الحقيقة القبيحة لكليوبترا وانطونيو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شكوك تهز أسطورة الجمال والجنس
"الحقيقة القبيحة" لكليوبترا وانطونيو
نسرين عزالدين -إيلاف : لم تعد أسطورة الجمال والجنس تختصر بكليوبترا، فالجدال المتجدد حول صحة الروايات المرتبطة بهذه الملكة وضعها موضع الشك.فقد عادت مؤخرا "معضلة جمال" كليوبترا الى الواجهة مع الكشف عن صورة محفورة على قطعة نقدية صادرة عام 32 قبل الميلاد تظهر فيها الملكة "بوجهها القبيح وجبينها الخفيض وذقنها المستدقة وأنفها المعقوف وشفتيها الرقيقتين."
هذه القطعة التي تملكها منذ العام 1920 جمعية نيوكاسل لتجار التحف الأثرية اطلقت شرارة "الوجه الحقيقي لكليوبترا" من بريطانيا مجددا.
وهذه ليست المرة الاولى التي تثار فيها مسألة "قلة جمال "الملكة المصرية ،ففي العام 2001 رافقت عرض 11 تمثالا لكليوبترا في أحد متاحف لندن تصريحات متتالية لعلماء عن دمامة وقصر قامة وبدانة اخر ملكة مصرية.
الأمر الذي اثار حينها حفيظة علماء الاثار المصريين الذين أصروا على جمال كليوبترا استنادا الى نقوش معبد دندرة في قنا (جنوب القاهرة ) وحيث يوجد نقش لكليوبترا الجميلة والجذابة وهي تقوم بإرضاع ابنها سيزرون الذي أنجبته من يوليوس قيصر إضافة الى تمثال آخر في متحف سان خوسيه في كاليفورنيا الذي يظهرها على القدر نفسه من الجمال.
ان كان البعض استند الى دليل مادي فان فئة اخرى استندت الى وقائع أقل حسما تنحصر في وقوع مارك انطونيو في غرامها واعتباره خير دليل على جمالها كون انطونيو نفسه كان على قدر كبير من الوسامة.
نظرية عادت لتسقط مجددا اليوم ،فوجه مارك انطونيو الذي دامت علاقته بكليوبترا عشر سنوات المحفور على الجهة الاخرى للعملة نفسها يظهره جاحظ العينين معقوف الانف وغليظ الرقبة.
اذا ..ووفق العملة المعلن عنها حديثا فان كليوبترا وانطونيو على قدر كبير من القباحة .
جمال كليوبترا
لطالما استحوذ تأثير كليوبترا على مخيلة الشعراء لينطلق بعدها الى الجمهور الذي سحر بالصورة المثالية لجمال الإمرأة الملكة الطاغية . وتعود صورتها كرمز فاتن في المخيلة الغربية الى وليام شيكسبير الذي تغنى بجمالها في مسرحيته "أنطونيو وكليوبترا" ليأتي الشاعر فيرجل ويمجدها كرمز للحب والعشق في احدى اغانيه .بيرنارد شو من جهته خرق الروتين"الجمالي والثقافي " لكليوبترا فأنكر عليها اي صفة ثقافية وجمالية وحصر سحرها بشهوة امرأة لعوب تستخدم جسدها لنيل ما تريده.
صورة ستكون موضع جدل لاحقا استنادا الى نقوش عرضت في لندن.
وبعد الأدب اتى دور السينما ليعزز "اسطورة الجمال المطلق " فلعبت الممثلة الرائعة الجمال اليزابيث تايلور دور كليوبترا و ريتشارد بورتن دور انطونيو في فيلم جوزف مانكيفيتش عام 1963.وان كان بليز باسكال قد كتب في "خواطر" عام 1670 الجملة الشهيرة "لو كان أنف كليوبترا أقصر لكان بدّل وجه العالم" غير ان هذا لم يثن هوليوود عن الاستمرار في تجسيد كليوبترا في صورة الجمال، حيث لعبت دورها مجموعة من أجمل نجماتها مثل كلوديت كولبير وفيفيان لي.
تعاقب الجميلات على لعب دور الملكة المصرية اطلق العنان "لرؤية جماهيرية جمالية مغايرة للواقع "وفق بعض العلماء ورؤية جمالية "واقعية استنادا الى الحقبة الماضية كون المقاييس الجمالية متغيرة ومختلفة وفق تغير المجتمعات وتطورها".ومما لا شك فيه وسواء كانت كليوبترا جميلة وفق المعايير القديمة وقبيحة وفق المعايير الحالية فهي شخصية فرضت نفسها في التاريخ والادب كشخصية نادرة ارتبطت بعظيمين من عظماء التاريخ الروماني.
أسطورة الجنس
وصف الكُتاب الرومان كليوبترا بأنها امرأة ذكية ذات شخصية مؤثرة ولم يأتوا على ذكر جمالها مطلقا..توصيف تدعمه الثماثيل الأحد عشر التي عرضت في لندن قبل سنوات. وتظهر كليوبترا كامرأة عادية عليها مسحة تجهم وكآبة وهيئتها أقرب إلى مصرية اكاديمية ذات اهتمامات ثقافية أكثر من كونها امرأة بارعة في جذب الرجال.
وعلى الرغم من الاعتقاد بانها ورثت أنفها المعقوف عن والدها الا ان التماثيل اظهرتها بأنف مستقيم وقامة لا تزيد عن 5 اقدام وهو متوسط طول النساء القادمات من اليونان في القرن الأول قبل الميلاد_اختلاف في الهيئات يفتح الباب امام احتمالات ان تكون بعض النقوش والتماثيل مرتبطة بخلفيات سياسية او ثقافية او شخصية.
من هنا كان الاعتقاد بأن الرومان حاولوا "تشويه" صورة كليوبترا وانطونيو خصوصا في ظل إنكارهم المتواصل لما اجمع عليه العلماء على كون كليوبترا امرأة ذكية وداهية وذات فكر ثاقب تتقن الاغريقية واللاتينية والعبرية والارامية والمصرية واصرارهم على حصرها بصورة المرأة الشبقة جنسيا.
تبدأ عملية البحث في "الاثار" الرومانية من مقولة ان"صوت كليوبترا يملك قدرة غريبة على الإغراء وقدرة اكبر على الايحاء بانها تعرف أكثر مما كانت تعرفه حقيقة ".اي إنها تملك قدرة الإغراء دون الجمال والادعاء دون المعرفة. كليوبترا الشبقة جنسيا صورة ظهرت متأخرة بعض الشيء، واعتبرت المصابيح الفخارية التي يعود اصلها الى المانيا وفرنسا وكان يمتلكها جنود رومان - كتذكير لهم بانهم يقاتلون ضد الفساد الذي تمارسه ملكة أجنبية- اساس هذه الاسطورة حيث تظهر كليوبترا بأوضاع جنسية فاحشة .
بعض العلماء اتهم الرومان بمحاولة تشويه صورتها وإصرارهم على إظهارها بهيئة المرأة النهمة التي أغوت مارك انطونيو "وأبعدته عن زوجته وسلبته رجولته وجعلت منه شخصا ليس بروماني" . حملة طالت انطونيو نفسه حيث تم العثور على تمثال ذيل بجملة "المحب الذي لا يضاهى" وهذه العبارة كانت تستعمل للدلالة على ارتياده بيوت الدعارة الى جانب علاقته مع كليوبترا.
وهكذا وبعد فتح الباب على مصراعيه امام صحة أسطورة جمال العاشقين، برز التشكيك بواقعية الجنس الذي ارتبط بعلاقة الحب تلك وجعلتها الاشهر على مر العصور.
غموض جديد يضاف الى الغموض المحيط بحقيقة شخصية كل من كليوبترا ومارك انطونيو.
وكما أي شخصية تاريخية فان الجدل سيرافقهما الى ما لا نهاية.
البعض يرى ان اختلاف شكل كليوبترا من عملة إلى أخرى يضع فكرة " جمالها المطلق" موضع نقاش لكنه لا ينفيه عنها.والجمال هنا مرتبط بمعايير تلك الحقبة..وسواء كانت كليوبترا جميلة أم دميمة فان الواقع يبقى أنها نجحت في الحصول على قلب اقوى رجلين في العالم في ذلك الوقت وهما يوليوس قيصر ومارك انطونيو .