معتقلو (كفاية) يروون وقائع تعذيب مروعة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
معتقلو (كفاية) يروون وقائع تعذيب مروعة
في غضون ذلك أصدر الموقوفون من أعضاء الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) بياناً سربوه من خلال محاميهم قالوا فيه : "نحن المعتقلون في طرة بتهم سب الرئيس وتعطيل المرور، نعلن ادانتنا للبلطجة الأمنية وخطف وتعذيب الزميلين محمد الشرقاوي وكريم الشاعر، وتواطؤ النيابة"، حسب ما ورد في البيان
ومضى بيان المعتقلين قائلاً "لقد أصبح للنظام جهازات للتعذيب هما مباحث ونيابة أمن الدولة التي هي أداة النظام في قمع المعارضين وتعذيبهم، والتي حفظت من قبل كل قضايا التعذيب والتي عطلت عرض محمد الشرقاوي على الطب الشرعي حتى تزول آثار التعذيب"، على حد تعبير البيان الذي اختتم قائلاً "إن لجوء النظام لأساليب العصابات لهو دليل على ضعفه واقتراب خلاصنا وتحرير مصر منه.. واستمرار حبسنا هو دليل على مدى رعب وخوف النظام من المعارضة الشعبية لفساده واستبداده وتخريبه المنظم لمصر"، وفق نص البيان الذي تلقته (إيلاف).
شهادة معتقل
من جهة أخرى تلقت (إيلاف) رسالة من ناشط (كفاية) المحبوس حالياً محمد شرقاوي، التي يروي فيها وقائع القبض عليه في الشارع، ثم احتجازه داخل أحد أقسام الشرطة، والاعتداء عليه بالضرب والإهانات، حتى عرضه على نيابة أمن الدولة، ونحن نعرض الجانب الصالح للنشر في هذه الشهادة دون تعليق، يقول شرقاوي في شهادته:
لحظات الخوف والفزع الشديد بحياتي كثيرة ولكن ليس من بينها اطلاقا هذه اللحظات التي تلت خروجي من نقابة الصحافيين يوم 25 آيار (مايو) الحالي، الساعة السادسة، مساء لأركب سيارة إحدى زميلاتي لتوصيلي إلى محطة القطار حتى أستقل القطار المتجه إلى الاسكندرية لرؤية أهلي بعد 30 يوم خلف القضبان بسجن طرة.
السيارة توقفت في إشارة تقاطع عبد الخالق ثروت مع شارع طلعت حرب، لم أنتبه كثيرا في البداية ولكني انتبهت مع صرخة الزميلة وهي تقول "مين دول".
التفت حولي ومن خلف زجاج السيارة وجدت عشرات من رجال بملابس عادية يحاولون فتح الباب. قفز إلى ذهني تصور وحيد وفي خلال ثوان معدودة، رجال أمن الدولة جاءوا لييختطفوني رميت ما كان بيدي داخل السيارة وفتحت الباب لأجدهم وبوحشية يقتادوني إلى مدخل آخر عمارة بشارع عبد الخالق ثروت قبل التقاطع مع طلعت حرب، وبدأت حفلة منهم لتقديم أنفسهم لي، بدأوها بالأيدي سريعة ومتتابعة إلى أن قام أحدهم بضربي برجله إلي أن وقعت على الأرض.
كانوا حوالي عشرون شخصا أو أكثر وكانت ضرباتهم متتابعة ودون تخطيط مما دفعهم إلى ضرب أقدام بعض ويرجع هذا إلى أنهم جميعا كانوا يودون القيام بأي شيء يدعمهم أمام رؤسائهم. لم أر من الوجوه سوى ثلاثة أشخاص، ولأنني أعرف وجوههم من قبل وسبق لي رؤيتهم كثيرا في المظاهرات. الأول هو من ظل لدقائق كثيرة يسبني بأحط وأقذر الكلمات، وهو أيضا أول من ركلني بقدمه وبدأت حفلة التسليم بالأرجل. كانت لحظات بها كثير من الألم وكثير من السب والضرب.
الثاني أحد ضباط الأمن العام على ما أظن بعد أن رأى الدماء تسيل بغزارة من أنفي وفمي حاول أن يوقف الضرب لكنهم واصلوا الضرب، كل هذا كان وأنا مُلقى على الأرض وتقابلني أقدامهم لترسل لجسدي زخات من الآلام المبرحة .
