هجوم سوري مضاد في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الغرب يحذر دمشق ويعيد إحياء الاهتمام بال1559
سورية تشن هجوماً سياسياً مضاداً في لبنان
إيلي الحاج من بيروت : أطلقت سورية على مراحل تصاعدية هجوماً سياسياً مضاداً في لبنان تزامن مع عودة هذا البلد إلى دائرة الاهتمام الدولي في شكل مفاجىء، خصوصاً في واشنطن ونييورك وباريس وموسكو. وبلغ موقف دمشق المستجد الذروة مع إعلان رفضها الصريح إقامة علاقات دبلوماسية، وحتى ترسيم الحدود بين البلدين.
والواقع أن هذه الصورة السلبية بدأت بالتبلور مع الدخول السوري المباشر على خط الحوار اللبناني الداخلي من خلال خطاب للرئيس بشار الاسد حدد فيه أطر هذا الحوار وممنوعاته، وعززتها المشادة اللبنانية في قمة الخرطوم بسبب الموقف من سلاح "حزب الله" بين حليف سورية الرئيس اللبناني إميل لحود الذي أيد صيغة تقول ان" المقاومة الموجودة تعبر عن حق الشعب اللبناني"، وبين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي طرح صيغة تقول بحق اللبنانيين "جميعا" في المقاومة. وبدا واضحاً أن هذه المشادة اللبنانية الداخلية هيأ لها في مؤتمر وزراء الخارجية العرب التمهيدي للقمة وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ، المحسوب على "حزب الله، وتالياً سورية.
وتجلى الدخول السوري السلبي على الخط الداخلي اللبناني بالتعثر الذي طرأ على الحوارالوطني عند مقاربته استحقاقي رئاسة الجمهورية وسلاح "حزب الله" بعدما كان حقق اختراقات في المسائل المتعلقة بالعلاقة بسورية والسلاح الفلسطيني، علماً أن تلك الاختراقات بقيت من طرف واحد لبناني ولم تقترن بدعم والتزام من الطرف الآخر السوري كي تصبح قابلة للتطبيق.
وفي الموازاة عاد حلفاء سوريا الى التحرك السياسي والاعلامي الناشط ، برز فيه اليوم اجتماع لرموز المتحالفين مع النظام السورية في القصر الجمهوري في بعبدا برعاية لحود وحضوره مع نجله النائب السابق إميل لحود جونيور والوزيرين السابقين سليمان فرنجية وطلال إرسلان والنائب إيلي سكاف المتحالف مع الجنرال ميشال عون.
وعلى العموم توحي كل تحركات حلفاء النظام السوري في لبنان انهم استعادوا التوازن والثقة بالنفس ويتهيأون لاستعادة زمام المبادرة، خصوصاً بعدما انضم إليهم الجنرال المرشح عون. في هذا السياق تبرز مشاريع جبهاتهم السياسية من الشمال الى بيروت، والوضع الهجوم للقوى الحليفة لسورية، في مقابل وضع او تصوير لفريق ١٤ آذار/مارس المناهض لسورية في حالة دفاعية مربكة.
ويبرز في الموازاة أيضاً التحول الطارىء في الأولويات اللبنانية، فالتغيير الرئاسي يزاحمه التغيير الحكومي، والعلاقات السورية - اللبنانية أصبحت "مفتاح الانفراج والتحسن" في لبنان بعدما كانت قوى ١٤ آذار /مارس حددت رئاسة الجمهورية على انها المفتاح السياسي للحل. في حين تلاحقت مواقف من دمشق غير متجاوبة مع المطالب اللبنانية، وتحديدا مطلبي ترسيم الحدود لتثبيت لبنانية مزارع شبعا، واقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين دولتي، وصولاً إلى وضع شروط وإعلان تحفظات عن زيارة للرئيس السنيورة الى سورية، توزعت بين ضرورة وضع جدول أعمال محدد وتوقيت مناسب واتخاذ "اجراءاتل بناء الثقة".
ويضاف فوق ذلك عدم التجاوب السوري مع مطلب المجتمع الدولي خلال اجتماعات الموفد الدولي تيري رود- لارسن مع الوزير المعلم في موسكو وقطر، بالتعاون وتقديم المساعدة لتطبيق ما تبقى من بنود القرار الدولي رقم ١٥٥٩.
أسباب دمشق
وفي الرؤية إلى الواقع اللبناني من زاوية دمشق أن ثمة أسبابا وعوامل عدة تدفع النظام السوري إلى إطلاق هجوم سياسي مضاد وتغيير النمط الذي اتبعه منذ إخراج جيشه من لبنان. فمن تراجع الضغوط الدولية التي انكفأت الى حدود "تغيير سلوك النظام"، الى اختراق جدار العزلة العربية الذي ارتفع منذ جريمة اغتيال الرئيس السابق للحومة اللبنانية رفيق الحريري، الى تعثر المشروع الاميركي في العراق وفلسطين، الى تعمق العلاقة التحالفية بين سوريا وايران، الى التحول في مسار التحقيق الدولي ومنهجيته بعد استقالة القاضي الألماني ديتليف ميليس، الى حالة الانتظار الذي يفرضه التقرير الثاني للقاضي البلجيكي سيرج براميرتز من جهة، والحوار الاميركي - الايراني من جهة ، الى انهماك الحكم الفرنسي بأزمة البلاد السياسية الداخلية، الى التراجع في التأييد الشعبي الاميركي للرئيس جورج بوش وحربه في العراق... كلها عوامل ومعطيات تدفع دمشق الى التريث والتوقف عن سياسة التعاون وعدم تقديم المساعدة والتسهيلات في لبنان. ويترافق ذلك مع الايحاء أنها في صدد استعادة المبادرة السياسية وان خصومها هم الواقعون في ورطة.
إلا أن الهجوم السوري المضاد يواجه تحذيرات فرنسية واميركية متلاحقة واهتماماً روسياً لافتاً بوضع لبنان ، فضلاً عن إجراءات دولية محتملة لمتابعة تطبيق القرار 1559 . وترى باريس وواشنطن، استناداً إلى تصريحات متتالية للمسؤولين فيهما، ان دمشق تقوم بقراءة خاطئة لميزان القوى الاقليمي وللموقف الدولي اذا راهنت على ايران وعلى عامل الوقت، أو اذا اعتبرت ان الضغط الدولي عليها قد تراجع، أو إذا فسرت الوساطات العربية والخروق الأوروبية في التعامل معها على انها اشارات إلى كسر العزلة الدبلوماسية الدولية المفروضة عليها. وتشدد العاصمتان الغربيتان الأكثر اهتماماً بالشأن اللبناني أن على دمشق ألا تقرأ خطأ الاشارات الدولية والعربية المؤيدة لاستمرار نظامها واستقراره على انها ضوء أخضر جديد للعودة الى لبنان من النافذة السياسية والأمنية والتدخل في شؤونه الداخلية وحواره الوطني واستحقاقه الرئاسي وإرباك حكومته، بل يتوجب على دمشق ان ترسل في القريب العاجل ، قبل تقرير رود- لارسن (عن مدى تطبيق القرار 1559 إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في 19 نيسان الجاري) اشارات أولية الى تعاونها في لبنان وفي الملفات التي لها صلة بها او تأثير فيه ، وإلا فإن عليها ان تتحمل عواقب عدم التعاون مع تجدد الضغوط الدولية عبر أدواتها الثلاث: تقرير رود- لارسن، التحقيق الدولي، والعقوبات التي ما زالت سيفا مسلطا فوق رأس سوريا ويمكن اعادة تحريكها اذا دعت الحاجة.
ومن المتوقع بعد تقديم تقرير رود-لارسن نصف السنوي استصدار بيان رئاسي عن مجلس الأمن يحمل مستوى التشدد ذاته الذي توليه المنظمة الدولية لتنفيذ ما تبقى من بنود القرار الدولي، لما كان عليه البيان الرئاسي السابق الذي صدر في ٢٣ كانون الثاني/يناير الماضي والذي عكس آنذاك رفع الغطاء السياسي الدولي عن ا لرئيس لحود بالدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، ونزع سلاح الميليشيات، وضبط التهريب للسلاح والأشخاص، واقامة علاقات دبلوماسية وتبادل سفارات بين بيروت ودمشق.
وما سيؤثر في الموقف الذي سيتخذه المجلس، هو تسجيل رود- لارسن لبدء الحوار الوطني اللبناني بإيجابية، وخروجه بقرارين مهمين:الأول متعلق بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والثاني اقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، الأمر الذي سيجعل المجلس يدعو الى ضرورة استكمال هذا الحوار وصدور مقررات تتطابق والقرار ١٥٥٩. وفي موازاة تشجيع لارسن للخطوات التي قامت بها الدولة اللبنانية على مستوى الحوار الوطني وضرورة استكمالها، سيترقب مجلس الأمن التعاون السوري في ضوء عدم وضوح حقيقة هذا الموقف، وحيث ان لدمشق نفوذا في موضوع نزع سلاح الميليشيات، والتعاون في تلبية الرغبة اللبنانية في اقامة علاقات دبلوماسية وترسيم الحدود، بما في ذلك الاعتراف الرسمي الموثق بلبنانية مزارع شبعا، ومنع التهريب على الحدود، بعدما تلقى رود- لارسن معلومات عن دخول 12 شاحنة أسلحة الى لبنان من سوريا أخيرا.
وتتوقع مصادر فرنسية ان يكون تقرير رود- لارسن "متشددا وقاسيا ونقديا" حيال سورية التي لم يزرها الموفد الدولي قبل وضع تقريره بسبب معارضة الولايات المتحدة لهذه الزيارة وخشيتها ان تكون موضع استغلال من المسؤولين السوريين .
بوش والسنيورة
يذكر أن مصادر رسمية اميركية أعلنت أمس ان الرئيس السنيورة سيزور واشنطن للاجتماع بالرئيس جورج بوش في 18 من الشهر الحالي، وكذلك مع مساعديه الكبار تلبية لدعوة من الرئيس الاميركي الذي يريد، وفقا للمصادر، ان يؤكد للسنيورة "بقاء لبنان في طليعة اهتمامات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط". واضافت ان بوش سيؤكد لرئيس الوزراء اللبناني مرة اخرى "دعمنا القوي لمسيرة لبنان على طريق التحرر الكامل من الهيمنة السورية ورواسبها، وللبحث في سبل مساعدته على تطبيق برنامجه الاصلاحي" بالاضافة الى بحث سبل توفير المساعدات الامنية والعسكرية له.
إلى ذلك استنكرت الخارجية الأميركية "بشدة" مذكرات الجلب الصادرة عن السلطات العسكرية السورية في حق رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط والوزير مروان حمادة والإعلامي في جريدة ،وتلفزيون، "المستقبل" فارس خشان، واعتبرتها "محاولة خبيثة اخرى من الحكومة السورية لمواصلة تدخلها في العملية السياسية اللبنانية". واضافت أنها أيضاً "محاولة سافرة لترهيب السياسيين والصحافيين في لبنان".
وكانت المذكرات اتهمت اللبنانيين الثلاثة" بتحريض الولايات المتحدة على احتلال سورية" و"تشويه" سمعة سورية من خلال تحميلها مسؤولية اغتيال الرئيس الحريري والاغتيالات والتفجيرات التي حدثت في لبنان في السنة الماضية.
وسوف يلتقي السنيورة الرئيس بوش في الثامن عشر من الشهر الجاري في البيت الابيض ويعقب اللقاء غداء عمل. كما يجتمع السنيورة بوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي وغيرهما من المسؤولين في وزارة الدفاع.
وكانت مصادر ديبلوماسية مراقبة رجحت في بيروت ان تتم زيارة رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي براميرتز الى العاصمة السورية الاحد المقبل لطرح أسئلة وجاهياً على الرئيس الاسد ونائبه فاروق الشرع. وكان الأسد اكد في تصريحات صحافية في آذار/مارس الماضي لمحطة "سكاي نيوز" الاميركية انه سيلتقي برامرتس في نيسان/ أبريل. ولوحظ أن مصدراً سورياً رسمياً شدد على ان لقاء برامرتس - الاسد سيكون "عاديا، في اطار استقبالات الرئيس لضيوفه، وسيطلع الرئيس برامرتس على صورة العلاقة السورية - اللبنانية وتطوراتها".
وفي واشنطن أعلنت مصادر اميركية ان المسؤولين في وزارتي الخارجية والمال يواصلون درس فرض عقوبات اضافية على سورية، تشمل تجميد ودائع مسؤولين سوريين في المصارف والمؤسسات الاميركية، كما فعلت السنة الماضية عندما جمدت ودائع وزير الداخلية السوري آنذاك غازي كنعان، ورئيس الاستخبارات العسكرية آصف شوكت.