بطحاء الرياض المستقلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اعتقالات بعد عمليات تمشيط أمنية في البطحاء
(الصورة نقلا عن صحيفة الرياض)
سلطان القحطاني من الرياض: حتمًا لا تشعرُ أنك ضمن الاراضي السعودية عندما تجول بناظريك داخل شوارع وأزقة البطحاء الذي يحتلُّ جغرافيًا الجزء الأوسط من العاصمة الرياض،إذ تعتبر مشاهدة الزي السعودي من الاشياء النادرة ، بل وتدخل في نطاق الإستحالة غالبًا.وتتناثر في قلب الحي العديد ُمن الجاليات الشرق آسيوية مكونةً مايشبه البؤر الـ "إستيطانية" المُبطنة، تتميز بكونها ذات استقلال سيادي،حيث لايتعدى أفراد جالية على المكان المخصص لجالية أخرى، في إطار قانون غير مكتوب إصطلح عليه بتواطؤ متبادل.
ولوهلة يكادُ يشطح بك الجزم بأن هذا الحي ماهو إلا بقعةٌ من بقاع شرق آسيا،لولا أصوات متصاعدة على مدخل الحي حيث تتركز غالبية سائقي الأجرة السعوديين الذين يحملون ركابهم من هذه النقطة تحديدًا تجاه مدن أخرى.
المكانُ يتمتع باستقلالٍ ذاتي كما يبدو لأول لمحة الأولى، وهو يشي بكونه مرتعًا ملائمًا لنمو الشبكات السريّة المتاجرة في المحظورات القانونية، والإجتماعية، والدينيةِ أيضًا،إثر إكتشاف معبدٍ هندوسي يؤمه العديدُ من الهندوسيين الصادق إيمانهم متستفيدين من الغفلة الرقابية.
التراخي الامني والتوعوي هما مطرقةُ الغفلة وسندان التغافل في هذه الأزمة التي نمت في العتمة لتحوّل البطحاء إلى حيزٍ مشبوه، وساهمت، دون دراية، في تحويل بيوت الطين والصفيح إلى كازينوهات ومواخير.
الحملة الأمنية الواسعة التي نفذتها السلطات السعودية في الآونة الأخيرة، كشفت عورة الحي المستترة، وساهمت في كسو رداء الحذر على سكانه والمارين به، وذلك إثر إكتشاف العديد من الأحداث التي تعتبر مؤشرات مزعجة.
ولعل قصة العائلة المُصرية المعتدى عليها هي القشة التي قصمت ظهر البطحاء، إذ عقبتها مباشرة الانتفاضة الأمنية التي أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح.
وفي حيثيات قصة العائلة المصرية فقد كان (م.خ) يسير برفقة زوجته وابنته البالغة 15 ربيعًا في أحد شوارع الحي الجانبية، وفجأة تبرزُ لهم عصابة من العمال البنغال وتهاجمهم. الأب يحاول حماية أسرته بقوة، ولكن صعوبة مجابهة العدد تجعله في موقف متضعضع، بينما ينهمك 3 من أفراد العصابة في خلع ملابس الفتاة أمام ناظري والدتها التي تسقط في ما يشبه حالة الإغماء.
ولم ينقذ العائلة سوى التجمع الهائل لأعداد المشاهدين في الوقت الذي حاول فيه سعوديون من قادة سيارات إنقاذ الوضع ونجحوا،ليهرع بعدها الأب حاملًا شكواه للمؤسسات الحكومية ذات الصلة.
وقد تكون هذه الحادثة هي التي دقت ناقوس الخطر خشية إستفحال أفاعيل كهذه، أو أن تتحول بعض الأحياء إلى مايُشبه المناطق السرية لممارسة المحظورات.
وكشفت الحملات الأمنية عن جانب عال من الحرفية تمتلكه جماعات الدعارة والكازينوهات خصوصًا، إذ أن رواد مايسمى تجاوزًا بالكازينو ينقسمون إلى فئات، ولكل فئة مقعدها، وطريقة التعامل معها.
فعلية القوم من الشرق آسيويين يتحلقون حول منصة الرقص في المقدمة، بينما تتراجع أهمية الأشخاص مع تراجع مقاعدهم إلى الخلف، حتى تصل إلى الجلوس على أرضية المكان حيث ترتمي الطبقة الكادحة كالعادة.
أما شبكات الدعارة فهي تتميز بروح تسويقية عالية، وطرق اجتذاب من مناح عدة، فما أن يكرر الزبون زيارته للمرة الثانية فإنه يحصل تلقائيًا على حسم يتجاوز الخمسين بالمئة من قيمة الفتاة المطلوبة.
الآن البطحاء تحاول العودة إلى رشدها ولكنها تقبل بواقعها الحالي أيضًا، خصوصا الإستيطان الشرق آسيوي، إذ أن توطين السعوديين فيها أمرٌ محال بعد أن هجروها وتعاقبت هحراتهم منها ،لتصبح "البطحاء" نوعًا من الذاكرة لجيل ماقبل الطفرة،وماقبل ثورات النفط والخطط التنموية.
هنا حيث كانت القلب النابض والمحرّك للرياض ومرتكز الطبقة السعودية الميسورة آنذاك، أضحت مرضًا عضالًا إن لم تستأصل شأفته بحزم، فإنه سيكون مرتعا لجرائم أكبر.وبالطبع سيكون الإرهاب والإتجار بالإسلحة من بينها.