الثالث أكثر من قام بضربي وهو أيضا من قام بسحبي على الأرض والسلالم إلى أن وصلت على باب سيارة الشرطة و ظل يضربني و سأل عن الموبايل الذي كان معي أثناء وقوفي بالجمعية العمومية بنقابة الصحافيين. كانت أغلب شتائمهم تتلخص في سبي بأمي وأبي، ركبت السيارة خلف السائق مباشرة وركب هو أمامي وظل يضربني في وجهي بقوة .
لا أستطيع أن أقول بأنني ظللت صامدا صامتا لفترة طويلة أثناء ضربهم لي في مدخل العمارة، فبعد أن طرحوني أرضا وجدتني والنزيف يتواصل من وجهي أتأوه كثيراً، لا أعلم لماذا ولكني خفت أن أموت على أيديهم ولا يعلم عني أحد، بعد ركوبي السيارة فوجئت بهم يأمرونني أن أضع رأسي بين ركبتي، بالطبع امتثلت لما قالوه وما أن فعلت حتى وجدتهم يضربونني بكل قوتهم على ظهري.
صمتت تماما إلى أن قالوا بأنهم وصلوا وأنزلوني من السيارة وطلعوا بي 3 درجات سلم ثم سلم ضيق نسبيا ثم وجدتهم يقتادوني عبر طرقة واسعة ثم إلى سلم آخر وفي النهاية رموني داخل غرفة وبدأ الضرب مرة أخرى دون توقف .
وقائع التعذيب
في الشارع ومدخل العمارة قدرت الضرب والسحل لمدة لا تقل عن 20 دقيقة، في الشارع أيضا الضرب كان في أي مكان من أي حيوان موجود و هذا كان يدفعهم إلى ضرب أرجلهم بعضهم البعض مما كان يصب في مصلحتي من تقليل للضرب - أحيانا.
في المكان الذي أقتادوني إليه سمعت صوت أحدهم يقول: "اقفل إشارة جاردن سيتي ومتعديش حد عشان عربية البيه المأمور" عرفت لحظتها بأنني في قسم شرطة قصر النيل حيث لا توجد أقسام بجاردن سيتي غيره والسلالم التي صعدت عليها تشبه تقريبا نفس السلالم بقسم قصر النيل.
وفي القسم الأمر كان مختلفا. الضرب كان بتركيز أكبر على مناطق معينة وبشكل يدل على احتراف في ممارسة التعذيب وإظهار دلالات السادية.
بدأوا بترديد كلمة واحدة "إيه اللي جابك النهارده - إيه اللي نزلك"، وبدأوا بعدها في الضرب بمختلف أنحاء جسدي إلى أن قال لهم - من حولي - خلعوه البنطلون.
فكوا أزرار بنطلوني في عجالة وقال "لابس ملون"، بداخلي كنت أضحك إلا أن حالي واصابات وجهي والعصابة التي وضعوها على عيني منعت وجهي من التعبير عما بداخلي وظهوره لهم. بعدها قام بتدليك الخصية اليسرى وعلى ما أعتقد باستمتاع شديد، كان الألم مبرحا واستمر في ذلك ما يقرب من 3 دقائق وأنا مستمر في الصراخ حتى يتوقف وألتقط أنفاسي. نزع بعدها ملابسي الداخلية "underwear" ومزقه تماما وظل يضربني في مختلف أنحاء جسدي ثم أمرني بأن أنحني، لم أفعل لكنهم أرغموني على ذلك وقام هو صاحب الصوت الأجش الغاضب بوضع ورقة بمؤخرتي. وظلوا في مهمتهم بضربي إلى أن سمعته يقول "أرفعوا له البنطلون، لعن الله الناظر والمنظور" عندها قدرت كثيرا أن يكون الانسان قد مر على محطة الإيمان في وقت من الأوقات.
بعدها سألوني عن المبلغ الذي وجدوه بجيوب بنطلوني وهل أعطاني إياه دكتور هاني عنان فقلت بأنني اقترضته من صديقي محمد طعيمة. سألوني بعدها عن أمي وأفادوني بأنها مريضة بالأسكندرية وبأنها ستموت قبل أن تراني لحظتها شعرت بالندم لعدم سفري إليها بعد خروجي من السجن مباشرة. جاء بعد ذلك بقليل شخص أخر وأعتقد أنني أعرفه تماما وقال لي:
"عرفت يا (...) إنك ما تساويش حاجة ولو عاوزين نجيبك هنجيبك في 3 دقائق".
سكت ولم أدر بأي شئ آخر وتقريبا انتهى الضرب ثم قال لي نام على بطنك ثم وقف على ظهري وقال "يا ولاد (....) طول ما أنا موجود في مكتب المكافحة ... هعمل (....) فيكم".
ومضى قائلاً : "النهاردة إيه اللي نزلك يا ابن (...)، آه صحيح أنت ما مكنتش بتهتف، لكن عامل فيها مهم وبتسجل مع الصحافيين والفضائيات"، ثم قال أخيرا: أنا جبت (الكلب) التاني جنبك أهوه في الأوضة التانية. سألته: "من؟" قالي الواد بتاع عصام الاسلامبولي. فرديت وسألته مين مش عارف. فقال "كريم الشاعر" عاملين لي بلطجية علينا. ماشي المرة دي بقى قضية ومش هتشوف الأرض تاني.. وأمك هتموت من غير ماتشوفك" .
انتهى كلامه وبعدها أمرني بالجلوس وظللت لمدة تزيد على الساعتين جالسا أخاف أن أفرد قدمي فيضربني من بجواري إلى أن جاؤا وكلبشوني من يدي الاثنتين ووضعوني وأنا مغمى العينين داخل عربة ترحيلات وسمعت بداخلها صوت شخص ما يقول: كريم، أنت كنت مع مين في العربية؟ فعرفت بأنه معي وذهبنا في السيارة الى الشوارع. للحظات قليلة تخيلت بأنني في الطريق إلى لاظوغلي ولكن ما ان عبرنا شوارع طويلة بدون تغيير في الاتجاهات حتى قفز إلى ذهني بأنني في طريقنا إلى جهاز أمن الدولة بمدينة نصر أو نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة، لا فرق .
داخل النيابة
ذهبنا إلى هناك وقبل دخولنا الزنزانة فكوا عصابة العين عني ولم يفكوا "الكلابش" ومنعونا في البداية من الشرب ودخول الحمام وبعد فترة تركونا وسمحوا لي بدخول الحمام لكن صحبتهم وبالكلابشات، بعدها نادوا عليا وصعدت إلى الأعلى لرئيس النيابة ودخلت عليه وما ان دخلت عليه حتى قال: مين اللي عمل فيك كده - حكيت له - قالي طيب أنا هابدأ التحقيق. قلت له "فين المحامين" سألني ورد عليا هو فيه محامين؟ - لو فيه أنا أبعت أجيبهم - خش اغسل وشك وتعالى.
دخلت الحمام ووقفت أمام المرآة، لم أصدق ما رأيت، حقيقة رأيت شخص غيري تماما يقف بعيون حمراء ووجه شديد التورم وصدر عاري مليء بالجروح والأورام والسحجات والكدمات .
دخلت إلى مكتب رئيس النيابة ووجدت جمال عيد ومعه محام آخر اسمه أستاذ سيد، اطمأننت حال رؤيتي لجمال فهو قبل كل شيء صديق أعتز كثيرا به وبدأ التحقيق. وقالوا لي بأن أثبت كل الاصابات وكل ما حدث لي وأين ومن قاموا بذلك. لحظات ودخلت راجية عمران ومعها أحمد.. "محاميان".
بعد أن ثبتت الاصابات قلت بأني أرفض التحقيق أمام نيابة أمن الدولة وأطلب ندب قاضي تحقيق. وخرجت من النيابة بعدما تحدثت عبر التليفون الى نورا ومنال وسلمى وولاء ووالدة سلمى، شعرت كثيرا بالفخر وبالقوة وبأنني أمتلك كل هؤلاء حولي .
بعدها وجدت نفسي على باب سجن طرة تحقيق. كل هذا منذ القبض علي في شارع عبد الخالق ثروت وحتى وصولي إلى سجن طرة لم يستغرق أكثر من 8 ساعات. قبل دخولي إلى السجن، شاهدت نورا ومنال وهم من كانوا خلفي وخلف عربة الترحيلات - ضحكات منال ونورا وابتساماتهم تعينني كثيرا- كتبت مرة سابقة لنورا أني كنت أتذكر ضحكاتها وأقول "بكرة مصر أحلى".
الآن أنا في سجن طرة وأعترف بأني أشعر بشوق الى أحمد الدروبي وسلمى ومنال وولاء ونورا.. الى الجميع ولكن لي هنا أصدقاء وأشقاء .. كمال وماهر ووائل وعلاء .
التوقيع
محمد الشرقاوي
سجن طرة تحقيق - زنزانة 8 - 1 أموال عامة
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف