حضر عبدالله الثاني فاحتوى متفجرات أولمرت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نصر المجالي من البتراء: إلى لحظة الحديث الحواري الذي أجري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهودا أولمرت في الخيمة الهاشمية التي كانت مقرا لجلسات مؤتمر (البترا 2 ) لحملة نوبل، فإن الأجواء كلها كانت هادئة والأمور تسير على مايرام في أداء وجلسات المؤتمر الذي تستضيفه المدينة الوردية الأردنية الجنوبية المنحوتة في الصخر، ولقد كان حديث أولمرت تصعيديا وتفجيريا في آن واحد، وهو أيضا أثار "شبه غضب رسمي أردني" كونه جاء بعد دقائق معدودات من استضافة الملك عبد الله الثاني على إفطار عمل لكل من أولمرت نفسه والرئيس الفلسطينيي محمود عباس بحضور شاهدين هما نائب رئيس كاديما شمعون بيريز والمنظم المشارك لمؤتمر حملة نوبل إيلي ويزل. وبالمقابل فإن حملة نوبل العالميين أكدوا على دورهم في حل قضايا العالم ابتداء من مربع سلام الشرق الأوسط.
ففي المؤتمر الذي كانت دعيت إليه (إيلاف) مع عدد محدود من كبريات وسائل إعلام العالم، كان الملك عبدالله الثاني صريحا وواضحا في ما صدر عنه من أحاديث خلال يومي البتراء التاريخيين الماضيين، وعبر عن الرغبة الجامحة التي تسعى الى تحقيقها كل شعوب المنطقة في الوصول إلى سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط، سلام يخدم أجيال تلو أخرى ووقف حممات الدم والكراهية والحقد.
وبالطبع، فإن العاهل الهاشمي حين اختار عاصمة الأنباط المنحوتة في الصخر منذ ثلاثة آلاف عام لجمع أذكياء العالم المرموقين من حملة جائزة نوبل في مختلف العلوم في العام الماضي وهذا العام،وجه رسالة إلى من يعنيهم الأمر من صانعي القرار في العالم بأن "علينا استعادة دروس التاريخ وفهم مقتضيات الظرف الراهن ووضع مداميك بناء المستقبل الآمن لعالم مستقر متصالح مع نفسه خدمة للإنسانية كافة".
ولعل مؤتمر (البتراء 2 ) اتخذ صبغة جديدة هذا العام حين "تحمل مسؤولية البحث عن السلام في الشرق الأوسط"، ولذلك كانت مبادرة العاهل الهاشمي بجمع المتناقضين الفلسطيني والإسرائيلي إلى مائدة إفطار خاصة في مقر إقامته في البتراء.
وخلال اللقاء المختصر، الذي سرعان من انتقلت أجواؤه وما دار فيه إلى الخيمة التي بنيت خصيصا لعقد جلسات مؤتمر حائزي نوبل، فإن الملك الملك عبدالله الثاني، أكد مجددا الوقت قد حان لكسر الجمود الذي يعتري العملية السلمية في منطقة الشرق الأوسط.
كما أكد خلال لقائه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت على أهمية اتخاذ إجراءات تعزز من أجواء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة تمهيدا لاستئناف مفاوضات السلام بينهما.
وفيما كان الملك الهاشمي شدد على ضرورة التحرك استنادا إلى خطة خارطة الطريق للسلام، مبينا أن هذه الصيغة تعد السبيل الواقعي الوحيد للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل.
فإن رئيس الوزراء أولمرت، كاد ينسف كل شيء في تصريحات خلال جلسة الحوار التي أدراها معه البروفيسور إيلي ويزيل المنظم المشارك إلى جانب الصندوق الهاشمي في مؤتمر حملة نوبل الثاني . فهو أصر مجددا على دولة إسرائيلية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وهو أيضا لم يتهم حركة حماس أو الفلسطينيين وحدهم بالكراهية وممارسة الإرهاب، وإنما تجاوز ذلك إلى اتهام العرب كافة بذلك.
ومن بعد أن امتدح الموقف المعتدل للرئيس عباس الذي كان عانقه على إفطار الملك عبد الله الثاني، فإنه قال "عباس لا يملك سلطة القرار"، وجدد اولمرت موقف دولة اسرائيل بان حدود بلاده هي من نهر الاردن الى البحر "لكنه سيعطي الفلسطينيين حقا بقيام دولة فلسطينية مؤكدا انه ليس لديه التزام بالعودة الى الحدود التي يطلبها محمود عباس وهي حدود الـعام 1967 ، حيث سيتم التفاوض على ذلك خلال المرحلة المقبلة".
وكان بيان صدر عن الديوان الملكي الهاشمي قبل ذلك، اشار إلى أن الملك عبد الله الثاني حذر خلال لقائه مع عباس وأولمرت من خطورة القيام بأي تصعيد عسكري في هذه الفترة مما قد يؤدي إلى تعطيل كامل في جهود إحياء العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كما نبه الملك، في اللقاء الذي يعد الأول بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية منذ أن تم انتخاب أولمرت رئيسا لوزراء إسرائيل في شهر نيسان الماضي، من خطورة الوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور في الأراضي الفلسطينية .
وقال الملك الهاشمي، ان إعلان اللجنة الرباعية الإفراج عن جزء من المساعدات الأوروبية للفلسطينيين يعد خطوة إيجابية، مؤكدا في نفس الوقت أن إجراءات المساعدة العاجلة ذات التأثير الفعلي على حياة الفلسطينيين ضرورية في هذه المرحلة. داعيا اولمرت لتسهيل وصول الدعم الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني، مبينا أهمية إدامة مثل هذا الدعم للتخفيف من معاناة الفلسطينيين والحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وإليه، فإنه على عكس ما صدر عن محمود عباس في جلسة حوارية أمام مؤتمر حائزي نوبل أول من أمس الأربعاء، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان "سلبيا في كل الاتجاهات" حين جاء دوره للحديث في جلسة حوارية صباح أمس الخميس، رغم قوله أنه اتفق مع وعباس على عقد قمة في الاسابيع القليلة القادمة.
وقال حضور في مؤتمر البتراء 2 "أولمرت لم يحترم واجبات الضيافة الهاشمية ومبادرة الملك الأردني في مجمل تصريحاته مثل نظيره محمود عباس الذي كان متزنا وهادئا في كل ما صدر عنه من تصريحات".
وكان عباس قال للصحافيين في وقت سابق ''هناك فكرة ان يتم التحضير للقائنا المستقبلي ويبدأ التحضير ابتداء من الاسبوع القادم وعندما ينتهي التحضير نلتقي مرة اخرى لنعلن عما يمكن ان نتفق عليه''.
واكد اولمرت مجدد انه ماض في خطته التي تقضي بالانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية. وهذا القرار كما هو معروف مرفوض من جانب الفلسطينيين وأطراف عربية كثيرة مثل الأردن والمملكة العربية ومصر وهي الأقطاب التي تحتل دورا بارزا في الحراك السياسي على ساحة السلام في الشرق الأوسط راهنا.
شروط مسبقة
وقال أولمرت ''انه يجب ان نتوصل الى مساومات بطريقة جادة ويجب ان نسعى الى تسوية تمكننا من الخروج بارضية مشتركة مع الفلسطينيين كما انني اسعى لوقف اراقة الدماء والعداوات التي لا تصلح للحاضر''.
واعاد اولمرت التأكيد على الشروط المسبقة التي حددها للتفاوض مع الفلسطينيين المتمثلة في نزع اسلحة المنظمات الفلسطينية والاعتراف بحق اسرائيل بالدولة اليهودية والتنفيذ الكامل للأتفاقات المسبقة مع الفلسطينين.
واعرب اولمرت عن اسفه للحوادث التي وصفها بالمريعة التي تحدث للمواطنين الفلسطينيين، معتبرا ان الجيش الاسرائيلي من اكثر الجيوش العالمية انضباطا والتزاما.
دور حملة نوبل
وكانت اختتمت امس اعمال المؤتمر الثاني للحائزين على جائزة نوبل تحت رعاية الملك عبدالله الثاني ، حيث اوصى25 حائزا على جائزة نوبل إلى جانب 25 شخصية عالمية بدعم ''إنشاء آلية دولية مؤقتة لتزويد الفلسطينيين باحتياجاتهم الأساسية لضمان أن لا يعاقبوا بسبب فشل حكوماتهم''.
ورأى المشاركون فيما يتعلق بعملية السلام ان هناك أراض مقدسة وهناك شعبان ينظران إلى بعضهما البعض بالشك والخوف والغضب ويجب اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة احياء الأمل في حل تفاوضي يصل في النهاية الى دولتين واحدة فلسطينية قابلة للحياة الى جانب دولة اسرائيل آمنة .
واقترح المشاركون التحرك لاعلان ان العمليات الانتحارية الارهابية جريمة ضد الانسانية وكذلك التحرك لبذل جهود من قبل المعلمين الاسرائيليين والفلسطينيين لمراجعة المناهج الدراسية وحذف المناهج التي تحرض على العنف والكراهية .
كما أوصى المشاركون في هذا المنتدى الفكري/الإنساني بالتصدي لمشاكل العالم لا سيما الفقر والبطالة وانتشار الأسلحة غير التقليدية والإرهاب.
كما قرروا انشاء مجمع للحائزين على جائزة نوبل لدعوة مؤسسات اسرائيلية وفلسطينية في اجتماع يعقد في تشرين ثاني على الساحل الشرقي للبحر الميت وكذلك دعوة مؤسسات من المجتمع المدني وحكومات محلية مجاورة لنهر الأردن في إشارة الى سوريا ولبنان وذلك للحديث حول موضوعات مشتركة في مجال الصحة والمياه والبيئة.
وحول التسلح النووي تحاشى المشاركون ذكر ايران حول ملفها النووي ولكنهم شددوا على ضرورة ايجاد منطقة خالية من السلاح النووي وتسخيرها للاغراض السلمية وعملية التنمية .
وشكل المؤتمر الثاني للحائزين على جائزة نوبل فرصة نادرة لعدد من أصحاب الإسهامات البارزة عالميا لمناقشة وتحديد أدوارهم في التصدي للأزمات الدولية دون ان تبقى حكرا على السياسيين .
وإعلن المنظم المشارك للمؤتمر ايلي ويزيل عن عدة مبادرات في المحاور التي ناقشها المؤتمر وهي الفقر والتمكين الاقتصادي والصحة والتعليم ومنع الانتشار النووي.
وقال ويزيل إن مبادرة الحائزين على جوائز نوبل تؤكد دور هؤلاء العلماء في الاستجابة لحالات الطوارئ على الصعيد الإنساني وفي مجال حقوق الإنسان وتسعى للاستفادة من المعرفة التي يتمتع بها المكرمون في مجالات اختصاصهم.
وأضاف إن المؤتمر أوصى بإشراك الحائزين على جائزة نوبل في مراجعة المناهج المدرسية الإسرائيلية والفلسطينية لتزال منها ثقافة الكراهية وعدم التسامح تجاه الآخر.
وفي مجال التعليم اوصت لجنة التعليم التي كان مقررها التربوي جف غرينفيلد إلى إنشاء شبكة من الباحثين تربط بين معاهد بحثية ومراكز معرفة في العالم النامي من ناحية وبين حملة جوائز نوبل من ناحية أخرى في مجالات الصحة والطاقة والمياه والبيئه.
ودعت توصيات اللجنة إلى التركيز على تدريس العلوم والرياضيات في المدارس لدورها في تعزيز التفكير النقدي لدى الأجيال الشابة.
وفي هذا الإطار أشادت اللجنة بمبادرة التعليم الأردنية، ليس لان الأردن هو المضيف كما قال غرينفيلد، بل لأنها تزيد التمويل الحكومي وتربط القطاعين الخاص والعام بما يحقق الدعم لتعليم المعلمين والإصلاحات التعليمية الأخرى بحيث أصبحت مثالا يحتذى في المنطقة لتعزيز الاقتصاد المعرفي وتأهيل الطلاب والمدرسين للمنافسة في السوق.
وفي مجال الصحة طالب أعضاء اللجنة المختصة بتسريع عملية تطوير المطاعيم وتوزيعها على الفئات المستهدفة وإعطاء الأولوية للطب الوقائي الذي لا يكلف شيئا مقابل الطب العلاجي لاسيما في الامراض الصعبة مثل السرطان مشيرين في مشاوراتهم إلى ضرورة توفر بنية تحتية مدنية ملائمة للقيام بعمليات التطعيم ضد الأمراض وخاصة في الدول الفقيرة.
وأوصوا بالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات ونظام الموضع الجغرافي في جمع المعلومات عن الأمراض وأماكن وجود المصابين بها لاستخدامها كقاعدة معلومات لعلاج الأمراض والسيطرة عليها.
وطالبوا بتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتخفيض كلفة معالجة الملاريا التي تقتل ملايين البشر خاصة في إفريقيا وتوزيع العقاقير المضادة لها آخذين أعمال بيل غيتس الخيرية في مجال مكافحة الأمراض في آسيا وإفريقيا كمثال يحتذى للقطاع الخاص وأغنياء العالم.
وفي مجال الفقر والتمكين الاقتصادي أشار أعضاء اللجنة المعنية بذلك والتي كان مقررها نائب رئيس الوزراء التايلندي سوراكيارت ساثيراتاي إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون على اقل من دولارين يوميا، ثلثهم في إفريقيا، بما يعنيه هذا من معاناة إنسانية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار العالمي وتعطل تحقيق العالم لأهدافه التنموية للألفية الثالثة التي اقرها زعماء العالم عام 2000 في الأمم المتحده.
وطالبوا بتشكيل لجنة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة مؤلفة من حملة جوائز نوبل وقادة عالميين وشخصيات أردنية توصي بالطرق المناسبة لتحقيق الالتزامات في مواعيدها.
وأشاروا إلى أن اللجنة ستسعى إلى تعزيز الشراكات بين المؤسسات العلمية والعامة والخاصة، وسيتم استكشاف آفاق إنشاء صندوق للتخفيف من الفقر سيكون له نشاطات تشمل الأردن أيضا.
وكان أعضاء لجنة التمكين الاقتصادي اقروا مبدأ المساعدة الذاتية أي أن تساعد الدولة نفسها في التخفيف من الفقر مع قيام شراكات فيما بين الدول النامية، أي تعاون دول الجنوب معا، وبين دول الشمال المتقدم والجنوب النامي.
وأكد حملة نوبل، على الدور المحوري للمرأة في مكافحة الفقر وضرورة تمكين الفقراء من الوصول إلى رأس المال لتحسين ظروفهم المعيشية وايجاد فرص عمل لهم من خلال ما يعرف بتمويل المشاريع الصغيرة مطالبين في حواراتهم بإيصال المساعدة للمجتمعات الفقيرة مباشرة لأنها أكثر نفعا في تخفيف الفقر من إيصالها إلى الحكومة المركزيه.
وفي محور منع الانتشار النووي أشار أعضاء لجنة هذا المحور إلى عدم فعالية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في مواجهة تهديدات الدول غير الملتزمة بها، مطالبين الدول المسؤولة التي لديها مشروعات سلمية للطاقة النووية بالحصول على إمدادات موثوق بها واقتصادية من الوقود لتلبية حاجاتها من الطاقة النووية بدلا من بناء مرافق لتخصيب اليورانيوم وغيره.
وأخيرا، أوضحت التوصيات أن هذا الهدف يمكن تحقيقه من خلال آلية لتوفير هذه المواد ومراقبة استخدامها. مع ضرورة مراقبة المفاوضات بين إيران وأعضاء مجلس الأمن الدولي لتحديد الدور المناسب لحملة جوائز نوبل لضمان أن جهود إيران النووية هي للأغراض السلمية فقط.