باب المغاربة عنوان لصراع لم يهدأ في القدس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رسائل فاكس غير آمنة إلى الرب
أسامة العيسة من القدس: في كل يوم يرسل عدد كبير من اليهود، وغير اليهود من جماعات متأثرة بالعهد القديم، رسائل إلى (الرب) على رقم فاكس
وفي كل يوم يحمل موظف من الشركة الإسرائيلية حقيبة تحوي هذه الرسائل بعد تجميعها ويتجه نحو الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك الذي يسميه المسلمون (حائط البراق) بينما يطلق عليه الإسرائيليون (حائط المبكى) ويحتفظ الغربيون بتسمية محايدة له هي (الجدار الغربي)، وهناك يطلب من الحاخام اليهودي المناوب مباركة هذه الرسائل قبل أن يطلع عليها (الرب) ثم يتجه إلى الحائط ويضع الأوراق بين ثناياه لتنضم إلى مئات من الأوراق التي يكتب فيها اليهود وغير اليهود ما يريدون ويضعونها داخل الجدار مثلما فعلت شخصيات عالمية بارزة كنجم الكرة ماردونا مثلا أو جورج تينت، مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية، في أحدى زياراته السرية لإسرائيل، ولكن مصور صحافي استطاع التقاط صورة له هناك.
وطول عقود شهد هذا الجدار أحداثا درامية كبيرة، واندلعت في عشرينات القرن الماضي انتفاضة فلسطينية سميت (هبة البراق) بعد محاولات يهودية للاستيلاء عليه، ورفعت القضية إلى عصبة الأمم ومحافل دولية، أقرت بالحقوق الفلسطينية بالجدار.
وعندما انتصرت إسرائيل في حرب حزيران 1967، كان أول ما فعلته، هو أزاله حارة المغاربة المجاورة للجدار الغربي للمسجد الأقصى، وهي حي فاطمي يزيد عمره عن 900 عام.
والهدف بالنسبة للمنتصرين هو توسيع الساحة المحاذية للجدار الذي تكرس كحائط للمبكى.
واتهم الفلسطينيون، الإسرائيليين بأنهم هدموا الحارة على رؤوس أصحابها، وقبل سنوات اعترف القائد الإسرائيلي للعملية بمقتل فلسطينيين تحت الركام، وبرر ذلك بأنه كان يسعى لفرض أمر واقع قبل تدخل مجلس الأمن وإجبار إطراف النزاع على الانسحاب أو الالتزام بوقف إطلاق النار.
وأصبحت الساحة والجدار مدرجة في البرامج التي تضعها حكومة إسرائيل لزوارها الرسميين، حيث يصل الواحد منهم إلى المكان يضع القلنسوة اليهودية على رأسه ثم يجري طقوسا معينة، وآم المكان العشرات من نجوم الرياضة والسياسة والفن.
وأجرت السلطات الإسرائيلية حفريات عديدة في المكان ضمن خطة الحفريات للبحث عن الهيكل المفقود.
وتسيطر إسرائيل على باب المغاربة القريب وهو احد الأبواب الرئيسة للمسجد الأقصى، وبتاريخ 15 شباط (فبراير) 2004، انهار الطريق المؤدي إلى باب المغاربة، ليفتح خلافا فلسطينيا- إسرائيليا تجدد مؤخرا.
واعتبرت الأوساط الفلسطينية أن انهيار الطريق حدث "بسبب الحفريات المتواصلة التي تنفذها المؤسسة الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى ومحيطه منذ سنوات طويلة وهي التي تعرضه بشكل دائم إلى مخاطر الهدم والانهيار، ناهيك عن منع المؤسسة الإسرائيلية المتواصل لدائرة الأوقاف ومؤسسة الأقصى كذلك من إجراء ترميمات في أنحاء كثيرة من المسجد الأقصى المبارك "- كما أشارت مؤسسة الأقصى لأعمار المقدسات الإسلامية.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية يوم الاثنين الماضي 13 كانون أول (ديسمبر) الجاري خبرا عن قرار لبلدية القدس هدم الجدار والطريق المؤدي إلى باب المغاربة بشكل كامل وبناء جسر جديد يسهل من خلاله الشرطة الإسرائيلية الدخول واقتحام المسجد الأقصى.
وأشار الخبر إلى أن بلدية القدس قررت ذلك بعد إجراء فحوصات هندسية أكدت أن هذا الجدار والطريق سينهار خلال الأسابيع المقبلة.
وقال مهندس البلدية أوري شطريت "إن التلة الترابية التي بنيت عليها طريق باب المغاربة غير ثابتة وحصل فيها تحركات ومن المتوقع أن تنهار مع بداية موسم الشتاء القريب ولا مناص من إزالة الجدار الاستنادي".
وقالت يديعوت أحرونوت أن سلطة الآثار الإسرائيلية ستنفذ أعمال حفريات في طريق باب المغاربة وهو ما زاد من قلق الفلسطينيين.
وحسب الصحيفة العبرية فانه بعد هدم الطريق المؤدي إلى باب المغاربة سيبنى في المكان بشكل مؤقت جسر خشبي بديل يمكّن الشرطة الإسرائيلية من اقتحام المسجد الأقصى وقت الحاجة.
وبارك الراب شموئيل ربينوبتس هذه الخطوة قائلا "في مثل هذه الحالة يمكن للجمهور الوصول بشكل آمن إلى منطقة حائط المبكى ويمكن إرجاع النساء إلى المكان الذي كان معداً لهنّ سابقا للصلاة ".
وبعد نشر الخبر حذّرت مؤسسة الأقصى لأعمار المقدسات الإسلامية مما أسمته عواقب إقدام بلدية القدس على "هدم وإزالة الجدار والطريق المؤدي إلى باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى، والذي يعتبر جزءا لا يتجزأ منه".
وقالت مؤسسة الأقصى في بيان عاجل أصدرته "لا يحق لبلدية القدس ولا للمؤسسة الإسرائيلية إزالة حجر واحد أو جزء بسيط من الجدار أو الطريق المؤدي إلى باب المغاربة لأن هذا الجدار والطريق يعتبران جزءا لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ولا يجوز بحال من الأحوال هدم جدار الطريق المؤدي إلى باب المغاربة".
وحذرت مؤسسة الأقصى من المخاطر المترتبة على هدم طريق باب المغاربة وتعريض المسجد الأقصى لخطر الانهيار قائلة "لا شك أن إقدام بلدية القدس على مثل هذا العمل يزيد بشكل واضح من مخاطر هدم المسجد الأقصى وخاصة جداره الغربي لما قد تحدثه عمليات الهدم هذه من تخلخل لأساسات المسجد الأقصى وجداره الغربي".
وعقب الشيخ علي أبو شيخة، رئيس مؤسسة الأقصى، على مخطط بلدية القدس قائلا " نحن لا نسمح في إحداث أي تغيير أو طمس معالم إسلامية وخاصة في المسجد الأقصى المبارك، هدم الجدار أمر خطير جدا، والذي يتحمل مسؤولية عواقبه الخطيرة هو المؤسسة الإسرائيلية، هذا المخطط بشكل واضح هو عملية تهويد لتغيير المعالم الإسلامية في القدس والمسجد الأقصى".
وأضاف "لا بد هنا من التذكير أنه بعد الانهيار السابق لجزء من الجدار المذكور قبل عشرة أشهر كانت مؤسسة الأقصى على استعداد تام لترميم الجدار بإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التي تملك الخبرة الكاملة لترميم هذا الجدار، ونذكر هنا أن المؤسسة الإسرائيلية تمنع منذ سنوات إدخال مواد بناء لترميم وتصليح الأبنية التي بحاجة إلى ترميم داخل المسجد الأقصى وفي جدرانه وفي المقابل تستغل الظروف وتقوم بهدم الجدار الملاصق للمسجد الأقصى نتيجة لحفرياتها المتواصلة، وتقوم بعملية الترميم والبناء في المنطقة المذكورة وهذا بحد ذاته يعتبر مساً خطيرا وتغييرا لمعالم القدس والمسجد الأقصى المبارك".
وقالت مؤسسة الأقصى أنها ليست المرة الأولى التي تحاول بلدية القدس أو المؤسسة الإسرائيلية بإحداث تغيرات جذرية في منطقة الجدار الغربي للمسجد الأقصى وخاصة في الطريق المؤدي إلى باب المغاربة فقد حاولت ذلك مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة، وأشارت مؤسسة الأقصى أن مثل هذه الأعمال إنما تندرج في سياق المخططات المستمرة من قبل المؤسسة الإسرائيلية وبلدية القدس وأعضاء الجماعات اليهودية للمسّ بالمسجد الأقصى وتعريضه لخطر الانهيار.
وأكدت مؤسسة الأقصى أن صاحب الحق الوحيد في إجراء الترميمات والتصليحات في أنحاء المسجد الأقصى وجدرانه ومحيطه هو دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
وحسب مصادر فلسطينية فان تصميم بلدية القدس على هدم الطريق وبناء الجسر سينذر باندلاع أعمال عنف جديدة مثلما حدث عام 1996 فيما عرف بانتفاضة النفق، بعد إقدام بلدية القدس على فتح نفق مجاور للمسجد الأقصى، وأيضا كانت زيارة شارون للحرم القدسي الشريف شرارة، أدت إلى اندلاع انتفاضة الأقصى الحالية.
وإذا تم ذلك فان الرسائل التي تبعث إلى الرب يوميا، من مختلف دول العالم، عبر أجهزة الفاكس، ستكون ملوثة بدماء كثير من الأبرياء.