مشاهدات من الحرب اللبنانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
31 عاماً على انقضائها وأكثر من رواية
الحرب اللبنانية في شهادات ومشاهدات
اليوم، وبعد 31 عامًا، هل لا تزال الأرض اللبنانية خصبة لاندلاع حرب مماثلة، وما هي التأثيرات التي خلفتها هذه الحرب على الشباب اللبناني؟ وما الذكريات المؤلمة التي لا نزال نحتفظ بها في ضميرنا الحي؟
يقول الدكتور أنطوان مسرة (منسق البرامج في المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم) لـ "إيلاف" أن العمليات الحربية الاغتيالية في العام 2005 ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أنهت الجانب الأهلي من الحرب في لبنان، وجاءت الانتفاضة الشعبية التي تمت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري لتبدد إمكان حدوث حروب أخرى، لأن الانتفاضة الكبيرة جعلت الناس يدركون انهم كلهم في خطر ومهددين.
ويضيف مسرة أنه للمرة الأولى في تاريخ لبنان نرى هذا الإدراك الجماعي وان لبنان الساحة هو خطر للجميع، ولكن كان هناك خطر في الماضي يكمن في جهل الشباب اللبناني للحرب والأوضاع السياسية العامة، مما خلق تطييفًا في الذهنيات. إلا أن الاغتيالات مع كل معاناتها وشراستها خلقت رد فعل شبابي كان منتظرا منذ فترة طويلة، لأن اللبنانيين يفتحون النوافذ إلى صراعات الغير على أرضهم، وأُطلق مبدأ لبنان أولًا، وحصلت في السنتين الاخيرتين محاولات عدة لاستعادة الحرب الأهلية بشكل مفتعل، وأبرز هذه الأحداث ما جرى في يوم الأحد الأسود في الخامس من شباط (فبراير) من العام الجاري، حيث كانت عملية منظمة لافتعال ردّة فعل والعودة الى 13 نيسان(أبريل) آخر، وبالفعل أظهر اللبنانيون درجة عالية من الوعي لم تحصل في تاريخ لبنان، إذ بادر عدد من المشائخ اللبنانيين إلى صد المهاجمين.
وعن تأثير هذه الحرب على سيكولوجية الشباب اليوم، يعتبر مسرة أن الاغتيالات المتراكمة كان من المنتظر ان يسكت عنها الشعب اللبناني، لكنه لم يسكت وخلقت لديه ردة فعل بالشعور بالخطر، وهذا ما كان ينقص اللبنانيين، ولبنان لن يكون ساحة لصراعات الغير.
وعن الذكريات الأليمة التي طبعت حياته في تلك الفترة يقول مسرة إن "هناك مشاهد عدة منها مشهد جارتي التي هي من اصل الماني متزوجة بلبناني كانت تمر بشارع السوديكو فأصابها القناص ووقعت على الرصيف مضرجة بالدماء، ويجب ان نتذكر هؤلاء الشهداء المقتولين وليسوا من الزعماء، لان الحرب اصطادت الجميع، وكذلك ربى ومايا اللتين غرقتا في البحر في جونيه، او الصورة التي نشرتها صحيفة "النهار" عن رجل اصابه القناص، كذلك اليافطة التي وقعها اكثر من 70 الف شخص، والتي لاتزال محفوظة في المتحف وتعبر عن مقاومة المدنية للحرب... كل هذه مشاهد تبقى راسخة في الأذهان.
يقول الدكتور شفيق المصري (اختصاصي في القانون الدولي) لـ"إيلاف" إن حرب العام 1975 كانت مختلفة في ظروفها الاقليمية والدولية، وحتى في ظروفها المحلية ايضًا، لان الخلافات التي كانت تدفع الى هذه الحرب لم تعد موجودة في اطار الدولة، يعني ظروف الحرب الباردة والتشنج الذي كان قائمًا على عدد كبير من الساحات الاقليمية ووجدت الساحة اللبنانية ارضًا خصبة، الصاعق الفلسطيني كما سمي حينذاك كان ايضًا معدًا للتفجير من قبل قوى اقليمية ودولية وليس فقط نتيجة الوضع الداخلي، ومتعهدو الحرب اي الذين يدفعون ويمولون الميليشات، لم يعد لديهم اي مبرر الآن لمثل هذه الحروب التي كانت عبارة عن تشنجات محلية من اجل مكاسب اقليمية.
