إيلاف تحاور بارزاني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رئيس كردستان البارزاني في لقاء خاص بـ"كولان" و "إيلاف":
الهلال الشيعي غير ممكن ... وعاتبون على العرب!
إيلاف: سأل سائل من واشنطن تلفونياً:
- كردستان؟
- وأنت؟
قلت له مداعبا إنني ذاهب للتأكد أن السلطات لم تمنع "إيلاف". وكانت دولتان محاذيتان لكردستان منعتا "إيلاف" بالإضافة الى دولة ثالثة في المنطقة احتفلت بالذكرى الاولى لمنعها هذا الشهر.
السؤال الأكثر قرباً من الواقع: لماذا لا نذهب الى كردستان، وهو البلد او الاقليم الذي تتوفر فيه كل مزايا الدهشة والاثارة وعلامات الاستفهام؟ ومن منا لا يبحث عن مخابئ الدهشة ومكامن علامات التعجب ومساحات الأسئلة المعتمة؟
استحضرت روح الشاعر الكردي الأمير الانيق الصديق والاستاذ الراحل بُلند الحيدري عندما كان يلقننا بعض أقوال الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت:
أجمل الشفاه التي لم تقبلها بعد
أجمل الاماكن التي لم تزرها بعد
أجمل العيون التي لم ترها بعد.
نعم سيدي أبو عمر، نم قرير العينين في مقبرة "هاي غيت"، بجانب معلمك كارل ماركس. أما الرفاق فقد تركوه وحيدا في شمال لندن. لا يحتاج شاعرنا المميز إلا أن يفتح عينيه المتوقدتين، ليرى بلاده التي حلم بها، وقاتل من أجلها، تتطلع إلى أن تكون واحة خضراء في صحراء ممشوقة بالتخلف. أشهد أن روح بُلند كما هي روح أبي فرات وبقية الأصدقاء الأكراد، واصدقائهم، صارت دليلي في هذه الرحلة السريعة التي لم تزد عن ليلتين.
والحق أنه بالامكان اختصار المسافات الجغرافية على تباعدها. لكن من الصعب اختصار الحاجز النفسي الذي يجعلنا نعتبر افتراضا أن كردستان بهذا البعد!
لقد اقتضى مني قرار الذهاب الى أقصى جنوب البرازيل أقل من يوم، بينما احتجت الى أيام حتى أنفذ قرار الذهاب الى كردستان.
لقد كانت في خاطري مناطق العراق كله، بمشاهده الدرامية ، بكل هنرياته الثامنية، ومشاهده الشكسبيرية، وساحراته الطائفيات، بل كل سراديبه المعممة بالسواد والبياض - لحسن الحظ لم أر معمما واحدا في أربيل.
كانت رحلة متعبة بدأت من لندن الى ريغا عاصمة لاتفيا، مرورا بفلنيس عاصمة ليثوانيا التي توقفت امام دفئها الحضاري، وصلبانها المختلفة وكنائسها، كما كنت افتش عن تذكارات سابقة وكأن أجدادي الحدادين صنعوا تلك الصلبان وهذه الأجراس والأعمدة والأقواس الشاهدة على ملاهي الدم عند الغزاة، وآفاتهم وشرورهم، وقسوتهم، وجرائمهم، التي لا حدود لها، لإضعاف شعب صغير يقل عن الملايين الأربعة، لكنه قاتل بشراسة ضد فنائه وإلغائه. داس الغزاة الفرنسيون والبولنديون والروس والألمان اجمل شوارعها ودنسوا كنائسها وهجروا شعبها، ولكنها بقيت شامخة تمنحك نوعا من التذكر لما ستراه في كردستان.
هذه كردستان تقدم دليلاً آخر عما حل بها على أيدي أهلها... العرب والترك والإيرانيين، وبعض أهلها يتقاسمون أدوار إزهاق هذا الشعب وقتل رغباته في الحياة. لكنها بقيت صامدة متحفزة للمستقبل، ماسحة دموعها العميقة، راغبة في عدم اعادة الماضي او استرجاعه.
نعم، ما يجري في كردستان يثير الدهشة والإعجاب. شعب يخرج من الحطام، من الأسى والاحزان، والدماء والدموع، ليقول عن نفسه هاءنذا. ستجد امامك كيف تفرغ الكردي للبناء في هذا الإقليم، كيف يريدون مطاردة المستقبل. الحياة لا تجلس القرفصاء . رئيس الوزراء الممتلئ حيوية وذكاء، وهو الإبن الاكبر لإدريس البارزاني، وابن شقيق مسعود يقول: "يجب علينا ألا نتوقف... نحن نعيش في ورشة كبيرة. مهمتنا جعل شعبنا في حركة دائمة".
"نحن شنة!"
يحدثني هذا الشاب الأربعيني عن لقائه الرئيس بوش - جورج الإبن - يقول : "سألني ما موقفنا من الشيعة باعتباري سنيا؟" أجبته: "سيادة الرئيس نحن شنة".
استغرب الرئيس وقال: "أعرف أن هناك طائفتين".
قلت له "نحن الأكراد شنة! نحن مع الجميع". مسألة السنة والشيعة تشغل بال الأكراد، فهي كما يقول زعماؤهم تساهم في تأخير العراق قرونا لكنهم لا يستطيعون عمل شيء غير الدعاء.
المسألة التي تثير الأكراد وتؤرقهم، موقف العالم العربي منهم. في قلوبهم حسرة، وداخلهم ألم لا يكاد يختفي، وهم، من قمة السلطة الى مثقفيها، يرون أن العالم العربي يعاقبهم على أمر يعتبرونه حقا من حقوقهم. كيف يقفون في وجه سعيهم إلى الحرية ؟ كيف لا يقولون كلمة صدق واحدة ولديهم 180 ألف مفقود؟ أين العالم العربي بل والإسلامي عندما كانوا يبادون بالقنابل، وبالكيماوي؟ ألا يستحقون عطفا وإحساسا بالمشاركة القلبية الانسانية؟ كلها أسئلة يطلقها الكردي أيا كان هو ممن قابلت في أربيل.
أربيل لا تكاد تفصح عن جمالها إذا كان ثمة جمال. شيء ما ألقاها بعيدة عن الجبال وعن الخضرة، وعن الوجه الحسن. قيل لي اذهب الى غيرها، ستجد حقا الجنة في كردستان. سيدي إنها عاصمة البلاد. لا أدري لماذا لا يقال لها: انتقلي الى سفح الجبل علها تكون أجمل.
في حركتها وصخبها، وعمليات البناء فيها، تبدو ذات شبه قريب من مدن الخليج، عندما ادركتها لوثة الحضارة والتعمير. كل شيء هنا يتغير بسرعة فائقة، والجميع يحلمون بالثروة السريعة.
إلى الأخ مسعود!
ومن هو الأخ مسعود؟ إنه رئيس الإقليم وسليل البارزاني، وبطل التحرير والاستقلال.عبرت السيارة بنا مدينة أربيل الى صلاح الدين، يرافقني الزميل الاستاذ فؤاد صديق وهو صحافي لامع ورئيس تحرير مجلة "كولان". كنت أرهقه بالاسئلة. وكان يقول "إسأل عنها الأخ مسعود".
وصلنا الى القصر الرئاسي، قصر رئاسي بكل معنى الكلمة بعيد عن البلاد، وعلى سفح الجبال حيث الهدوء. استقبلنا موظفو التشريفات كأي قصر رئاسي. عند المدخل كان السيد مسعود يقف بابتسامة دافئة . ذكاء عميق وثقة تلحظهما في كل عباراته، ولسان حاله يقول إنه هو الرئيس. نعم هناك في بغداد رئيس. لكنه الرئيس الفعلي في مكتبه الصغير. جلس تحت لوحة زيتية لوالده، تُخلد لحظة هربه ودخوله عنوة الاراضي السوفياتية بعد ملاحقة مضنية. وعلى الأرض سجادة جميلة تتماوج بين الازرق والاخضر، صنعتها أنامل كردية في إيران.
وبدأنا المقابلة.
عندما يتحدث رئيس كردستان عن القضايا المتعلقة بالإقليم وبأوضاع العراق ودول الجوار والعالم عموماً، فانه يسيطرعلى المقابل، بشفافيته وصدقه وأجوبته الصريحة. وصفات رئيس كردستان هذه، باتت معروفة لدى غالبية الصحافيين المحليين والأجانب. ولهذا حين يوجه اليه أحدهم سؤالا ما فانه متأكد انه سيعكس بجوابه حقيقة الأوضاع الآنية في كردستان والعراق والمنطقة. والرئيس البارزاني، لا يتحدث صراحة عن المسائل السياسية فحسب، بل عن تلك التي تتناول شخصيته وخصوصياته. مجلة "كولان" كانت تطمح منذ زمن الى الإطلاع على وجهة نظر رئيس الاقليم في ما يتعلق بالاوضاع السياسية وآفاق المستقبل في كردستان، لتعرضها على القراء.
وناشر "إيلاف" عثمان العمير، كان ضيفا على كردستان هذا الاسبوع بدعوة من "كولان"، وإحدى فقرات برنامج زيارته كانت مقابلة الرئيس البارزاني، وقد قابل السيد العمير رئيس الاقليم، يرافقه المسؤول عن المكتب المركزي للإعلام في الحزب الديمقراطي الكردستاني سرو قادر ورئيس تحرير اسبوعية "كولان"، فؤاد صديق، فكانت هذه المقابلة الصحافية المشتركة بين موقع "إيلاف" الإلكتروني ومجلة "كولان" والتي تنشر في العدد المقبل من المجلة يوم الإثنين.
هذا نص اللقاء:
طموحات الرئاسة
الاسئلة التي خطرت ببالي تخطر ببال الآخرين من الصحافيين والمتابعين سواء لمتابعي شخصكم او متابعي كردستان بشكل عام، والسؤال الأول في ظل الأوضاع الحالية: ماذا كنت ستفعل لو كنت رئيسا للعراق؟
انا لا اتمنى ان أكون رئيسا للعراق، ولكنني أفتخر بكوني مواطنا كرديا عراقيا. قبل أن تحصل الحرب، عقد مؤتمر في لندن للتحضير لفترة ما بعد سقوط النظام، وعندما تأكدنا أن القرار هو إسقاط النظام، كان لا بد من التهيؤ لفترة ما بعد السقوط . هناك امور يجب ان تتهيأ لها او تستعد لها قبل ان تحصل، ويمكن التشبيه بالمرض الخبيث، اذا اكتشف في بداياته فممكن ان يعالج، ولكن اذا انتشر في جميع انحاء جسم الانسان فعند ذلك يستعصي على العلاج، والوضع الامني كذلك. في مؤتمر لندن ألقيت كلمة، قلت أيها الإخوان... إسقاط النظام ليس بمشكلة معقدة ولا عملية صعبة، ولكن الصعاب سوف تبدأ بعد سقوط النظام، وانا لاحظت خلال فترة اعمال المؤتمر نفسا انتقاميا.
بعد سقوط النظام كان هناك نفس للانتقام وهذا خطأ كبير، قلت لهم انا ادعوكم للإفادة من تجربة كردستان، في انتفاضة ربيع 1991 فتحنا صفحة جديدة مع جميع الذين أساءوا إلينا وبذلك استتب الامن واستقر الوضع. صحيح اننا عانينا نفسيا من الكثير من المشاكل في البداية ولكننا تجاوزناها. وأنا اتحدث صراحة وربما لا يجرؤ غيري ان يتكلم بهذه الصراحة. على المستوى الشخصي فقدت 37 فردا من عائلتي، ومن العشيرة فقدت 8 آلاف فرد، ومن القومية فقدت 182 ألفا، ومع ذلك أدعوكم الى تبني فكرة المصالحة من الآن..
لنتفق على مجموعة أسماء من الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي وتعلن هذه الأسماء، والبقية يجب ان تفتح معهم صفحة جديدة، اما اذا سمح كل انسان لنفسه بأن ينتقم، وليس هناك احد في العراق لم يفقد عزيزا، فإن المشكلة سوف تتفاقم عندئذ، ولن يكون هناك حل .
وأجرؤ ان اقول هذا الكلام لأنني ضحيت وتحديت النظام طوال عمري وما قبلت بنظام الحزب الواحد ولا بنظام حكم دكتاتوري، ولكن إلى متى؟ ولذلك انا ادعوكم إلى إقرار المصالحة الوطنية والتهيؤ لهذه المصالحة من الآن. في الحقيقة لم تول اهمية كبيرة لذلك. وكذلك القرار 1483 الذي صدر عن مجلس الامن دمر كل شيء ايضا، وتحولوا وفق ذلك من قوة تحرير الى قوة احتلال.
تعرف أن كلمة الاحتلال كلمة بغيضة والممارسة ايضا كانت ممارسة احتلال وهذا غير مقبول، ولذلك وربما لو كنت اريد ان اصبح رئيسا للعراق لأصبحت، ولكنني لا أتمنى الرئاسة في هذه الظروف.
ما دمنا في رئاسة العراق، كيف العلاقة بينك وبين حليفك جلال الطالباني الذي هو رئيس العراق؟
العلاقة ممتازة جدا، طبعا هو رئيس العراق وهناك تنسيق وتعاون يومي تقريبا بيننا.
هل تعتقد ذهبت خلافاتكم إلى الأبد؟
خلافاتنا ذهبت، نعم، لان المصالحة الداخلية والعمل المشترك في كردستان أصبحا جزءا من ثقافة المجتمع وأصبحا جزءا من ثقافة قواعد الحزبين، ولذلك انا واثق جدا ان المشاكل انتهت.
