أخبار خاصة

الأتراك إلى لبنان بعد 88 عاماًَ

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أميركا وأوروبا تريدان لها دوراً ينافس إيران
الأتراك يعودون إلى لبنان بعد 88 عاماًَ

إقرأ أيضا

الارمن اللبنانيون يتظاهرون رفضا للمشاركة التركية في اليونيفل


حرب إسرائيل في لبنان خلقت أزمة بطالة

قوة دولية بدأت المراقبة البحرية للسواحل اللبنانية

حزب الله ينفي علاقته بوثائقي المقايضة الكبرى

إيلي الحاج من بيروتغادرت القوات التركية الأراضي اللبنانية بصمت تام بلا مراسم ولا وداع أمام تقدم القوات الفرنسية عام 1918 لدى انتهاء الحرب العالمية الأولى بعد احتلال مديد استمر نحو 400 عام ، وها هي تحضر للعودة إليها إنما هذه المرة في إطار

غادرت القوات التركية الأراضي اللبنانية بصمت تام بلا مراسم ولا وداع أمام تقدم القوات الفرنسية عام 1918 لدى انتهاء الحرب العالمية الأولى بعد احتلال مديد استمر نحو 400 عام ، وها هي تحضر للعودة إليها إنما هذه المرة في إطار

ويذهب منظرون إلى أن الخطوة التركية تأتي في إطار وحيد هو توفير التوازن مع الدور الإيراني الذي تصاعد في المنطقة ولبنان . أغفل هؤلاء أن تركيا، سواء في تخليها عن " حلمها الأوروبي" وانضمامها إلى دور "الدولة الإسلامية الأولى والنموذج البديل"- الذي تعرضه على أنقرة عواصم وشخصيات أوروبية ترفض إلحاقها بالإتحاد - أو في تثبيت اندفاعها نحو الغرب وإن ترجم بعد سنين عديدة عضوية في الاتحاد الأوروبي، إنما قررت التفاعل بقوة مع قضايا المناطق المحيطة بها في محيط الابيض المتوسط وفي البحر الاسود والبلقان وأفغانستان، ومن المحتمل ان يكون لها دور ما في منطقة الشرق العربي، ولكنه ليس دورا مستعادا انما هو دور جديد وبناء.

وتنتهج الحكومة التركية الحالية سياسة خارجية مختلفة عن سياسات الحكومات السابقة، اذ تأخذ بمبدأ المبادرة وعدم التحرك وفقا لرد الفعل عند كل أزمة بين اسرائيل وطرف عربي، ولذلك تبادر الى الاتصال والتوسط لحل مثل هذه الازمات، لكن الرغبة في القيام بدور فاعل وانتهاج سياسة المبادرة وليس التفرج، لا يعني بالضرورة ان تنجح تركيا في استعادة دور ما في الشرق الاوسط، وهناك شكوك في أنها تريد استعادة هذا الدور بشكل كامل، لأن لتركيا ثوابت أرساها النظام العلماني على مدى ٨٠ عاما، ومن هذه الثوابت محاولة عدم التورط في مشكلات العالمين العربي الاسلامي، لذلك ركزت على خيارها الإستراتيجي بالإنضمام إلى الإتحاد الاوروبي، في موازاة السعي إلى امتلاك أوراق في أماكن أخرى، مثل الشرق الاوسط، او العالم الاسلامي، والعلاقات مع روسيا.

ويعزز الخيار الاوروبي، وعلاقات أنقرة الجيدة مع كل أطراف الصراع في المنطقة، الدور التركي في التقريب بين المتنازعين ، رغم أن ثمة من ينظرون إلى الأمر من زاوية السعي إلى كسب تركيا الى هذا الجانب ضد الجانب الآخر، ويشيرون إلى تزامن مغادرة طائرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الأجواء التركية خلال الحرب في لبنان، في حين كانت طائرة وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي تحط في مطارأنقرة.

ويلاحظ محللون ان تركيا قادرة على التوازن مع الجمهورية الإسلامية في إيران، على ما ترغب الولايات المتحدة ودول أوروبا، بل انها قادرة على منافسة إيران بفضل موقعها السياسي - الجغرافي . لكن آخرين يرون ان مصالح أنقرة الأكثر حيوية لأمنها القومي هي اقامة أوثق العلاقات مع طهران . ويضيفون أن موضوع العلاقة بإيران الجارة القوية والكبيرة له أولوية مطلقة في ذهن النظام التركي على اقامة علاقات على حساب ايران مع أي قوة اقليمية أخرى، حتى لو كانت المملكة العربية السعودية او اسرائيل. إلا أن الجانبين يتفقان على أن تركيا عائدة إلى دور مؤثر في المنطقة. دور مرده إلى اعتبار غالبية الأتراك أن مشروع "الشرق الاوسط الجديد" هو مشروع تفتيتي للمنطقة بدأ في العراق، والهاجس الأكبر والأكثر إثارة للحساسية لديهم هو نشوء دولة كردية مستقلة في شكل أو في آخر في شمال العراق، ويذهب قلقهم إلى حد التخوف من تقسيم بلادهم دولتين كردية وتركية، باعتبار هشاشة بنية تركيا المنقسمة عرقياً بين أكراد وأتراك، ومذهبيا بين سنة وعلويين . كما أن الإعتراف بالعلويين كطائفة وادراج مطالبهم كأقلية مسلمة سوف يشكل أحد أكبر التحديات التي ستواجه حكومة اردوغان تحديدا، إذ سيكون عليها ان توافق بين قاعدتها الاسلامية السنية وبين مطالب الاتحاد الاوروبي حول الحريات الدينية والمذهبية. مما يشكل امتحانا حقيقيا لقول رئيس الحكومة التركية رجا الطيب اردوغان إنه "كان إسلاميا وأصبح ديمقراطيا محافظا".

ويؤكد المحللون أن استمرار ما يرونه مشروعاً أميركياً - إسرائيلياً لتفتيت المنطقة، سينعكس سلباً على تركيا التي لن تكون بمنأى عن نتائجه او تداعياته. ولذلك من مصلحة تركيا على المدى البعيد ان تقف مع القوى التي تعارض مشروع الشرق الاوسط الجديد، والمفترض أن تتمكن بعلاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة من إقناعها بالتخلي عن هذا المشروع الذي يدخل المنطقة وشعوبها وحكوماتها في حروب لا نهاية لها.

وجاء إقرار إرسال قوات إلى لبنان في البرلمان التركي وسط أجواء انقسام داخلي على هذه الخطوة، واعتبر بعض نواب المعارضة أن مصر والمملكة العربية السعودية اللتين تعدان أكبر الدول العربية لم ترسلا جنودا الى لبنان لمعرفتهما أخطار الوضع في لبنان، وفي هذه الحال لماذا ترسل تركيا قوات الى لبنان فيما العرب لا يقدمون على قرار مماثل ؟ ولماذا ترسل تركيا قوات الى لبنان وليس الى العراق حيث يتمركز حزب العمال الكردستاني ويهددها بشن هجمات على أرضها وضد جنودها؟ ويضيفون أن تورط القوات التركية حتى لو كانت محض بحرية، في اشتباك مع "حزب الله" أو غيره من الأطراف، الفلسطينية، المسلحة في لبنان قد ينعكس سلباً على العلاقات التركية-العربية والعلاقات الاسلامية - الإسلامية.

ويوغل بعض المعترضين في موقفهم إلى حد اعتبار أن لبنان هو "الحديقة الخلفية" لسورية وايران بحكم عوامل عديدة، على غرار ما هي جزيرة قبرص وأذربيجان "الحديقة الخلفية" لتركيا، وبالتالي إن ارسال قوات تركية الى لبنان هو دخول، حتى لا يقال اقتحام لمجال سورية وإيران الحيوي، وقد تكون له انعكاساته السيئة على العلاقات بهاتين الجارتين.

لكن قيادة حزب" العدالة والتنمية" الحاكم أبدت إصرارا كبيرا على ارسال قوات الى لبنان نزولاً عند مطلب أميركي ملح لموازنة الحضور الإيراني في ذلك البلد، حتى لو كانت المشاركة التركية في "اليونيفيل" المعززة محدودة، وحتى بحرية فحسب أو مدنية مرحلياً إلى حين تجاوز الإعتراضات الداخلية والاقليمية والأرمنية، على ان تزداد نسبة المشاركة في المستقبل، خصوصا ان رجب طيب كرر ان تركيا تقع داخل الشرق الاوسط الجديد.والأرجح أن حكومة حزب "العدالة والتنمية" ترى بعد هذه الخطوة فرصة مزدوجة، أولا لكسب رضا الادارة الاميركية على سلطة اردوغان، لا سيما مع وصول الجنرال المتشدد ياشار بويوك انيت الى رئاسة الأركان التركية التي اتهمت سلطة العدالة والتنمية بمحاولة منع وصوله قبل أشهر، وثانيا لتعويض اخفاق الوساطات التركية السابقة بين العرب واسرائيل، خصوصا في فلسطين، فتكون البوابة اللبنانية التي خرج عبرها الجنود الأتراك من الشرق الاوسط قبل 88 عاماً أول موطىء قدم لهم في المنطقة على طريق العودة إلى دور في المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف