها لتوجيه الاخبار الى اسرائيل. وكان اتفق مع الاستخبارات الاسرائيلية على كلمات سرية يستعملها في بداية بث الخبر او نهايته. فمثلا الجملة التي يبدأها بكلمة الاذاعة فان معناها اعلان حالة الطوارئ في سورية.
وخلال السنة الاولى من عمله عاد كوهين الى اسرائيل بضع مرات ليتفق مع الاستخبارات حول المهمات التي سيقوم بها ولكتابة التقارير المفصلة. وفي احدى زياراته لاسرائيل جرى تكليفه بمهمة البحث في قضيتين: الاولى صفقة اسلحة سوفياتية جديدة من ضمنها طائرات "ميغ 21" الاسرع والاكثر تطوراً من سابقتها "ميغ 19", وكذلك طوربيدات مجهزة بصواريخ "كومار" للاسطول السوري.
والثانية جمع المعلومات عن مشروع تحويل مياه الاردن حيث كانت تتردد معلومات عن بلوغ المشروع مراحل التخطيط الاخيرة التي تسبق تنفيذه.
وحسب الاستخبارات الاسرائيلية فان كوهين تمكن من معرفة تفاصيل المشروع من حاطوم سيف وشخص آخر وان قناة ستقام من بانياس على طول هضبة الجولان بطاقة مئة مليون متر مكعب من المياه في السنة وتصب في نهر اليرموك لمصلحة الاردن. وكان كوهين تعرف الى مهندس لبناني في دمشق بوساطة حاطوم, ويدعى ميشال صعب شرح له الخطة موضحاً بالرسوم الأماكن التي ستمر فيها القناة على طول سبعين كيلومتراً. وحسب الاستخبارات الاسرائيلية فان حاطوم قال في تلك الليلة جملة ارسلها كوهين الى اسرائيل في الليلة نفسها وهي: "ليس المهم الانتفاع من المشروع المهم ألا تستفيد منه اسرائيل". وحسب الاقوال الاسرائيلية فان الرجل الثاني الذي زود كوهين بأخبار أكثر دقة واثارة هو مقاول عربي أسندت اليه مهمة حفر القناة كونه كان يملك آلات ضخمة للحفر. وتمكن كوهين من ارسال تفاصيل دقيقة لاسرائيل عن مشروع قناة بانياس وعن فترة تنفيذه (18 شهرا) ومشروع اقامة مضخة كبيرة ترفع الماء عبر الجبال الى القناة على ارتفاع 350 مترا. وكان من نتيجة هذه المعلومات أن استعدت إسرائيل لكل الاحتمالات.
وأوكلت لكوهين أيضاً مهمة التجسس على المنظمات التي تدرب المقاتلين, فتمكن من معرفة مكان موقع تدريبهم في القنيطرة, ما دفع إسرائيل إلى تقوية دفاعاتها ومراقبتها الشديدة للحدود, خصوصاً في منطقة مضخة تحويل مياه الأردن إلى النقب. وحسبما كتب كوهين في تقاريره فانه في العام 1964 فتح حاطوم أمامه خريطة المشروع الإسرائيلي, وأوضح له الأماكن التي يجب أن ينسفها رجال المنظمات, فأبلغ كوهين إسرائيل بالأمر وبسرعة.
وخلال تجواله في الهضبة السورية شاهد كوهين الاستحكامات الضخمة التي أعدتها سورية في مواجهة إسرائيل ونقل معلومات اعتبرتها إسرائيل ذات اهمية عسكرية ضخمة بالنسبة اليها, ومنها:
* وصف دقيق للاستحكامات وفي داخلها مدافع ذات مدى 24 كيلومترا واكثر.
* وصف بالصور للقوات في الاستحكامات التي تحوي في داخلها الدبابات والمدرعات.
* معلومات أساسية عن وصول 200 دبابة من نوع "ت54" السوفياتية.
* خطة عسكرية في حالة الهجوم من جانب إسرائيل, على أساسها تندفع دبابات سورية وتفتح ثغرة في الجليل الأعلى وتقطعه عن بقية أجزاء اسرائيل.
* مجموعة من الصور للمرة الأولى تصل إلى إسرائيل عن طائرات "ميغ 21" التي كانت وصلت آنذاك إلى سورية.
وكان كوهين ينقل كل المعلومات إلى تل أبيب بواسطة اللاسلكي او من جهاز لاقط وضعه داخل طاولات الزهر وساعده هذا الجهاز على نقل معلومات مباشرة عندما كان يمارس مع "زبائنه" لعبة طاولة الزهر. ومن خطط الاستخبارات لكسب ثقة السوريين كان كوهين يشتري الهدايا الثمينة لـ"أصدقائه" في سورية بعد كل زيارة يقوم بها لاسرائيل, وكان آخرها معطفا من الجلد لزوجة الرئيس كما ورد في الكتاب.
فهذا اللقاء الراسـخ في ذاكرة زوجتـه كان يعكس عدم رغبته في القيام بهذه المهمة, وهذا ايضـاً ما تكـشفه الرسـالة الاخيرة التي ارسلها الى زوجته قبل لحظات من اعدامه, وفيها يقول انه قام بهذه المهـمة تحت الضـغط الشديد من اسرائيل بعدما قطع عـنه كـل مـورد للـعـيش. ويـدعو زوجـته الى تـرك اسرائيل والعيش خارجها والتمتع بحرية كما تحيا الشعوب لا كما تحيا اسرائيل. واضاف: "احذروا من تكرار ما قمت به لأن العاقبة سيئة".
هذه كانت الرسـالة الاخيرة التـي قرأها المسؤولون الاسرائيليون بخط يد ايلي كوهين, وربما ان مضمون الرسالة ما يزال يولد غضبا لدى المسؤولين, وربما ايضاً قد يكون السبب في جعل قضيته شبه منسية, وفي كل الأحوال فان عائلة كوهين لم تعد قادرة على تفسير عدم قدرة اسرائيل على اعادة الجثة في واحدة من الصفقات الكثيرة التي نفذت خلال الاربعين سنة الماضية.
إلا أن الغضب الأكبر لدى العائلة ينصب اليوم على موقف رئيس الحكومة, آرييل شارون, الذي أبرم صفقة تبادل الأسرى الاخيرة مع "حزب الله". وتقول الزوجة: "التقينا بضع مرات مع المسؤولين (الاسرائيليين) وطرحنا موقفنا بخصوص ضرورة إعادة جثة إيلي "وكنا نرى ان الصفقة الاخيرة هي فرصة جيدة لتحقيق املنا هذا. ولكن لا نعرف ما الذي دفع شارون الى تنفيذ الصفقة من دون ان يشمل ايلي فيها". ويضيف موريس: "هذه الصفقة هي نجاح لحزب الله وفقط لحزب الله. ولا ندري ما الدافع لاطلاق سراح عدد كبير من الاسرى الفلسطينيين والعرب في مقابل استعادة ثلاث جثث لجنود, واطلاق سراح الحنان تننباوم من دون أن تشمل صفقة كهذه جثة ايلي, وكلنا يعلم العلاقة بين حزب الله وسورية وكيف كان يمكن ان يؤثر الامر لو كان هناك اصرار من قبل الحكومة الاسرائيلية".
وتكشف الزوجة ان الحكومة الاسرائيلية كانت طرحت امام العائلة مرتين امكان مبادلة الجثة. في المرة الاولى, تقول: "وضعتنا الحكومة امام خيارين: اما اعادة جثة ايلي وإما استرجاع جندي إسرائيلي وقع اسيراً في أيدي السـوريين, وكانت بترت ساقه. بالطبع لا يمكننا ان نقول في مثل هذه الحالة اننا نريد جثة ايلي. كان من الطبيعي الرد الذي ارادته الحكومة باستعادة الجندي. وفي المرة الثانية قالت لنا الحكومة انها كانت طلبت من سورية استعادة جثة ايلي في مقابل 17 ضابطاً سورياً. وفي حينه قالت لنا الحكومة ان سورية رفضت طلبها بل, قالت لها "احتجزوا 17 ضابطا آخرين ولن نعيد الجثة".
هذا الموقـف السـوري الرافض كلياً اعادة جثة كوهين كان واضـحا لعائلـته, لكنـها في مرحـلة معـينة عاشت أملاً كبيراً باعادة الجثة. وكما يقول موريس, فإن الرئيس الراحل حافظ الاسد كان وعد بردهفي رسالة للعائلة يقول ان الوقت سيحين لاعادة الجثة.
ويكشف الشقيق ان العائلة أوصلت رسالة اخرى الى الرئيس السوري بوساطة صحافي يهودي زار سورية, بجواز سفر اوروبي.
وهناك رسائل أخرى وصلت الى دمشق, بينها واحدة بوساطة السفير المصري السابق في اسرائيل محمد بسيوني. اما الرسالة الأخرى فوصلت الشهر الماضي الى القيادة السورية من الزوجة ناديا وتقول: "حتى هذه اللحظة لم نتلق الرد ولا ندري ان كان سيأتي رد, ولكن لم نفقد الأمل. نحن نرى أن سورية ستأتي يوماً بمبادرة خاصة ضمن ما لاحظناه أخيراً من توجهها في المنطقة, وتعلن إعادة جثة ايلي".
وما بين مساعيها المتواصلة لاستعادة الجثة والضغط على الحكومة الاسرائيلية لتشمل المرحلة الثانية من صفقة الاسرى مع "حزب الله" استعادة الجثة, تعيش العائلة على أمل استعادة الرفات. لكن غضب العائلة مستمر على الذين أرسلوا كوهين للتجسس.
وأخيرا، لكن ماذا قال اللواء صلاح الضللي عن محاكمة كوهين حيث هو الرجل الذي ترأس المحكمة التي حكمت بإعدامه، ففي مقابلة مع صحيفة (الحياة) اللندنية ونشرت على أكثر من صعيد وقول الضللي الذي تقاعد من الخدمة العسكرية في سورية في الثمانينات إن كوهين لم يستطع تقديم معلومات استخبارية مهمة لإسرائيل، وانه حكم بالإعدام لدخوله مناطق محظورة، كما نفى الضللي أن يكون كوهين اخترق جهاز الحكم في سورية في منتصف الستينات التي تلت حزب البعث السلطة بقيادة أمين الحافظ، وهي الفترة التي سبقت حرب حزيران (يونيو ) بسنتين حيث فقدت سورية هضبة الجولان لاستراتيجية في تلك الحرب، ولا تزال تطالب باستعادتها، مقابل رفض إسرائيلي متعنت حيث تربط تل أبيب الانسحاب المجزوء بتنازلات سورية كبيرة.