أخبار خاصة

بن لادن وويتني هيوستن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أشهر عربي بعد الخلفاء والملوك في عامه الخمسين
هل دمر بن لادن البرجين ليحصل على وتني هيوستن؟


زيد بنيامين، دبي: بعدما حرم الكثيرين من الأبرياء وأولادهم وعائلاتهم من الإحتفال بأعياد ميلادهم جراء غزواته ونتائجها، إحتفل أسامة بن لادن في العاشر من (آذار) مارس بعيد ميلاده الخمسين قبل يوم واحد من إنفجارات العاصمة الإسبانية مدريد. ويتخذ الإحتفال بعيد ميلاد بن لادن شكلاً مميزًا تحدّث عنه المتحدث باسم حركة "طالبان" الملا حياة الله خان قائلاً: "انا متأكد 100% أنه لا يزال على قيد الحياة"، ووصف طريقة إحتفال "طالبان" بالمناسبة قائلاً إن مقاتليها أدوا صلوات خاصة في معسكراتهم. وحلّ العيد الخمسون لهذه الشخصية المثيرة للجدل بعد أسابيع قليلة من وفاة عم بن لادن، وكان تشييعه مناسبة ترقب كثيرون فيها ظهوره بطريقة أو بأخرى لتقديم التعازي للعائلة، لكنه لم يظهر في أي شكل، الأمر الذي فسرته مصادر قريبة بأنه قد يكون قد توفي.

بين جدة والرياض
ولد أسامة بن محمد بن عوض بن لادن في العاشر من آذار (مارس) عام 1957 لعائلة غنية في جدة، وترجح مصادر أن تكون ولادته في الرياض. وكان قد حدد تاريخ ميلاده على قناة "الجزيرة" عام 1958، كما حدد الكثير من الشروط وأحكام علاقته بها بعد سنوات الذروة التي تلت ما أسماها "غزوة نيويورك" لاحقًا.

والده محمد عواد بن لادن، كان رجل أعمال غنيًا وكان قريبًا من العائلة المالكة السعودية. هاجر بعد الحرب العالمية الثانية من حضرموت اليمنية إلى ضفاف البحر الأحمر حيث مدينة جدة السعودية وفي مينائها بدأ الأب العمل قبل أن يطلق عمله الخاص عام 1930. وفي الخمسينات كان على موعد مع إنفتاح غير متوقع حينما تولى عمليات البناء الخاصة بالعائلة المالكة في السعودية.

كان طول الوالد يتجاوز الـ 180 سنتيمترًا وبعين واحدة، وقرر في أحد الأيام أن الحياة أكبر من أن تعمل فيها حمالاً وأين؟... في حضرموت اليمنية. جمع ملابسه الرثة في حقيبة وباع المكان الذي كان يعيش فيه ووضع أحماله على جمل وانتقل إلى المملكة العربية السعودية التي كانت قد تأسست حديثًا وقرر الإستقرار على بعد 1000 ميل من بيته السابق بحثًا عن الثروة.

كانت وظيفة الوالد الأولى في السعودية العمل لدى شركة "أرامكو"، وهي شركة نفط أميركية - سعودية وكان ينال يومهفي ذلك الحينيقدّر بريال سعودي واحد يوفر معظمه ويعيش حياة فقيرة من أجل جمع المال، قبل أن يدخل عالم الإستثمار ثم عالم التجارة. وسرعان ما تولى بناء قصور العائلة المالكة السعودية بعد أن كان يقدم عروضًا بأسعار أقل، هذا كل ما كان يقدم من عطاءات في ذلك الوقت.

الفرصة الذهبية لمحمد بن لادن حانت حينما إنسحب مقاول أجنبي من عطاء تمديد طريق سريع بين المدينة المنورة وجدة، حيث تولى محمد بن لادن المهمة، وبفضل هذا الطريق فتحت له مخازن المال وأصبح ظاهرة في السعودية.

بن لادن (إلى اليمين) وإلى جانبه ابنه محمد وساعده الأيمن محمد عاطف خلال
زفاف محمد لابنة محمد عاطف البكر في قندهار في التاسع من يناير 2001 يقول مهندس فرنسي عاصر والد بن لادن إنه لم يكن يقرأ أو يكتب وكان يوقع بعلامة X فقط على كل الأوراق التي كانت تتطلب توقيعه، ولكنه كان فائق الذكاء وبالفطرة. ويضيف المهندس الفرنسي أن محمد بن لادن لم ينس جذوره أبدًا وكان غالبًا ما يترك بيته مع مال كثير يوزعه على الفقراء.

ولأنه كان وهّابيًا صرفًا، قرر الوالد شراء طوافة (هليكوبتر) كي يصلي صلواته الرئيسة الظهر والعصر والمغرب أو العشاء في المدن الإسلامية المقدسة الثلاث: المدينة المنورة ومكة المكرمة والمسجد الأقصى في القدس في يوم واحد، وفي الوقت نفسه كان يستخدمها لمتابعة أعماله المتواصلة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وخصوصًا في مشاريع الحج السنوية والتوسيعات التي رافقت تاريخ الحرم الشريف. وعن هذا الطريق نشر الوالد سمعته بين الحجاج ومن هناك إلى جميع دول العالم.

تواصلت ثروة الأب في النمو، حتى أن العائلة السعودية في مرحلة من تاريخها كانت تقترض منه المال وفي الأوقات الصعبة خصوصًا، وكان على موعد مع الموت عام 1968 في الهيلكوبتر التي إستخدمها لملاحقة أوقات صلواته ما بين مكة المكرمة والمدينة المتورة والمسجد الأقصى.

كان الوالد في زيجاته قد قرر أن يبقي ثلاثًا على ذمته، ويغير الرابعة "كما يغير الإنسان سيارته"، على ما يقول المهندس الفرنسي الذي صاحبه، وكان يستخدم الطوافة نفسها التي لقي حتفه فيها بسبب سقوطها ليختار الطيار له الزوجة من كل البلدان العربية والإسلامية، وكان بعض الزوجات لا يتجاوز عمرهن الخامسة عشرة. وتتذكر زوجة الطيار مهمتها مع زوجها بالقول: "كن منقبات من قمة الرأس إلى أخمص القدم، لكنهن كن على قدر عال من الجمال".

كان ظهور أسامة بن لادن العائلي الأخير في عرس إبنه في كانون الثاني (يناير) من العام 2001، ولكن منذ هجمات 11أيلول (سبتمبر)، إتصل مرة واحدة بأمه ونفى خلال الإتصال أن يكون قد إرتكب أو دبر أعمالاً إرهابية ضد السعودية، لكن تلك الأعمال تصاعدت على أرض الواقع.

ورغم أن عدد أخوة بن لادن غير محدد، تقول مصادر إن عدد أبناء محمد بن لادن وصل إلى 55 وأن الأب تزوح 22 مرة، وأن تسلسل أسامة من بين كل أبنائه كان السابع عشر وهو الابن الوحيد لزوجته العاشرة حميدة العطاس التي ولدت في سوريا عام 1934.

بعد فترة قصيرة من ولادته، إنفصل والداه وتزوجت أمه من محمد العطاس الذي كان يعمل في شركة الوالد (محمد بن لادن) وولد لهما أربعة أولاد وعاش بن لادن مع أخوته الثلاثة وأخته الوحيدة من زواج والدته الجديد.

مركز التجارة العالمي في نيويورك لكن مصادر أخرى لا تشير إلى هذا الإنفصال، فقد كانت حميدة (والدة أسامة بن لادن) تبلغ من العمر 22 عامًا حينما تزوجها والد اسامة، وهي ابنة لتاجر سوري وكانت جميلة جدًا وعلى معرفة ودراية تامة بكل ما يدور حولها في عالم الجمال والتجميل وكانت (شانيل) مصدر ملابسها الرئيسي ولكن لم يكن هذا ليشفع لها لتبقى على ذمة محمد بن لادن، وذلك لأنها كانت "أجنبية" وفق العرف السعودي، وكانت تعرف بين زوجات محمد بن لادن بالـ "الزوجة الجارية"!

وعندما توفي محمد بن لادن بسقوط طوافته كانت حميدة لا تزال زوجته وكان ابنها أسامة يعرف على أنه "ابن الزوجة الجارية". وكان عمره في ذلك الوقت 11 عامًا.

كان الوالد قد قرر جمع كل أطفاله تحت سقف بيت واحد وتعليمهم التعاليم السلفية وطالبهم بإظهار رجولتهم باكرًا، وأن تكون تصرفاتهم نابعة من الثقة بالنفس، بينما كان الوالد يغير الشواطئ التي يقضي فيها أوقاته الحميمة مع زوجاته كل يوم.

بداية التأثير
درس بن لادن خلال الفترة من 1968 و1976 في مدرسة الذكر النموذجية والتي تأسست في الخمسينات، وقد أسسها الأمير فيصل بن عبد العزيز ودرّس فيها مدرسون أجانب مثل برايان فايفيلد شايلر وسيموس أو براين اللذان إستذكرا في مقابلة مع صحيفة "نيويوركر" الأميركية أنهم درسوا بن لادن خلال تلك الفترة، وكانت تعرف المدرسة في مجتمع جدة بأنها "مدرسة النخبة"، وعبرها تعرف بن لادن إلى فكر الإخوان المسلمين، حينما كان الملك فيصل قد فتح أبواب السعودية لمدرسين من سوريا ومصر والأردن يحملون فكر "الإخوان"..

يقول عنه برايان فايفيلد شايلر (69 عامًا) إن بن لادن كان خجولاً لكنه على درجة عالية من الأدب، كما كان طويل القامةوالأكثر وسامة بين رفاقه ويتمتع بثقة عالية بالنفس. ولم يكن يدفعه أحد إلى أداء واجباته المدرسية، لم يكن يريد أن يري نفسه على أنه الأذكى في الصف كما هو حال الطلاب في كل الأزمان، لكنه كان ينتظر منك أن تسأله حتى يعطيك الإجابة. وكان يحب من رفاقه أن ينادوه بـ (سامي).

سافر بن لادن عام 1971 إلى السويد وبالتحديد إلى مدينة فولان السويدية مع أخيه سالم، ويتذكر كرستيان اكر بلايد صاحب فندق "استوريا" الذي استقر فيه الأخوان، أنهما كانا جميلين جدًا... ولقد أعجبت بهما فتيات المدينة اللواتي شاهدنهما، وكان أسامة يلعب دائمًا مع أبنائي.

وتتذكر زوجة صاحب الفندق المبالغ الكبيرة التي كان يحملها الفتيان حينما كانت تنظف غرفتهما عادة، وتضيف: "كانا في نهاية الأسبوع يضعان ملابسهما على الأسرة الزائدة الموجودة في كل غرفة. أعتقد أنهما كانا يستخدمان ملابسهما لمرة واحدة، وكانت ملابسهما جديدة كل يوم. ولم أشاهد أي ملابس غير نظيفة في غرفتهما! كما كانت لديهما حقيبة كبيرة لمجوهراتهما، مثل السلاسل والساعات وغيرها".

إلتحق الأخوان فيما بعد بالدراسة الصيفية بكلية أوكسفورد للغات في العام 1971 نفسه، وهناك كوّنا مجموعة ضمت فتيات إسبانيات، وقد نقلت صحيفة "الأوبرزيفر" البريطانية صورة لهذه المجموعة التي ضمت أسامة بن لادن وأخويه.

درس بن لادن في ميدان الإدارة والإقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وتشير مصادر إلى أنه حاز على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1979 فيما تشير مصادر أخرى إلى حصوله على درجة البكالوريوس في العلاقات العامة عام 1981. في حين تنفي مصادر ثالثة أن يكون بن لادن قد نال أي درجة عليا وتزعم أنه ترك الدراسة في الجامعة حينما بلغ الصف الثالث.

خلال الجامعة، تأثر بن لادن بفكر محمد قطب وعبد الله عزام، والأول كان بمثابة الداعية الرسمي لفكر أخيه سيد قطب الذي كتب "معالم في الطريق"، وهو الكتاب الذي يعد اللبنة الأساسية في "الجهاد" للمجموعات الإسلامية المتشددة والداعي للجهاد ضد كل من هو غير مسلم.

أما عزام وهو فلسطيني فقد أسس للجهاد ضد السوفييت في أفغانستان وإغراق الشبان العرب (مثل بن لادن) في الجبهة الأفغانية وخصوصًا شبان الشرق الأوسط والسعودية. وعزام هو الذي درّس أسامة بن لادن على تعاليم موسى القرني والذي قيل إنه "مفتي بن لادن" وكانت فكرته الأساسية أن المسيحيين واليهود هم أعداء الإسلام.

ونقلت عنه في محاضرة جرت يوم الثالث من شباط (فبراير) 2005 على قناة "اقرأ" ما يأتي:
إن الفوضى التي تعيشها الإنسانية اليوم من قتل وهجمات و إغتصاب و سرقة وغيرها سببها أن أعلام اليهود و النصارى وغيرهما من المعتقدات والأديان قد إرتفعت أعلى من راية الإسلام (لا إله إلا الله محمد رسول الله). دعونا ننظر إلى ما كتب في القرآن وأي موقف يجب أن نقفه ضد أعداء الإسلام ؟ علينا أن نقبل أولاً أن هناك من يريدنا ألا نستخدم مصطلح (أعداء الله) ويريدون منا ألا نقول إن النصارى واليهود هم أعداء الله، لا يريدون منا أن نقول إن اليهود والنصارى هم أعداء الإسلام، لقد قيل ذلك في القرآن، يجب أن نقول ذلك أيضًا، وإن يكن هذا اللفظ على إلسنتنا وألسنة أطفالنا وكافة المسلمين، فهناك أناس يحاولون التغاضي عن هذه الأشياء و يحاول تجاهل العداء بين المسلم وغير المسلم، نعم هذا صحيح، فدين الله هو التسامح، ولكن ماذا إذا كان هناك من يقاتل دين الله ويقاتلون من يحب الله ويدمرون صورة الإسلام والمسلمين ويحاولون إضعاف الإسلام؟.

الزوجة الأولى
في 1974 تزوج بن لادن وهو لم يتجاوز السابعة عشرة بنجوى غانم، وهي إبنة خاله والتي أنجب منها على الأقل عشرة أولاد منهم ابنه سعد الذي ولد عام 1979 وواصل السير على خطى أبيه فيما بعد في القتال مع "القاعدة". وتردد أنه كان مسؤولاًعن تفجير شهدته تونس في الحادي عشر من نيسان (أبريل) عام 2002 وشارك في تفجيرات الرياض بتاريخ 12 أيار (مايو) 2003 وتفجيرات المغرب بعد هذا التاريخ بأربعة أيام.

رافق سعد والده أسامة حينما كان مقيمًا في السودان خلال الفترة الممتدة بين عامي 1991 و 1996 وتبعه إلى أفغانستان وتزوج من يمنية وقيل إن بن لادن تزوج من أربع سيدات أخريات وطلق واحدة وهي "أم علي بن لادن" والتي كانت محاضرة ودرست في المملكة العربية المتحدة وقضت إجازاتها في الخرطوم حيث إستقر بن لادن فيما بعد.

ووفقًا لما قالته وصال الترابي زوجة الإسلامي السوداني المعروف حسن الترابي، درست "أم علي" الإسلام لعدد من العائلات في الرياض وكانت زوجات بن لادن الثلاث الأخيرات كلهن يدرّسن في الجامعات أي "محاضرات". وأضافت أن سبب إقتران بن لادن بزوجاته المحاضرات كان لقضائهن جل عمرهن في الدراسة وبالتالي فاتهن قطار الزواج ولذلك فقد تزوج بهن "للثواب".

ونقلت المصادر عن "ابو جندل" رئيس حماية بن لادن أن "ام علي" طلبت الطلاق من بن لادن حينما كانا في الخرطوم لأنها لم تتحمل الاستمرار في هذا الزواج ذات المستقبل الغامض.

وخلال كل زيجاته، كان لبن لادن ما بين 12 و24 ابنًا وابنة منهم نجوى التي أنجبت مابين 10 و11 طفلاً منهم عبد الله وعمر ومحمد وسعد و محمد بن لادن (1983)، والأخير تزوج من ابنة محمد عاطف أحد رجالات "القاعدة" في قندهار في أفغانستان.

وتني هيوستن معجب بوتني هيوستن
ويبدو أن بن لادن لم يكتف بزيجاته الخمس بل أراد أن يتزوج المغنية الأميركية "وتني هيوستن" لأنه كان مهووسًا بها، وليس لأنها خريجة "فاتها قطار الزواج" وهو المبدأ الذي إتخده مع زيجاته الأخريات، على ما تقوله الشاعرة والروائية السودانية "خولة بوف".

وأضافت الروائية: "أخبرني أن وتني هيوستن هي أجمل امرأة على الأرض"، ولكنه لم يكن يحترم زوجها بوبي براون و"أراد ان يراه مقتولاً"، حسب وصفها.

وأضافت في "يوميات فتاة ضائعة" التي نشرتها مجلة "هاربر": "قال بن لادن أنه يشتهي وتني هيوستن رغم أن الموسيقى هي من الشيطان. وروى أيضًا أنه صرف أموال طائلة من أجل الذهاب إلى اميركا وتدبير لقاء معها وأراد أن يعطيها قصره في الخرطوم، وهو مستعد من أجلها لتطليق كل زوجاته علىإبقائها الوحيدة على ذمته".

وتابعت الروائية أن بن لادن كان دائم التحدث عن جمال هيوستن ودفء إبتسامتها، قائلاً إنها تمثل الإسلام الحقيقي الذي شوهته الثقافة الأميركية. وكان ينتقد تصرفات زوجها بوبي بروان قائلاً أنه يسعى إلى قتله، كما لو كان من الطبيعي قتل زوج إمرأة للحصول عليها.

وأكدت خولة بوف أنها غالبًا ما وجدت صور وتني هيوستن في حقيبة "ثقافية" كان يسميها إلى جانب مجلات "البلاي بوي".
عاد بن لادن في عام 1974 بعدما أكمل دراسته الإعدادية إلى أوروبا ليكمل دراسته مع سالم قبل أن يعود تاركًا أخويه سالم ويسلم، وتنقل الأخير بين جامعات السويد وكاليفورنيا. وعاد أسامة ليلتحق بجامعة الملك عبد العزيز بينما عاد أخوه سالم إلى إادارة شركات أبيه في مجال البناء وكان يأمل من أخيه أسامة أن يتحمل جزءًا من العبء ليواصل هو دراسته في الجامعة في الهندسة المدنية، وهذا ما تحتاجهتلك الشركات. ونجح بن لادن في الجمع بين العمل والدراسة في تلك الحقبة.

وفي الجامعة كما تقول بعض المصادر، إنهإلتقى الأردني (من أصل فلسطيني) عبد الله عزام، وكانت جدة تمثل في ذلك الوقت مركز إلتقاء العديد من المسلمين من كل العالم في مدارسها الإسلامية والتي كانت بيئة خصبة لعبد الله عزام ليستعد للمرحلة الآتية من حياته.

يتذكر عبد العزيز بن لادن تلك الفترة قائلاً: "بدأ بن لادن يقرأ الكتب الدينية بانتظام ويدخل في الأنشطة الدينية المقامة في جامعته ويغوص فيها أكثر فأكثر، ثم دخل في مناقشات فقهية في الدراسات الإسلامية وبدأ يكوّن له شبكة علاقات منها مع الأمير تركي بن فيصل الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لأجهزة المخابرات السعودية".

مواصفاته
وبعيد عن كل ما يقال عن زيجاته وأمانيه، فإن وصف بن لادن عند "الأف بي اي " الأميركية يختلف تمامًا عن جانبه العاطفي الذي وصلنا إليه حتى الآن، فطوله يبلغ 194 سم و يزن 75 كيلوغرامًا ويكتب باليسرى، وغالبًا ما يتجول برفقة عصاه ولا يحب لبس الملابس السعودية (اللباس الوطني) رغم أنه يفضل أن تكون ملابسه ناصعة البياض. يتحدث بصوت منخفض وبسحر خاص ودبلوماسية مع ضيوفه ويرفض الحديث بأي لغة غير العربية، رغم أنه يفهم الإنجليزية.

لم يكن بن لادن الابن، يحب المال الذي تركه له والده، ولم يكن ليبقيه لقضاء حاجيته بل إن المال الذي سعى الوالد للحصول عليه أصبح مشكلة كبيرة لابنه الذي قيل إنه ورث (250 مليون دولار) عام 1968، ومع الدخول في عقد السبعينات كانت الثقافة قد بدأت تتغير في الشرق الأوسط، بدأت عائدات النفط بالتزايد، تصاعدت الحرب مع إسرائيل والإتصالات المتزايدة مع الغرب وتدخل الغرب بعد أزمة النفط في 1973 في منطقة الشرق الأوسط قد إتسع أيضًا بدوره، وكذلك تصاعدت الحركة الإسلامية في دول الخليج في تلك الفترة مع الإستعانة بمدرسين من مصر والأردن. وكانت أغلب ميولهم إسلامية متشددة إن لم يكن الكثير منهم، وهو ما إنعكس على المناهج وما تريد هذه الدول التخلص من آثاره اليوم.

كان المد الاسلامي قد وصل إلى ذروته في نهاية السبعينات، حينما نجح الخميني في الوصول إلى السلطة في إيران في شباط (فبراير) 1979 بعد أن أبعد الشاه وأنشأ الجمهورية الإسلامية وبدأ الخوف يعم الدول الإسلامية المحيطة من المد الشيعي القادم، وجاء الإصطدام الأول لبن لادن مع قوى الأمن السعودية فيذلك الوقتفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1979، حينما تحول أحد المساجد إلى ساحة معركة دموية بين قوات الأمن السعودية والمسجد الذي كان يرتاده إسلاميون راديكاليون، وقد إلهمته هذه الحادثة كثيرًا، كما قال صديق مقرب له لصحيفة "الاوبزرفر" البريطانية: "قال لي إن أولئك الرجال كانوا مسلمين حقيقيين وقد إتبعوا الطريق الصحيح، وكان القرار أن يتبع المصير نفسه".


البداية
ساعدت ثروته التي زهد بها وعلاقاته في أن يمارس بن لادن "هوايته" المفضلة ألا وهي دعم "المجاهدين" في أفغانستان ضد الإتحاد السوفياتي أيام إحتلال الأخيرة لهذا البلد عام 1979 بعد أن تحول مدرسه عبد الله عزام عن مهمته (التدريس) إلى مجاهد كان قد إستقر في بيشاور الباكستانية بعيدًا عن السعودية، وكانت تلك المدينة منطلقًا للمجاهدين نحو الحدود الباكستانية الأفغانية في طرفها الشمالي الغربي، وكان دور عبد الله عزام تحضيرهم من أجل بدء مهماتهم في أفغانستان منطلقين من شرقها.

كانت بيشاور المدينة الباكستانية على الحدود الأفغانية خليطًا من الجواسيس الروس والأميركيين، اللاجئين الأفغان، والمقاتلين العرب، والمجاهدين. وكان بن لادن في الثالثة والعشرين، وقد وجد القضية التي طالما كان يبحث عنها ليقاتل من أجلها. فدخل شابًا مفعمًا بالحيوية وخرج "رجلاً" كما يحب أن يصفه المدافعين عنه.

بعد شهر من وصوله الأول إلى بشاور، عاد بن لادن إلى السعودية محاولاً دعوة إخوته إلى الدخول معه في رحلته بالإضافة إلى دعوة أقاربه وأصدقائه وزملائه القدامى في المدرسة من أجل مواجهة الإتحاد السوفياتي، لكنه عاد في المقابل بمبالغ مالية كبيرة وكان الفقراء الأفغان والباكستانيين هم من استجابوا لماله بدل إخوته. وفي الأسبوع الأول من بقاءه في بيشاور قابل... عبد الله عزام.

الإنقلاب
قرر عزام أن يبقي بن لادن بعيدًا عن المواجهات لكي يستفيد من أمواله في دعم المجاهدين وخصوصًا تنظيم معسكرات التدريب لهم. وخلال السنوات الأولى من الثمانينات إنتقل بن لادن ليعيش في عدة منازل تقع على شارع "ارباب" الذي يقود إلى الجامعة الرئيسة في غرب بيشاور، وكان قريبًا من شارع "غولشان اقبال " حيثيوجد مسجد وكان جل زائريه من العرب وإستخدمه عبد الله عزام مركزًا رئيسًا لتجنيد "المجاهدين"، وهو المكان نفسهالذي قتل فيه عبد الله عزام عام 1989، حينما إستهدف بسيارة مفخخة وقد إتهم بعضهم بن لادن بأنهوراء هذا الإنفجار لأن عزام كان قد إنحرف في مسيرته الجهادية في ذلك الوقت فيما أشار بعضهم الآخر إلى إتفاق حصل بين قلب الدين حكمتيار و ايمن الظواهري للتخلص من عزام... ونفوذه.

عام 1984 أنشأ بن لادن "مكتب الخدمات"، وكان من مهماته توفير المال والعتاد للمقاتلين القادمين من أنحاء العالم للمشاركة في الحرب الأفغانية. وكان مكتب الخدمات يوفر بطاقات السفر والإقامات ورشوة السلطات الباكستانية لغض النظر عن أعمال "المجاهدين" الأفغان مهما كانت، وأسس المكتب طرقًا خاصة لإنتقال "المجاهدين" وما زال بعضها فعالاً حتى يومنا هذا.

وغالبًا ما كان بن لادن يسهر ويناقش في الإسلام وتاريخ الشرق الأوسط مع مَن أصبحوا مِن أتباعه، وكان يشعر بالغضب حيال تصرف البريطانيين مع العرب بعد الحرب العالمية الأولى. ولم يتوانَ منذ ذلك الوقت عن إنتقاد العائلة المالكة السعودية وكيف منحت القوة للوهابية، كما كان دور بن لادن خلال هذه الفترة متابعة مناقشات المتطوعين القادمين من مختلف الأصقاع في الدين الإسلامي، وغالبًا ما كانت تلك المناقشات تدور حول سورة (آل ياسين) التي كانت مفتاحًا في دراساتهم القرآنية، وفيها وضح النبي محمد (ص) رسالته بصورة كاملة والمهمات التي كلفه الله سبحانه وتعالى بها، وكان يتحدث عن صلاح الدين الايوبي وقد يكون معتقدًا أنه كان يحمل جزءًا من هذا القائد فيه.

على أرض المعركة
في أحد صباحات عام 1986 كان قرار بن لادن المشاركة في الحرب الأفغانية في الوقت الذي قررت فيه الولايات المتحدة في أواسط الثمانينات زيادة مخصصاتها المالية للجماعات المقاتلة في أفغانستان وزاد توافد الشبان العرب إلى افغانستان بشكل كبير بعضهم هاربًا من حكم القانون وبعضهم الآخر لمجرد المغامرة، فيما إختار طرف ثالث "الجهاد من أجل الاسلام" بكل ما تعنيه الجملة من معنى.

كانت السنوات الثلاث التالية كافية ليكرس بن لادن نفسه قائدًا في أفغانستان وخلالها إنسحب بن لادن من مكتب الخدمات بسبب "اختلافات استراتيجية"، بينما كرس عبد الله عزام عمله في متابعة اللاجئين الأفغان و المصابين مقابل تكريس بن لادن لعمله في جلب المتطوعين العرب وتأسيس جماعات خاصة بهم وهي الخطوة التي لقيت معارضة عبد الله عزام ويمكن أن تكون قد أدت إلى مصرعه فيما بعد في السيارة المفخخة.

وبعد عشر سنوات، قرر السوفيات إنهاء إحتلالهم لأفغانستان. وتحول الأفغان لمقاتلة بعضهم بعضًا، والعديد من المقاتلين العرب قرروا ترك المعركة والعودة إلى بلدانهم لمواصلة "الجهاد"، وكان بن لادن واحدًا منهم، بعد أن كان قد شاهد "انتصار" العرب وهم موحدين وعودتهم إلى الحديث عن فروقاتهم إثر إنتهاء حربهم مع السوفيات، وكان عمر بن لادنفيتلك المرحلة33 عامًَا.

حينما إحتل العراق الكويت في الثاني من آب (اغسطس) 1990 عرض أسامة بن لادن الدفاع عن السعودية بجلب 12 ألف مسلح (بعض المصادر تقول 30000 متطوع)، كان بن لادن يرى أن الرجل الذي إنتصر إلى الإتحاد السوفياتي قادر على الإنتصار على صدام حسين بسهولة، ولكن الحكومة السعودية رفضت العرض ليعارض بن لادن إعتماد السعودية على الولايات المتحدة للدفاع عنها وطالب بانهاء الوجود الأجنبي في المملكة، ومما زاد من تعقيد الأمور بقاء القوات الأميركية في السعودية رغم إنتهاء الحرب وبقاء صدام حسين في السلطة بعدها إثر قمعه للإضطرابات التي حصلت في بلاده.

شكل هذا الرفض صدمة لبن لادن، فيما كان آخر شيء تفكر فيه السعودية جيشًا من الإسلاميين. فاستقبل بن لادن من أفراد في العائلة المالكة ورفض طلبه مرات ومرات آنذاك.


الأمير الذي أصبح ملكًا
في هذا الوقت، ظهر الأمير عبد الله (ولي عهد الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود) متحدثًا مع المتطوعين عن أهمية الصداقة والوفاء للبلد الذي يعيشون فيه، لكن دون أن ينسى مدى الخطر الذي يشكله هولاء على أمن المملكة. وقال الأمير عبد الله آنذاك،إن عائلة محمد بن لادن كانت دائمًا وفية للمملكة. لقد ساعدتنا كثيرًا وقت حاجتنا إليها، ونحن على ثقة أنه لن يسمح لأي كان أن يؤثر على هذه العلاقة في المستقبل.

في خريف العام 1990 كان الأمير عبد الله (الملك حاليًا) قد إلتقى المتطوعين العرب في أفغانستان في أحد قصوره في الرياض وكانيمكن أن ترى الغليان في عيني بن لادن، الذي كان حاضرًا على ما يقول أحد الذين حضروا الإجتماع. هذا الغليان كان نابعًا من أن 300 ألف غربي كانوا على أرض السعودية بالقرب من مكة المكرمة والمدينة المنورة ويقومان بحمايتهما في الوقت الذي كانت فيه آخر كلمات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تقول إنه لا يجتمع دينان في الجزيرة العربية.

بدأ بن لادن بتأليب دارسي الإسلام والزائرون من الخليج على حكومته معتمدًا على شهرته وقدم محاضرات في العديد من مدن المملكة، مسجلاً العديد من الأشرطة ووزعها من خلال المساجد وأرسل بالفعل 4000 متطوع إلى أفغانستان للتدريب وسرعان ما قامت الحكومة السعودية بوضعه تحت الإقامة الجبرية في الوقت الذي كانت فيه عائلته تخشى على علاقاتها مع الحكومة السعودية.

مرحلة السودان... إفتح يا سمسم
يقول تقرير الكونغرس الخاص بأحداث 11 أيلول (سبتمبر) إنه بمساعدة عدد من أفراد العائلة الحاكمة السعودية نجح بن لادن في الخروج من السعودية لحضور حفل خاص في باكستان عام 1991، ولكن ظهر حسن الترابي الذي دعا بن لادن للإستقرار في السودان. وتقول مصادر إن حسن الترابي هو من رتب له الخروج من السعودية وهو ما تم حينما بدأ بن لادن بشراء ممتلكات له في هذا البلد منذ عام 1990، في الوقت نفسه الذي بدأت فيه الحكومة السعودية بممارسة ضغوط عليه وسحبت جنسيته عام 1994 وكان رد بن لادنفي ذلك الوقت قد أنشأ مكتبًا إعلاميًا له في العاصمة البريطانية لندن ليقوم بالدعاية ضد النظام الحاكم في السعودية. وكان خالد الفواز (ابوعمر ) وهو من يديره وكان أبو عمر قد إنتقل إلى لندن في ذلك الوقت، وقد قيل إن الفوزا حاول إيجاد مكان لبن لادن في بريطانيا ليستقر فيه.

أسس بن لادن لنفسه قاعدة قرب الخرطوم بالإستعانة بالسودانيين الذين شاركوا في أفغانستان. وكانت مهمته الرئيسة في البداية حماية النظام السوداني. ثم تزوج إحدى قريبات الترابي وجنى المال من إطلاق شركات بناء وشركات أخرى لإستثمار السمسم الذي كانت السودان ثالث أكبر منتج له في العالم. وبدأت الحكومة السودانية تعاني من الحصار الدولي لها. وكانت هذه إحدى الأوراق التي لعبت بمصير بن لادن، خصوصًا بعدما أخذت تتابعه" السي أي ايه" في منتصف التسعينات. ومن السودان يعتقد أن بن لادن بدأ باستهداف الغربيين حينما ربطته تقارير في هجوم حصل في 29 كانون الأول (ديسمبر) 1992 حينما تم تفجير فندق المهر الذهبي في عدن متسببًا بمقتل موظف يمني في الفندق إلى جانب نزيل أسترالي وجرح زوجته.

كان بن لادن قد بنى لنفسه منظمة ذات هيكل صلب في السودان. وفي ذاك الوقت أيضًا كان يتنقل عبر جواز سفر خاص بمتطوع قتل في الحرب على أفغانستان، فيما إختارت السعودية الإبتعاد عنه بكل الطرق.

ويقول الوزير السعودي غازي القصيبي :"لقد قرأت تقارير تقول إن ثروته وصلت إلى ما بين 300 مليون دولار و400 مليون دولار في ذلك الوقت. ولكن هذا ليس صحيحًا، لقد كانت المملكة تحرص كل الحرص على ألا يصل منها أي دعم في أي شكل له".

كانت رؤية الحكومة السعودية صحيحة، وقد تكون تلك الرؤية قد تسببت بأول إنفجار تم فيه لوم بن لادن (الذي يبدو أنه إنتقم) وذلك عام 1995 عندما إعترف أربعة أفغان في فيديو بثته الحكومة السعودية بمشاركتهم في الهجوم، وبعد عام منه إستهدفت أبراجًا في الخبر وكان الملام بن لادن أيضًا.

وفي العام نفسه، بدأت السودان تضيق ذرعًا بضيفها بن لادن، ليتصل حسن الترابي بسفير السودان في أفغانستان عطية بداوي المستقر في بيشاور، وكان قد تعلم اللغة البشتونية حينما كان يقاتل مع الأفغان ضد الروس، ولديه علاقات ممتازة مع المجاهدين السابقين من تلك الأيام، واستخدم إتصالاته ليقنع القادة في جلال اباد بأن غنيًا سعوديًا يريد منهم حمايته ويمكن لأمواله أن تعكس مجريات المعركة لتصب في مصلحتهم، فقرر القادة الثلاث (الذين توفوا فيما بعد) السفر إلى السودان من أجل اللقاء ببن لادن ودعوته للعودة إلى أرض الجهاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف