أخبار

الاسد بين واشنطن و موسكو

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بهية مارديني من دمشق: اثارت زيارة الرئيس السوري بشار الاسد إلى روسيا المقرر أن تبدأ الاثنين القادم سلسلة من ردود الفعل التي نادرًا ماتثيرها زيارة مماثلة، الامر الذي يعكس امرًا واحدًا وهو الظروف العصيبة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط ورغبة كل طرف بتحقيق نقاط ومكاسب على حساب الطرف الاخر.

وكانت اسرائيل اول من رفع الصوت مستبقة أي تحسن في العلاقات السورية الروسية بما يفضي الى عودة موسكو كمصدر للسلاح الى سورية ، الامر الذي سيكبح جماح قادة تل ابيب ويمنعهم من تنفيذ خططهم التي بنيت على ضعف سورية وقطع المنابع الممكنة لتطوير جيشها كما ان الولايات المتحدة رفعت صوتها محذرة من عقوبات قد تطال موسكو في حال اقدمت على تزويد السوريين باسلحة قيل انها انظمة دفاع جوي متطورة جدًا وصورايخ ارض ارض تستطيع تغطية كافة مناطق اسرائيل.

اما في دمشق فان زيارة الاسد الى موسكو لاشك وانها اتت في توقيت مناسب جدًا سيتيح للرئيس السوري ان يستجمع انفاسه بعد سلسلة قاسية جدًا من الضغوطات المباشرة التي لم يواجهها خلال أي من سنوات حكمه الاربعة.

وتأتي زيارة موسكو الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي المنحل فيما يداعب الروس شهية الامبراطورية التي يجب ان تتمدد قواعدها في اهم مناطق العالم ولن يجد بوتين اهم من الاسد للتحالف معه خصوصًا وان لدى الرجلين الكثير من الاسباب للتحالف ليس اقلها الاحباط من العنجهية الاميركية التي تريد الجميع عبيدا في الحظيرة الاميركية .

أما الاسد فانه بحث في اكثر من عاصمة على ما يوفر له وضعًا سياسيًا مقبولا في منطقة اصبحت اكثر من خطيرة جدا ففي اسبانيا وجد الاسد في ثاباتيرو شخصًا منفتحًا على المصالح السورية ولكنه لسوء الحظ ليس بذي نفوذ كبير على بريطانيا وفرنسا اللتان اتفقتا على ما يبدو على تحجيم الدور السوري وحصره في الاراضي السورية وهذا مالن يرضي السوريين بطبيعة الحال خصوصًا وانهم ربطوا اهمية بلدهم بالدور الاقليمي الذي تلعبه .

وما يدفع الاسد للاندفاع صوب ثلوج موسكو الصقيع الذي بات يواجهه في باريس التي انقلبت على اصدقائها السوريين وعملت على استصدار القرار الدولي رقم "1559"الذي يطالب سورية بالانسحاب من لبنان في خطوة وصفت بانها اقوى ضربة للسياسة السورية في لبنان منذ التدخل السوري في هذا البلد سنة 1976 ويبدو ان الصينيين لم يشفوا غليل الاسد رغم انهم لم يخفوا تعاطفهم مع دمشق وهو تعاطف ترجم عبر تسريع التعاون الاقتصادي مع السوريين وبعض الاندفاعات الاستثمارية الصينية نحو السوق السورية حيث تعتزم اكثر من "600"شركة صينية اقامة اكبر مجمع صناعي في الشرق الاوسط وهو مايعطي الاقتصاد السوري الذي تحاول واشنطن خنقه بالعقوبات المتلاحقة قوة اضافية مع وجود مصدراسناد عسكري مثل روسيا.

واذا مانجحت زيارة الرئيس السوري الى موسكو بالمعاني السياسية والعسكرية حصرا فانه سيكون في وضع اكثر من مريح لاستئناف عملية السلام بشروط سورية تتناسب مع الوضع الجديد ففيتو روسي في مجلس الامن يمنح أي قرار جديد ضد سورية في الملف اللبناني او العراقي مع شحنات اسلحة روسية حديثة الى دمشق قد تقنع القادة الاسرائيليين والادارة الاميركية ان طريق ضعاف دمشق قد ولى وانه من الضروري التعامل بحذر مع السوريين "الاقوياء"وفيما عدا ذلك ستكون زيارة الاسد مجرد تجاذب بين مصالح اميركية وروسية تنتهي كما هو الغالب في العقد الماضي بتنازل روسي مقابل بعض المكتسبات الصغيرة ولكن كل هذه التخمينات قد يقلبها بوتين والاسد بالاعلان عن تحالف استراتيجي يعيد الشرق الاوسط على عصر الحرب الباردة او "السلام الدافىء" فمن يدري ؟.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف