أخبار خاصة

المشترك صار مقفراً بين اللبنانيين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مخالفو الرمل العالي يهاجمون القوى الأمنية
المشترك صار مقفراً بين اللبنانيين

في إيلاف أيضا

العاهل السعودي يستقبل رئيس مجلس النواب اللبناني

لحود يحذر من حدة المواجهات والخطابات السياسية

بلال خبيز: اثر الاشتباك بين القوى الأمنية اللبنانية والمواطنين في منطقة الرمل العالي وعلى طريق المطار الذين شرعوا في بناء ابنية مخالفة للقوانين المرعية الإجراء، مستفيدين من طبيعة الانقسام الحاد في البلد والذي تعمق اكثر فأكثر في زمن ما بعد وقف النار، اصدر حزب الله وحركة امل بياناً مشتركاً اعتبرا فيه ان الطرفين، موقعي البيان، لا يوافقان على التعديات، لكنهما يسألان عن السبب الذي حدا بالقوى الامنية إلى اطلاق النار على المواطنين العزل والأبرياء، ما ادى إلى سقوط "شهداء". هذا البيان جاء تعليقاً على الحادثة التي جرح فيها اكثر من 12 عنصراً من القوى الأمنية وثلاثة من المواطنين الذين تجمهروا لمنع القوى الأمنية من تنفيذ ما جاءت لأجله، اي إزالة التعديات على الأملاك العامة.

وفي بيان متأخر عن هذا البيان اصدرت قوى الامن الداخلي بياناً توضح فيه ان الرصاص الذي اصاب "الشهيد"، بحسب تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين جثة "الشهيد" ليس من النوعية التي تستعملها قوى الامن، وانه ايضاً اصيب من الخلف وعن مسافة لا تتجاوز المترين، مما يعني ان مطلق النار كان بين المتجمهرين انفسهم.

التعليقات على هذه الحادثة تبدو اوضح من ان يعلق عليها. قوى امنية تتعرض للضرب والهجوم بالعصي والسكاكين ويمنع عليها استعمال سلاحها للدفاع عن نفسها. الحصيلة: 12 جريحاً من القوى الأمنية في مقابل 3 من المتجمهرين، و"شهيد" مشكوك بقاتله. رغم ذلك لا يتورع بيان الحزبين الشيعيين الكبيرين عن تحميل السلطة التنفيذية مسؤولية ما جرى، ويحمل القوى الامنية مسؤولية اللجوء إلى العنف في مواجهة المتجمهرين الابرياء. ثم ان شهيداً قد سقط، فتسمية الشهيد في ما يبدو حق محصور بالحزبين نفسيهما بوصفهما وكيلاً شرعياً ودنيوياً عن هذه الماركة النضالية المسجلة باسميهما دون غيرهما. ولو ان رجلاً من القوى الأمنية سقط صريعاً في تلك المواجهات، فإن حقه في ان يكون شهيداً سيكون مشكوكاً فيه من دون شك لأن القوى الامنية اعتدت على الأبرياء العزل.

مثل هذه الحادثة وغيرها كثير توضح الحد الذي بلغه اللبنانيون في ما بينهم في ازدراء الوقائع ولويها بحسب الجهة التي تصدر عنها البيانات. ذلك ان الخلاف مستحكم بين الأطراف اللبنانية إلى حد ان القتلى في حادثة كهذه يصبحون شهداء وضحايا اعتداء غاشم، كما لو ان المعتدي ليس شريكاً في البلد وليس القوى الأمنية التي يجدر بها تنفيذ القانون، بل العدو الإسرائيلي نفسه. فالمقتول في اعتداء اسرائيلي هو شهيد حكماً بحكم انتمائه إلى لبنان والاعتداء عليه من جهة خارجية. انما حين يصير المتجمهرون لمنع القوى الامنية من تنفيذ القانون مشاريع شهداء يكون العدو في هذه الحال هو الدولة نفسها، او على الأقل الشبهة التي تطبع عمل اجهزتها بوصف هذه الاجهزة يمكن ان تكون مخترقة من قبل الشركاء الآخرين في الوطن والحكم.

وصول اللبنانيين إلى مثل هذه الحال الخطرة يوضح بعد الشقة بينهم، والحد الذي بلغوه في تطلب الحرب الاهلية الساخنة والاستعداد لها. لكن هذا الشقاق لا يقف عند حد حزب الله وحركة امل وعلى اعتابهما بل يتعداه إلى كافة القوى الاخرى وان اختلفت التفاصيل وتعددت الحكايات. فالأخبار التي تدعو إلى الخشية تتكاثر من دون ان تجد ما او من يوقفها، حيث يذكر كثيرون من الشيعة ان ملاّك البنايات في بيروت الغربية يترددون في تأجير الشقق لهم خوفاً من تجدد الحرب الاهلية ووقوع الحي الذي يقطنونه في صلبها بسبب اختلاط الساكنين. والمناطق الآمنة اليوم للسكن هي تلك التي تكاد تكون مقفلة على ساكنيها وعلى من يواليهم في المذهب والدين. اما المناطق المفتوحة من بيروت وتلك التي كانت تستقبل كل اللبنانيين من غير تمييز فتبدو اليوم قفراً مهملاً. ويعاني وسط بيروت التجاري من كساد وقلة زائرين ورواد، والارجح انه إذا لم يتم دعم التجارة في هذا الشارع مجدداً فإن المحال والمقاهي التي ازدهرت فيه في السنوات القليلة الماضية ستقفل ابوابها تباعاً وتهجر من شاغليها. وعلى النحو نفسه فإن شارع مونو الشهير بمطاعمه وملاهيه يكاد اليوم في ليالي بيروت يبدو مقفراً، واكثر من نضف هذه المطاعم لم يفتح ابوابه بعد، اما شارع الحمرا الشهير فلم يحتمل صدمة الحرب وبدأت مقاهيه ومحلاته تقلل من ساعات العمل إلى حد ان ليل الشارع المضاء اليوم لم يعد اسماً على مسمى.

مع ذلك ثمة حر كثير في سماء لبنان. صيف بيروت لم ينته بعد. كان صيفاً قائظاً إلى درجة خانقة. لم يعد في وسع اللبنانيين غير التضرع إلى الله تعالى: "انشالله تشتي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف