أخبار خاصة

حبس الصحافي إبراهيم عيسى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في دعوى لمجهولين وبتهمة إهانة رئيس الجمهورية
حبس رئيس تحرير صحيفة مصرية عاماً

نبيل شرف الدين من القاهرة : في حكم قضائي هوالأول من نوعه منذ قيام الجمهورية في مصر، قضت اليوم الاثنين محكمة مصرية بالحبس لمدة عام على الصحافي الشهير إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة (الدستور) المستقلة، والصحافية سحر زكي المحررة بذات الصحيفة، ومواطن آخر، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، بعد دعوى أقامها أشخاص غير معروفين وإن كان يرجح أن يكونوا من الموالين للحزب الوطني (الحاكم)، وقد أقاموا تلك الدعوى بصفتهم من "آحاد الناس"، وذلك بعد أن نشرت صحيفة (الدستور) تقريراً خبرياً عن دعوى قضائية مرفوعة ضد رئيس الجمهورية تطالب بمحاكمته، وهوما اعتبرت المحكمة مجرد نشره "إهانة" للرئيس عاقبت على خلفيتها إبراهيم عيسى رئيس تحرير (الدستور).

وندد بيان لنقابة الصحافيين بالحكم الذي أصدرته محكمة جنح الوراق (بمحافظة الجيزة)، قائلاً إنه استند إلى "نص شاذ" في قانون العقوبات يحصن رئيس الجمهورية من أي نقد، ويسبغ عليه حماية شبه إلهية، وهونص يمثل اداة خطيرة ضمن ترسانة التشريعات الرهيبة المقيدة لحرية التعبير والصحافة في البلاد، وإذ تستغرب النقابة بشدة الملابسات الغريبة التي اكتنفت هذه القضية والتي تم رفعها بطريق الادعاء المباشر من أشخاص لا مصلحة ولا صفه قانونية لهم، فضلاً عن الحكم بمقتضى مادة ملغاة بحكم من المحكمة الدستورية حول مسؤولية رئيس التحرير .

وحذر بيان النقابة من أن يكون هذا الحكم يحمل رسالة بالغة السلبية بشأن النوايا الحقيقية التي تقف خلف ادعاءات الرغبة في الإصلاح الديمقراطي عموماً وإزالة بعض القيود عن حرية التعبير والصحافة خصوصاً

قصة صحيفة الدستور
ودأبت صحيفة (الدستور) المصرية على نشر تقارير وتحقيقات ومقالات رأي تتسم بالجرأة البالغة على المحظور السياسي والاجتماعي، والمعارضة الحادة للنظام الحاكم، وإثارة قضايا سياسية وفكرية واجتماعية ودينية تتسم بالحساسية، أوتقع ضمن ما يعرف بتعبير "المسكوت عنه"، وتوجه انتقادات لاذعة لكافة المسؤولين تقريباً، بمن فيهم رئيس الجمهورية ذاته، الذي كثيراً ما انتقدته بشدة، سواء في مقالات الافتتاحية التي يكتبها رئيس التحرير إبراهيم عيسى، أوفي مواد الصحيفة الأخرى، التي تشتهر في مصر بأنها صحيفة مشاغبة، وتستكتب فريقاً من المحررين والكتّاب من الجيلين الجديد والوسط، ومن شتى المشارب والاتجاهات الفكرية، إذ تضم بين صفحاتها موضوعات لصحافيين وكتّاب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ومن التيار الديني حتى الليبراليين والعلمانيين، وكثيراً ما أثارت حملات صحافية شرسة على مسؤولين كبار ورجال دين وصحافيين محسوبين على النظام الحاكم، إذ تتضمن باباً ساخراً يكتبه الصحافي والسيناريست بلال فضل، يلقى رواجاً واسعاً، ويسخر فيه من ظواهر سياسية وصحافية وإعلامية شائعة في مصر، ويعلق فيه مع رسام الكاريكاتيور عمرو سليم على الأحداث بطريقة ساخرة تتسم بخفة الظل .

وسبق أن صودرت صحيفة (الدستور) وحجبت عن النشر والتوزيع، بعد أن كانت خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم تلقى رواجاً كبيراً، وعادت للصدور بعد أن تمكن ناشرها عصام فهمي من تأسيس شركة برأسمال كبير يكفل له إصدار عدة صحف، منها (الدستور) و(صوت الأمة) وغيرهما، كما يقضي بذلك القانون المنظم للصحف المستقلة في مصر .

وتوجد في مصر ثلاثة أنواع من الصحف، الأول هو الصحف القومية أو (الحكومية)، ومنها مؤسسات الأهرام وأخبار اليوم ودار التحرير وروز اليوسف ودار الهلال ودار التعاون وغيرها، وهي وفقاً للقانون مملوكة لمجلس الشورى، غير أنه في واقع الحال فإن المجلس لا يمارس سلطات حقيقية وعملية عليها، بل يفوض رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير المؤسسة بصلاحيات واسعة، وهناك نوع آخر وهو الصحف الحزبية، التي تصدر عن الأحزاب السياسية المعترف بها، وأخيراً تأتي الصحف المستقلة التي يمتلكها عادة رجال أعمال، وهي تلقى رواجاً واسعاً وانتشاراً.

قصة إبراهيم عيسى
وعيسى ليس الصحافي المصري الوحيد الذي يحاكم أويدان في جرائم نشر من قبل، بل سبقه إلى هذا صحافيون عدة، غير أنها هي المرة الأولى منذ سقوط النظام الملكي، وقيام الجمهورية في مصر، أن يحبس صحافي بتهمة "إهانة رئيس الجمهورية"، وفي دعوى أقيمت من "آحاد الناس"، وهوما يثير تساؤلات حول مصلحة هؤلاء "الآحاد" في إقامة الدعوى القضائية، التي وصفها إبراهيم عيسى بأنها استهدفت ترويعه وتخويف الصحافيين الذي تجاوزوا كثيراً مما اصطلح على تسميته "الخطوط الحمر" في الصحافة المصرية، ومنها الاقتراب من شخص رئيس الجمهورية، أو المؤسسة العسكرية أو القضاء .

وفي تصريحات خاصة قال إبراهيم عيسى لـ (إيلاف) إنه سوف يستأنف هذا الحكم أمام محكمة أعلى، إذ أن هناك خللاً واضحاً في تطبيق القانون، منه على سبيل المثال انعدام المصلحة لدى الذين أقاموا الدعوى، وتساءل عيسى عن مصلحة هؤلاء في إقامة دعوى "سب وإهانة" رئيس الجمهورية، هذا فضلاً عن أن المحكمة لم تستجب لدفاعه بطلب إحالة الأمر للمحكمة الدستورية العليا، بعد الطعن بعدم دستورية القانون ذاته، الذي يحمل رئيس التحرير مسؤولية نشر ما ورد بالصحيفة من آراء أوأخبار نشرها محررون آخرون، بالإضافة إلى مسائل قانونية أخرى أكثر تفصيلاً .

واعتبر عيسى أن هذا الحكم يستهدف بالدرجة الأولى ترويعه للتراجع عن خط النشر الذي اتبعته الصحيفة التي يرأس تحريرها، والتي تتيح مساحات واسعة للمعارضين من شتى المشارب، وقال إنه لن يتراجع عن هذه السياسة ولن تروعه هذه الأساليب، مضيفاً أن النظام السياسي الحاكم ضاق صدره حتى بمجرد النقد والتنفيس عن المظالم التي يؤكد إبراهيم أنها باتت في كل بيت مصري نتيجة سلسلة من الممارسات غير الحكيمة، والسياسات الخاطئة، وتفشي الفساد على نحو كارثي، وانعدام الكفاءة، وغيرها من السلبيات على حد تعبير رئيس تحرير صحيفة (الدستور) المصرية.

وينتمي إبراهيم عيسى وظيفياً إلى مؤسسة "روز اليوسف"، لكنه يعارض سياساتها التحريرية منذ عهد رئيس تحريرها السابق، وحتى في عهد رئيس تحريرها الحالي، ويحصل على إجازات من دون راتب، ويعمل رئيساً لتحرير صحيفتي (الدستور) و(صوت الأمة) المستقلتين، كما يقدم برنامجاً تليفزيونياً أسبوعياً في فضائية (دريم) المصرية، وسبق أن منع بث برنامج آخر كان يقدمه عبر ذات الفضائية، واتسم بالجرأة واتساع مساحة التعبير على نحو واسع .

بيان نقابة الصحافيين
وقال بيان لنقابة الصحافيين المصرية أصدرته اليوم الاثنين تعقيبا على الحكم، إن جموع الصحافيين استقبلوا بغضب وانزعاج شديدين نبأ الحكم الذي أصدرته محكمة جنح الوراق ضد اثنين من الزملاء الصحفيين هما الزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة (الدستور)، والزميلة سحر زكي المحررة بذات الصحيفة، وكذلك علي المواطن سعيد محمد عبد الله بالحبس لمدة عام بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، بينما كل ما فعلته الصحيفة انها نشرت تقريراً خبرياً عن دعوي قضائية أقامها المواطن المذكور مستخدماً حقه الدستوري في التقاضي، ويطالب فيها بإلغاء " القرار السلبي بعدم محاكمة رئيس الجمهورية " .

ومضى البيان ـ الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه ـ قائلاً إذ تؤكد نقابة الصحافيين استنكارها وأدانتها لتفعيل ذلك النص الشاذ في قانون العقوبات الذي يحصن رئيس الجمهورية من أي نقد ويسبغ عليه حماية شبه إلهية، وهونص يمثل اداة خطيرة ضمن ترسانة التشريعات الرهيبة المقيدة لحرية التعبير والصحافة في البلاد، وإذ تستغرب النقابة بشدة الملابسات الغريبة التي اكتنفت هذه القضية والتي تم رفعها بطريق الادعاء المباشر من أشخاص لا مصلحة ولا صفه قانونية لهم فضلاً عن الحكم بمقتضي مادة ملغاة بحكم من المحكمة الدستورية حول المسئولية المفترضة لرئيس التحرير، فإننا نعيد التأكيد علي موقفنا الثابت من ضرورة إلغاء كل هذه النصوص الشاذة التي تكاد تصادر حرية المواطنين والصحفيين وأصحاب الرأي.
وحذرت النقابة في بيانها من أن يكون الحكم المذكور بملابساته وسياقه غير الطبيعي يحمل رسالة بالغة السلبية بشأن النوايا الحقيقية التي تقف خلف ادعاءات الرغبة في الإصلاح الديمقراطي عموماً وإزالة بعض القيود عن حرية التعبير والصحافة خصوصاً، ونلاحظ في هذا السياق أن الحكم في تلك القضية يصدر علي هذا النحوالصادم بينما تتأهب الحكومة هذه الأيام لاحالة مشروع قانون أعدته لتنفيذ وعد إلغاء الحبس في قضايا النشر إلي مجلس الشعب، الأمر الذي يدفع للتشاؤم بان هذا المشروع لن يكون ملبياً للحد الأدنى المقبول من مطالبنا بإزالة نصوص وقوانين لا مثيل لها في العالم المتحضر ومن بينها، نص " إهانة الرئيس"، وهي قوانين لا هدف لها إلا مصادرة الحريات وكم الأفواه"، وفق ما ورد في بيان نقابة الصحافيين المصرية .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف