يزدي في حوار حول ايران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف" تحاور زعيم حركة حرية إيران
يزدي: لايجب التصلب في قضية الملف النووي
ويعتبر زعيم حركة حرية إيران (نهضت آزادي إيران)- الشخصية المخضرمة التي ناضلت ضد حكم الشاه - الاسم الابرز في ائتلاف القوى الليبرالية الاسلامية المعروفة بالقوى القومية - الدينية (ملي - مذهبي) المعارضة حيث يسعى الى توسيع دائرة هذا الائتلاف ليشمل القوى الاصلاحية الخارجة منذ عامين من السلطة.
وتطرق الحوار الى عدة محاور، منهاالملف النووي والوضع الاقتصادي في عهد الرئيس احمدي نجاد وقضية القوميات غيرالفارسية والعلاقات الإيرانية الخليجية ومايشوبها من تعثرات.
إيلاف: لنبدأ من الملف النووي والمخاطر التي تهدد ايران في هذا المجال. فقد انتقدتم السلطة الايرانية وخاصة حكومة السيد احمدي نجاد في تعاملها مع الملف النووي. وقد طالبتم بقبول الرزمة الاوروبية في بياناتكم المختلفة. فما هورأيكم؟
يزدي:نحن نعتقد بان من حق ايران كعضو في معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ان تنشط في المجال النووي وان تملك العلوم والتكنولوجيا الذرية؛ لكن وعند صياغة الاستراتيجية الوطنية يجب ان نقدم تعريفا للمصالح الوطنية والامن الوطنى وان نحدد الاولويات. فما معنى تأسيس منشآت لتخصيب اليورانيوم في بلد كايران لايملك اي نوع من المفاعلات النووية؟ لنفرض ان اوروبا والولايات المتحدة الامريكية لن تعارض هذا الامر وان تقول روسيا باننا لن نعطيكم مفاعل بوشهر النووي حيث لم يسلموه لنا حتى الان؛ فماذا تفعل ايران باليورانيوم التي تقوم بتخصيبه وفي اي مكان تستهلكه؟ فالكلام الذي يقول باننا نريد ان نصدر اليورانيوم المخصب كلام غير مضبوط جدا ويظهر بان الحكومة لم تعتني بالوضع الدولي. فلايمكن للحكومة الايرانية ان تجبر مستوردي اليورانيوم - وهم محددون - كي يبتاعوا اليورانيوم المخصب منها؛ حيث لم يستوردوا ذلك من ايران حتى لو ارادت ان تمنحه لهم بالمجان.
عليه يجب ان يكون عندنا مفاعل نووي كي نقول بعد ذلك باننا بحاجة الى اليورانيوم المخصب والوقود النووي لتشغيل هذا المفاعل. فالعالم يضغط علينا بذريعة تخصيب اليورانيوم؛ فهل لصالح ايران ان تعاند وتتصلب في هذا المجال؟ نحن نقول: ليس لصالح ايران ونعتقد ان على ايران ان تقبل بالرزمة التي قدمتها مجموعة دول 5+1 وان توقف تخصيب اليورانيوم. فبعض المقترحات في الرزمة المقترحة جيدة جدا لكن بعضها تكتيكي. على ايران ان تقدم لهم اقتراحات مكملة. فمنح ايران مصنع لماء الخفيف امر جيد جدا؛ فهم مستعدون ان يمنحوا ايران احدث مصنع لماء الخفيف وعلينا ان نرحب بهذا الاقتراح لان تكنولوجيا الماء الثقيل امر قديمي. فاقتراحهم للاستثمار في صناعات تخصيب اليورانيوم امر جيد. لكن اقتراحهم لبيع الطائرات لايران امتياز تكتيكي حيث اذا توترت العلاقات يمكن ان يحظروا علينا استيراد قطع الغيار. فعلى سبيل المثال نحن اقترحنا ان تقبل ايران بهذا الامر لكن عليها ان تشترط ذلك بكف الولايات المتحدة عن معارضتها لمد انابيب الغاز والنفط من اسيا الوسطى الى الخليج الفارسي او مد انابيب الغاز الطبيعي من ايران الى باكستان والهند. فهذا امر استراتيجي لنا ولكل المنطقة. فوفقا لنظرتنا الى المصالح الوطنية نقول ان ايران تخطئ في هذا المجال.
حذرتم مؤخرا في بيان لكم عن الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد. حيث يعتقد العديد من الناس ان الحكومة وباستخدامها الايرادات النفطية والريع النفطي تعمل الشيء الذي تريده ولاتهتم بما تقوله المعارضة. فارجو ان تشرح لنا هذا الوضع الاقتصادي؟
دعني اوضح بان النفط ليس ايرادا بل هو رأس مال، لكن ومع الاسف يدخل هذا الرأس المال، خزينة الحكومة ولم يخصص للاستثمار. فيقول العقل الاقتصادي باننا يجب ان نحول ثروات النفط الى رؤوس اموال اخرى مثل السلع الاساسية والمصانع والمعامل والبنى التحتية لايجاد فرص العمل، لكننا لانرى ذلك. فقد تؤمن ايرادات النفط 80 في المئة من ميزانية البلاد، لكن الحكومة وبدل ذلك تنفق المليارات من التومانات للشؤون الجارية وهي نفقات يمكن ان نصفها باخذ الثروات على طاولات الاكل للايرانيين وهذا ليس امرا انتاجيا.
نحن نعد من اكثر شعوب العالم، شبابية حيث نحتاج الى مليون فرصة عمل جديدة سنويا لشبابنا. فعلينا الاستثمار لتأمين هذه الفرص وهذا بحاجة الى الامن السياسي والاجتماعي والقضائي حيث لايمكن توظيف الرساميل دون هذا الامن. فقد كان انتقادنا لهذا الاسلوب من الاداء الاقتصادي للحكومة.فالسياسات الاقتصادية للحكومة مدمرة حيث ستفكك النظام الاجتماعي للمجتمع الايراني وتزيد من الاستياء العام وتؤدي بنا الى نقطة الانفجار.
احد المشاكل التاريخية والراهنة للمجتمع الايراني هي مشكلة القوميات غير الفارسية في ايران. فقد شاهدنا خلال العامين الاخيرين قلاقل وانتفاضات للعرب في اقليم خوزستان (الاهواز) والاكراد في اقليم كردستان والاتراك في اقليم اذربيجان. كما كانت هناك قلاقل في اقليم بلوشستان؛ كيف تنظر حركة حرية ايران لمعضلة القوميات غير الفارسية في ايران وكيف يمكن حلها؟
عندما يهملون حقوق الشعب، نحن نقول باننا نناضل من اجل حقوق الشعب وسيادته حيث من وجهة نظرنا أن كل ايراني - إن كان عربيا او تركيا او كرديا او بلوشيا - فهو ايراني حيث نحن نعتبر من واجبنا الدفاع عن حقوق كافة الايرانيين؛ لكنك تعلم ان الضغوط الموجودة لاتنحصر بالعرب او الكرد او الترك. فالسيد اكبر محمدي لم يكن تركيا ولا عربيا ولاكرديا لكنه كان معتقلا وقام بالاضراب عن الطعام جراء الوضع اللامناسب في السجن حيث توفى اثر اهمال السجانين. او السيدة زهراء كاظمي لم تكن لا كردية ولاتركية بل شيرازية.
فانا اقول ان تصاعد الضغوط السياسية يؤدي الى احتجاجات شعبية. فالعمال الذين يتمتعون بقواسم فكرية وذهنية مشتركة يحتجون بصورة جماعية، والذين يدرسون في الجامعة يحتجون كطلبة وبصورة جماعية بسبب الاجواء الذهنية والجغرافية الخاصة. فمن الطبيعي ان تلعب القوميات ايضا دورها؛ فالعرب (الاهوازيين) وبسبب ثقافتهم الخاصة والمتجانسة يحتجون بصورة القومية العربية او الاتراك والاكراد كذلك. لكن هذا لايعني ان هناك اضطهادا خاصا للعرب، ليس للفرس حصة منها. فللاسف ان الظلم عام وجميعنا نعاني من هذا الظلم العام.
لكن العديد من مفكري العلوم الاجتماعية والسياسية يعارضون رأيكم في هذا المجال. فهم يعتقدون ان هناك نوعين من الاضطهاد: الاول عام والثاني خاص يوصف بالاضطهاد القومي. اذ يطرح مفكرو الليبرالية الديمقراطية في الغرب حقوق المواطنة الفردية والجماعية لانهاء هذا الاضطهاد. فالحقوق المواطنة الفردية في ايران على سبيل المثال تشمل جميع ابناء المجتمع، ان كان عاملا او موظفا، امرأة او رجل، فارسيا او عربيا او كرديا؛ لكن حقوق المواطنة الجماعي يختص فقط بالقوميات غير الفارسية. وقد تجلى هذا الامر في ميثاق الامم المتحدة ايضا. فعليه ان هناك تباين في الاضطهاد، والحل يختلف حيث ليس هناك حلا عاما. اي يجب تامين حقوق المواطنة الفردية لكل ابناء المجتمع وحقوق المواطنة الجماعية للقوميات غيرالفارسية. فاذا تم ذلك سنصل الى حل نسبي للاضطهاد القومي في المجتمع.
انا اقبل بالتحليل والتفكيك الذي طرحته. في الحقيقة نحن نواجه ظاهرتين: الاولى، تامين الحقوق العامة لجميع المواطنين والثانية، ان هناك مميزات جغرافية وقومية يجب ان تخصص لها حقوق خاصة. انا اوافقك تماما في هذا الامر، لكن نحن حاليا نعيش في مجتمع" قبل الديمقراطية" في ايران حيث في مثل هذا المجتمع يجب على كل ابناء الشعب وكل الفئات وكل القوميات ان تتعاضد وتناضل من اجل تحقيق حقوقها العامة والعريضة قبل ان تفكر بحقوقها الخاصة. بدون تأمين هذه الحقوق العامة لايجب ان نطرح الحقوق الخاصة. نحن جميعا نعاني من معاناة مشتركة وهي اننا نفتقد للحقوق العامة التي يجب ان يتمتع بها كل ايراني. فانني لااعارض الاضطهاد المزدوج للقوميات بل انني اتفهم ذلك. فالمرأة تعاني من اضطهاد يختلف مع اضطهاد الرجل. وبما ان الديمقراطية لم تؤسس بعد في مجتمعنا ولم تنتصر نهائيا؛ فعليه لايوجد اعتراف بحقوقنا الابتدائية. فانت - او الاخر- قبل ان تكون عربيا او كرديا اوتركيا تعد انسانا حيث يجب تامين حقوقه الانسانية.
نشطاء القوميات غير الفارسية لايقتنعون بهذه الاولوية و الارجحية ويقولون انه لايمكن تفكيك حقوق المواطنة؛ اي لايمكن تفكيك حقوق المواطنة الفردية والجماعية. فهم يقولون: رغم مرور 8 عقود من قيام ثورة الدستور وانشاء البرلمان و استقلال السلطات الثلاث لم يتم الاعتراف بحقوقنا القومية، فالى اي متى نصبر وفقا لاراءكم كي تتحقق حقوقنا القومية؟ فهل نصبر حتى يظهر الامام المهدي ليؤمن حقوقنا؟ كما ان ليس الغرب وحده الذي يطبق هذه الحقوق القومية بل ان دولة الهند في الشرق ايضا تمنح شعوبها وقومياتها المختلفة حقوقها بشكل نسبي. فهم لايقبلون بالتفكيك بين حقوق المواطنة في ايران.
انني اعرف هذه الاراء لكنني لااوافق عليها؛ حيث اذا لم نؤمن الحقوق العامة اولا، ستتعرضون للاضطهاد حتى لو تمتعتم بالحقوق القومية. كما نرى ذلك في العديد من الدول العربية التي لاتوجد فيها مشكلة قومية، لكن الناس يعانون فيها من الاضطهاد. فالحكومات العربية لاتراعي حقوق الشعوب. نحن نعتقد بعدم تفكيك الاثنين، لكن الاولى هي الاصل. فانا اتصور انه من الافضل ان نتعاضد في الظروف الراهنة لتأمين حقوقنا الاساسية التي نتشارك فيها.
هناك قواسم مشتركة وكذلك خلافات بين ايران ودول الخليج. فالخلافات قسم كبير منها حول الجزر الثلاث واسم الخليج. توجد في ايران نزعات قومية متشددة معادية للعرب لها جذور تاريخية بالطبع وكذلك احاسيس اسلامية اممية. كما توجد نزعات قومية - دينية اي ليبرالية اسلامية تنتمون اليها انتم في حركة حرية ايران. ويبدو ان مواقفكم تقع في وسط هاتين النزعتين. فماذا تقولون حول هذه القواسم المشتركة والخلافات؟
أول منطقة الخليج الفارسي، نحن نعتقد بان اي تغيير في الوضع القائم (استاتس كو) سيؤدي الى نشوء ازمات لايمكن السيطرة عليها. دعني احكي لك قصة. بعد قيام الثورة الايرانية كان بعض الايرانيين يطالبون باعادة احتلال البحرين. فقد اصدر اية الله الحاج سيد صادق روحاني بيانا رسميا اعلن فيها ان البحرين جزءا من ايران. اي ليس القوميون والشوفينيون كانوا يطالبون بذلك فحسب بل اية الله سيد صادق روحاني ايضا. لكن اول ما قمنا به نحن في الحكومة المؤقتة كان ارسال سفير جديد للبحرين. فعندما زارنا وزير خارجية الكويت انذاك في ايران التقينا معه، انا كوزير للخارجية ومهدي بازرغان رئيس الوزراء. فقد قال لنا الوزير الكويتي: عندما كنت اهم للسفر الى ايران سألتني الدول العربية عن سياسات الحكومة الجديدة في طهران. فاول سؤال لديه كان حول البحرين. فقد قلت له بانك كدبلوماسي يجب ان تعرف باننا عندما نبعث سفيرا جديدا الى البحرين بعد قيام الثورة فانه يعني اننا نقبل بالوضع القائم ولانريد تغييره. صحيح ان هناك دعاوي تاريخية لدى الايرانيين حول البحرين لكن عندما تبعث الحكومة الجديدة سفيرا الى البحرين معناه ان حكومتنا ليس لديها اية دعاوي حاليا. فقد رحب وزير خارجية الكويت بعملنا هذا.
كما وسألنا عن الجزر الثلاث. فقد قلت له: اذا اردتم تغيير الوضع القائم (استاتس كو) واذا اردتم اليوم ان تطرحوا الجزر الثلاث سيطرح غدا العراق موضوع الكويت حيث له دعاوي في هذا المجال وتطرح السعودية موضوع البوريمي وستستمر الحلقات واحدة بعد الاخرى. فلايجب تغيير الوضع القائم لان الوضع الحساس في الخليج الفارسي سيعرضنا جميعا للخطر حيث تقتضي مصالحنا جميعا بالانغير الوضع القائم. لكن يمكن لنا ان نطور علاقاتنا. على سبيل المثال: كيف يمكن لمجلس تعاون الخليج الفارسي ان يدعي بانه مجلس تعاون للخليج الفارسي دون حضور ايران. فيما ايران هي في القطاع الشمالي للخليج الفارسي. فلتحسين العلاقات بين ايران والدول المجاورة قمنا فورا بسحب القوات التي ارسلها الشاه الى ظفار واعترفنا بدولة البحرين وارسلنا سفيرا لها. فنحن نقول ان دول المنطقة وبدل ان تفتح جروح الماضي عليها ان تتعاون معا. فقد اعلننا لمجلس تعاون الخليج الفارسي بان ايران مستعدة كي تصبح عضوا في المجلس حيث سيؤدي ذلك الى تطوير التعاون الاقتصادي والسياسي والامني وهذا لصالح الجميع. فلانعتبر طرح مثل هذه الامور حاليا لصالح اي من الجانبين حيث اظهرت تجربة العراق ان العمل العسكري الذي قام به صدام حسين ضد الكويت جلب الكوارث العظيمة للعراق والكويت والمنطقة.
أتذكر وانت تتذكر ايضا ان اية الله صادق الخلخالي الذي كان حاكما للشرع في البلاد بعيد سقوط الشاه طرح اسم "الخليج الاسلامي" واليساريون طرحوا اسم "خليج الكادحين" لكن يبدو ان القوميين هنا لم يوافقوا على هذه الامور. وقد نرى البعض يثير بين الحين والاخر هذه القضية ويهولها، ماذا برأيكم وراء هذه القضايا؟
انت تعرف ان الخليج الفارسي الذي يوصف بهذا الاسم لالاف السنين بات يوصف بالخليج العربي في عهد عبدالناصر. في العام 1964 و1965 عندما كنا انا والمرحوم مصطفى تشمران نعمل سريا ضد نظام الشاه في مصر التقينا مع مساعد الرئيس المصري اي مساعد عبدالناصر حيث احتججنا عليهم وقلنا ان هذا سيؤدي الى اثارة الخلافات. فقد كانت هناك خريطة كبيرة للمنطقة تحمل اسم الخليج الفارسي. فقلت له يا سيد كمال الدين رفعت ان الخريطة الموجودة في غرفة مساعد الرئيس المصري - خلافا لما تبثه اذاعتكم باسم الخليج العربي- تقول بانه الخليج الفارسي. فانتم لم تستطيعوا ان تغيروا الحقائق التاريخية والجغرافية. فبحر عمان هو بحر عمان وبحر العرب هو بحر العرب والخليج الفارسي هو الخليج الفارسي.
يعتقد بعض الاكاديميين في ايران والعالم العربي ان قضية اسم الخليج دخلت دوامة من التعصبات المختلفة وابتعدت عن بعدها الاكاديمي الحيادي كي يدرس الامر بموضوعية وحيادية وبعيدا عن الضوضاء والضجات المفتعلة.فقد انطلقت مثل هذه الموجة مرة اخرى في اواخر عام 2004 وشاهدنا كيف انهالت الشتائم والاسائات من قبل القوميين والشوفيين ضد العرب، وكانت الذريعة هذه المرة ما نشرته مؤسسة ناشنال جيوغرافي في هذا المجال. اي ان هذه القضية التاريخية بدل ان تتعرض لدراسة علمية واكاديمية تحول النظر اليها من منظر ايديولوجي قومي بحت. وأنا اسأل لماذا يدخل هؤلاء المتعصبون هنا العنصر العربي و يوجهون الاسائات اليه دون ان يفكروا للحظة ان هناك 3- 4 ملايين عربي في جنوب غرب ايران؟ ألم يشعر هؤلاء العرب وهم مواطنون ايرانيون بالألم من هذا الخطاب. فيقول هؤلاء المثقفون العرب في ايران: صحيح ان تاريخيااسم هذه البحيرة هو الخليج الفارسي ولم ينفي ذلك بعض العرب، لكن اذا نظرنا الى الامر جغرافيا نرى ان ثلاثة ارباع من البشر الذين يقطنون اطراف هذه البحيرة هم من العرب. فقد نرى العرب في الجزر الواقعة في هذه البحيرة وفي الضفة الغربية وشمالها وحتى في الساحل الايراني حيث يعيش العرب في محافظة خوزستان وبعض الموانئ الجنوبية. فلماذا لم نختار اسما مشتركا يشمل الجميع. وقد اقترحت خلال محاضر التحقيق في السجن ان يصبح اسمه خليج ايران والعرب. لكن يبدو ان الامر في الاعلام الايراني اصبح تابوا محرما لايتم البحث فيه الا من بُعد واحد. فنفس التابو الذي فرضوه على موضوع الهولوكوست في الغرب نراها هنا حول هذا الاسم.
على سبيل المثال نرى خليج البنغال في خريطة العالم؛ فمعظم الذين يقطنون هذا الخليج هم من الهنود لكن اسمه خليج البنغال. او يصفون في المكزيك الخليج الذي يقع بينهم وبين الولايات المتحدة الامريكية بخليج المكزيك فيما يقع القسم الاعظم من هذا الخليج في الولايات المتحدة الامريكية وليس في المكزيك، او قناة بناما.
فانا اقول ان الايرانيين يقيمون في القسم الاعظم من بحر عمان لكن العرب يصفونه ببحر عمان او هناك بحر العرب في السواحل الجنوبية، فهل جميعهم من العرب؟ فلايمكن ان يكون هذا معيارنا. اذ تمت تسمية هذه المنطقة بالخليج الفارسي وفقا لاحداث وقعت عبر التاريخ وكذلك تلك المنطقة سميت ببحر قزوين (درياي خزر).
فانت تعلم يا دكتور ان نفس الخلاف في التسمية قائم حول البحيرة الواقعة بين فرنسا وبريطانيا حيث يصفها الفرنسيون ببحر المانش فيما يسميها الانجليز" English chanel " اي القناة الانجليزي لكننا لم نسمع عن المعارك والعنتريات والاسائات القومية كما نشهدها هنا من القوميين الفرس ضد العرب.
لماذا؟ السبب انه لا توجد هناك قوة ثالثة تقول بان مصالحنا تكمن بان يتنازع الفرنسيون والانجليز لأستثمرها لنفسي. اننا نعيش في منطقة ترى القوى العظمى مصالحا لها فيها. فلاترى هذه القوى من مصلحتها ان يتم اي تفاهم واتحاد بين العرب والعجم، فعليه تستغل الموضوع لاثارة الخلافات.
على سبيل المثال هناك بحر مازندران او بحر الخزر كما يصفه الايرانيون غيران الروس والتركمان يصفونه ب Caspian sea فهم لايتباحثون من هم الاغلبية في اطراف هذا البحر أوان الحدود الايرانية هي الاقل.
في تركيا يصفون الخليج الفارسي بخليج البصرة وفي جمهورية اذربيجان يسمونه خليج ايران. فيبدو ان له اسماء مختلفة بين الشعوب المختلفة في المنطقة. انني اقبل بان اسمه التاريخي هو الخليج الفارسي لكنني اسأل لماذا كل هذه التعصبات التي نراها هنا في هذا المجال ولماذا كل هذه الخطاب المعادي للعرب الذي يتم تحت هذه الذريعة؟ ألم توجد مسؤولية للمثقفين الفرس كي يواجهوا هذا الامر؟ ألايجب على المثقفين والاحزاب المحبة للحرة والمتحررة من الشوفينية ان ترد على هذا الخطاب وتقول لهؤلاء القوميين والشوفينيين لماذا تشتمون العرب عندما تدافعون عن اسم الخليج الفارسي؟
انني اوافق رأيك هذا مائة في المائة حيث اندد بهذه الادبيات كأمين عام حركة حرية ايران (نهضت آزادي). أننا في الحزب لانستعمل هذه الادبيات ولانؤيدها ونرى في ذلك ضررا.
فدعنا ان انقل لك بين قوسين هذا الموضوع التاريخي. فعندما كنا نتفاوض (كمعارضة في عهد الشاه) مع المصريين ومنهم السيد كمال الدين رفعت طرحنا اشكالات عليهم منها توصيف الاعلام العربي انذاك - ومنهم اذاعة صوت العرب- الايرانيين الذين يعيشون في السواحل الجنوبية للخليج الفارسي بالايرانيين الاسرائيليين حيث ذكّرناهم بانكم وبهذه الادبيات تثيرون الحرب بين العرب والعجم.
هذا هو الاتجاه القومي المتشدد، فلافرق إن كان عربيا او فارسيا. كما ان هناك سؤال يطرحه المثقفون العرب في الاهواز وهو لماذا لم تأخذ الاحزاب السياسية والمثقفون في ايران اي موقف تجاه تغيير اسم المحافظة واسماء المدن والقرى والاحياء حيث لم ينبس احد ببنت شفة فيما لم يتوانوا عن الدفاع عن اسم الخليج الفارسي. لم نرى احدا منهم أن يبدي أي حساسية تجاه هذا التغيير للاسماء التاريخية. فيتساءل هؤلاء ألم ينم هذا الامر من تعامل مزدوج مع القضيتين؟ نحن نتهم امريكا بالازدواجية تجاه القضايا في ايران والمنطقة فيما نحن - وحتى الاحزاب المحبة للحرية والمعارضة - مع الاسف لم تعترض على ذلك كما تفعل في قضية تغيير اسم الخليج. وانت تعرف ان الشاه رضا البهلوي هو الذي قام في العام 1934 بتغيير اسم المحافظة واسماء المدن
و القرى الاهوازية.
ألامر يعود الى الحاجة الى تعامل اكثر بين قوى المعارضة في ايران. فعندما يعد الشعب في محافظة خوزستان نفسه قومية منفصلة ويفصل مطالبه عن مطالب كل الشعب الايراني فعليه ان يتوقع وقوع هذه الامور.فقد كانت لي نقاشات في هذا المجال مع اخوتنا الكرد والاذريين وآخرين واطرحها معكم انتم العرب ايضا، فاذا أكدتم على ضرورة الحريات لكل الشعب الايراني فتنحسر هذه القناعات الداكنة الموجودة لدى البعض.
*تصوير يوسف عزيزي