إسرائيل تزين لوحات نور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تنكب لانجاز معرضها الاول
إسرائيل تزين لوحات "نور" بقذائِفها
في حي "البياض" المُدمر بمدينة النبطية، حيث كانت نور تمتلك أتليه للفن التشكيلي، كانت تعكفُ وبمعونة والدها، على إعداد معرضها الشخصي الأول. معرضٌ كان أيلولُ موعدا له، موعدٌ ترى نور أكثرَ تصميماً على تحققه "أيلول لم يأتِ بعد. صحيح أنني فقدت الكثير من أعمالي، إلا أنني سأبذل جهدا كبيرا من أجل إقامة معرضي، وباللوحات الممزقة ذاتها، كدليل على همجية إسرائيل، وكيف أنها لم تسلم منها حتى لوحاتي التي لا علاقة لها بها".
عشرة معارض جماعية، شاركت فيها نور بعدد من لوحاتها. لوحات تعددت بحسب المراحل الفنية التي مرت بها، موزعة بين التكعيبية، والانطباعية، والتجريد، والواقعية، والرومانسية.. وجميعها مراحل ترى نفسها الآن في حلٍ منها، ذاهبة لتكوين جوها الفني الخاص الذي تمزج فيه بين مشارب عدة، دون الوقوف أو الالتزام بمدرسة بعينها. تدخل متحف سرسق، لتجد لوحة ابنة النبطية منتصبة أمامك. فمن بين 272 عملا قُدمت للعرضِ في المتحف، تم قبول 105 أعمال فقط، وكان من بينها لوحة لنور، فيما رفضت أعمال لأساتذة جامعيين كانوا بذات المعهد الذي تعلمت فيه. اللوحة التي أُعجب بها القيمون على المتحف، يبدو أنها لم ترق للإسرائيليين كثيرا، ولذا نالها نصيبها من الشظايا. "الظاهر أن الإسرائيليين سرياليين"، تقول نور وهي تضحك، مضيفة "بصراحة لا أفهم ما وجه العداء بين الإسرائيليين ولوحاتي! أم أنهم اعتبروها بشعة وخطرا على الذائقة الفنية وقرروا وفق ذالك إتلافها!". لوالد نور، الأستاذ ركان رأي آخر "الإسرائيليون لا يردون لأبنائنا أن يبدعوا، ويهدفون بذلك إلى القضاء على كل منابع الإبداع والحضارة. صحيح أن المقاومة تقلقهم. لكن الفن يقلقهم أيضا. لا يريدون أن يكون للبنان وجهه الجميل والناصع".
نيف وستون لوحة رسمتها نور تلفت إما كليا أو جزئيا. ما سلم من اللوحات التي كانت في الأتليه أقل من العشر. ما يستوقفك في اللوحات، أنك لا تجد بينها رسما ذو نزعة وطنية، أو أيدلوجية، أو وجوها لزعامات دينية وسياسية، ولا حتى أعمال تعبر عن ما يُعرف بـ"ثقافة المقاومة". جميعها لوحات لصبايا، أو مناظر طبيعية، أو تجريد.. كان بينها تمرين رسمته نور لخادمة فيروز، ورسما آخرا لأختها إسراء التي تصغرها، والمهتمة بتصميم الأزياء. بين فينة وأخرى، ومنذ 3 سنوات تقدم نور دروسَ فنٍ ورسمٍ مجانية في المبرات الخيرية، كما تُعد برفقة زملاء لها، دورات مختصة في الخط العربي، والرسم، كان آخرها دورة لم تستمر سوى 3 أيام، لتقطعها الغارات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني.
نور، وعائلتها يقيمون الآن في منزل الجيران، بعد أن أصبح منزلهم غير مهيأ للسكن، كما أن عددا من أقاربها قُتل في الحرب الأخيرة، ضحايا لم يكونوا هم أوائل من ذهبوا، بل سبقهم في العام 1975، صبحي بلوق، عمُ نور الذي لم تبصره، العسكري الذي قضى في مواجهات بين الجيش اللبناني، والقوات الإسرائيلية في عيتا الشعب.
وأنت تودع المكان، تتذكر محمود درويش وهو يقول "هزمتك يا موت الفنون جميعها"، قارئا في وجه نور، تصميما على مواصلة الحياة معتصمة بريشتها وألوانها، بالرغم من الألم الذي لا تخفيه نتيجة تمزق وتلف لوحاتها، ألمٌ قد يخلق منها مبدعة ترى في الحياة جمالا لم يبصره زوار الليل الذين اغتالوا خلسة ألوانها.