أخبار

معاناة طبيبات سعوديات ...وأحلامهن

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله المغلوث من كولورادو: السعودية فاطمة العبد القادر تضع سماعتها الطبية على صدور المرضى وتغيب: "في هذه اللحظات أتحول إلى ملاك بجناحين، أنصت لأصوات لايسمعها بشر".
وزرة بيضاء تدور في ذاكرة الدكتورة الجديدة هند عبدالجواد منذ أن كانت طفلة: "كنت أراقب أمي الطبيبة باكرا، أحببت الطب والعلوم بسببها، أحب الناس، أتوق إلى خدمتهم".
بدرية البقمي، ندمت على دخولها الطب: " خسرت عمري في المعامل والمختبرات ولا أستطيع السفر بمفردي، محاضرات ودورات كثيرة أهدرتها لأني لاأملك محرم".طبيبات سعوديات، يحلمن بأسرة بيضاء، وعدسات لاتغتسل بدموع، كفوفهن مبتلة بالحزن والأمنيات...
عدسات سميكة
تستيقظ فاطمة العبد القادر صباحا، تعد القهوة الداكنة وتركض إلى مشفى الطفل السعيد في مدينة ليتن بولاية يوتاه(غرب أميركا)،تتكلم عن حياتها في الغربة: "أعيش لوحدي في أميركا، سأنتهي من دراسة الطب، تخصص جراحة أطفال مع نهاية العام الجاري، أتدرب بمتعة في مركز متخصص لعلاج الأطفال، سأحاول أن عيش في الولايات المتحدة إلى عامين مقبلين".لماذا؟ تجيب فاطمة: "لاتتوافر في الدمام المراكز المتخصصة، لن أطور إمكاناتي هناك،لن أجد البحوث التي أحتاجها ".
غيابها وآخرين عن تنمية البحوث الطبية والمراكز المتخصصة المحلية يعزز أنانية لا تصبغ البلاد بألوان فاتحة مستقبلا، تعلق الدكتورة المنتظرة ل ( إيلاف ) : "لست أنانية أبداً، أنت تعلم عن طريقة حياتي في أميركا، لاأملك سوى معطف بدون لون، أسرتي تصرف دمها من أجلي، اليوم محسوب بدقة في الخارج، لكن عندما أعود سأخدم وطني، وسأجعلك تعترف على الملأ أنني لست أنانية أو سيدة غير طيبة".
تسأل فاطمة وزارة التعليم السعودية استقبال طلبات الالتحاق بمنح دراسية عبر الانترنت: " حاولت جاهدة أن أتحدث إلى وزارة التعليم في الرياض طوال 3 أيام متصلة لكن بدون نتيجة إيجابية، أتمنى أن يكون الانترنت حلقة الوصل بيننا".
لكن هناك الملحقية الثقافية في سفارة السعودية بواشنطن، هي الجسر الذي يربطك بالرياض، ترد العبد القادر: "هاتفت الملحقية 4 مرات، وحصلت على الاستمارات الخاصة، لكن لأني أدرس على حسابي الخاص، لاأملك ناصحا أكاديميا يوفر لي الوقت والمهمة فهناك الكثير من الخطوات التي يمكن أن نختصرها عبر التقديم الاليكتروني الذي سيختصر الوقت".
عدسات سميكة،أطفال يربتون على كتفها: "العمر يمضي، والطب يسرقني من كل شيء، من الزواج والأطفال، أدعو الله أن أعود بعد 3 سنوات الى السعودية وأحقق طموحاتي الشرعية، تعبت كثيراً،أعود إلى شقتي في يوتاه مرهقة، بعد دوام مؤلم، أنام جائعة أحيانا".

تفوق و حجاب
هند عبد الجواد التي ملأت ايرلندا وماجاورها حديثا عن منجزاتها الدراسية وتفوقها الذي يتراكم على ملامح أسرتها، تتحدث لـ ( ايلاف ) عن ممارستها الطب: " مشاهدة تعلق أمي بمهنتها، وحبي للعمل مع الناس وانشغالي في التفكير والتطوير جعلني مبكرا أشعر أن الطب هو العمل الذي يناسبني، الوظيفة التي عليّ أن أندلع في أنحائها".
هند ابنة الدكتور في جامعة الملك فهد بالظهران سمير حسين عبدالجواد درست على حساب والدها طوال مدة دراستها، حققت نتائج متميزة جعلتها تحصل على جائزة سفير السعودية في لندن الأمير تركي الفيصل في نسختها الأولى، انعكست طقوس القراءة والثقافة في منزل أسرتها على تحصيلها الدراسي: "تشجيع والدي وراء التحاقي بكلية ويليسي في ماستشيوتس بأميركا بعد قراءة فاحصة لمستواها الأكاديمي وسمعتها، بعد تخرجي منها راسلت وتلقيت وبحثت عن كليات طب داخل وخارج أميركا تستوعب طموحي، ارتحت ومواصفات كلية في ايرلندا، حزمت حقائبي وكتبي إليها".
لم تواجهها صعوبات تذكر طوال دراستها في الخارج: " الحمدلله لم أواجه صعوبات كثيرة، ربما البعد عن أسرتي أحد اصعب الأمور،لم يسبب لي حجابي مشكلة في مجتمع متنوع يشكله خليط من الناس".
أدبها وأخلاقها جعلها محل اهتمام وتقدير الجميع، تملك صديقات كثيرات: "أعتز بصديقة عراقية في قالواي بإيرلندا، تصغرني بسنوات قليلة، مازالت تدرس الطب، شرعت أبواب منزلها وقلوب أسرتها لي، أتذكر بسعادة استضافتهن في شهر رمضان ومائدة الفطور التي تجمعنا، أشعر بجوارهم أنني في منزلي، فخورة بهم".
شيخوخة ومحرم
"تخرجت العام الفارط من كلية الطب في جده، مر نحو أكثر من 10 شهور منذ استلامي شهادتي، لم أحصل على نصف وظيفة حتى اللحظة".بدرية البقمي نادمة على امتهانها الطب: "تعبت، ثابرت جدا، شيخوخة تظهر في تصرفاتي وأفكاري بسبب تخصصي، أنفقت أجمل ايام حياتي بين رائحة الأدوية والكتب".
ترغب بدرية الخروج من السعودية بحثا عن دورات تشفع لها في الحصول على وظيفة: "لاأستطيع الخروج بمفردي لأني لاأملك محرما، شقيقي الوحيد متزوج وأبي كبير في السن ولايستطيع التنقل، يبدو أن شهادتي ستصفرّ وسيتبدل لونها، تخيل، أصبحت أكرهها بقدر سعادتي فور حصولي عليها".
نفت أن تكون درجاتها الضعيفة وراء عدم حصولها على عمل يتلائم وشهادتها: "لاأسمح لأحد أن ينقص من أدائي الدراسي، تخرجت بمعدل 3.72، وراضية عنه تماما رغم ايماني أني ظلمت في درجات بعض المواد السريرية".
مالحل لتجاوز أزمتك وزملائك في المستقبل؟ تقول لـ ( إيلاف ) :" أتمنى أن يتم انشاء نقابة للأطباء أو هيئة نلجأ إليها ونتناقش معها حول مستقبلنا وهمومنا، سمعت عن تحركات لكن لاأعرف إلى أين مضت".
أثارت صورة البقمي التي ظهرت في احدى النشرات الصحية حفيظة أسرتها: " لم أنس النصائح التي تلقيتها بعد أن نشرت إحدى الدوريات صورتي محجبة أثناء التدريب وأنا أكشف على مريض شاب، أحد أقربائي اتصل بأبي وقال :على ابنتك أن تترك هذا العمل، لكن لاأعتقد أن له علاقة بعدم حصولي على عمل حتى الآن".
إحصائيات
6370 طبيبا عاما في السعودية، 741 سعوديا، 441 سعودية، 4144 أجنبيا، 1044 أجنبية، نسبة السعوديين 19 بالمائة. بالنسية لعدد الأطباء والطبيبات ( نساء وولادة ) : 962، 55 سعوديا، 198 سعودية، 347 أجنبيا، 362 أجنبية، نسبة السعوديين 26 بالمائة. ويعد تخصص ( جلدية وتناسلية) أكثر تخصص في السعودية يشغله سعوديين مقارنة بالتخصصات الأخرى، حيث تبلغ نسبة السعوديين نحو 35 بالمائة، يبلغ عدد السعوديين: 83 ذكورا و 23 اناثا يليه الأطفال بـ نسبة 33 بالمائة، حيث يبلغ عددهم 206 ذكور، و 136 إناثا، ويبلغ إجمالي الأطباء والممرضين في السعودية أكثر من 20 ألفا بين ذكور واناث من مختلف الجنسيات وفق آخر إحصائية رسمية أعلنتها وزارة الصحة عام 2002.
يذكر أن وزير الصحة السعودية الدكتور حمد المانع انتهج أسلوبا جديدا عندما تولى وزارته يتمثل في زياراته المفاجئة للمرافق الخدمية الصحية في السعودية وتنكره في أحايين عدة للوقوف على جاهزية المشافي والمراكز المنشرة في أنحاء السعودية والتي تبلغ نحو 191 مشفى حكومي تحوي 28140 سريراً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف