إيلاف تلتقي أهالي عين إبل النازحين إلى المجهول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"تركونا ونسيونا... كأننا لسنا على الخارطة"
إيلاف تلتقي أهالي عين إبل النازحين إلى المجهول
"لم نر كاميرا واحدة تدخل البلدة لتنقل آثار الدمار والخراب الذي حل بها". يقول الدكتور مارون بركات، وهو أحد شباب القرية الذين تكاتفوا وشكلوا لجنة أغاثة خاصة تعمل لأعانة أبناء بلدتهم الذين شردتهم الحرب الاخيرة. ويضيف:" لم يسأل عنا احد وكأننا من عالم اخر".
والدكتور مارون، كان بين عدد من ابناء عين ابل الذين التقتهم "ايلاف" لدى زيارتها مقر اللجنة في جامعة ال AUST حيث كان يتم تسجيل اعداد النازحين وتأمين احتياجاتهم. وقد جرى تحويل احدى غرف الجامعة الى مستودع يضم المواد التي تصل الى اللجنة من الافراد او الجمعيات الاهلية او الحكومية.
ويتحدث الدكتور مارون عن الخدمات الطبية والتي تقع ضمن دائرة اختصاصه فيقول "ان لدينا خمسة أطباء من أبناء البلدة الذين يستقبلون كل الحالات المرضية في مستوصف تابع لنا، ويهتمون بتوفير الدواء لمحتاجيه، الا اننا بدأنا نواجه مشكلة حقيقية الان باعبتار ان أغلب ادوية الامراض المزمنة اصبحت غير متوفرة في الصيدليات ولذلك فاننا نحاول تأمينها عبر الأقنية المختصة في الدولة."
ويضيف :" لقد خصصنا كذلك يوماً في الاسبوع لفحوصات الدم بالتعاون مع مختبرات جامعة الـ AUST التي وضعت كل إمكاناتها تحت تصرفنا.وبالاضافة الى ذلك هناك عشرات المتطوعين من شباب البلدة الذين يعملون ليلاُ نهاراً لتأمين كافة إحتياجات العوائل النازحة. كما يوجد لدينا ايضا أطباء آخرين من عين إبل قاموا بمساعدتنا قدر الإمكان مثل د. بول بركات وهو طبيب نسائي تبرع بمعاينة وعلاج نساء عين إبل وتامين اماكن لهن في المستشفى مجان عند الحاجةا" .
ويكمل د. مارون بتأثر: " ربما هو قرار انتحاري نوعاً ما لكنه كان الحل الوحيد المتاح أمامنا لنجدة أهلنا. كنا قد إستكملنا جمع المواد اللازمة وقررنا ان ننطلق صباح اليوم التالي الى هناك، الا انا تلقينا اتصالا هاتفياً فجرا من أحد شباب الضيعة ينصحنا بعدم الذهاب الى عين ابل لأن الاهالي يستعدون للنزوح الى بيروت بعد ان اصبح الوضع لا يحتمل هناك.وفي اليوم التالي بدأت القوافل تصل تباعا. كل 50 - 70 سيارة تنطلق معاً، منها وصلت ليلاً ومنها وصلت فجراً. لم ننم وقتها، وكنا نستقبلهم على الطريق ونمدهم بالحصص الغذائية التي كنا قد جمعناها، وكنا نرى الأطفال يشتهون قطعة الخبز".
وأضاف :" سجلنا كافة المعلومات الممكنة على الارض لكي نتمكن من متابعة هذه العوائل قدر الإمكان. وبذلنا قصارى جهدنا لكي لا ينتهي المطاف بهم في المدارس، فتوزعوا على منازل معارف او أقارب لهم في مختلف مناطق بيروت، وهناك من لجأ الى إهدن، حيث أرسلنا 9 عوائل الى احد الاديرة بترتيب من الوزيرة نائلة معوض، كما ساعدتنا مطرانية الكاثوليك أيضاً في إيواء 12 عائلة - لأن سكان عين إبل ينتمون لطائفتي الكاثوليك والموارنة- وهناك عوائل تكدست في منازل الاقارب والاصدقاء. لكن الحمدالله مضت الامور على خير."
ويضيف انه "في ليلة من الليالي كان القصف شديداً ومباشراً، تهدمت بسببه عدة منازل في القرية، والناس هناك مذهولة تتساءل لماذا تستهدف قريتهم تحديداً وهي قرية محايدة، وليست طرفاً في هذه الحرب ، ولا يوجد ما يبرر هذا القصف المركز على منازل الأهالي. وبحلول السادس والعشرين من تموز باتت القرية تعيش كل ليلة في جحيم النيران المعادية، ولم يعرف خلالها الاهالي طعم النوم ولو ثانية خلال الليل او النهار، كما بدأ مخزون الغذاء بالنفاذ، لا سيما ان المنازل بمجملها غير مهيأة للحروب ومفتوحة، الا ان العناية الإلهية وحدها هي التي انقذت السكان من الموت لان المنازل تهدمت وهم في داخلها لكننا لم نفقد احداً وكان هناك اربعة جرحى فقط اصاباتهم طفيفة."
وتابع قائلا انه "بعد هذه الايام الصعبة التي مرت على ابناء القرية وصلهم خبر ان بلدة (رميش) المجاورة لهم تستقبل النازحين من البلدات المجاورة الأخرى كعيتا الشعب، وهي لا تعاني من قصف مكثف او مباشر، وهناك دير يبعد عن عين ابل 3 كيلو مترات، فقرر سكان البلدة التوزع بين النزول لرميش في ضيافة جيرانهم وهي قرية سكانها من المسيحيين ايضا، وبين المبيت في الدير، على اساس ان يعودوا لعين ابل بعد ان يتوقف القصف.لكنهم لم يتمكنوا بعدها من العودة الى عين إبل، فتوجهوا الى بيروت بمواكبة الصليب الأحمر وتحت نيران القصف الاسرائيلي الذي استهدف موكبهم الذي انطلق من رميش مرورا بالناقورة ، صور ثم صيداً ، الى الشوف ثم الى بيروت، وقد استغرقتهم هذه الرحلة 9 ساعات تقريباً.ولأن أغلب من تركوا منازلهم تركوها على اساس انهم عائدون اليها في اليوم التالي، فقد وصلوا الى بملابس النوم، بدون اي مال او متاع، او حتى اوراق ثبوتية".
تعتيم إعلامي غير مفهوم
وفي دردشة مع اهالي عين ابل جى الحوار التالي:
- لماذا ضربت عين إبل تحديداً في العمق ؟
أعتقد هذا بسبب جغرافية عين إبل، لأنها منطقة جبلية، ولا تزال تحافظ على ثروتها الحرجية، وهي عالية، وتطل على إسرائيل، والمقاومة الإسلامية جاءت وأستقرت منذ عام 2001 في أحراج الضيعة ، التي قدمتها لهم البلدية بإعتبار انهم يساهمون في حماية لبنان، وأقام حزب الله في أحراجها مربعاً أمنياً لم يكن مسموحاً لنا أن نعرف ما يحدث فيه.أما لماذا استهدفت تحديداً لا ندري، ربما بسبب التواجد الطويل لحزب الله في احراجها.
هل لديكم اي علم إذا كانت هناك بطاريات صواريخ أرادت إسرائيل تدميرها؟
لا نعلم، فوقت القصف لم يكن احد يستطيع ان يميز ما يحدث حولهم،اي اذا كانت هناك اي صواريخ تنطلق من احراجهم ام لا، لم يكن أحد يتجرأ على الإقتراب من نافذة في وقت القصف.
هل لديكم فكرة عن حجم الأضرار التي تعرضت لها البلدة؟
حسب احصائيات البلدية، عين إبل فيها 410 منازل، 80 منزلا منها تهدمت كلياً، 200 منزل تضررت ولم تعد صالحة للسكن، والباقي اضرار طفيفة.
هل بقي احد هناك؟
عائدون الى عين ابل
لم تتوقف الدردشة مع الاهالي النازحين ، بل انضم ايها بعض الذين نزحوا في وقت متاخر وجاؤوا حاملين صور لحجم الدمار الذي لحق بمنازل عين إبل ... وقد خصوا ايلاف بهذه الصور بعد ان غابت كاميرات وسائل الإعلام عن بلدتهم، فقرروا أن يتولوا بأنفسهم توثيق مأساتهم، كما تولوا من خلال تكاتفهم إعانة أهاليهم وحفظ كرامتهم.
ويحدثنا جو عتمة وهو خبير كومبيوتر واستاذ جامعي، عن الية تسجيل ومتابعة كل ما يتعلق بالنازحين، واعدادهم واماكن تواجدهم، والحصص الغذائية والدوائية ومختلف المستلزمات الاخرى، مشيرا الى ان كل هذا يتم عبر قاعدة بيانات قام ببرمجتها خصيصاً لتوفر كافة انواع الاحصاءات والمعلومات اللازمة لعمل اللجنة بشكل فعال ومحترف.
ويرى ان أكبر إنجاز تحقق لهم هو " أن الاهالي الذين نزحوا من ضيعتهم وجدوا من كان بإنتظارهم، واستقبلوهم في منازلهم دون الحاجة للوقوف على أبواب المستوصفات او المدارس، بحثاً عمن يؤمن لهم الاكل، والفرش وغيرها من المستلزمات".
واضاف بأن" كل هذا كان جاهزاً لأننا تحسبنا له، وربما سبقنا الدولة في تحضيراتنا".
وتحدث جو عتمة عن الجوانب الأخرى التي تهتم بها اللجنة، ومنها الجانب النفسي للنازحين، وترتيب الاحتفال بعيد انتقال السيدة العذراء وهو طقس سنوي مقدس لدى جميع اهالي البلدة، يعرف محلياً بـ " زياح عيد السيدة (مريم العذراء)".