نبيه بري الأقوى بعد الحرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"حزب الله" مثقل بأعباء "النصر" وكلفته
نبيه بري الأقوى بعد الحرب
إيلي الحاج من بيروت: برز في لبنان نجم نبيه بري ، رئيس مجلس النواب اللبناني والقطب الثاني في الطائفة الشيعية برئاسته لحركة "أمل"، بعدما اتسم أداؤه خلال الحرب لدوره الأساسي والبالغ الدقة والتأثير بالكثير من الحنكة والبراعة السياسية. ففي حين يواجه الزعيم الشيعي الآخر، الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله، أعباء ثقيلة لما يعتبره "نصراًً" ( معترضاً عليه لأن الآخرين يصنفونه كارثة كبيرة محققة كان يمكن تفاديها)، يتفق الجميع في لبنان على أن الرئيس بري خرج من الحرب سليما معافى غير مصاب بجروح مباشرة، ويمكن القول انه "الرابح السياسي الأول" ، وربما يكون الوحيد الذي خرج من المعركة أقوى مما كان قبلها.
فهذا الرجل تولى دورا مركزيا في ادارة الحرب السياسية والدبلوماسية، وكان صلة الوصل والربط والتنسيق بين الحكومة و"حزب الله"، وحازعلى ثقة الطرفين، وكان في صلب حلقة اتخاذ القرار مسديا النصائح لقيادة "حزب الله" سعياً إلى مزج بين مرونة السياسة وصلابة القتال وعدم اضاعة الانجازات العسكرية وترجمتها وقائع ومكتسبات دبلوماسية وسياسية. من هذا المنطلق شجع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على أخذ المبادرة والمواقف مساعدا إياه في وضع الخطة اللبنانية التي عرفت بالنقاط السبع والمضادة لمشروع القرار الدولي الاميركي الفرنسي كما كان في صيغته الأولى. وسعى بري الى تأمين اجماع لبناني حول خطة السنيورة وكان له الدور الأهم في ترتيب عقد القمة الروحية في بكري والحفاظ على مساحة وطنية وسياسية مشتركة بين ساحتي ٨ آذار/ مارس (الملتفة حول "حزب الله" المتحالف مع إيران وسورية) و ١٤ آذار( مارس) .
( تحالف الأكثرية أو قوى "ثورة الأرز")، وعندما كانت القطيعة تتكرس بين "حزب الله " ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط، كان بري يفتح خطوطه مع الحريري وينسق معه ويتعامل إيجاباً مع أسئلة جنبلاط التي يلقيها على الحزب الشيعي المتحالف مع إيران، من دون أن يوافقه بري على جوهر هذه الأسئلة طبعاً. وبعد الحرب يبدو الرئيس بري القادر والمؤهل أكثر من غيره لتدوير الزوايا، ولدور محوري في المرحلة المقبلة لحماية موقع الشيعة في البلاد ، الموقع الذي تعرض لضربة قوية نتيجة لتداعيات العملية العسكرية غير المحسوبة جيداً التي أقدمت عليها قيادة "حزب الله". ويفيد التذكير هنا أن آخر اتصال جرى بين الحريري ونصرالله كان قبل الحرب بخمسة أيام عندما زار رئيس كتلة "المستقبل" الأمين العام للحزب في مقره في حارة حريك وأبلغه فحوى رسالة واضحة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك يحذره فيها من قيام " المقاومة الإسلامية " بأي عمل غير محسوب لأن اسرائيل تنتظر ذريعة للقيام بعمل كبير وواسع ضد لبنان، وكان جواب نصرالله ان الحزب" ليس في هذا الوارد على الاطلاق، خصوصا ان موسم السياحة والاصطياف في أوله"...
مهمة حماية الموقع بدأها الرئيس بري من مهرجان صور أمس ، متخذا من الذكرى ال28 لإخفاء الامام موسى الصدر محطة انطلاق إلى دور جديد ومهمة اعادة البناء. هناك حيث وقف السيد حسن نصرالله للاحتفال بذكرى التحرير قبل أشهر، وقف الرئيس بري ليس للاحتفال بالنصر انما لتحديد معالم المرحلة المقبلة واحتواء تداعيات الحرب ونتائجها الخطرة. وفي مهرجان أخذ طابعا وطنيا وتميزا بحشد سياسي جمع "الأضداد" من كل القوى والأحزاب والطوائف، وحشد شعبي يمكن اعتباره "عرض قوة " لحركة "أمل" يثبت أن لها قواعدها وحضورها، صاغ بري موقفه بعبارات دقيقة متوازنة فتحدث عن "انتصار حزب الله" وأيد استمرار "المقاومة الإسلامية" حتى تحرير مزارع شبعا، وأشاد في المقابل بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة و"المقاومة السياسية التي أبدتها"، مخالفا بذلك دعوات "حزب الله" وتهويلات حليفه الجنرال ميشال عون بإسقاطها في الشارع، ومغطيا على المستوى الشيعي استمرار هذه الحكومة من أجل مواجهة الأعباء الكبيرة الناجمة عن الحرب التدميرية الاسرائيلية، وكذلك لتنفيذ التزاماتها الدولية المتمثلة بالقرار الدولي 1701 الذي حذر السنيورة الحزب من محاولة التملص من بعض بنوده التي أبدى تحفظه عنها، ولا سيما في ما يتعلق ببسط سلطة الشرعية بقواها الرسمية وحدها في الجنوب. وعلى الأثرسارع النائب الحريري الى تلقف "إيجابية"الرئيس بري والثناء عليها، فيما تحمس جنبلاط لاقتراح بري اعتصام النواب المفتوح بدءاً من غد السبت حتى فك الحصار الإسرائيلي المضروب على لبنان بحراً وجواً.
وسيكون على بري في المرحلة المقبلة ان يعيد بناء "جسور العلاقة" بين حزب الله وكل من الحريري وجنبلاط ، خطوة لا بد منها لحماية استمرار الحكومة ولمعاودة مؤتمر الحوار. لأن رئيس المجلس يجد نفسه مرة أخرى أمام مهمة منع الوضع الداخلي من الانزلاق نحو احتمالات التفجير وعدم الاستقرار ومنع المشكلة السياسية من الانتقال إلى الشارع، على ما يلوّح عون وبعض المحيطين به، لأن اندفاعة مفاجئة لفرض التغيير الحكومة ستقابلها حتماً اندفاعة لإخراج "الحليف الموضوعي" لعون ونصرالله والباقي في قصر بعبدا من دون اعتراف به - دولياً على الأقل- وهاتان الإندفاعتان قد تترتب عليهما نتائج خطرة على الجميع إذا ما تحققتا. ودور الرئيس بري مركزي في منع حصولهما.