أخبار خاصة

مصريون يهددون بالانتحار احتجاجاً

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أثاروا اهتمام القاهرة وفتحوا ملف أوضاع الموظفين
4 عمال إسعاف مصريين يهددون بالانتحار احتجاجاً


نبيل شرف الدين من القاهرة :

المكان : تقاطع شارعي الجمهورية والجلاء وسط القاهرة تماماً .
الزمان : ظهيرة السبت بينما تتجاوز درجة الحرارة خمسة وأربعين درجة مئوية، وتصل الرطوبة والتلوث إلى معدلات لا تحتمل .
المشهد : أعلى البرج الخاص في المركز الرئيس للاتصالات في القاهرة، والذي يتجاوز ارتفاعه مئة متر، وهناك أربعة أشخاص يعتلون قمة البرج، اتضح لاحقاً أنهم من عمال مرفق الإسعاف، يلوحون بإلقاء أنفسهم، بينما يحتشد آلاف المارة أسفل البرج، لمراقبة المشهد الدرامي في هذا الوقت من النهار الذي يصل فيه الازدحام ذروته وسط القاهرة، بينما يخاطب ضباط الشرطة ومسؤولون من وزارة الصحة هؤلاء العمال عبر مكبرات الصوت، ويحاولون إقناعهم بالعدول عن الانتحار مع وعد بالنظر في مطالبهم، حتى حضر وكيل وزارة الصحة وأعلن عن إقالة مدير المركز الرئيس للإسعاف في القاهرة، وحينها انفرجت الأزمة وهبط العمال الأربعة من أعلى البرج .

هكذا بدا المشهد اليوم وسط القاهرة درامياً تابع خلاله آلاف المصريين هؤلاء الرجال الأربعة الذين كانوا يعتلون قمة برج الاتصالات، ملوحين بالانتحار ما لم ترفع الجزاءات الموقعة عليهم بتخفيض رواتبهم، من قبل مدير المركز الرئيس للإسعاف، وإحالته الى التحقيق بعد اتهامه من قبل عشرات العاملين بالتعسف في معاملتهم، بينما يعانون ظروفاً وظيفية سيئة بالأساس .

وللوهلة الأولى ربما لا يبدو أن لهذا المشهد المثير علاقة مباشرة بالأجواء السياسية التي تشهدها مصر، في الوقت الذي تدخل فيه الحملة الدعائية لانتخابات الرئاسة المصرية أسبوعها الثاني، غير أن الحكومة والحزب الوطني (الحاكم) قد تثير انزعاجه بشدة واقعة كهذه على الرغم من أن منظريه لن يعدموا الحيلة في تبريرها، لكن تبقى لديها الرغبة ملحة في تمرير هذه الأيام الباقية على إجراء الانتخابات الرئاسية في السابع من أيلول (سبتمبر) المقبل بأقصى قدر ممكن من الهدوء، ومن دون وقوع مفاجآت تعكر صفو هذه التجربة الأولى من نوعها التي يعيشها الشارع السياسي المصري، على الرغم من أن النتائج تبدو محسومة لصالح الرئيس الحالي حسني مبارك.

وعودة إلى مشهد عمال الإسعاف، فعلى مدى أكثر من خمس ساعات ظل هؤلاء العمال الأربعة قابعين أعلى البرج يهددون بإلقاء أنفسهم، بينما تتفاوض معهم الشرطة وبعض المسؤولين لإثنائهم بوساطة مكبرات الصوت عن فكرة الانتحار من أعلى البرج الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من مئة متر، بينما احتشد آلاف المارة ترقباً لنهاية هذا المشهد الدرامي، الذي انتهى بعدول العمال عن الانتحار وهبوطهم وسط تصفيق المارة الذين احتضنوهم، كما حالوا دون إلقاء القبض عليهم، بينما أصدر وكيل وزارة الصحة قراراً فورياً بإقالة مدير المركز الرئيس للإسعاف الذي وقع الجزاءات على العاملين، وتكليف آخر بالقيام بمهامه .

وحسب التقديرات الرسمية فإنه يوجد في مصر نحو خمسة ملايين موظف في شتى مؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة، ويعاني معظمهم ظروفاً وظيفية بالغة السوء، حيث تتدنى أجورهم على نحو مريع لا يفي بالحاجيات الأساسية لهم أو لأسرهم، ومن هنا فقد انتشرت "ثقافة الرشوة" والمحسوبيات على نحو واسع، واتخذت في كثير من الأحيان أشكالاً صريحة، فضلاً عن شكوى ملايين المصريين من سوء أداء الجهاز الإداري في الدولة، وبطء إنجاز المعاملات، وسوء معاملة الجمهور وغير ذلك من الأزمات المزمنة .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف