أخبار خاصة

سوق سوداء في لبنان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


إرتفاع خيالي في الاسعار ..والدولة غائبة
مأساة النازحين تتحول الى سوق سوداء

"ملابس للبيع" على السور الخارجي لحديقة الصنائع -خاص إيلاف نسرين عزالدين من بيروت : لم تتكلم كثيرا ولم تجب عن اي من الاسئلة ، مسحت دموعها ولعنت جشع اللبنانيين . رحلتها من جنوب لبنان الى بيروت استغرقت 5 ساعات مهددة بقصف مفاجئ من الطائرات الاسرائيلية، وبعد قليل تنتظرها رحلة اخرى باتجاه سوريا في محاولة للخروج من لبنان .لكن هذا النزوح تحول منذ مدة الى امتياز محصور فقط بمن يملك سيارة او المال ."التوصيلة" كما يحلو لسائقي سيارات التاكسي تسميتها من الجنوب الى بيروت بـ 100 دولار ، للشخص الواحد .فاحدى النازحات اللبنانيات من الجنوب والتي شكرت ربها مئات المرات ان اطفالها يحملون الجنسية الاماراتية دفعت 400 دولار "للتوصيلة " وكانت مهددة بدفع 1000 دولار _وهي تسعيرة التوصيلة الى سوريا فيما لو لم تتكلف مختلف السفارات بنقل رعاياها على نفقة الدولة المعنية ."انا لبنانية مثل سائق التاكسي ..اهرب رغما عني لان اطفالي يحملون جنسية والدهم .لكن الويلات تحولت الى مكسب لهم " تقول غاضبة .

اذن اللبنانيون ينهشون لحم بعضهم البعض، انها ليست بمبالغة لكنها الواقع . ان كانت اسعار السلع والخضروات والبنزين والغاز والخبز قد ارتفعت بشكل عام ، لكنها ارتفعت بشكل جنوني في اي منطقة تجد فيها نازحين .علبة السردين المعلب التي كان سعرها لا يتجاوز الـ 1500 ليرة باتت تباع بـ 3000 الاف ليرة ، والحال نفسه ينطبق على السجائر.

لكن هذا الارتفاع ليس ثابتا ايضا ، فهو يختلف بإختلاف المناطق وعدد النازحين المتواجدين في ذلك المكان .المعادلة بسيطة كلما ارتفع عدد النازحين في منطقة ما كلما ارتفعت الاسعار.

وعلى سبيل المثال ، يتم بيع قارورة الغاز في بعض المناطق بـ 45 الف ليرة اي حوالي ضعف ما كانت عليه قبل الحرب، لتجدها في مناطق اخرى بـ 1000ليرة . ان كان ارتفاع الاسعار غير المبرر هذا يرد الى جشع المصدر الذي يقوم بتوزيع السلع في ظل عدم اكتراث من الدولة ، فان زيادة بدل استئجار الشقق مسألة اخرى .
كل هذا يحدث والدولة غائبة وجمعية حماية المستهلك لا تستجيب هذا ان اجابت على الارقام التي تم تخصصيها منذ مدة للابلاغ عن اي مخالفة ..اما الخط الساخن فهو بارد جدا هذه الايام .

محمد واحد من النازحين الذين قررواان يستاجرواشقة في منطقة الشويفات ، هو من ميسوري الحال الذين فضلوا المكوث في شقة بانتظار "الفرج" والعودة الى منزله في الجنوب . صدمته الاولى كانت مطالبة المالك بـ 1000 دولار كبدل لايجار شهر واحد مقابل شقة مفروشة ، حاول البحث عن اماكن اخرى لكن الاسعار كانت تبدأ من الـ 1000 لتصل الى الـ 3000 الاف دولار. الحل الوحيد الذي لم يلجأ اليه هو الشقق غير المفروشة والتي يتراوح ايجاره بين 600 الى 800 دولار ، والسبب انه عليه تجهيزها بالاساسيات.وعن اسعار هذه الاساسيات فحدث ولا حرج .

فسعر الفرشة الواحد من النوع الرديء ايضا يصل الى 50 دولارا، وفي حال تمكن من شراء جهاز تلفزيون او راديو فسيجد نفسه امام معضلة انقطاع الكهرباء وارتفاع سعر البنزين والاشتراكات الكهربائية _ والاشتراكات هي دفع بدل مادي لاصحاب المولدات لتزويد المنازل بالكهرباء عند انقطاع التيار_وقد وصل البدل في بعض المناطق الى 60 دولار مقابل 5 امبير .

جولة على النازحين

خبز وخضروات ..للبيع ايضا_خاص إيلاف ما تزال حديقة الصنائع في بيروت آهلة بالنازحين ، لكنها هذه المرة باتت اشبه بكرنفال محزن. اللبنانيون "الحذقون" سارعوا الى وضع عرباتهم امام الحديقة وفيها ملابس والعاب ومشروبات ،هنا صيد ثمين . نازحون لا يملكون سوى ارض ينامون عليها ، لذلك فهم مرغمون على الشراء.
ناشط في احدى المؤسسات الاجتماعية اكد لـ إيلاف ان الجمعيات المحلية لا يمكنها القيام بشيء من اجل هؤلاء لان هيئة الاغاثة العليا منعت اي جهة من التدخل وتكفلت بتوزيعهم على المدارس " والى الان لم يحدث شيئا " .

وقد قامت الهيئة العليا بمنع دخولنا الى حديقة الصنائع كما منعتنا من التصوير ولكننا تمكنا من التصوير خلسة .

بعض النازحين يشكون من التميز "نحن لا نشحذ "تقول احداهن " لو لم يكن القصف فوق رؤوسنا لما اتينا الى هنا .والان لو كان الخيار بيدي لعدت الى قريتي ..الموت هناك افضل من الذل هنا".وتروي حوادث متنوعة من تذمر" بعض الجهات" "يقومون بإستفزازنا ونحن نحاول قدر الامكان عدم الرد. لا نخاف منهم لكن لا نرد على استفزازهم احتراما للذين قتلواوللسيد حسن ".

وقد سجل عدد من الاشتباكات بين "متطوعين " من التيارات التي لا تؤيد حزب الله والنازحيين وقد تدخل الجيش في بعض منها لفض العراك الذي بدأ بتراشق كلامي وانتهى باشتباك بالايدي والشتائم.لكن حال هؤلاء ما تزال افضل بأشواط من المحاصرين في جنوب لبنان والذين تمنع اسرائيل اي من هيئات الاغاثة الوصول اليهم وتقديم المواد الغذائية والادوية ومعالجة الجرحى وحتى انتشال القتلى الذي ما زالوا تحت الانقاض.

احد النازحين لا يوافق على هذه النظرية هو يعتبر ان الموت هناك افضل من التشرد والاستغلال فالدولة لا تكترث بهم " هم يرون بأم اعينهم ما يحدث ..ارتفاع الاسعار والاستغلال ولم نشاهد اي منهم يقول شيئا.يقومون بإستغلال نازح دمر منزله وقتل اهل قريته واقاربه .هم لا يوافقون على الحرب واسبابها، لا نهتم بذلك فعلا .فليتركونا وشأننا ويتركوا الاسعار على ما كانت عليه ونحن نتدبر امرنا . اما جعل المأساة سوقا سوداء.. أبشر هؤلاء ؟؟"
سؤال برسم من يود ان يفكر بهذه المعضلة .

تصوير نسرين عزالدين

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف