جورج حلو العالم العربي الذي يلامس بدايات الكون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واذا كان العلماء قد جمعوا الإثباتات المختلفة على وجود الماء في الفضاء الخارجي، إلا ان ما اعلن عنه مؤخرًا عن وجود كميات هائلة من بخار الماء في منطقة تعج بنجوم حديثة الولادة، إنما يقدم دليلاً جديدًا حول كيفية حصول الكواكب على كميات كبيرة منه تكفي لتكوين المحيطات والبحار.
الاكتشاف الجديد تحقق بفضل تلسكوب "سبيتزر" الفضائي الذي يعمل بالأشعة ما دون الحمراء. فقد تمكن "سبيتزر" من مراقبة النجوم الحديثة الولادة على بعد حوالى 1000 سنة ضوئية من الأرض (السنة الضوئية تساوي حوالى عشرة الاف مليار كيلومتر)، وقدر العلماء كمية بخار الماء الموجودة في قرص الغبار والغاز المحيط بهذه النجوم بخمسة اضعاف الماء الموجود على كوكب الارض.
وتلسكوب سبيتزرالفضائي يراقب الكون من مدار قريب من كوكب الارض ، والمركز العلمي المسؤول عن هذا التلسكوب وعن ربط المراكز العلمية حول العالم بالبيانات التي يتم الحصول عليها من سبيتزر ، هو مركز تحليل ومعالجة البيانات المادون الحمراء IPAC في جامعة "كالتك" في كاليفورنيا التابع لوكالة الفضاء والطيران الاميركية "ناسا-Nasa "، الذي يترأس إدارته عالم عربي من لبنان وهو الدكتور جورج حلو من جزين في جنوب لبنان ، ومعه كان لإيلاف هذا الحوار الشيق :
س: ما هي المواضيع التي تمحورت حولها ابحاثك الاخيرة ؟
ج: نقوم الآن بدراسة التفاعل القائم داخل عناقيد المجرات، بين المجرات والغازات التي تحتل المساحات داخل العنقود وتأثير ذلك على الاشعاعات الكونية Cosmic Rays . واستطعنا وللمرة الأولى مراقبة ارتداد هذه الاشعاعات عن هذه المجرات.
كما قمنا بتأكيد وجود نوع جديد من المجرات لم يسمع به احد من قبل، واستطعنا معرفة الحقبة الزمنية التي تكونت فيها النجوم الأولى لهذه المجرات (تقريبًا في الثلث الاول من عمر الكون الذي يبلغ 13,7 مليار سنة). والسؤال الآن هو كيف تكونت هذه المجرات وما هي نسبة إنتشارها في الكون .
النووي DNA او البروتينات موجودة في الفضاء الخارجي
، وهي تشكل اللبنات الاولى للحياة البيولوجية. س: لماذا تراقب وتدرس المجرات ؟
ج: مراقبة المجرات مهمة لعملي، فلكي تستطيع فهم الكون وتاريخه كما هو عليه اليوم، عليك ان تدرس نشوء النجوم عند نشوء الكون نفسه (منذ 12-14 مليار سنة ). فقد صنعت هذه النجوم العناصر الثقيلة ( الذرات التي يتألف منها عالمنا اليوم ) ثم نثرتها في الكون .
وهي لو لم تصنع المواد المختلفة وتنشرها في المجرات لكان الكون اليوم يتألف من عنصرين فقط هما الهيدروجين والهيليوم ، ولما كان لدينا الكاربون والنيتروجين والاوكسيجين والحديد ، اي لما كان لدينا اليوم الذرات او العناصر التي تسمح بقيام الحياة .
س: انت تدرس إذًا العمليات الفيزيائية والكيميائية التي أدت الى تكوين الذرات والجزيئات التي يتألف منها عالمنا وكذلك اجسامنا ؟
ج: بالتأكيد، فأحد اهم اهداف الفيزياء الفلكية ما دون الحمراء هو دراسة البدايات، ومحاولة معرفة من اين جئنا وهل نحن وحدنا في الكون . ولو نظرنا الى الظواهر الكونية في التلسكوبات التي تلتقط الضوء المرئي لأمكن مشاهدة بعض هذه الظواهر ، التي ما زال معظمها خفيا عن الانظار بسبب الغبار الكوني الذي يحجبها ، لذلك نلجأ الى استخدام التلسكوبات التي تلتقط الاشعاعات مادون الحمراء التي تخترق هذه الحجب .
س: حسنا هل تستطيعون تحديد العناصر والمواد التي تتألف منها أقراص الغاز والغبار المحيطة بالنجوم ؟
ج: لقد امتلكنا القدرة على تحديد مكونات الاقراص منذ مهمة التلسكوب أيزو- (1998_1995) وهو تلسكوب يعمل بالاشعة ما دون الحمراء ،كانت قد اطلقته وكالة الفضاء الاوروبية " إيسا " بالتعاون مع وكالة الفضاء الاميركية " ناسا " .
وفي امكاننا عند مراقبة اقراص الغاز والغبار حول النجوم تحديد البصمة الضوئية لكل مادة بإستخدام مقياس الطيف . فنحن نستطيع على سبيل المثال مقارنة البصمة الضوئية لمادة معينة في مجرة ما بالبصمة ذاتها للمادة نفسها اذا كانت موجودة في مذنب ما ، او حتى مقارنة هذه البصمة التي تنتج عن المادة ذاتها هنا على الارض ( اذا اخدنا على سبيل المثال الكاربون الموجود هنا على الارض، فلو وجد هذا الكاربون في مجرة بعيدة فإن البصمة الضوئية ستكون هي نفسها).
وهكذا عندما يخرج احدهم ويلتقط حجرًا ارضيًا عليه ان يفكر في ان المعادن الموجودة في هذا الحجر يوجد ما يماثلها في اقراص الغاز والغبار التي تدور حول نجوم بعيدة .ثم ان واحدة من الاشياء التي اعمل عليها هي مواد منتشرة بكثرة على الارض وتدعى الهيدروكاربونات الارومية المتعددة الحلقات . وكان العلماء يعتقدون بوجودها من الناحية النظرية في المجرات الاخرى .
ج: اذا قمت بشي قطعة لحم ، فإن المواد السوداء التي تتكون على اطراف اللحم المشوي هي الهيدروكاربونات الارومية المتعددة الحلقات. وعندما نراقب المجرات الاخرى نجد ان هذه المواد موجودة بكثرة فيها . وكنت قد قمت بدرسها قبل بضع سنوات، واصبحنا ندرك اليوم اهميتها من الناحية الفيزيائية والكيميائية في نشوء النجوم داخل اقراص الغبار .
س: لقد فتح تلسكوب سبيتزر نوافذ على الكون لم تكن متاحة من قبل لعلماء الفلك . ما هي الفترة العملانية المتبقية من عمر هذا التلسكوب ؟
ج: لقد كانت التقديرات الاولى تشير الى ان التلسكوب وبسبب صلاحية غاز الهيليوم الذي يقوم بتبريده سيتوقف عن العمل في العام 2008 ، لكن التقديرات الاخيرة التي قمنا بها وبسبب الاقتصاد في استخدام التلسكوب سنتمكن من ابقائه في الخدمة حتى ربيع سنة 2009 وهي السنة العالمية لعلم الفلك .
س: ما هو عدد الكواكب المكتشفة خارج نظامنا الشمسي حتى الان ؟
ج: لقد تجاوز العدد عتبة ال 250 كوكبًا وقد تم اثبات وجودها بطرق مختلفة. لكن المساهمة الكبيرة التي قدمها تلسكوب سبيتزر هي تحديد المدة الزمنية التي يستغرقها نشوء الكوكب وهي تتراوح بين 10 و100 مليون سنة. وهذا يحدث بعد إكتمال نشوء النجم الذي تدور حوله هذه الكواكب.
الجوي للكوكب الذي يحمل الاسم : HD 189733b س: لقد تعددت وسائل اكتشاف الكواكب حول نجوم اخرى غير شمسنا، ما هو الجديد الذي اتى به تلسكوب سبيتزر في هذا المجال ؟
ج: الطرق المختلفة لإكتشاف هذه الكواكب هي غير مباشرة اي انها لا تحتاج الى رؤية الكوكب نفسه . لكن تلسكوب سبيتزر إستطاع ان يراقب حوالى 11 كوكبًا بطريقة مباشرة. وهذا سمح لنا بتصنيف هذه الكواكب، أي تحديد حجم الكوكب وقياس الحرارة على سطحه. طبعًا نحن نتكلم عن كواكب تقع على مسافات تصل الى عشرات السنوات الضوئية (السنة الضوئية تساوي حوالى عشرة الاف مليار كيلومتر).
س: اود منك ان تتوقع المواضيع التي ستنال الاهمية في الوسط العلمي الفلكي في العقود المقبلة؟
ج: اعتقد ان موضوع اكتشاف ودراسة الكواكب خارج نظامنا الشمسي سينال اهمية كبيرة، وسيتركز البحث على كواكب شبيهة بكوكب الارض إن من حيث مدار هذه الكواكب حول نجومها الام ام من حيث تشابه الظروف الطبيعية لهذه الكواكب مع كوكب الارض .
س: متى ستخرج علينا نشرات الاخبار معلنة إكتشاف كوكب شبيه بالارض ؟
ج:سيحدث هذا بين عشرة واربعين سنة من اليوم .
س: إضافة الى موضوع الكواكب خارج نظامنا الشمسي ما هو الموضوع الذي سينال من الباحثين إهتمامًا واسعًا في العقود القليلة المقبلة ؟
ج: الكون يتسارع في تمدده وتعتقد بعض الاوساط العلمية في الوقت الحاضر ان الطاقة المظلمة المجهولة هي المسؤولة عن هذا التمدد . ومع الوقت سيصبح بالامكان تحديد مقدار تسارع تمدد الكون بشكل ادق ولست اكيدًا إذا كان الاعتقاد بوجود طاقة مظلمة سيكون موجوداً في المستقبل . كما ان معرفة بدايات الكون ونشوء المجرات الاولى سينال قسطا وفرا من الدرس وسنجد اجوبة كثيرة للاسئلة المطروحة اليوم . لكن بإعتقادي ، ان الموضوع الاكثر إثارة سيكون إكتشاف امور لم نكن قادرين على توقع وجودها.