أخبار خاصة

مجمع ثقافي إماراتي يرتدي الشماغ والقبعة الأوروبية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



"عاهله" تحدث لـ"إيلاف" عن الحاضر والمستقبل والتُهم:
مجمع ثقافي إماراتي يرتدي الشماغ والقبعة الأوروبية !


مدير عام هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث محمد المزروعي سلطان القحطاني من أبو ظبي :حضرات القراء .. هذا هو أمامكم مدير عام هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث محمد المزروعي المتهم بإثارة القبلية في دول الخليج العربي وبإذكاء الرجعية عبر تبنيه الخطاب الشعري المحكي على حساب الشعر الفصيح، كما يقول خصومه، من خلال البرنامج ذائع الصيت "شاعر المليون"، بينما هو في حديثه مع "إيلاف" الذي تم على فترتين في يوم واحد يدفع عن نفسه هذه التهم قائلاً إن البرنامج الذي يعتبر تحت مظلة المجمع الثقافي يقوم بعملية "تطهير للساحة الشعبية".

ويعتبر هذا المبنى الأنيق المكون من طابقين، حيث مكتب المزروعي الواسع ومكتبته، المسمى بالمجمع الثقافي هو "الماكينة الثقافية" التي تسير خطط النهوض الحضاري للإمارة التي تشهد فوراناً غير مسبوق في عملية البناء الاقتصادي في سياق خططها الطموحة بغية موازاة النهضة الاقتصادية بالشأن الثقافي، تحت رعاية ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن زايد الذي يصفه مقربون من البلاط الأميري بأنه "شيخ مثقف ذو رؤية حداثية".

وإذا كان المزروعي متهماً فإن له حق الإجابة على منتقديه فيما يتعلق بأن المجمع الثقافي أغفل دور الشعر الفصيح قائلاً في حديثه مع إيلاف إن المجمع يعد العدة لإطلاق البرنامج الجديد "أمير الشعراء" الذي جرت التحضيرات له عبر البدء في اختيار أعضاء اللجنة من دول مختلفة في العالم العربي، والذي من المتوقع أن يشهد اهتماماً أكبر به كونه يعتبر ذو رؤية عربية شاملة.

وكانت القاهرة الأذن الأولى التي التقطت مسمى البرنامج الجديد وهاجمته على اعتبار أن هذا الاسم يعد أحد الألقاب الخاصة بالشاعر المصري الشهير أحمد شوقي، لكن صحافياً إماراتيا بارزاً قال لـ"إيلاف" في حديث خاطف عن هذه النقطة إن الغضبة المصرية على البرنامج لا أساس واقعياً لها فـ "أين نذهب امرؤ القيس والمتنبي ليحتكر شوقي هذا اللقب الذي لا يستند على أدلة منطقية" على حد قوله.

مجمع ثقافي والمزروعي ذو القامة الفارعة لا يمكن أن يجيبك مباشرة على أسئلتك التي تطرحها عليه، بل يظل يفكر بهدوء وكأنه ينتظرُ وحياً سماوياً، وذلك بغية أن تخرج الكلمات المناسبة المتقنة للإجابة على سؤالك دون أن تكون هنالك حاجة إلى التزويق المصطنع.

ويقول المسؤول الإماراتي اللامع عن مستقبل الإمارة الثقافي خلال حديثه مع "إيلاف"، الذي دار جزءه الأول في مكتبه والثاني في دارته التي يجتمع فيها نخبة من مثقفي البلاد:"السياسة التي رسمناها لأمارة أبو ظبي أنه خلال الثلاثين سنة المقبلة لن يستطيع أحدٌ منافستنا في هذا المجال. هناك متاحف عالمية سوف تفتح فروعها لدينا، وهناك أيضاً اهتمام بصناعة الكتاب، والمهرجانات الثقافية المستمرة على مدار السنة.

وخلال تجوالك داخل مفاصل المجمع الثقافي يرنو إلى سمعك بين لحظة وأخراها عزف هادئ ينساب من خلال بيانو مسطح الحجم ذا لون عاجي، على غير مبعدة عن نسوة يرتدين عباءاتهم السوداء، ولا يبرز منها سوى عيونهن، وهن منهمكات في صناعة المنسوجات التقليدية والسجاجيد المطرزة بالألوان الزاهية، فيما تشاهد أنّى تجولت عدة قطع أثرية منها خوذ فارسية وبنادق قديمة الصنع وضعت للعرض.

وحين سألت المزروعي عما إذا كان يشعر بالذنب لأنه حول الثقافة داخل الأمارة من مجانية إلى مدفوعة من خلال دفع الناشرين لمبالغ من أجل المشاركة في معرض الكتاب وأمور أخرى في ذات الإطار، أجاب قائلاً بثقة :"معارض الكتاب السابقة لم تكن بهذا الحجم الذي نزمع تنظيمه خلال الأيام القليلة المقبلة. أتمنى من المنتقدين أن يزورا معرض فرانكفورت للكتاب كي يعرفوا كيف ان المدينة كلها تتحرك مع المعرض. نريد أن نفعل هنا شيئا مماثلاً".

ومجمع ثقافي اخر ويضيف وهو يعتدل في مقعده قائلاً بصوت واثق:" نعم الثقافة ستصبح مدفوعة كي أجعل لهذا النشاط قيمة. القيمة المالية ليست الهدف لكن لفرز المشاركين بغية اقتصار المشاركة على الأشخاص الذين يستحقون ذلك فعلاً دون أن نحول هذه المعارض الثقافية إلى دكاكين لبيع الكتب لا أكثر، إننا سنجعل هناك حركة كبيرة لصناعة الكتاب في أبو ظبي".

والمتابع لنشاطات الحركة الثقافية لهذا المجمع الذي تموله حكومة أبو ظبي فإنه سوف يلحظ كيف أن هذا المركز، الذي يحوي بين دفتيه على مكتبة ضخمة تحوي أكثر من مليون مجلد، يوازي بين ارتداءه للشماغ الخليجية عبر تنظيم معارض ثقافية عن الصحراء ورحلات إليها، وبين إرتداءه القبعة الأوروبية عبر تنظيمه مهرجانات موسيقية لعيون الروائع الموسيقية في العالم إضافة إلى المعارض الفنية الدولية.

وفي الطابق الأول من المجمع يمكنك أن تشاهد ركناً زجاجياً صغيرا يحوي في جوفه منشورات المجمع التي بلغت أكثر من 300 كتاباً إضافة إلى كم آخر من الكتب الصوتية في تجربة هي الأكثر إصراراً من نوعه في العالم العربي.

ويبدد رئيس المجمع الثقافي في أبو ظبي الخشية من أن تلغي هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث دور المجمع الذي يعتبر موقد حركة ثقافية لا مثيل لها في سائر أنحاء البلاد التي تستحم بعائدات نقدية بفضل الارتفاع المتصاعد لأسعار النفط.

منسوجات تقليدية ويقول وهو يخط بقلمه على بضعة أوراق على طاولته متوسطة الحجم:"الهيئة هي المظلة التي ترسم السياسة العامة للثقافة في أبو ظبي. إنها لم تلغ دور المجمع بل هي أصبحت الحاضنة للمستقبل الثقافي للإمارة".

ولا يعرف بعد مالذي يخطط له هذا الإداري المحنك الذي يتحدث بصوت واثق النبرات حول أحلامه المستقبلية خلال الجزء الثاني من الحوار الذي تم في الخيمة الملحقة بدارته الأنيقة في أبو ظبي، إذ يقول بأن أحلامه كثيرة جدا أهمها تحقيق حلم صناع القرار في البلاد بغية "إيصال ثقافة البلاد وأصالتها إلى الأجيال المقبلة وإلى العالم".

وعليك أن لا تستغرب إذا شعرت فور خروجك من مكتبه برائحة الحلم تزكم الأنوف .. إنها طريقة صناعة أبو ظبي الجديدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف