قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فداء عيتاني من بيروت: "مفاجأة مفاجأة" لافتة رفعها بالانكليزية اليوم الثلاثاء معتصمون موالون للسلطة اللبنانية وسورية، منذ الصباح كانت الساحة بدأت تشهد وصول الحشود من بيروت والمناطق، ووصل الحشد إلى رقم غير مسبوق لبنانيا، لقد تمكنت دعوة حسن نصر الله الامين العام لحزب الله من انزال ما يقارب ربع الشعب اللبناني في لحظة سياسية واحدة إلى الشارع، وان كان الكلام السياسي لحسن نصرالله يؤكد ان الأمر ليس حشدا مقابل حشد، وان التجمع أيضا سيتم تحت العمل الوطني اللبناني وان المطالب ستكون بعدم التدخل الاجنبي الاميركي والاسرائيلي في الشأن اللبناني، اضافة إلى المطالبة بمعرفة الحقيقة حول مقتل رفيق الحريري في الرابع عشر من شهر شباط (فبراير) الماضي، فان حسن نصر الله حشد مقابل وبوجه المعارضة ما يمكن ان يعد رقما قياسيا يسجل في كتب التأريخ وفي كتاب غينيس أيضا.
وعلى الطريق الدولية في منطقة ضهر البيدر كان الجنود السوريون يحيون الحافلات التي تنقل الالاف من المشاركين في الاعتصام الذين يرفعون الاعلام اللبنانية وصور حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الاسد، هذه المرة كانت معنويات الجنود مرتفعة في مواقعهم الجبلية العالية ويرسمون شارات النصر للمواطنين اللبنانيين، بينما كان بعضهم يفكك مواقع عسكرية في عمق مناطق الجبل.
"مفاجأة مفاجأة" تقول اللافتة، ومن رقم الحشد كان الأمر يبدو مفاجأة للجميع، كان الحشد الكبير يتجاوز ارقاما لم ترى من قبل، وكانت تدابير حزب الله الامنية في مكان الاعتصام اكبر من كل الاجراءات السابقة، وكعادة حزب الله المليء بالمفاجآت حين حان موعد كلام حسن نصر الله ظهر من على شرفة منزل مقابل المنصة الرئيسية التي القى الجميع عليها الخطب، في تدبير امني للحزب حفاظا على سلامة امينه العام.
تفكيك مواقع
في الصباح كانت دوريات الجيش السوري تسير على بعض طرقات جبل لبنان التي تربط بيروت بالبقاع عبر الجبل اللبناني، هذه الدوريات لم تكن لتظهر في الايام الماضية، ولكن اليوم لسبب ما كانت تسير هنا وهناك، وفي مقابلها كانت عشرات من السيارات تسير باتجاه واحد، نزولا نحو بيروت ويرتفع منها العلم اللبناني، وفي منطقة ضهر البيدر كانت الحركة السورية تساوي صفر: الجنود في مواقعهم والحراسة ليست أكثر من المعتاد، وفي موقع مشرف تقف الية للجيش اللبناني تابعة لسلاح الاشارة في فوج التدخل الثاني، ليست أكثر من نقطة مراقبة واتصال، بينما كانت المواقع السورية في منطقة عين دارة إلى جنوب ضهر البيدر في منطقة الجبل يخلى من الجنود.
"اتت اوامر باخلاء الموقع، ثم اتت اوامر بالعودة إلى الموقع" يتحدث جندي كان بعيدا عن موقعه حين حاولنا الدخول، وبعد ان لحق بنا حاول منعنا من الحصول على صور الموقع الخالي، "الاوامر تمنع الصحافيين، ممنوع التصوير" ويحاول التخلص منا بسرعة، وبعد ان نخرج من الموقع شبه الخالي يصل ضابط سوري إلى الموقع، وبعد ربع ساعة يصل فريق تقني من الجنود السوريين وتبدأ عملية تفكيك اجهزة الاتصال والكابلات وبعض المعدات بينما تقف آليتان احدهما مدرعة والاخرى شاحنة في الموقع دون جنود.
مواقع عسكرية اخرى منتشرة في محيط منطقة عين دارة، رجل من القرية يقول "اذا انسحبوا من الجبل فيستمركزون هنا، لدينا الان خمسة آلاف جندي، وعندها سيتضاعف العدد". نبرة العداء لسورية تبدو واضحة لدى الرجل الذي يدير محالا تجاريا متواضعا، وفي منكان اخر وعلى الطريق الدولية كان المشهد مختلف، شبان يهتفون "الله نصرالله بشار وبس" وهم يعبرون بسياراتهم وعليها العلم اللبناني.
حشد التظاهرة
عشرات، مئات، آلاف من السيارات التي تحمل المواطنين اللبنانيين وتسير مخترقة الطريق الدولية، وتلوح بالعلم اللبناني للجنود السوريين الذين يخرجون من مواقعهم المنتشرة على جوانب الطرق، ويلوحون للمارة، ويقفزون من الفرح، ربما كانت المرة الاولى منذ شهر يشاهدون فيها مؤيدين للوجود السوري في لبنان يرفعون صور بشار الاسد ويرفعون العلم اللبناني.
ومع وصول الساعة إلى الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي (العاشرة بتوقيت غرينتش) كانت الطرق الدولية قد امتلأت بالسيارات التي تتجه نحو بيروت، تحمل فوق طاقتها من المواطنين وكلها مكللة بالعلم اللبناني، لا يزال يفصلنا مع موعد الاعتصام ثلاث ساعات، ولكن الحشود تتجمع، وعلى مفارق الطرق كانت زحمة السير بدأت بمنع وصول السيارات إلى بيروت، ومن بيروت كانت الحشود بدأت تكبر في الساحة المقابلة لمقر الامم المتحدة، والقريبة من ساحة الشهداء او ما بات يعرف باسم ساحة الحرية التي تتخذ منها المعارضة نقطة تجمع وحشد للمعارضين للوجود السوري في لبنان منذ ما يزيد على اسبوعين.
الساعة الثانية من بعد الظهر بالتوقيت المحلي، أكثر من مئة الف مواطن، الطرقات مغلقة في نصف بيروت بسبب الاجراءات الامنية، الوسط التجاري كله مغلق، وهذه المرة بمدرعات الجيش اللبناني، وتحمي وحدات المغاوير الخاصة الحشد، وتقطع الطرق، تمنع ايا كان من التوجه إلى ساحة الشهداء منعا للاحتكاك مع المعارضة، وهي خطوة تمت بالتنسيق مع كل الاطراف. حزب الله ينظم مسير الحشد. من مكان ما في بيروت تتصل بنا سيدة وتقول ان مناصرين لحركة امل الشيعية طلبوا منها النزول مع زوجها إلى سيارات تنتظرهم قرب المبنى لنقلهم إلى ساحة الاعتصام، كانت محاولة حركة امل لحشد عدد من المناصرين مقابل ما هو متوقع من حزب الله بالنجاح في انزال حشود كبيرة من مناصريه، انها ليست أكثر من منافسة داخلية.
الساعة الثالثة بعد الظهر، يطلق النشيد الوطني اللبناني، الجميع يهتف بكلمات النشيد، الجميع الان تعني نصف مليون مواطن تقريبا، من كل المفارق تصل امواجا بشرية، ومن كل الطرق تأتي النساء والرجال والاطفال، كل الطرق حاشدة، كل المفارق، وبينما راح الحشد يمل من الوقوف كان البعض منه يتجول في شوارع قريبة من الوسط التجاري، حيث كان يمكن الاعتقاد بانها مظاهرات طيارة تجول هنا وهناك مؤلفة من بضعة آلاف، والى الوسط كانت تأتي من قلب بيروت امواجا اضافية من المعتصمين، الرقم سيتجاوز خلال نصف ساعة أي رقم اخر، وسيصح ما قاله نصرالله حين دعا إلى الاعتصام من ان "توسيع او تضييق العدسة" لن يؤثر في نقل الحشد، لن نتمكن من نقل صورة الحشد حتى لو استعمل مصورونا عدسات "عين السمكة".
كان الحشد يهدر الان عند الثالثة والنصف، وبعد النشيد الوطني، شعاراته، "لا للقرار الدولي 1559" (الذي يطالب بالانسحاب السوري وبسحب اسلحة الميليشيات) "لا للتدخل الاجنبي" وفور ذكر اسم الرئيس السوري بشار الاسد يعلو هتاف التأييد فيصم الاذان ولا يعد بالامكان سماع مكبرات الصوت الهائلة التي زرعت في كتلتين كبيرتين لنقل كلام الخطباء، وعلى اللافتات "كل الشكر والوفاء والتقدير لسورية وشعبا" و"بالروح بالدم نفديك يا بشار" وكان بعض الحشد يهتف "الله ونصرالله والضاحية (الجنوبية ذات الكثافة الاسلامية المؤيدة لحزب الله) كلها" و"الله ونصرالله وبشار وبس" و"السيادة بحاجة لرجال وليس اشعار واقوال" و"يا سفير الاميركان لا تتدخل بلبنان".
وقبل ان يبدأ حسن نصرالله في القاء خطابه كان عناصر حزب الله المنتشرين على اسطح المباني يمكنهم ملاحظة تزايد كثافة الحشد واحتلاله كل الفراغات في المنطقة الشاسعة، وبما يزيد على 750 الفا من المواطنين، وكانت الامواج البشرية لا تزال تتدفق على الساحات، التي صار عسيرا الخروج منها.
خطاب نصر الله والحوار تحت سقف الطائف
ودعا امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله اليوم المعارضة اللبنانية الى الحوار تحت سقف اتفاق الطائف متهما المؤيدين للقرار الدولي 1559 الذي ينص على سحب سوريا قواتها فورا من لبنان وعلى نزع سلاح حزب الله، بالانقلاب على اتفاق الوفاق الوطني.
وقال نصر الله امام مئات الالاف الذين احتشدوا في وسط بيروت تلبية لدعوة احزاب الموالاة "نؤكد ان اي تنظيم للبقاء او الانسحاب السوري من لبنان يجب ان يكون محكوما فقط باتفاق الطائف". واضاف "نحن المجتمعون هنا اتينا لنسمع العالم اننا نرفض القرار 1559. ونقول لمن يصر على 1559 اننا نشتم في اصراركم انقلابا على اتفاق الطائف وانقلابا على الاجماع الوطني، انقلابا على الاسس التي قام عليها لبنان بعد الحرب الاهلية المدمرة".
وقال "نحن هنا لنرفض 1559، لنحمي المقاومة ووظيفة المقاومة وسلاح المقاومة، لنرفض التوطين (للاجئين الفلسطينيين). نحتشد لنحمي السلم الاهلي من اي شكل من اشكال الفوضى" مؤكدا ان "السلم في لبنان هو خط احمر".
وفي تحذير الى المعارضة والى الدول الخارجية الداعمة لها قال "لبنان حالة فريدة ليس الصومال. اذا فكرتم بالتدخل العسكري فلبنان ليس اوكرانيا وليس جورجيا. لبنان هو لبنان الحالة الفريدة في هذا العالم". واضاف "اذا كان البعض يتصور انه يمكن ان يسقط الدولة والامن والاستقرار والخيارات الاستراتيجية للبنان بعلاقاته ومواقفه وببعض التظاهرات وبعض الهتافات وبعض وسائل الاعلام فهو مخطىء".
نصر الله يهدد الولايات المتحدة
كما هدد نصر الله الولايات المتحدة ب"هزم اساطيلها" اذا عادت مجددا الى لبنان. وقال "اساطيلكم جاءت وهزمت واذا جاءت ستهزم من جديد" في اشارة الى القوات المتعددة الجنسيات، ومنها الاميركية، التي جاءت الى لبنان عام 1983 وغادرت بعد عمليات دموية ضدها. واضاف "اقول للاميركيين لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية وليتركنا سفيركم في عوكر (شرق بيروت) نحن احرص على قيام دولتنا ووحدتنا الوطنية وسلمنا الاهلي. ابعدوا اصابعكم اصابع الفتنة عن بلدنا".
وما ان ذكر اسم الرئيس الاميركي جورج بوش حتى ردد الحاضرون هتافات الاستنكار. وقال "اقول لبوش (جورج) ورايس (غوندوليزا وزيرة الخارجية) والقائد الميداني ساترفيلد (ديفيد المبعوث الى الشرق الاوسط) انتم مخطئون في حساباتكم عن لبنان. لبنان عصي على التقسيم عصي على الفتنة عصي على الهزيمة. لبنان لن يغير اسمه وتاريخه وهويته ودوره".