صدام وإتهام والد القاضي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محامو الدفاع يبحثون مقاطعة المتهمين لمحكمة الانفال
مؤامرة 70 وراء اتهام صدام لوالد القاضي
وعلمت "ايلاف" ان المحامين في هيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع وستة من مساعديه السابقين في قضية الانفال المتهمين فيها بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد خلال عامي 1987 و1988 قد وصلوا الى عمان بعد انتهاء الجلسة العاشرة للمحكمة الاربعاء الماضي حيث يشاركون حاليا في مداولات للهيئة حول قرار يمكن ان يتخذ بمواصلة مقاطعة المحامين الذين انسحبوا من تلك الجلسة اضافة الى امتناع المتهمين السبعة عن حضور الجلسات المبقلة لدى استئنافها الاثنين المقبل وذلك بسبب طرد القاضي الجديد الخليفة لصدام من الجلسة العشرة اثر اعتراضه على تنحية الحكومة العراقية للقاضي السابق عبد الله العامري .
وقد أعلن المحامي بديع عارف عزت عضو هيئة الدفاع أن موكليه الذين يحاكمون في قضية الأنفال سيلجأون إلى تنفيذ خطوة الإضراب عن الطعام إحتجاجاً على سير أعمال هذه القضية .
وكان مشتك كردي يدلي باقواله خلال الجلسة السابعة في الرابع عشر من الشهر الحالي شارحا كيف حاول لقاء صدام عام 1990 لمعرفة مصير افراد عائلته المفقودين بعد حملة الانفال عام 1988 فساله صدام "لماذا كنت تريد المجيء لرؤيتي وانت تصفني بالديكتاتور"؟ .وعندها تدخل القاضي العامري قائلا "انت لم تكن ديكتاتورا" مشيرا الى ان المقربين منه جعلوه يبدو كديكتاتور. فرد صدام قائلا "شكرا".
وقد اثار كلام القاضي ردود افعال عنيفة خاصة من الاكراد والسلطة العراقية التي اكدت ان هذا الكلام افقده حياده ولذلك تمت تنحيته وتعيين قاض جديد بدلا عنه .
واثر ذلك ولدى بدء جلسة الاربعاء الماضي العاشرة اعترض صدام حسين على تغيير القاضي السابق العامري وعندما حاول القاضي الجديد الخليفة اسكاته اصر على مواصلة الكلام مما حدى بالقاضي الى طرده من المحكمة فيما انسحب فريق الدفاع منها احتجاجا لكن القاضي امر بتعيين محامين جدد بدلا عنهم .
ثم تدخل صدام فقال للقاضي الذي كان يحاول منعه من الكلام "هذا حق شخصي لنا.. عليك ان تقرأ فقرات القانون جيدا وتتعامل معنا بالقانون". واضاف صدام "القانون يجيز لك ان تسمع رأيي". وبعد ملاسنة نشبت بين صدام والقاضي اعلن هذا ان المحكمة قررت "ابعاد صدام حسين عن قاعة المحكمة وذلك لاخلاله بنظام الجلسة". وقال القاضي لحراس المحكمة "اخرجوه من القاعة". لكن صدام رد قبل اقتياده الى الخارج موجها كلامه الى القاضي " انت ابوك كان وكيلا في الامن حتى الاحتلال .. انا اعرف ابوك وكان اجرى عملية جراحية في جنبه" .. فرد القاضي عليه بحزم " هذا غير صحيح .. واتحداك امام الراي العام" .
وقد سالت "ايلاف" شخصية عراقية تقيم في عمان حاليا عاصرت اوضاع العراق السياسية منذ وصول حزب البعث الى السلطة عام 1968 عما اذا كان اتهام صدام حسين لوالد القاضي بانه كان متعاونا مع جهاز الامن للنظام السابق صحيحا .. فاشار الى ان والد القاضي الجديد هو عريبي مجيد الخليفة وعمه خلف مجيد الخليفة وهما كانا من شيوخ عشائر "البو محمد" بمدينة العمارة الجنوبية وقد استطاع صدام عام 1969 حين كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة الذي كان يتراسه الرئيس الراحل احمد حسن البكر الذي استقال من منصبه عام 1979 بضغط من صدام ليتولى هو رئاسة الجمهورية بدلا من البكر صيف ذلك العام .. استطاع خلال مسؤوليته المباشرة ايضا عن مكتب العلاقات العامة الذي تحول عام 1973 الى جهاز المخابرات العامة من زج والد القاضي محمد وعمه ضمن مجموعة من السياسيين والعسكريين ورؤساء العشائر كانت تخطط للاطاحة بنظام البعث . وفعلا استطاع الاخوان الخليفة من خلال علاقتهما مع رؤساء العشائر الاخرين ان ينضموا الى المجموعة الانقلابية في جانبها العشائري والحصول على تفاصيل كاملة عن مخطط الانقلاب . واوضحت ان اسرة مجيد الخليفة كانت من الاسر الاقطاعية الكبيرة في العمارة .. وكان مجيد الخليفة نائبا في مجلس النواب ثم مجلس الاعيان خلال الحقبة الملكية لكن حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم الذي اطاح بالنظام الملكي على راس مجموعة من الضباط عام 1958 صادرت معظم اراضي الاقطاعيين وكان بينهم الخليفة.
واضافت الشخصية التي فضلت عدم ذكر اسمها في الوقت الحالي ان الاخوين الخليفة كانا يوصلان معلومات المخطط الانقلابي الذي كان يجري بالتنسيق مع شاه ايران السابق محمد رضا بهلوي الى مسؤولين امنيين كبيرين اثنين كلفهما صدام بتولي امر تعقب تحركات واتصالات الانقلابيين وهما العميد الركن محمد علي سعيد مدير الاستخبارات العسكرية (نفذ فيه صدام الاعدام منتصف السبعينات لشكوك في ولائه) والمقدم فاضل البراك امر قوة حماية اذاعة بغداد (عين بعد ذلك ملحقا عسكريا في موسكو ثم مديرا للامن العام ورئيسا لجهاز المخابرات الى ان امر صدام عام 1993 باعدامه بتهمة الاتصال بجهات اجنبية) .
واشارت الشخصية العراقية الى ان معلومات الاخوين الخليفة مكنت السلطات العراقية في كانون الثاني (يناير) عام 1970 من اعتقال عدد من المشاركين والمتعاونين مع المحاولة الانقلابية ممن كانوا داخل العراق والاعلان من اجهزة اعلامها عن القضاء على المتآمرين في القضية التي عرفت بمؤامرة عبد الغني الراوي . وكان اللواء الراوي نائبا لرئيس الوزراء عام 1966 في حكومة الرئيس عبد الرحمن عارف الذي اطاح به البعثيون في انقلاب السابع عشر من تموز (يوليو) عام 1968 (ويقيم الراوي في المملكة العربية السعودية منذ اكثر من ربع قرن) . كما اعلنت السلطات عن ضلوع القائد الكردي الملا مصطفى بارزاني (والد مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان حاليا) واللواء عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء في اول حكومة للبعثيين الذين عزلوه من منصبه بعد 13 يوميا من توليه ثم نفوه الى المغرب في 30 تموز (يوليو) عام 1968 ومنه غادر الى ايران ثم الى سويسرا ثم عمان فلندن حيث اغتالته فيها عناصر من المخابرات العراقية في تموز (يوليو) عام 1978 وسعد صالح جبر رئيس حزب الامة انذاك (وهو نجل صالح جبر احد رؤساء الوزارات في العهد الملكي خلال اربعينات القرن الماضي) وقد عاد سعد الذي يعتبر عميد معارضي نظام صدام حسين منذ ذلك الوقت الى بغداد بعد الاطاحة بالنظام عام 2003 وهو يقيم فيها حاليا .
وقالت الشخصية انه اثر انكشاف المحاولة الانقلابية نفذ البعثيون حكم الاعدام بمجموعة من العسكريين والسياسيين ورؤساء العشائر الضالعين فيها وبينهم العقيد سليمان الدركزلي والعقيد جبار حسن حداد والعقيد محمود فرج والنقيب رافع عسكر محمود اضافة الى الشيخ راهي عبد الواحد سكر .وبعد ان ادلت الشخصية السياسية العراقية بهذه المعلومات حاولت "ايلاف" الاتصال بالقاضي محمد عريبي مجيد الخليفة لمعرفة رايه بها الا انها لم تتمكن من ذلك .
ومعروف ان المتهمين الستة الاخرين في قضية الانفال بالاضافة الى صدام حسين هم : علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت اقوال المشتكين خلال الجلسات العشر السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.