يضيف المصري أن كل هذه الظروف الإقليمية والدولية انعدمت اليوم، وبقي الشأن اللبناني وهو لن يتصاعد في اتجاه حرب وانما في الواقع لديه خطوطًا حمرًا، فهو في الاعلام شيء وعلى طاولة الحوار شيء آخر وفي الحكومة ايضًا، وكل هذه الامور بعيدة جدًا عن مسببات عوامل وتمويل حرب، لذلك استبعد كثيرًا ان يصار الى ليس فقط تحضير بل مجرد تفكير بمثل هذه الحرب. ومن الناحية الايجابية، اللبناني دفع كثيرًا ولا سيما القيادات التي دائمًا تقول ان الحرب جربت ولم تأتي باي نتائج وان قدر اللبنانيين ان يتفقوا، فاذا كان الامر كذلك فانها قناعة اصبحت غالية لان اللبنانيين جميعهم دفعوا هذا الثمن وباتوا اليوم أكثر التصاقًا بها.
عن ذكريات الحرب يقول إنه كان من جملة المواطنين الذين صودروا بالقرارات الميليشياوية بصرف النظر عن مناطق سكنهم، وهذه المصادرة بقيت فترة طويلة وهذا النوع من المصادرة نتطلع الى رفعها من خلال العودة التائبة الى حكم القانون والمؤسسات والمواطنية وهنا عتبي على القيادات السياسية التي شحنت الاشخاص الى ما يرفضون ولكنها لم توجههم الى ما يريدون، وهذا الفراغ الذي كان قائمًا منذ سنوات الحرب اخشى انه لا يزال موجودًا لغاية اللحظة، لذلك المطلوب اليوم هو الاصرار
الامين
اما الصحافي علي الامين فيقول لـ"إيلاف" إن الحرب باتت بعيدة واللبنانيون خبروا تجربة الحرب واكثر الشعوب حذرًا من التورط في حرب داخلية مجددًا، اما ذكرياته عن الحرب فهي من خلال الاشخاص الاقارب الذين اما قتلوا رغم كونهم غير مقاتلين او خطفوا بدون سبب.مثلًا ابن عمته خطف ولم يعرف عنه شيء.
لم تندرج الحرب اللبنانية ضمن رواية واحدة فالرواية الاولى تقول وفق بيان صدر في حينه عن حزب الكتائب إنه: في الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الاحد 13 نيسان وبينما كان يحتفل بتدشين كنيسة سيدة الخلاص في شارع مار مارون(عين الرمانة) اذ بسيارة فولسفاغن مغطاة الرقم تخترق الشارع مرات عدة ذهابًا وايابًا، فاوقفها احد رجال قوى الامن الداخلي وحاول الاستفسار من سائقها عن سبب ما يقوم به فاجابه بانه فلسطيني فدائي وينتمي الى احدى المنظمات عندها طلب منه رجل الامن انيكشف عن رقم السيارة المغطى ومن ثم يذهب، بعد لحظات من ذلك وبينما كانت الناس متجمهرة امام الكنيسة اخترقت الشارع سيارة فيات ايضًا مغطاة الرقم وفي داخلها اربعة عناصر مسلحين يتبعها اتوبيس في داخله 20 مسلحًا اخذوا يطلقون النار على جموع المصلين، مما ادى الى سقوط قتلى وجرحى بينهم الرفيق جوزف ابو عاصي.
اما الشيخ بيار الجميل (رئيس حزب الكتائب آنذاك) فقد صرح في حينه ان سيارة الفيات قطعت الطريق بسرعة واطلق من كان فيها النار على الجموع فقتل جوزف ابو عاصي مع انطوان ميشال الحسيني، وجرح عدد من المارة وبقي اطلاق المار مستمرًا الى ان غادروا، وهربت سيارة الفولسفاغن بدورها وراح المسلحون الذين في داخلها يطلقون النار بغزراة.
اما الرواية الفلسطينية فتقول: في الساعة الحادية عشرة والنصف نهار الاحد 13 نيسان وفي اثناء مرور احدى السيارات التابعة لاحد فصائل الثورة الفلسطينية، تعرضت السيارة في محلة عين الرمانة في بيروت للاحتجاز وتم بعدها اطلاق نار على السائق من قبل عناصر مسلحة من حزب الكتائب اللبنانية، ونحو الساعة الاولى من بعد الظهر وفي المحلة نفسها واثناء مرور بوسطة تقل عددًا من المواطنين الفلسطينيين الذين شاركوا في الاحتفال بذكرى شهداء"الخالصة" تعرضت السيارة التي كانت في طريقها الى مخيم تل الزعتر لاطلاق نار كثيف من مكامن نصبتها عناصر من حزب الكتائب عن سابق تصور وتصميم.