الجبير في الطائرة الملكية : سفيراً .. مستشاراً ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد أنباء ترشيحه لتولي سفارة السعودية في واشنطن:
الجبير في "الطائرة الملكية" : سفيراً .. مستشاراً ؟
مصدر سعودي:تعيين الجبير سفيرا لدى واشنطن الشهر المقبل
مستشار الامير بندر الاوفر حظا لاعتلاء المنصب الواشنطني
سلطان القحطاني من الرياض : مضى مستشار العاهل السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير على طائرة ملكه العائدة من سلطنة عُمان يوم أمس الأحد دون أن تحزم حكومة بلاده أمرها رسمياً: إما بتعيينه سفيراً جديداً في واشنطن، أو أن يظل على وظيفته الهادئة كمستشار في البلاط الملكي، وذلك بعد خلو المنصب الحيوي بالنسبة إلى الرياض للأسبوع الثالث على التوالي إثر استقالة الأمير تركي الفيصل الذي أمضى 15 شهراً في عمله هناك.وسبق وأن أفادت تقارير صحافية من واشنطن أن عادل الجبير، المستشار الخاص السابق للأمير بندر بن سلطان، هو المرشح الأوفر حظاً لخلافة الأمير تركي الفيصل، الذي تقدم بطلب إعفائه من منصبه قبل أسبوعين، مشيرةً إلى أن الرياض قد أبلغت واشنطن رغبتها بتعيين الجبير سفيرًا جديدا لها في العاصمة الأميركية خلفاً للأمير الفيصل، وأن هذه الرغبة عوملت في الديوان الملكي بأقصى درجات السريّة.
وأشار مصدر سعودي في حديثه مع "إيلاف" إلى أن الجبير "يبدو أنه المرشّح الأول فعلا لتولي سفارة المملكة في واشنطن" على حد معلوماته، إثر تقلص قائمة المرشحين التي كانت تشتمل على عدة أسماء لتكنوقراط من داخل وخارج الأسرة الحاكمة، كان من بينهم الأمير محمد بن نواف سفير الرياض في لندن، والأمير مشعل بن عبد الله المسؤول في وزارة الخارجية، والأمير سلمان بن سلطان القائم بأعمال السفارة في واشنطن حالياً.
ويعتبر كرسي السفارة السعودية في واشنطن هو "بيضة القبّان" في جهاز الدبلوماسية الخارجية للمملكة، التي غدت تحت بؤرة الضوء بعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نتيجة للثقل السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تمثله الولايات المتحدة في العالم، ولطبيعة "العلاقة الخاصة" التي تربط بين البلدين منذ أكثر من ستين عاماً، في تزامن مع بواكير نشوء المملكة السعودية الثالثة؛ ولذلك فإنك حين تسمع محدثيك في الدوائر السعودية يتكلمون عن "السفارة رأس الحربة" فلتعرف مباشرة أنهم يقصدون سفارتهم في واشنطن.
وحتى اليومين الأخيرين كان الجبير هو الاسم الأخير في القائمة الذي لم تكن حتى أكثر التوقعات تفاؤلاً تشير إلى إمكانية أن يرتفع أسمه في بورصة الترشيحات إلى الأعلى، كونه الاسم الوحيد فيها الذي لا ينتمي إلى الأسرة الحاكمة التي كانت تحتكر المنصب لأكثر من عقدين، إلا أن مصدرا سعودياً علق على ذلك قائلاً أن المملكة "تعتمد الكفاءة فقط دون مراقبة نوعية فصائل الدماء والألقاب".
ويبدو ذلك صحيحاً قياساً إلى الفترة الذهبية للعلاقات وقت تولي الأمير بندر بن سلطان السفارة الذي يعد أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وهو أبن ٌ لولي عهد البلاد الأمير سلطان بن عبد العزيز.
الجبير ... على أجنحة شكسبير وبودلير وغوتة
لا تشعر وأنت تراقب تقاطيع وجه عادل الجبير اللدنة، خلال ظهوره التلفزيوني المباشر، أنه خلال الأشهر القليلة المقبلة سيقترب عمره من منتصف الأربعينات عددا، كونه ولد في العام 62 من القرن الميلاد المنصرم وفق معلومات "إيلاف" التي راجَعتها مع عدد من المقرّبين الذين كانوا وثيقي الصلة بتحركاته منذ بواكير سنيّ الشباب التي قضى أغلبها خارج بلاده المملكة العربية السعودية.
يقول عنه مراقب مطلع، وقد سبق وأن لمس وسمع تحركات عادل الجبير منذ أن كان متحدثاً باسم السفارة في أوائل التسعينات خلال حرب الخليج الثانية، والتي كانت الظهور الأول له على مسرح السياسة الخارجية .. يقول: " إنه محنك جداً وشفاف لا يكاد يلمس، وفي حين أنه يمسك برسن اللغة الإنجليزية جيداً فإنه يمسك بسرج الألمانية والفرنسية دون أن يعلم كثيرون عن ذلك".
وعلى أجنحة لغات : شكسبير، وبودلير، وغوتة، مضى الجبير فاتحاً أفاقه السياسية إلى سماءٍ أرحب، في صعود سياسي سريع إلى أهم الكراسي وأكثرها قرباً إلى ملك البلاد عبد الله بن عبد العزيز الذي حمله معه مستشاراً ومترجماً خاصاً منذ أن كان ولياً للعهد ورقّاه حين أعتلى عرش الحكم في أوائل أغسطس من العام ما قبل الماضي إلى مرتبة "مستشار ملكي" برتبة وزير، وهي الرتبة التي لا تمنح إلا لقلة من السفراء، على اعتبار أن الجبير دخل ناديهم، وهم "السفراء السوبر".
وبدأ الجبير تعليمه في ألمانيا حيث كان والده يعمل ملحقا ثقافيا هناك، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة شمال تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية حيث حصل على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1982، ثم حصل على ماجستير العلاقات الدولية من جامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن في عام 1984.
وفي عام 1986 أصبح مساعدا خاصا للسفير السعودي، بندر بن سلطان، لدى واشنطن. وأول ظهور له كان إبان حرب الخليج الثانية كمتحدث رسمي للسفارة السعودية في واشنطن. وفي عام 1999عُين مدير لمكتب الإعلام السعودي في واشنطن، وفي عام 2000 عُين مستشارا للأمير عبد الله للسياسة الخارجية عندما كان وليا للعهد.
وجه غربي يرتدي زي بلاده ..شماغاً وقالاً
تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الظهور الحقيقي الأول للجبير في معترك حملة بلاده الإعلامية الرامية إلى تجاوز قضية تورط 15 سعودياً في تدبير الهجمات التي كانت الأعنف من نوعها في تاريخ أميركا، إذ بدا لمحدثيه حينها وكأنه رجل غربي الأصل يرتدي زياً عربياً مكوناً من الدشداشة البيضاء ويعتمر شماغاً أحمراً وعقالاً قاتم اللون، وهو لا يتقن لبسهما بعناية غالباً.
ويقول روبن رايت مراسل صحيفة واشنطن بوست أن الجبير شخصية معروفة في واشنطن وضعته المملكة في الواجهة لإرادتها عزل الأسرة الملكية السعودية عن التطرف الإسلامي للقاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر التي قادها أسامة بن لادن. كما كان عليه في أغلب الأحيان أن يتصدى لأي انتقاد يطال بلاده.
وفي برنامج "الطبعة الأخيرة" على CNN العام الماضي نفى الجبير التقارير التي تشير إلى أن شعبية بن لادن تزداد في المملكة، حيث قال: "حينما تتحدث إلى المتطرفين في أوروبا يخبرونك أن أجندتهم تلقى رواجاً بين الجماهير، بينما هي في حقيقة الأمر ليست كذلك. إن كان لدى أسامة بن لادن أو القاعدة شعبية في السعودية لكنا شهدنا زيادة في التجنيد، وليس نقصاناً. كنا شهدنا زيادة في قدراتهم لإحداث الضرر، وليس نقصاناً... نحن نربح الحرب على الإرهاب. ومع ذلك فهي تأخذ بعض الوقت."
وقال الجبير، مرة أخرى على CNN: "يريد بن لادن تدمير الحكومة السعودية، لذا عليكم أن تدركوا... أن أولئك الذين يشكلون خطراً كبيراً على السعودية ويضمرون عداء شديد للولايات المتحدة ولإسرائيل أيضاً، يتشاركون الهدف نفسه الذي يريد أسامة بن لادن ومن ارتكب تلك الأفعال الوصول إليه."
يشير هذا التعيين الوشيك لرجلٍ عمل مؤخراً في واشنطن كمساعد خاص للأمير بندر بن سلطان - مستشار الأمن القومي السعودي حالياً - إلى تطورٍ هائل في الدبلوماسية السعودية، حسب ما قالته الواشنطن بوست تعليقاً على نبأ التعيين.
وتمت إحاطة التعيين البالغ الحساسية للجبير بالسرية التامة، فبعد أن وصلت الرسالة المطبوعة إلى وزارة الخارجية يوم الجمعة الماضي كان مكان اسم السفير المعين حديثاً فارغاً إلى أن كتبه المبعوث السعودي بفترة قصيرة قبل أن يوصل الرسالة، وذلك حسب مصدر مطلع تحدث مع الواشنطن بوست، و طلب إخفاء هويته لأنه لم يتم الإعلان عن أي شيء من ذلك.
وعلى طريقة أغاني أعياد الميلاد قد يظل الجبير يسترق السمع إلى ترنيمة خالصة "سنة حلوة سفيراً .. سنة حلوة مستشاراً " حتى تقضي الحكومة أمراً كان مفعولاً.