إيلاف+

ستوكهولم تحتضن مؤتمرا لمناهضي جرائم الشرف

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


ملصق المؤتمرهاني عبد الله من السويد: عبر التاريخ البشري السحيق في القدم، شكلت المرأة، وموقف الرجل منها، نقطة أختلاف وجدال كبيرين في المجتمع. وأذا كانت مظاهر الصراع للمطالبة بحق المرأة قديما، أتخذت أشكالا بدائية في التعبير والتأثير، إلا أن سمة هذا العصر، هي " الكونية " وأستغلال ثورة المعلومات في المطالبة بحق المرأة ومساواتها مع الرجل!
فالمرأة التي تُضطهد في أفريقيا او الدول العربية والأسلامية ترتفع من أجلها أصوات في السويد ودول شمال اوروبا وغيرها من بلدان العالم المتمدن تطالب بحقها في الحياة ومساواتها مع الرجل، ووقف العنف والقتل ضدها.
وعلى رغم الخطوات الشاسعة التي خطتها المنظمات النسوية وحقوق الأنسان والمجتمع المدني في هذه البلدان لمحاربة التفرقة بين الرجل والمرأة، والقضاء على العنف ضدها، إلا إن العشرات من دول العالم الثالث خصوصا العربية والأفريقية والأسيوية، لاتزال أوضاع المرأة فيها مزرية تماما، ويتخذ العنف ضدها أشكالا متنوعة، من العنف الأسري او البطريركي ( ألأبوي ) مرورا بسلب حقها وعدم مساواتها بالرجل، وصولا الى اعتبارها كائنا ناقصا أقل منه!!
و بهدف القضاء على اسباب العنف ضد المرأة، وخاصة جرائم ما يسمى بـ " غسل العار " أو " الشرف " تجمع في العاصمة السويدية ستوكهولم، في الفترة من 7 الى 8 من كانون الأول ( ديسمبر ) الحالي، أكثر من 200 شخص من مندوبي المنظمات النسوية الدولية وحقوق الأنسان والأمم المتحدة من مختلف دول العالم، للمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة العنف ضد المراة، خصوصا العنف الأبوي ( البطريركي ).
وشاركت وفود من دول عربية وأسلامية في هذا المؤتمر الذي نظمته الحكومة السويدية، بالتعاون مع حزبي اليسار والبيئة السويديين. إضافة الى وزراء سويديين منهم وزيرة الخارجية ليلى فريفالدس، ووزير الديمقراطية والإندماج يانس أورباك، ومسؤولين من الأمم المتحدة وناشطين وناشاطات في مجال حقوق المرأة من عدة دول.

الهدف من المؤتمر

الكردية فاطمة احدى ضحايا جرائم الشرفقلت الصحف السويدية عن مسؤولين في المؤتمر قولهم، إن الهدف من عقده في السويد هو فضح العنف ضد المرأة، وتحديدا العنف الأبوي ( البطريركي ).
وقال وزير الديمقراطية والإندماج يانس أورباك، إن بلاده تسعى إلى إهداف كثيرة من عقده، منها تبادل الخبرات والتجارب، وزيادة التعاون الدولي في مكافحة العنف ضد النساء.
ودعا اورباك الى اعتبار المؤتمر نقطة انطلاق لشن حملة عالمية لمنع العنف ضد النساء وخاصة في قضايا ما يسمى بـ " الشرف‏".
وطالب بتحرك منظمات المجتمع المدني وحقوق الأنسان من أجل وضع هذه القضية في قمة أهتماماتها، وعقد مؤتمرات منتظمة لمتابعة ما تحقق في مجال وقف العنف ضد المرأة‏.‏
ومعروف أن السويد تعتبر من الدول المتقدمة في مجال المساواة بين الرجل والمرأة، ومكافحة كل أشكال العنف ضد النساء، ولها تقاليد عريقة جدا في العمل النشط للدفاع عن المرأة، على الصعيدين الوطني والعالمي. وقبل أن تتحرك السويد في المجال الدولي، سنت قوانين كثيرة تهدف الى ان يكون للرجال والنساء نفس الحق في الميراث والتعليم والتوظيف والأجور، وأن يكون هناك توزيع عادل ومتساو للمناصب الوزارية والحكومية. إضافة الى ضمان حق المرأة في أستعمال وسائل منع الحمل، والحصول على الأرشادات الجنسية.
وللسويد تاريخ طويل في مكافحة العنف الأبوي ( البطريركي ) ضد المرأة، ومنعت الدعارة. وخصصت السويد أكثر من 25 مليون دولار أمريكي، لبرنامج يعني بحماية النساء من أصول شرقية هاربات من عوائلهن في السويد، خشية تعرضهن للقتل بذريعة " غسل العار".
وكانت السويد أهتزت قبل سنوات لجريمة مقتل الكردية فاطمة على يد والدها الذي قتلها " غسلا للعار" حسب أعتقاده.
وتقول السويد إنها نظمت المؤتمر بهدف أظهار واجبات الحكومة تجاه التدخل للحفاظ على حياة النساء، وحمايتهم حسب القوانين الوطنية والأتفاقات الدولية، وتثقيف المؤسسات والدوائر الرسمية بهذه القوانين، إضافة الى دراسة سبل القضاء على أسباب هذه الظاهرة، وتبادل التجارب والخبرات في مجال مكافحتها.

شهادات ونماذج للعنف

قد المؤتمر على خلفية الضجة التي أثيرت في الصحافة السويدية حول أجبار أحد الفلسطينيين المقيمين في البلاد بناته الخمسة، منذ أشهر، على البقاء في قطاع غزة، وضغطه على أثنتين منهن، هما في الـ 15 و 16 عاما للزواج من رجال في غزة! بعد أن قرر ترك السويد والعيش في فلسطين.
وذكرت الصحف السويدية ان الفتيات أقتنعن بالسفر ظنا إنهن ذاهبات لقضاء العطلة في مصر! وتقدمت والدتهن بدعوى قضائية ضده، متهمة اياه بأنه خطفهن دون أرادتهن. وقالت ان إحدى بناتها مصابة بداء السكري وهناك خطورة على حياتها. وان بناتها لايرغبن في البقاء هناك، وأنما العودة الى السويد.
وحازت هذه القضية أهتمام الحكومة السويدية، وأثارت وزيرة الخاريجة السويدية ليلى فريفالدس أثناء لقائها مع ياسر عرفات قبل وفاته، الموضوع.
كذلك أستمع المؤتمرون الى شهادة سيدة من أصول شرقية، مهددة بالقتل من قبل زوجها الذي أتهمها بإقامة علاقة جنسية مع رجل آخر، دون أن يثبت ذلك في المحكمة!
وتحدث العشرات من المشاركين عن شهادات ملئية بالعنف، لنساء تعرضن للضرب والخطف والقتل والأعتداء بمختلف الأشكال. جرى قسم كبير منها بتواطؤ من بعض القضاة والشرطة وحتى المسؤولين الحكوميين.

المشاركة العربية

شاركت في المؤتمر وفود نسوية عربية، وناشطين في مجال الدفاع عن المرأة. وأكتسب المشاركة العربية أهمية كبيرة نظرا لأنتشار هذه الظاهرة في البلاد العربية وألأسلامية بكثرة.
قالت الدكتورة هيفاء أبو غزالة، مديرة المكتب الإقليمي العربي لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة في تصريح الى القسم العربي في الإذاعة السويدية، إن ما يميز الدول العربية في هذا المجال هو نقص الأرادة السياسية في معالجة هذه المشكلة التي تواجه المراة.
وأضافت ان تعديل التشريعات والقوانين ليس كافيا لمنع وقوع عمليات العنف، بل يحتاج الأمر الى عمل على ارض الواقع، وتغيير الذهنية الأجتماعية والثقافية حول حق المرأة.
وعبرت عن قناعتها بأن التحرك يحتاج ان يكون على مستوى حكومي، وتوظيف المنبر الديني من اجل تغيير بعض السلوكيات، لما للعامل الديني من أهمية.
وألقت الدكتورة هيفاء ابو غزالة الضوء على صندوق الأمم المتحدة الأنمائي للمراة. وقالت انه أحد المنظمات المعنية بشؤون الدفاع عنها. وذكرت انه تأسس في الأردن في العام 1994، ومهمته هو مكافحة العنف وأزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وأوضحت ان الصندوق نظم حملة اقليمية لمكافحة العنف ضد المرأة عام 1998، القى فيها الضوء على موضوع ما يسمى بـ " جرائم الشرف " حيث جرى تقديم العديد من الدراسات، وتنظيم عدد من المؤتمرات والمنتديات.
وكشفت ابو غزالة النقاب عن خطة للصندوق لتنفيذ برنامج عن حقوق المرأة الأنسانية في المشرق والمغرب العربي سيتم تنفيذه في المغرب وتونس والجزائر ولبنان والأردن وسوريا وفلسطين.
أما عزة سليمان مديرة مركز قضايا المرأة المصرية فقد أكدت في المؤتمر ان العنف ضد المرأة يتخذ أشكال مختلفة، لكن أوسعه أنتشارا هو الضرب.
وقالت ان الحكومة المصرية أجرت مسحا ديموغرافيا كشف أن واحدة من كل ثلاث نساء مصريات يتعرضن للضرب. كذلك أكدت أنتشار جرائم قتل النساء في مصر، في أطار ما يسمى بـ " جرائم الشرف ".
وكشفت النقاب عن أن دراسة اعدها مركز قضايا المراة المصرية، أوضحت ان 17 % من النساء يقتلن لمجرد الشك في سلوكهن!!

أراء ومناقشات

يعتقد الكثير من الباحثين والدارسين ان مسألة القضاء على العنف ضد المرأة، لا تتم من خلال تغير القوانين فقط. فالكثير من الدول تجد نفسها مضطرة تحت ضغط وتأثير الراي العام ومنظمات حقوق الأنسان، الى تغير شكلي في التشريعات والقوانين التي تنص صراحة على عدم معاقبة مرتكبي جرائم قتل النساء تحت ذرائع وحجج واهية.
ويعتقد هؤلاء بأن مصداقية الحكومات تتوضح من خلال برامجها وتحركها على أرض الواقع.
ويرون ان محاربة التخلف الذي ينتج عن الفقر، عامل مهم جدا في القضاء على العنف ضد المرأة، إضافة الى الترويج للفكر الديني المتفتح المتسامح، ونبذ الأفكار الدينية المتطرفة.
يقول عبد الحق كيلان وهو رجل دين مسلم سويدي، إن الإ سلام يمنع العنف ضد المسلمين وغيرهم، ويعتقد بأن جرائم قتل النساء تتنافي مع تعاليم الدين الأسلامي وتضعفه.
وتعكس آراء عبد الحق نسقا فكريا دينيا ينسجم مع الثوابت السويدية التي تحرم العنف مهما كان.
ومعروف ان الكثير من الدول العربية والأسلامية تعاني بشدة من اشكال متنوعة من العنف ضد المرأة، تغذيه في الكثير من ألأحيان جماعات وتجمعات دينية وسياسية. ويجد هذا العنف حاضنة أجتماعية له، ترتكز على توارث قيم وأعتقادات متخلفة، دعمتها قوى وفئات أجتماعية وأقتصادية بنت مصالحها على جهل الناس وسرقتها.
ويقول مشاركون في المؤتمر إن آلاف النساء يُقتلن كل عام على يد أفراد من عوائلهن لزواجهن دون موافقة الأهل، أو اختيارهن طريقة حياة مستقلة عن العائلة!
وتؤكد جيرد يوهانسون لاثام وهي ناشطة سويدية في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بأن 5000 الآف إمرأة يُقتلن سنوياً بحسب تقديرات الأمم المتحدة، لكنها تعتقد أن الرقم أكثر من ذلك بكثير!
وترى ان قتل النساء في أطار ما يسمى " جرائم الشرف " لايرتبط بأسباب دينية فحسب، بل بالفروقات بين الرجل والمرأة، واعتقاد بعض الرجال بأنهم أفضل من النساء!!

توصيات المؤتمر

جدد المؤتمر التأكيد على:

•التسلط الأبوي ( البطريركي ) هو معرقل لتمتع المرأة بحقها الأنساني في العيش حرة متساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل.
•يجب محاربة العنف ضد النساء أنطلاقا من النتائج الايجابية التي تحققت في أطار محاربة العنف، واتخاذ مجموعة كبيرة من الأجراءات لمساواة الجنسين.
•الدعوة الى تشريع قوانين واجراءات تنص على حق المرأة في التوظيف والتعلم وتلقي التعليم في الصحة الجنسية وان يكون لها كامل الحقوق مثل الرجل.
•أعطاء المسؤولية الى البنات ورفع الوعي بين الرجال ومحاربة الصمت حول العنف الأبوي.
•توفير الديمقراطية كضمانة لتمتع المرأة بحقوقها الانسانية.
• تطبيق الأتفاقات الدولية في التشريعات الوطنية، وسن قوانين تنص على معالجة أسباب هذه الظاهرة.
•الإلتزام بحماية حقوق الإنسان، والحقّ في حياة حرة آمنة.
•التعاون الدولي من خلال الشرطة والأنتربول لمتابعة مجرمي هذه الجرائم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف