صفية السهيل :قتلة والدي مطاردون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
النائبة العراقية صفية السهيل لـ"إيلاف" (1-2)
حجاب العراقية بالترهيب وقتلة والدي مطاردون
واضافت السهيل في حوار مع "إيلاف" أن الإنجاز الوحيد الذي قدمه مجلس النواب للمرأة هو إشراكها في عضويته حيث هناك الان 75 عضوًا بينهن من استطعن أن يوصلن افكارا حية وفعالة سياسية وانسانية واجتماعية واقتصادية أثبتن من خلالها انهن قادرات على المشاركة الشفافة في العملية السياسية. وأشارت الى أنها تعمل مع ناشطات اخريات ضمن (حملة عهد العراق) للمطالبة بتشريعات وحقوق قانونية غابت عن الدستور الجديد واعتبار قانون الأحوال الشخصية ساري المفعول مع إجراء بعض التعديلات الجديدة التي تتماشى مع الظروف المستجدة إضافة الى قضايا اخرى قدمت كلها الى مجلس النواب.
وأوضحت أن ما جرى في قاعة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد ساءها وقالت " لقد كنا فرحين بتنفيذ الحكم لكننا لم نحتفل به لان الهتافات التي صاحبته أعطته بعدا ضيقا وكان من المفترض ان يقدم الإعدام لجميع العراقيين.. كما ان مكان الاعدام لم يكن مناسبا وكان يجب ان يتم في ساحة عامة بحضور كل عراقي تضرر من ممارسات النظام السابق ليحتفل بالإعدام على طريقته الخاصة.
والسيدة صفية السهيل واحدة من أبرز الوجوه النسوية العراقية الناشطة حاليا في مجالات المرأة وحقوق الانسان والمدافعة عن العراقيين في مواجهة التخلف والإرهاب ومحاولات إفشال التحول السياسي الديمقراطي في العراق. عادت الى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين ربيع عام 2003 بعد ست سنوات من اغتيال أجهزته الاستخباراتية في بيروت عام 1994 لوالدها المعارض والسياسي الشهيد الشيخ طالب السهيل التميمي.
تعرف العراقيون إلى صفية السهيل وجها نسويا تقدميا متنورا عبر تصريحاتها السياسية التلفزيونية الصريحة ومداخلاتها الموضوعية الهادفة داخل مجلس النواب العراقي الذي اكتسبت من خلاله شهرة شعبية واسعة كمتابعة للأحداث ومثابرة على الحضور ومناقشة مختلف القضايا المعروضة على ممثلي الشعب.
"إيلاف" التقت النائبة عن القائمة العراقية الوطنية صفية السهيل التي تحدثت لها عبر حوار شامل عن الاوضاع الراهنة للمرأة العراقية وهمومها وعن العراق الجديد بسلبياته وايجابياته.. وهنا الجزء الاول من الحوار :
... ماهو رأيك باستحداث وزارة دولة لشؤون المرأة في الحكومات العراقية الثلاث التي اعقبت سقوط النظام السابق ؟
.. انا أيدت إنشاء وزارة للمرأة في العراق تكون قوية وذات صلاحيات واسعة وليست وزارة دولة وذلك للدفاع عن حقوق المرأة الارملة والمعيلة للعائلة والتي فقدت حقوقها والتي تتعرض للعنف. وقد عرضت على هذه الوزارة لكني لم أقبلها لأني لا أريد وانا من الجيل الجديد ان اتعدى على الجيل الذي قبلي من المناضلين والقياديين السياسيين.. مع إصراري على عدم الابتعاد عن صنع القرار السياسي من خلال قدرتي على المشاركة في إحداث تغييرات سياسية في العراق.
هل انت راضية عن اداء وزارة الدولة لشؤون المرأة.. وعن لجنة المرأة في مجلس النواب ؟
.. لست على اطلاع كامل على اداء هذه الوزارة مع احترامي للقائمين عليها حيث قد تكون لها خطط ولم تظهر نتائجها لحد الان وتحتاج لمزيد من الوقت. ومع احترامي للوزيرة الحالية هناك ابتعاد عن تكليف شخصيات قادرة على الأداء لتتولى وزارات.
اما لجنة المرأة في مجلس النواب والتي ترأسها سميرة الموسوي من الائتلاف العراقي الموحد فهي كفوءة ولكن تبقى قضية الفكر السياسي والمدني وطريقة التعبير. ارى أن الطريقة التي تتصل بها معي وتستشيرني في قضايا عدة بان لديها القدرة على الاستماع وقبول الاخر وهذا قد يكون من أهم مقومات نجاحها. ولكن أعضاء اللجنة مختارون على اسس المحاصصة الطائفية كما تحصصت الوزارات على قدر نسبة تمثيل الكتل السياسية في البرلمان.. وهذا امر مؤسف ان يحصل حاليا لان الكفاءة ليست لها علاقة بالمحاصصة. فهل يعقل مثلا ان لا يكون مهدي الحافظ صاحب القدرة الاقتصادية العليا رئيسا للجنة الاقتصادية في مجلس النواب.
.. لم نستطع في مجلس النواب أن نحقق شيئا للإنسان العراقي ككل وليس للمرأة وحدها. إن الانجاز الأكبر للمجلس هو تشكيل الحكومة ومنحها الثقة قبل ستة اشهر.. ومن وقتها لم تجر مساءلات لوزرائها حول ادائهم وتقديمهم للخدمات الى العراقيين.
اما التشريعات فقد تعطلت لسببين : الاول ان الأولويات منحت للأحداث الساخنة المتعلقة بالملف الأمني.. والثاني العمل بردود الأفعال وليس وفق برنامج محدد من تقديم ومناقشة القوانين والتشريعات. اعتقد ان الانجاز الوحيد الذي قدمه مجلس النواب للمرأة هو إشراكها في عضويته حيث إن هناك الان 75 عضوًا بينهن من استطعن ان يوصلن افكارا حية وفعالة سياسية وانسانية واجتماعية واقتصادية اثبتن من خلالها انهن قادرات على المشاركة الشفافة في العملية السياسية.
.. وماذا عن قانون الاحوال الشخصية العراقي ومحاولات إلغائه رجوعا الى الوراء بقانون يشرع طائفية هذه الاحوال ؟
.. في هذه القضية انا اعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وكعضو في مجلس النواب ومع القوى الديمقراطية.. ومع الرجل فيها قبل المرأة - لان هناك قضايا تخدم المرأة لكنها قد توافق الرجل ضدها وتسقط الكثير من حقوقها - ولذلك نحن نحاول ان تكون لائحة الحقوق والحريات الدستورية مجالا لإعادة البحث من خلال لجنة تعديل الدستور. وقد اكدنا فعلا على عدة مطالب ليس حول قانون الاحوال الشخصية وحده لاننا نعتقد انه من الضروري ان نعود اليه ونعتبره ساري المفعول ومن يريد ان لا يلتزم به في قضايا الزواج وحقوق المرأة ان يعود الى الشيخ او السيد ليقرر له.. وليبقى هذا القانون هو الاساس وليس العكس.
وانا اعمل مع الناشطة ازهار الشيخلي حيث اسسنا مع مجموعة من الاخوات حملة اسميناها (حملة عهد العراق) للمطالبة بتشريعات وحقوق قانونية غابت عن الدستور الجديد. وجزء من مهام الحملة هو اعتبار قانون الاحوال الشخصية ساري المفعول مع إجراء بعض التعديلات الجديدة التي تتماشى مع الظروف المستجدة اضافة الى قضايا اخرى وقدمنا ذلك الى مجلس النواب.
وقد شاركت في الحملة نساء فاضلات منهن وزيرات سابقات وناشطات في مختلف المجالات يمثلن مختلف الافكار السياسية الليبرالية والشيوعية والقومية والاسلامية. وقد اتفقنا على مشتركات اساسية تؤكد حرية المرأة وحرية التعبير والصحافة والالتزام بحرية الفرد مع التأكيد على إنشاء المحكمة القضائية العليا وان تكون معتدلة وفيها مهنيون لان القضاء هو الاساس في اثبات الحقوق.
والمهم اننا لم نهتم في حملتنا بالمرأة فقط وانما ايضا اكدنا كل ما يهم ويعني المجتمع وحقوقه حيث عملنا على أن تتعهد هيئات المجتمع المدني لنا الالتزام وتنفيذ تلك المبادئ والالتزام بها وخاصة في حالة انتخابها في البرلمان.. وهذا نصر اخلاقي قائم على التزام مبدئي ولنا امل كبير في تحسن التشريعات والقوانين بدعم من القوى الديمقراطية.
.. هل لكم مطالب من لجنة تعديل الدستور تخص اوضاع المرأة العراقية ؟
.. في لائحة الحقوق والحريات لنا مطالب بالعودة للعمل بقانون الاحوال الشخصية.. ويمثلنا في هذه اللجنة السيد حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وعضو القائمة العراقية الوطنية وهو شخص وطني ديمقراطي نصير للمرأة. وقد اكدنا على اعتبار هذا القانون نافذا وساري المفعول اضافة الى الالتزام بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وبالمعاهدات والاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة وبالحقوق الانسانية عامة.
.. انتشار ظاهرة التحجب بين النساء العراقيات بشكل لم يشهده تاريخ العراق الحديث هل يمكن اعتباره تدينا ام اتقاء لخوف من تهديدات جماعات اصولية ام ماذا ؟
.. هذه الظاهرة لها علاقة بالاوضاع السياسية والاقتصادية التي اثرت فيها.. ففي زمن النظام السابق وفي ظل الحصار الاقتصادي اصبحت المرأة غير قادرة على الانفاق على ترتيب اوضاع شعرها والاهتمام به فبدأت تغطيه لأسباب اقتصادية وليست دينية.. ثم تولدت حالة من اليأس في ظل الاوضاع المتدهورة ولجوء المرأة الى الدعاء (يارب خلصنا مما فينا) فاصبح الحجاب امرا على غير قناعة حقيقية. وكلامي هذا لايعني اني لا احترم أي شكل يختاره الانسان في ملبسه وتصرفه ولكن مع الالتزام بالمعايير الاجتماعية المتعارف عليها.
وما يحدث في العراق الان وجود ضغط وخوف يمارس على المرأة اضافة الى المنشورات التي توزع بشكل يومي في كثير من المحافظات وخاصة في العاصمة وهي تحذر المرأة التي تقود السيارة من دون حجاب وتهدد بقتل السافرات وتنعتها بأبشع الصفات. كما ان هناك قوى تكون احيانا منتخبة وجزءا من الدولة تمارس افعالا مشابهة ونساء مشاركات في الدولة ارغمن على لبس الحجاب حتى لا يطردن من وظائفهن. واضافة الى هذا هناك من غير العراقيين الذين تدفقوا إلى العراق وانشأوا ما اطلقوا عليها الامارات الاسلامية في مناطق من العراق حيث جاءوا بافكار وعادات متخلفة وغريبة عن المجتمع العراقي باسم الاسلام و يظلمون المرأة بذريعة الالتزام به.
انا اعتقد ان المرأة عندما تتحجب يجب ان يكون حجابها عن اقتناع كامل وليس بالقوة والفرض وهذا امر ضد كل الديانات السماوية والحضارات الانسانية. وهذه الظاهرة تنمت وسط الفوضى وغياب الدولة وأجهزتها القادرة على حماية الفرد العراقي ومنه المرأة ولانها العنصر الضعيف في المجتمع فقد وقع عليها العبء الاكبر. لقد ساءت الامور وتعدت الحجاب الى قتل الرجال الذين يرتدون ملابس رياضية قصيرة ومن يحلقون شعورهم بطريقة لايرضون عنها. انهم يحاربون من خلال ممارساتهم هذه الدولة المدنية والمجتمع المتحضر ويسعون إلى عرقلة الجهود الهادفة الى اقامة المؤسسات ومشاركة المرأة في العملية السياسية ومساهمتها في النشاطات الاجتماعية ضمن الاطار القانوني. ان قمع المرأة يعني تراجع الديمقراطية والمدنية وهنا مكمن الخطورة ولهذا فان الحكومة غير قادرة على وضع حد لكل هذه التجاوزات ضد المرأة وهذا امر لايمكن ضبطه الا بالتأكيد على المواطنة ودولة القانون ومحاسبة من يقفون ضدها.
.. الى اين وصلت الدعوى القضائية التي أقمتها ضد مرتكبي جريمة اغتيال والدك الشيخ الشهيد طالب السهيل التميمي وبينهم عدد من رموز النظام السابق؟
.. عندما عدت الى العراق بعد سقوط النظام السابق قدمت شكوى أبحث من خلالها عن حقي كضحية اسوة بآلاف الضحايا الى ان تشكلت المحكمة الجنائية العليا لمحاكمة رئيس النظام السابق صدام حسين ورموز نظامه فقدمت اليها جميع الوثائق التي بحوزتي والتي جمعتها الحكومة والقضاء اللبنانيان.. وتم الاستماع الى اقوالي وطلب القضاء العراقي من الجانب اللبناني عن طريق وزارة الخارجية نسخا مصدقة رسميا من تلك الوثائق. تقدمت بشكاوى ضد صدام حسين وطارق عزيز نائب رئيس الوزراء وصابر الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وعبد حمود سكرتير صدام ونوري الويس سفير العراق في لبنان وعوض فخري القائم بالاعمال لدى وقوع جريمة الاغتيال اضافة الى 4 موظفين في السفارة والشخص الارمني الذي ساعد في ارتكاب الجريمة وهو جورج تاجريان عراقي الاصل لبناني الجنسية ومقيم في دولة اوروبية حاليا. وهناك شخص اخر قام باطلاق الرصاص على والدي وهو عضو في حزب العدالة والتنمية العراقي في بغداد حاليا ويقدم نفسه صحافيا. وجميع هؤلاء صدر بحقهم أمر بإلقاء القبض من الشرطة الدولية (الانتربول) لكن مع الاسف فان عددا منهم قد غير اسمه ومكان سكنه ونتمنى ان يتم التعرف إليهم واماكن وجودهم لاعتقالهم.
وانا انتظر إجراء محاكمة قتلة والدي لان القضايا المعروضة امام المحاكم العراقية صنفت على اساس اولوياتها مبتدئة بالقضايا الجماعية.
انا وجميع ضحايا النظام السابق نطالب برد الاعتبار النفسي والمعنوي الينا وتجريم الاشخاص الفاعلين. ان قتل والدي تم بأمر مباشر من صدام حسين وعلى القانون ان يأخذ مجراه في هذا المجال. انا عندما اتحدث عن هذه القضايا اعيش مشاعر جميع العوائل التي قدمت ضحايا. وانا حين اتناول الجريمة استعيد الارتباط الروحي بيني وبين والدي لانه كان مثلي الاعلى. ولذلك فقد ساءني ما جرى في قاعة اعدام صدام حسين.. لقد كنا فرحين بتنفيذ الحكم لكننا لم نحتفل به لان الهتافات التي صاحبته اعطته بعدا ضيقا وكان من المفترض ان يقدم الاعدام لجميع العراقيين. كما ان مكان الاعدام لم يكن مناسبا وكان يجب ان يتم في ساحة عامة بحضور كل عراقي تضرر من ممارسات النظام السابق ليحتفل بالاعدام على طريقته الخاصة. وانا اناشد كل ضحية بان يقدم شكوى ومن منبر "إيلاف" اشجع كل صاحب قضية ضد النظام السابق ان يشتكي ويطالب بتعويضات من اجل انصاف جميع العوائل التي تضررت واثرت جرائم النظامفي اوضاعها النفسية والمعنوية والاقتصادية.. فكلنا نعاني ولدينا رواسب نتيجة قتل اعزاء لنا والحياة القاسية التي عشناها. (يتبع).