سيادة الرئيس، أنتم ضد رفع العلم العراقي على ربوع كردستان في حين لا تزالون جزءا من الدولة العراقية.
لست ضد رفع العلم العراقي الذي يقره البرلمان العراقي، لكني ضد العلم الذي هو في الأساس علم البعثيين، خصوصا أن النجوم الثلاث على العلم تمثل شعار "وحدة، حرية، اشتراكية". كما أن كلمة "الله أكبر" التي خطها صدام بيده على العلم كانت انعكاسا للتفرقة الطائفية والمذهبية. لذا قررنا عدم رفع ذلك العلم الذي ارتكبت في ظله جرائم الأنفال وحلبجة والقصف الكيماوي والمقابر الجماعية.
نحن نرفع علما يمثل جميع اطياف الشعب العراقي ويكون البرلمان العراقي قد أقره. لهذا السبب رفعنا العلم العراقي إبان ثورة 14 تموز وفضلناه، الى ان يحين الوقت ويتمكن البرلمان العراقي من اختيار علم للعراق.
صدام كان متواضعا... ولكنه تغير
آخر سؤال عن الرؤساء: كيف ترى او رأيت صدام حسين؟ كيف تنظر الى إعدامه؟
رأيته عندما كان رئيسا لمجلس قيادة الثورة وعندما ترأس وفد الحكومة العراقية للمفاوضات في عام 1970 وبالضبط يوم 1970/1/12، عندما جاء الى كّلالة لمقابلة والدي، رأيته ذلك الوقت وكان يختلف تماما عن الفترة الاخيرة التي رأيته فيها عام 1991. في ذلك الوقت كان متواضعا، متحمسا، جريئا، وفعلا أدى دورا كبيرا في إنجاز اتفاق 11 آذار ولكنه تغير بعد ذلك .
هنا وبالتأكيد تنطبق عليه الآية الكريمة (كلا ان انسان ليطغي أن رآه استغنى). طبعا صدام حسين الذي رأيته عام 1991 كان يختلف 180 درجة عن صدام الذي رأيته في عام 1970. اما إعدامه، ففي تصوري هو انتهى ومات عندما أخرج من الحفرة. انا لم اكن اتمنى ان يعدم في يوم الاعياد، عندما يموت الانسان، أيا يكن، فانه يأخذ خيره وشره معه.
العراق الجديد
سيدي الرئيس ، كيف ترى مستقبل العراق؟ هل ترى فعلا إضاءة مقبلة؟
فلنعُد قليلا الى التاريخ، التجربة اثبتت ان أي اتحاد قسري، او اي تقسيم قسري، فاشل ولن يدوم، حتى اذا استمر سنينًا وعقودا، ولكن في النتيجة سيتغير الامر.
بعد الحرب العالمية الاولى تأسس العراق على اساس المشاركة بين القوميتين الرئيستين، العربية والكردية، مع الأسف الشديد لم تلتزم الانظمة التي حكمت العراق بتلك المشاركة ولم تراع حق المواطنة للكرد، وعندما حرم الحلفاء الكرد حق تقرير المصير كان الجزء الوحيد الذي خير واستفتي في ما اذا كان يريد البقاء مع العراق او مع تركيا، هو الجزء الكردي في كردستان العراق، طبعا لو كان الكرد قد خيروا للاستقلال لكانوا بالتأكيد قد صوتوا للاستقلال، ولكن كان هناك خياران، البقاء مع تركيا او الالتحاق بالعراق الجديد، والكرد اختاروا الحياة مع اخوانهم العرب في العراق، وهذا كان سبب الانتفاضات والثورات .
واليوم، لولا الكرد لكان وضع العراق يختلف تماما، لو قسّم ، بدون شك. الكرد هم الذين حموا الوحدة الوطنية العراقية، ولم نكن جزءا من المشكلة، نحن جزء من الحل، حاولنا مع الإخوة السنة ومع الإخوة الشيعة، كما قلت، المصالحة والإفادة من تجربة كردستان، مع الأسف الشديد أخذ الصراع الطائفي يتجذر ويستحوذ على تفكير معظم القيادات الدينية والسياسية في الجانبين، يجب ان تنتهي الصراعات الطائفية... في الحقيقة انا غير متفائل بمستقبل العراق.
الموقف من السنة والشيعة
حسنا، ما دمنا في الحديث عن الطائفة، اليوم يتخذ الاكراد مسافة متوازية بين الطائفتين السنية والشيعية، متى سيتغير هذا الموقف؟
نحن لا نفكر بتغيير هذا الموقف أبدا، ولكن سيتغير الموقف، ليس من الطائفة بالتأكيد بل من حزب او من شخص ينتمي الى هذه الطائفة او تلك، بمدى التزامه بالدستور ومدى التزامه بالديمقراطية ومدى التزامه بحق الشعب الكردي.
الطوائف والدستور
هل ترون لدى الاحزاب المسيطرة على الحكم في العراق التزاما كاملا بالدستور؟
المسألة نسبية، هناك من هو ملتزم وهناك من يلتزم مجبرا وهناك من لا يريد ان يلتزم، في الحقيقة، لا يمكن ان يطبق القانون على الجميع بنسب متساوية.
ألا تعتقد، كما يعتقد بعض الناس، انكم تسرعتم في الحديث عن تطبيق الدستور في ما يتعلق بكركوك؟
ابدا، بالعكس، تأخرنا وأبدينا مرونة كبيرة بالنسبة الى موضوع كركوك، والمادة 140 من الدستور واضحة جدا وتضع الحل الجذري لمسألة كركوك وغيرها من المشاكل المشابهة لها. المسألة ليست محصورة بكركوك وحدها، هناك مناطق اخرى من العراق في أوضاع مشابهة، حتى في المناطق الوسطى والجنوبية.
انتم مع الحل الفيدرالي؟
نعم، اثبتت التجربة انه ليس هناك حل غير الحل الفيدرالي، لا يمكن لحكومة شمولية، حكومة مركزية، ان تحكم مثلما كان في السابق، لن تكون هناك نتيجة.
والحل الفيدرالي يقضي في تصوركم بتقسيم العراق الى ثلاث او اربع او خمس مجموعات؟
اذا أخذنا العراق على المستوى القومي، فهناك قوميتان رئيستان، طبعا هناك قوميات اخرى، التركمان والآشوريون والكلدان، ومع كل الاحترام والتقدير لهم وضمان حقوقهم، لكن هناك قوميتين رئيستين، ويمكن ان يكون هناك اقليمان فيدراليان. اما اذا كان الأخوة العرب، سنة وشيعة، يريدون ان يكونوا في اقليم واحد ففي تصوري لا يمكن ان يعيش السنة والشيعة في اقليم واحد، وهذا متروك لهم، هل يعيشوا في اقليمين او ثلاثة اقاليم او اربعة اقاليم، هذا امر متروك لهم.
الخطة الأمنية
هل في نيتكم لو طلب منكم دعم الخطة الأمنية، ان تزودوهم بقوة كردية، هل تقبلون؟
لا يمكن ان نشارك في اي عملية اذا كانت تستهدف طائفة معينة، ان نكون جزءا من الصراع الطائفي على الاطلاق، اما مساعدة قوات الحكومة لفرض القانون ولمكافحة الارهاب، لن نتردد في دعمها.
واذا تطلب الامر حماية طائفة؟
الحقيقة في ليس بامكاننا ان نذهب الى بغداد ونحن طائفة، اما اي طائفة تريد ان تفيد من وضع كردستان، عندما تتعرض الى ظلم معين، فبالتأكيد ان كردستان ستفتح ابوابها امام أي شخص او أي طائفة او أي حزب يتعرض الى الاضطهاد والظلم.
اللاجئون في العراق
هل لديكم لاجئون من العراق او بقايا الحكم السابق؟
من بقايا الحكم السابق، لا أتصور، لكن هناك عددا كبيرا جدا من رجال الفكر وأساتذة الجامعات ومن الأطباء الذين تركوا بغداد والمدن الاخرى وجاءوا الى كردستان وعينوا في جامعاتها، وبدأوا يمارسون اعمالهم بشكل طبيعي في اربيل والسليمانية ودهوك.
رغبة الاستقلال
دعنا ننتقل قليلا الى الخارج، ما زلتم تملكون مكاتب خارج كردستان العراق، سواء في ايران او في سوريا، هل يعني هذا بداية الاستقلال، ام بداية التفكير في الاستقلال، وهل لديكم مثلا خطة زمنية لاستقلال كردستان؟
حتى اكون صريحا معك، اخي العزيز، الاستقلال هو حق مشروع لشعب كردستان، ولكن لست مع استخدام العنف او اللجوء الى الوسائل العسكرية من الجانب الكردي، واستنكر استخدام السلاح من جانب الحكومات التي تقاسمت كردستان ايضا.
اعتقد أن الوقت يجب ان يكون مناسبا لكي يحصل الشعب الكردستاني على استقلاله. وهذا حق طبيعي ويجب أن يكون في يوم من الايام، اما عن وجود هذه المكاتب، فإن قسما منها يعود الى فترات سابقة، فترات النضال عندما كنا في المعارضة، وبعد سقوط النظام ايضا، وبعد صدور الدستور هناك فقرة تسمح لاقليم كردستان بفتح مكاتب ثقافية وتجارية ضمن السفارة العراقية، وهذه المكاتب ستكون جزءا من السفارات العراقية.
تركيا... إيجابيات وسلبيات
كيف ترى علاقاتكم مع تركيا؟
نحن نتمنى ان تكون العلاقة طبيعية وهناك فرص كبيرة للتعاون التجاري والاقتصادي، ولكن نسمع بين الحين والآخر من بعض الجهات من الدولة التركية، تصريحات استفزازية او تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للعراق وإقليم كردستان، وفي الوقت نفسه تصريحات متناقضة بعض الاحيان، هناك تصريحات ايجابية ايضا، ونحن نتعامل مع الجانب الايجابي
كيف ترى حل المشكلة الكردية في تركيا؟
ليس هناك حل عسكري، يجب ان يكون حلا سياسيا وحلا سليما، ولكن كيف؟ طبعا هذا متروك لهم، ولا اريد الدخول في التفاصيل ولكن بدون شك أن الحل العسكري فاشل.
هل هناك اتصالات او تنسيق، سرا او علنا، مع الجانب التركي؟
لا بد انكم سمعتم في الفترة الاخيرة عن تعيين ممثل للرئيس بوش، هو الجنرال رالستون، كمنسق، وقد زارني مرتين لحد الآن، ولدينا ايضا ممثل في هذه اللجنة عن الاقليم، هناك تعاون وتنسيق ولكنني ابلغت الجنرال رالستون مسبقا بأنه اذا كان الهدف الحل السلمي السياسي فنحن مستعدون لتقديم اي دعم حسب امكاناتنا، اما اذا كان الحل عسكريا فنحن لسنا معهم.
ماذا كان جواب الأتراك؟
الأتراك في الحقيقة تكلموا بلغتين، لغة سلمية ولغة عسكرية، والأميركيون اكدوا انهم ليسوا مع الحل العسكري.
لكن الواضح ان رئيس الأركان التركي كان في زيارة لواشنطن قبل فترة ولم يكن راضيا عن الزيارة تماما؟
مع الأسف الشديد، ما زال الجيش التركي يعتقد حتى الآن ان الحل العسكري هو الحل الانجح، مع العلم بأن لا احد يعرف في الجيش التركي ان الحل العسكري هو حل فاشل، منذ عشرين عاما وهم يجربون الحل العسكري ولم يحصلوا على نتيجة.
الموقف من إيران
لننتقل الى الجارة الاخرى ايران، قبل فترة تم اعتقال مجموعة من الدبلوماسيين او من يسمون بالدبلوماسيين الايرانيين، في اقليم كردستان، ما كان موقفكم؟
في الحقيقة نحن استنكرنا تلك العملية ليس دفاعا عن ايران، فانا لست مسؤولا عن الدفاع عن ايران، ولكن دفاعا عن سيادة الاقليم وعن وحدة الاقليم. المدينة او المنطقة الوحيدة التي ليس فيها نفوذ ايراني او تركي او نفوذ دولة اقليمة، هي اربيل وكردستان. هذا المكتب كان مكتبا علنيا وليس سريا، واذا كان هناك تدخل ايراني او اسلحة ايرانية او عبوات ناسفة ايرانية تتدفق على العراق فهي ليست من خلال هذا المكتب، بل من داخل المنطقة الخضراء، من الكوت، من البصرة، من العمارة، من كل هذه الحدود، واذا كانت تدخل الى العراق فإنها تدخل من هناك.
وجود هؤلاء الناس لم يكن سرياً بل في شكل علني ولم يأت الأميركيون لاعتقالهم، بل جاءوا لاعتقال وفد كان قادماً من طهران، زار رئيس الجمهورية ثم جاء وزارني أيضاً ولم نبلغ بأن دخول هؤلاء الى العراق كان ممنوعا.
طبعاً ايران كجارة، شأنها شأن اي دولة أخرى، نحن مضطرون لان تكون هناك علاقات، وان العلاقات شيء والسماح بنفوذ اي دولة او تلك شيء آخر، نحن رفضنا وسوف نرفض بشدة نفوذ اي دولة اقليمية في العراق وخاصة في كردستان، لذلك فان ما قام به الأميركيون في الحقيقة كان في المكان الغلط والوقت الغلط، ولم يحصلوا عليه. وانا لا اعتقد ان هولاء الذين اعتقلوا هنا استطاعوا ان يفيدوا الأميركيين بشيء من المعلومات لان ما يحصل من تدخل ايراني في العراق ليس من هذه القناة، ولكن من قنوات اخرى، لذلك نحن استنكرنا هذه العملية وطلبنا من الاميركيين ألا تكرر مثل تلك العمليات، واذا كان هناك خطر يهدد الامن العراقي او الأمن الأميركي من جانب ايران او اي جهة اخرى فيجب ان يعالج بالتنسيق معنا ، فلا يمكن ان نسمح لإيران او لأي دولة اخرى ان تستفيد من ارض كردستان لتهديد قوات التحالف او الأمن العراقي.
هل تتوقعون سيدي الرئيس تحريضاً للأكراد في ايران ضمن ما نسمع من مخطط لتحريك بعض الأقليات في ايران؟
انا في الحقيقة لم اشعر بشيء من هذا القبيل، وانا لست مع تحريض او تثوير الكرد في اي منطقة من خلال استخدامهم كورقة ضغط.
لكن الا تعتقدون انه سيكون للكرد دور في ما سيحصل؟
للكرد حق طبيعي، وهم محرومون من حقوقهم، أما تحريض الكرد او استخدامهم كورقة ضغط على هذه الدولة او تلك، فأنا ضد هذه الفكرة تماماً.
بما فيها سورية ؟
بما فيها سورية.
كيف هي علاقاتكم بالاكراد في سورية؟
علاقتنا ممتازة بالكرد في كل مكان.
هل يشعرون بالرغبة في أن يكونوا مثل اكراد العراق؟
بالتأكيد، وهذا حق طبيعي.
مستقبل أكراد سورية
كيف تتصور مستقبلهم هناك.. حكم ذاتي مثلاً، أو...؟
الوضع يختلف، طبعاً الكرد في سورية اليوم ، في أي جزء، هم يحددون ماذا يريدون، نحن لا نرسم لهم الخريطة، هم يرسمون خريطتهم، يرسمون الطريق لأنفسهم، الكرد في سوريا يطالبون بحقوق ثقافية وادارية بسيطة، وحتى فترة سابقة كانوا يطالبون باستعادة الجنسية وحق المواطنة.
الهلال الشيعي
سيدي الرئيس، كثر الحديث عما يسمى بالهلال الشيعي او تعاظم الدور الشيعي او الهجمة الشيعية*، انت كسني وكرئيس لشعب له اهميته ودوره في الاسلام، الشيعي والسني، كيف ترى هذا الوضع؟
أرى مبالغة في ابراز الجانب السلبي السني، والشيعي ايضاً، انا اعتقد ان القيادات الدينية ضد الآخرين. صحيح انا سني ولكن الحقيقة انا لست متعصباً، انا مؤمن بثقافة التسامح الديني والمذهبي والقومي، وانا درست في بغداد وعشت في بغداد، كان عندنا جيران شيعة وسنة، في المدرسة طلاب شيعة وسنة. في الحقيقة لم نكن نشعر بهذه المشكلة في السابق، هذه المشكلة برزت اخيراً وتعمقت في الفترة الاخيرة مع الاسف الشديد، ونحن نعرف كلنا ان هذه المشكلة قائمة منذ ظهور الاسلام، من الحروب التي حدثت بين الإمام علي ومعاوية، استمرت ولكن لم تكن بهذه الطريقة القاسية التي نلاحظها الان، عملياً غير ممكن، من الناحية العملية لو تنظر الى الموضوع... الهلال الشيعي، صحيح ان الشيعة هم اكثرية داخل العراق، ولكن قياساً الى العالم الاسلامي والعالم العربي هم أقلية، البعد السني كبير جداً، اتصور بدلاً من اثارة هذه المسائل يجب السعي إلى حلول لنبذ هذه الأفكار والطروحات. في تصوري لا يمكن عملياً أن يكون هناك هلال شيعي.
إيران والتسلح النووي
هل ترى في الافق تأزما في الملف الايراني او هجوماً اميركيا على ايران؟
لا أستطيع القول ان هناك هجوماً ولكن بالتأكيد اصبح هناك تصعيد في الفترة الاخيرة، هذا التصعيد، هل هو بهدف ان تنفرج الازمة او فعلاً ان هناك مراحل اخرى تأتي بعد هذه المرحلة؟ في كل الاحوال نحن نراقب الوضع ونتمنى ان لا يكون هناك اصطدام، لانه سيؤثرفي وضع المنطقة بشكل عام.
انتم شعب يمكن ان يكون الوحيد بعد الشعب الياباني الذي عانى من الاسلحة الفتاكة او الخطرة، كيف ترى التسلح النووي في المنطقة عموماً؟
أنا ضد التسلح النووي في الحقيقة، انا حتى ضد اقامة مفاعل نووي للأغراض السلمية ايضاً، وتجربة تشيرنوبل لا تزال ماثلة. اذا تعرض مفاعل نووي لأغراض سلمية الى خلل سيؤدي الى هذه الكارثة الكبيرة، وحتى المفاعل النووي سواء في ايران او اي بلد آخر اذا تعرض الى خلل من هذا النوع فكيف سيكون الوضع، ولذلك ليس هناك داع، وانا ضد التسلح وضد استخدام السلاح النووي وضد استخدام الطاقة النووية حتى للأغراض السلمية، حتى في هذه المناطق التي نحن فيها.
العلاقة مع العرب
كيف ترى علاقاتكم بالعرب، لا اقصد هنا العراقيين بل عرب الدول العربية؟
اكون دبلوماسيا ام صريحا؟
صريحا
نحن نعاتب إخواننا العرب، أولا، تاريخنا مشترك، الكرد ساهموا في تطوير الحضارة الاسلامية وشاركوا في معارك العرب، لكن الإخوة العرب، وخاصة في الفترة الاخيرة، اصبحوا ينكرون على الكرد، احياناً، حتى حق الوجود. هناك تشويش خطر على القضية الكردية في الجانب العربي. سابقاً كان هناك تعتيم اعلامي ولكن في الشارع العربي، الى حد كبير، كانت هناك احزاب وشخصيات تتبنى الدفاع عن القضية الكردية، الان حتى هذا لا نلاحظه.
وانا دعيت الى حوار عربي - كردي، نحن لنا عتب على الاخوة العرب ولكن في الوقت نفسه نمد يد الاخوة والتعاون والصداقة اليهم، نحن نعتبر العرب اخواننا ولنا تاريخ مشترك، ودين مشترك، مشتركات كثيرة، ولكن يجب ايضاً ان يتفهموا حقوقنا وان يتفهموا قضيتنا، نحن لسنا غرباء، ولا دخلاء على هذه المنطقة، نحن اقدم شعب نعيش في هذه المنطقة، واحياناً ينكرون علينا حتى حق الوجود، ولذلك انا ادعو واستغل وجودك ان تنقل هذه الرسالة الى الشعب العربي، الى الاخوة العرب، نحن اصدقاء، اشقاء، واخوان، ونحن شركاء في الدين، نحن نحب ان نتعاون، ان نستمع، اسمعونا.
هل حصلت اي اتصالات بينكم وبين الدول العربية.. سرية او علنية؟
لا داعي للاتصالات السرية، الآن كل الاتصالات علنية، وانا زرت السعودية مرتين وزرت الكويت مرتين وزرت سوريا ومصر والامارات وليبيا والاردن ايضاً، وفود ذهبت ووفود جاءت، ليست هناك اتصالات سرية ولا داعي للاتصالات السرية، ولكن هذه الاتصالات في الحقيقة غير منتظمة، ليس هناك تواصل، هناك زيارات وهناك انقطاع.
دور الاستخبارات
عندما قلت زيارات سرية فإنني اعرف او كما يقولون إن في اربيل اتصالات سرية كثيرة.. هناك من يراقب العراق، ومن يراقب ايران، او الذي يراقب كردستان، هل هذا صحيح؟
ليتك توضح السؤال اكثر.
هل هناك نشاط استخباري، هل هناك نشاط او اتصالات سرية؟
الان فهمت الموضوع، في الحقيقة هنالك علاقات تجارية، وهنالك ممثلون لأجهزة استخبارات بعض الدول، ويوجد تعاون وعلى الاكثر يصب في مصلحة الطرفين. ولا اعتبر هذا اتصالا سريا.
انتم متهمون بأنكم متعاونون بل مرنون مع اسرائيل؟
لسنا مرنين أكثر من العرب، ولا يجوز ان نكون ملكيين اكثر من الملك.
هل لكم اي علاقات مع السلطة الفلسطينية؟
قبل اقل من اسبوع كان هنا وفد فلسطيني برئاسة الاخ جبريل الرجوب.
سؤال اخير: ماذا تودون قوله للعرب والعراقيين؟
أولا يجب ان يعيد كل شخص عراقي النظر في وضعه، وفي وضع العراق، وان نقر بوجوب ان يكون الولاء للعراق، للوطن، وأن ينبذ الصراع الطائفي وينبذ الارهاب، يعود العراقيون الى المحبة والى قبول الحل الذي يضمن لنا جميعا المستقبل الزاهر للعراق. اما للعرب فإنني اكرر ايضا الدعوة الى اقامة الحوار العربي الكردي. يهمنا جدا ان نكون مفهومين لدى الشارع العربي.
سيدي الرئيس هل ما زلت تمارس الطبخ؟
لا والله، ل