مبارك: كلنا في قارب واحد... وكلنا يريد المصلحة العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مبارك في حوار خاص لـ "الرأي" و"روز اليوسف"
أثق أن الرئيس بشار الأسد يدرك أن مكان سوريا الطبيعي في محيطها العربي
٭ أتابع بقلق تقارير عن حرب جديدة.. وأحذر من تهديدات تخرج لسوريا ولبنان
٭ القمة العربية ستناقش الإستخدام السلمي للطاقة النووية... هذا حق لكل العرب
٭ المواجهة في الخليج تنتهي بـ "شفافية إيران" و"مرونة المجتمع الدولي" والحوار
قمة جمع الشمل
- نحن في مفترق طرق... وعلينا كقادة عرب أن نبلور خطة تحرك
- تنقية الأجواء ضرورة... ونحتاج التضامن أكثر من أي وقت
- اقتراحي بالقمم التشاورية يتم تطبيقه... وسوف أؤكد عليه
- كلنا في قارب واحد... وكلنا يريد المصلحة العربية... ولو إختلفنا
مصر وفلسطين
- قضية الشعب الفلسطيني قضيتنا... ودور مصر لا يرتبط بها وحدها
- نوظف إتصالاتنا وإمكانياتنا لصالح قضية فلسطين... والعكس غير صحيح
- لا تنافس بين العرب.. هذه شائعات مغرضة وهدفها الوقيعة
- قضايانا صعبة ومصر ترحب بأي جهد عربي... وتتمنى له النجاح
مبادرة بيروت
- المبادرة لم تمت لكي يتم إحياؤها... والمشكلة في إسرائيل
- بعضهم طلب إعادة تسويق المبادرة.. وبعضهم الآخرطلب تعديلاً في "حق العودة"
- ليس منطقيًا أن يطالبوا العرب بمبادرة سلام جديدة
- نريد سلامًا عادلاً وشاملاً... الحلول الموقتة غير مفيدة
أزمة إيران
- المواجهة بين إيران والغرب.. خطر داهم على أمن الخليج والمنطقة
- الإستخدام السلمي للطاقة النووية... حق لإيران... وحق للعرب
- رسالة واضحة من القمة لإيران والمجتمع الدولي... المسؤولية على الجانبين
- موقف عربي عملي من القمة لإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية
الأمن العربي
- أي تهديد لأمن الخليج سوف يجر إليه أطرافًا عديدة من داخل المنطقة وخارجها
- لن تكون مصر بمنأى عن مخاطر أي زعزعة لإستقرار منطقة الخليج
- مصر سوف تكون حاضرة في أي ترتيبات لأمن الخليج.. نحن متمسكون بذلك
- نحن أمة واحدة... لا أمتان... والأمن العربي كل لا يتجزأ
ملف لبنان
- نحتفظ بمسافات متساوية مع جميع الأطراف في لبنان
- لدينا إتصالات مع الجميع... بما في ذلك حزب الله
- الوضع الراهن في لبنان غير قابل للإستمرار... ويحمل مخاطر عديدة
- مقترحات لإنهاء الأزمة وفق صيغة "لا غالب ولا مغلوب"
الإسلام والحضارات
- أحذر من خلط الدين بالسياسة وتوظيف المعتقدات
- لا ألتفت إلى معلومات حول تشييع السُّنة في بعض بلاد المنطقة
- أتحسب من محاولات الوقيعة بين السُّنة والشيعة
- محاولات الإساءة للعروبة والإسلام مطروحة على أعمال القمة
حاوره في القاهرة - عبد الله كمال: قبيل إنعقاد القمة العربية المقبلة - بعد أيام في الرياض - وبينما الملفات الساخنة تفرض تحدياتها على القادة العرب ، تنشر إيلاف تزامنًا مع "الرأي" و صحيفة "روزاليوسف" المصرية اليومية حوارًا مع الرئيس المصري محمد حسني مبارك.والحوار، الذي يعتبر الأول لزعيم عربي قبيل القمة المنتظرة، هو أيضًا الأشمل حيث يتطرق إلى جميع الملفات العربية وقد عبر فيه الرئيس المصري عن آراء ومواقف، وكشف أخبارًا عديدة تناول قضايا متنوعة كلها تصب بصورة أو أخرى على جدول أعمال القمة... والإتصالات المعلنة وغير المعلنة التي تتم من أجل الإعداد لها.
وفي ما يلي نص الحوار:
٭ سيادة الرئيس... كل عام وأنتم بخير بمناسبة إقتراب موعد القمة العربية المقبلة في الرياض... وأبدأ بسؤال قد تكون إجابته معروفة... ولكن لا بد من أن أطرحه: هل سوف تحضرون القمة... وهل حضوركم لها بمثابة القيام بعمل روتيني سنوي معتاد؟... ووفق أي معايير تقررون حضور قمة... أو عدم الحضور؟
القمة العربية المقبلة تأتي في توقيت دقيق... وهي تتناول كما تعرف قضايا وملفات مهمة وساخنة على الساحتين العربية والإقليمية. بالنسبة إلى الحضور.. أقول... نعم... سأشارك في أعمالها... وأثق أن جميع الزعماء العرب حريصون على أن ترقى نتائجها لمستوى تطلعات الشعوب العربية، تجاه القضايا المصيرية لعالمنا العربي في هذه المنطقة المضطربة من العالم. وعمومًا، فإن إعتماد مبدأ سنوية إنعقاد القمة العام 2002 في بيروت كان بمثابة دفعة قوية للعمل العربي المشترك... وبالطبع، الإجتماعات على مستوى القمة يمثل إطارًا للتشاور والتنسيق بين الزعماء العرب حول قضايا الأمة، ولذلك أحرص دائما على المشاركة في القمم العربية ما لم يحل دون ذلك ارتباطات مسبقة تتعلق بمتابعة قضايا الداخل.
٭ سيادة الرئيس لقد قلت "إن القمة تأتي في توقيت دقيق"... ولكن سؤالي التالي هو: كيف تصف هذه القمة... وهل تعتقد أنها سوف تسفر عن قرارات غير متوقعة؟
هي قمة مهمة دون شك.
٭ لماذا؟
بالنظر لما تشهده المنطقة حاليًا، من أزمات وصراعات وتحديات... وهي كلها أمور تمثل تهديدًا للأمن العربي والإقليمي... عندك التطورات على الساحة الفلسطينية... وسواء التطورات في العراق ولبنان وإنعكاسات المواجهة بين إيران والغرب على منطقة الخليج والشرق الأوسط، فضلاً عن الأوضاع في دارفور والصومال... كل هذه القضايا المهمة وغيرها ستكون محلاً للتشاور والتنسيق بين القادة العرب في "الرياض".
٭ ما هو هدف التشاور والتنسيق... إلامَ سوف يسعى القادة؟
العالم العربي يقف في مفترق طرق... وعلينا أن نسعى إلى بلورة مواقف وخطة تحرك مشتركة دفاعًا عن قضايانا ومصالح دولنا وشعوبنا.. والمتطلب الرئيسي لتحقيق ذلك هو "جمع الشمل" وتنقية الأجواء العربية وتوحيد الصف... فنحن الآن في حاجة للتضامن العربي أكثر من أي وقت مضى.
٭ عفوًا سيادة الرئيس... ولكن على خلاف قمم عربية أخرى... نلاحظ أن الترتيب لأعمال القمة القادمة والتحضير لها فيما بين الزعماء العرب لم يكن متجسدًا بوضوح قبيل انعقادها... فهل هذه الملاحظة صحيحة... وهل ذلك - إن كان صحيحًا- سوف يؤثر على مجرياتها ونتائجها؟
لا أتفق مع هذا الطرح... فالاتصالات جارية بين العديد من العواصم العربية للإعداد للقمة ولتوفير مقومات نجاحها... هنا في مصر نبذل أقصى الجهد لتحقيق ذلك بإتصالات مكثفة نعلن عن بعضها... ولا نعلن عن بعضها الآخر.. ثم إن نتائج القمة رهن بالنجاح في التصدي للملفات المهمة والساخنة المدرجة على جدول أعمالها... وإتصالاتنا لا تنقطع مع الأطراف المعنية بهذه الملفات، ومع المملكة العربية السعودية باعتبارها الرئاسة المقبلة للقمة العربية، ومع السودان رئيس الدورة الحالية للقمة، ومع غيرهما من الدول العربية الشقيقة.
ولا تنسَ... إضافة إلىتلك العملية التحضيرية النشيطة للقمة المقبلة على مستوى المندوبين الدائمين والمستوى الوزاري.. الإجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في القاهرة في مقر الجامعة العربية وقدأسفر عن نتائج طيبة... تبشر بقمة ناجحة على نحو ما نتمناه.
٭ سيادة الرئيس... أود قبل أن أناقشكم في ملفات القمة، أن أتوقف عند أمر له علاقة بآلية الإنعقاد فيما مضى إقترحتم آلية عربية لإنعقاد قمم عربية تشاورية، وربما غير رسمية، ووافق العديد من القادة العرب على ذلك... لكن أيًا من تلك القمم لم تنعقد بعد.. فهل فتر حماس القادة العرب.. أم أنه لم تكن هناك ضرورة.. وهل هذه الآلية قائمة؟
إقتراحي الخاص بالقمم العربية التشاورية أنه لاقى ترحيبًا عريضًا من الزعماء العرب، وتم بالفعل كما تذكر اعتماد قرار بشأنه في القمة العربية الماضية في الخرطوم... لكن بعضهم تصور أن المقصود هو عقد قمم تشاورية بين دورات الإنعقاد العادية للقمم العربية في آذار (مارس) من كل عام... وهذا - في حد ذاته - يعد أمرًا طيبًا ومفيدًا، فالإتحاد الإفريقي على سبيل المثال يعقد قمتين سنويًا، والإتحاد الأوروبي يعقد عددًا أكبر من القمم على مدار العام.
٭ إذا لم يكن هذا هو تصور سيادتك... فما هو التصور إذًا؟
تصوري للقمم التشاورية يتمثل في عقد "قمم مصغرة" كلما دعت الحاجة بين عدد من الزعماء العرب للتشاور حول قضية أو موضوع بعينه في إطار غير رسمي... يعني إطارًا يتخفف من المسائل الإجرائية المتصلة باجتماعات القمة الرسمية الموسعة. الساحة العربية كثيرًا ما تشهد مستجدات لا تحتمل إنتظار الإنعقاد السنوي للقمة، ويمكن للقمم التشاورية المصغرة أن تتناولها وتخلص بشأنها لمقترحات نتشاور حولها مع باقي الزعماء العرب في الإطار العربي الأوسع.
٭ هل هذه الآلية قائمة بالفعل؟
طبعًا القمم التشاورية المصغرة آلية قائمة بالفعل، وتتمثل فيما يعقده عدد من الزعماء العرب فيما بين بعضهم البعض، على غرار ما تم عقده من قمم مصغرة في ليبيا حول دارفور، والقمم المصرية "السعودية، والمصرية - الأردنية" وغيرها... وأنا متمسك بإبراز أهمية وجدوى تفعيل هذا الإطار العملي للتشاور العربي خلال مشاركتي في القمة المقبلة بالرياض.
٭ سيادة الرئيس... لا شك أن الملف الأول في القمة سوف يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.. وجمود عملية السلام.. كيف ستحاول من خلال القمة دفع النشاط والحيوية في اتجاه هذا الملف؟
القضية الفلسطينيةهي قضية العرب الأولى... القضية الأم وهي مفتاح الحل لباقي قضايا المنطقة... نقطة البداية لتحريك عملية السلام على باقي مساراتها... أنا حذرت مرارًا من جمود عملية السلام وإنعكاساته الخطرة على سلم الشرق الأوسط والعالم وأمنهما واستقرارهما... أكدت ذلك - ولا أزال- في اتصالاتي مع جميع الأطراف بما في ذلك الولايات المتحدة وباقي أطراف الرباعية الدولية وإسرائيل... نتلقى منذ أشهر قليلة إشارات من عواصم مهمة تؤكد اقتناعها بهذه القضية... الإقتناعهذا أتىمتأخرًا... لكن نرحب به رغم تأخره...
هناك الآن من يتحدث عن أهمية العودة إلى مفاوضات السلام وفق "أفق سياسي" يتصدى لقضايا الوضع النهائي... ولم يكن ذلك مطروحًا منذ بضعة أشهر.. وهو يأتي إستجابة لتحرك مصري - وجهت إليه - يحذر من استمرار جمود عملية السلام، ومن انعدام جدوى الحلول ذات الطبيعة الموقتة أو الأحادية الجانب، ويدعو إلى العودة للمفاوضات على إتفاق للسلام الشامل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
٭ وبالتالي يا سيادة الرئيس ما هو المنتظر في القمة شأن هذه القضية... وهي كما تصفها القضية الأم ومفتاح الحل في بقية القضايا؟
آمل أن تسفر القمة المقبلة عن رؤية واضحة لتحرك عربي يحافظ على الزخم الحالي، ويضع إسرائيل أمام مسؤوليتها في التجاوب مع جهود السلام، والرباعية الدولية أمام مسؤوليتها الموازية في دفع عملية السلام إلى الأمام.
٭ هل هناك إحتمال بأن تقوم القمة بإحياء مبادرة بيروت العربية؟
مبادرة بيروت لم تمت كي نتطلع لإحيائها في القمة المقبلة... المبادرة طرحت إطارًا واضحًا ومحددًا يجسد مبدأ "الأرض مقابل السلام" وهذا المبدأ هو الذي اعتمده مؤتمر مدريد... والمبادرة تعرض السلام الكامل مع إسرائيل مقابل انسحابها الكامل لحدود العام 1967 .
٭ إذًا لماذا ظن بعضهم أن هناك أمرًا معروضًا على القمة بشأن المبادرة؟
هناك أطراف دولية تطلب من الجانب العربي تكثيف الجهود "لتسويق" المبادرة والترويج لها... هؤلاء نقول لهم إن المشكلة ليست في المبادرة العربية وإنما في سعي إسرائيل للإلتفاف حولها وتحقيق السلام والتطبيع، مقدمًا دون الوفاء باستحقاقاته... وهناك من يدعو إلى تعديل المبادرة فيما يتصل بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.. هؤلاء نقول لهم إن تناول موضوعات الوضع النهائي - بما في ذلك حق العودة - إنما يتم حول مائدة المفاوضات ووفقًا لمقررات ومبادئ الشرعية الدولية.
٭ بوضوح أكبر يا سيادة الرئيس هل قدمت الدول العربية كل ما لديها من مبادرات... وبقي على إسرائيل أن تستجيب... أم أن المتغيرات تفرض خطوة عربية جديدة؟
مصر فتحت الطريق للسلام العادل، وتبذل أقصى الجهد لدفع مسيرة السلام العادل... والدول العربية برهنت على صدق توجهها للسلام العادل والشامل والدائم عندما إعتمدت مبادرتها في قمة بيروت العام 2002 وعاودت تأكيدها بالقمم العربية اللاحقة. إذًا، ليس من المنطق أن يطالب أي طرف العرب بطرح مبادرات أو إتخاذ خطوات جديدة، وإنما المطلوب هو تجاوب إسرائيل مع جهود السلام، وسعي دولي جاد ونزيه يحقق تقدمًا ملموسًا ومستمرًا نحو التسوية النهائية الشاملة.
٭ في السياق نفسه... تحدثتم من قبل يا سيادة الرئيس عن أن لدى مصر تصورًا لخطة من أجل السلام... وتتحدث مصر عن تصور "نهاية الطريق"... ما هي الخطوط العريضة لذلك... وعمليًا كيف نسير في الإتجاه إليه؟
أنا طرحت هذا التصور على الرئيس بوش العام الماضي وناقشته مع الرئيس بوتين وسولانا والعديد من الأطراف الإقليمية والدولية... المؤكد أن الوضع الراهن لجمود السلام غير قابل للإستمرار... الإجراءات أحادية الجانب ثبت عدم جدواها... والترتيبات الإنتقالية مثل إقامة دولة فلسطينية بحدود موقتة وفق المرحلة الثانية لخريطة الطريق لن تجدي بدورها... وبالتالي المطلوب الآن هو "أفق سياسي" يضع معالم "نهاية الطريق" أمام الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
٭ ماذا تعني نهاية الطريق؟
يعني فتح الطريق لعودة المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي "الحدود- المستوطنات - القدس - اللاجئين - المياه - الترتيبات الأمنية" من أجل التوصل إلى اتفاق للسلام الشامل.. هذا التصور من شأنه أن يعطي للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الأمل والثقة في مستقبل السلام، ويحفزهما على السعي لتنفيذ ما يتم الإتفاق عليه بحسن نية، والإلتزام المتبادل بالتهدئة ووقف العنف وبإجراءات محددة لإعادة بناء الثقة وصولاً لتنفيذ الإتفاق.
ليس معقولاً أو مقبولاً أن يستمر الحديث عن عملية السلام دون أن يتطرق إلى القضايا الرئيسية للحل النهائي.. ونحن لا نبدأ من فراغ... فقد كنا أقرب ما نكون لمحددات تسويتها خلال مفاوضات طابا نهاية العام 2000، وآمل أن يستمر الزخم الراهن فيعود الجانبان إلى مائدة المفاوضات... واتصالات مصر مع الجانبين والأشقاء العرب والرباعية الدولية تدفع في هذا الإتجاه.
٭ يقول بعض المحللين إن هناك نوعًا من التنافس بين عدد من العواصم العربية.. بشأن الملف الفلسطيني - الإسرائيلي.. فهل تقبل سيادتكم هذه الفرضية؟!
وأي تنافس؟... لا محل للحديث عن التنافس... ومن يروج لهذا الحديث إنما يستهدف الواقع بين الدول العربية والزعماء العرب.. القضية الفلسطينية هي قضية العالم العربي والشعوب العربية، وكلنا مطالبون ببذل الجهود للتعامل مع هذه القضية وغيرها من القضايا... هذه الشائعات المغرضة يتم الترويج لها منذ "اتفاق مكة" بين فتح وحماس، والمروجون لها يتجاهلون حقيقة التشاور والتنسيق المستمر بيني وبين خادم الحرمين والعديد من القادة العرب...
٭ من ثم ما هو موقف مصر حين ترغب دولة شقيقة في أن تقدم جهدًا في هذا السياق؟
أنا أرحب دائمًا بكل جهد عربي وأتمنى له النجاح، فكلنا في خندق واحد، نتعامل مع قضايا صعبة ونسعى للهدف نفسه.
٭ بالمناسبة يا سيادة الرئيس.. ما هي مبررات إصرار مصر على تبني الملف الفلسطيني... أعرف بالطبع أن هناك مسؤولية قومية للدولة القائدة في الشرق الأوسط... ولكن هناك من يدعي بأن القاهرة تستخدم ذلك في الحفاظ على دورها... وبالتالي نسأل.. هل تحقق مصر فوائد من وراء ذلك؟
قضية الشعب الفلسطيني العادلة هي قضيتنا... مصر خاضت حروبًا من أجلها ولم تدخر جهدًا لمساندتها في أوقات الحرب والسلام... تستطيع أن تسترجع شواهد عديدة على ذلك... تلك الشواهد واضحة جدًا منذ قيادة مصر للتحرك العربي والدولي للإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني... وحتى اليوم.
أما عن دور مصر فهو ثابت ومستمر بحكم وزنها الإقليمي ومكانتها الدولية، هذا الدور لا يرتبط بقضية بعينها مثل القضية الفلسطينية، وإنما بمحصلة تحركها النشط إزاء جميع القضايا في محيطها الإقليمي والدولي، كما يتأسس دور مصر على إعتبارات عديدة معروفة تؤهلها لهذا التحرك... نحن نوظف إتصالاتنا وإمكانيات دورنا لصالح القضية الفلسطينية... والعكس غير صحيح.. فمصر تعمل من أجل سلام وأمن واستقرار المنطقة... والحل العادل للقضية الفلسطينية هو المتطلب الرئيسي لتحقيق ذلك... والفلسطينيون هم جيراننا.. ونحن حريصون، كما أنالمصريين عارفون، على إستقرار دول الجوار باعتباره ركنًا أساسيًا من أركان أمن مصر القومي.
٭ في ذات السياق، وخلال العامين الماضيين، وبسبب متغيرات إقليمية عديدة، فإن إيران قد حاولت أن تفرض تأثيرات خاصة بها في الملف الفلسطيني.. وملفات عربية أخرى... كما أن هناك تحليلات ترى أنها... أي إيران... تقايض الملف النووي بأن يسمح لها النظام الدولي بنفوذ إقليمي في المنطقة العربية... كيف ترى ذلك؟
إيران دولة إسلامية مهمة باعتبارها عضوًا في منظمة المؤتمر الإسلامي... والتصعيد الحالي في المواجهة بين إيران والغرب حول الملف النووي يمثل خطرًا داهمًا على أمن الخليج والمنطقة... والزج بهذا الملف في ملفات أخرى في المنطقة، سواء في العراق أو على الساحتين الفلسطينية واللبنانية يمثل خلطًا للأوراق وخطرًا مماثلاً على الأمن الإقليمي والدولي... الإستخدامات السلمية للطاقة النووية حق مكفول لإيران ولنا وجميع الدول الأطراف بنظام منع الانتشار، وتناول ملف إيران النووي يتعين أن يقترن بتناول مماثل لبرنامج إسرائيل النووي في إطار ما دعوت إليه منذ سنوات لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي وكل أسلحة الدمار الشامل.
أناأرى أنه لا بديل عن الحوار.. وعلى إيران أن تبدي الشفافية اللازمة حول طبيعة برنامجها النووي... وعلى الغرب أن يبدي المرونة اللازمة للتوصل إلى تسوية هذا الملف.. قلت ذلك وأقوله لمن ألتقي بهم من الأطراف الدولية... وقلته للدكتور علي لاريجاني ووزير الخارجية الإيراني متقي في مصر العام الماضي. أنا لا ألتفت لما يتردد من معلومات حول محاولات إيران لتشييع السُّنة ببعض دول المنطقة... وأتحسب من محاولات الوقيعة بين السُّنة والشيعة بالعالم الإسلامي.
أما الحديث عن مقايضة الملف النووي الإيراني بالسماح لها بنفوذ إقليمي بالمنطقة،مثلما ما تساءلت في آخر سؤالك، فهو يفترض غياب الدور العربي على نحو يخالف الواقع... مقدرات العالم العربي تبقى دائمًا في أيدي أبنائه... ولا تقررها لهم أطراف خارجية.. سواء كانت إقليمية أو دولية.
٭ سيادة الرئيس.. بهذه المناسبة، كيف تنظر إلى التوتر العسكري والسياسي في الخليج.. بسبب التسخين الحادث بين الولايات المتحدة وإيران.. وهل سوف تعلن القمة العربية موقفها من هذا؟
مرة أخرى... أقول إن التصعيد الحادث يجر منطقة الخليج والشرق الأوسط نحو منزلقات خطرة... والمنطقة ليست في حاجة لأزمات وبؤر صراع جديدة... ولديها ما يكفيها. بالنسبة إلى القمة، جدول الأعمال يتضمن بندًا حول إحتلال إيران للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية الشقيقة في الخليج العربي.. لكن التصعيد الحادث في إطاره الأعم والأشمل سيكون محلاً للتشاور بين القادة العرب، نظرًا لانعكاساته على مجمل الوضع في المنطقة... ومن المهم أن تصل رسالة واضحة إلى إيران والمجتمع الدولي بأن المواجهة الراهنة تحمل للمنطقة والعالم مخاطر نحن في غنى عنها... وأن المسؤولية تقع على كلا الجانبين في احتواء هذا التصعيد.
٭ في ما يتعلق بالملف نفسه... وعلى مدى عدة عقود، يا سيادة الرئيس وفي أزمات متوالية في قلب الخليج... بدءاً من حرب العراق ــ إيران، ثم حرب تحرير الكويت، ومن بعدهما حرب إحتلال العراق... لم يعلن العرب تصورًا محددًا لأمن الخليج... فكيف ترى هذا الملف... وكيف ترى دور مصر فيه.. في ضوء ما سبق وأعلنتموه بشأن الترابط بين أمن الخليج وأمن البحر الأحمر؟
أمن الخليج يرتبط إرتباطًا وثيقًا بأمن الشرق الأوسط والعالم... وله تداعياته المباشرة على أمن القرن الإفريقي والبحر الأحمر والأمن المتوسطي والأوروبي.. أي تهديد لأمن الخليج لن تقتصر إنعكاساته على إيران والدول العربية الخليجية، وإنما سيجر إليه أطرافًا عديدة أخرى من داخل المنطقة وخارجها، وسيؤثر في إمدادات الطاقة وستكون له آثار استراتيجية وسياسية واقتصادية بعيدة المدى. ومصر لا يمكنها أن تنعزل عن قضايا أمتها، ونحن لن نكون بمنأى عن مخاطر أي زعزعة لاستقرار منطقة الخليج.. وهناك تشاور دائم في هذا السياق مع قادة مجلس التعاون الخليجي، ومصر ستكون حاضرة وفاعلة في أي ترتيبات إقليمية يتم التوصل إليها حول أمن الخليج... أنا حريص على ذلك ومتمسك به.
٭ بالانتقال إلى ملف آخر.. وهو العمل النووي السلمي... لاحظنا أن مصر قادت توجهًا عربيًا نحو مشروعات سلمية للإستفادة من الطاقة النووية... وعقب الإعلان عن ذلك من القاهرة، بادرت دول مجلس التعاون الخليجي بخطوة في الاتجاه ذاته... ثم الأردن أيضًا... هل تطالب القمة العربية بموقف جماعي واضح من ذلك؟ وهل هو رد فعل على البرنامج النووي الإيراني؟
فيه بند مدرج بالفعل على جدول أعمال القمة المقبلة حول تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية لدول الجامعة العربية.. هذا حق مكفول لجميع دول العالم العربي وهي جميعها ــ دون استثناء ــ أطراف في معاهدة منع الانتشار النووي، وترتبط بإتفاقات للضمانات والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في (فيينا).. ونحن لا نتحرك من منطلق رد الفعل.. وهذا التوجه الذي دعوت إليه إنما يستهدف الإستفادة من علوم العصر ومعارفه لصالح شعوبنا العربية في حاضرها ومستقبلها.
وبالتوازي مع هذا البند... فقد طلبت مصر إدراج بند إضافي على جدول أعمال القمة المقبلة... يستهدف بلورة موقف عربي موحد لإتخاذ خطوات عملية لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي... وقد رحبت الدول العربية بإدراج هذا البند... فليس من المعقول أن نكتفي بالمطالبة بذلك منذ سنوات طويلة، دون اتخاذ خطوات عملية في تحرك عربي مشترك يضع الدول النووية وأطراف نظام منع الانتشار أمام مسؤولياتهم.
٭ يفرض الشأن العراقي نفسه على جدول أعمال القمة.. هل هناك مبادرة سياسية من جانب الدول العربية.. حول ذلك؟
هناك توافق عربي عام حول خطورة الوضع بالعراق، وضرورة أن تخرج من القمة رسالة واضحة تؤكد إحترام وحدة العراق وسيادته وهويته، وتدعو إلى التصدي لدعوات التقسيم تحت أي مسميات أو ذرائع، ولمحاصرة الطائفية والمذهبية والميليشيات دون انتقائية أو استثناء، ولتعزيز مفهوم المواطنة بين جميع أبناء العراق الواحد بعيدًا عن أي تدخلات خارجية. نحن جميعًا نأسى للمحنة التي يمر بها العراق وشعبه، ونتطلع ليوم يعود فيه الإستقرار إلى بلد الرافدين بما يتيح انسحاب القوات الأجنبية من أراضيه.
٭ هذا كلام واضح يا سيادة الرئيس... ولكن في شأن معالجة ملف العراق وملف فلسطين، قسمت تحليلات غربية وتصريحات على ألسنة مسؤولين أوروبيين وأميركيين.. الدول العربية إلى فريق معتدل وفريق متشدد.. كيف تقرأ هذا التقسيم؟
هؤلاء المحللون لا يفهمون المنطقة... ولا يدركون أن الدول العربية في قارب واحد... وتواجه تحديات مشتركة... وتتعامل مع القضايا نفسهاوتدافع عن المصالح ذاتها... لكننريد السلام.. كلنا يتطلع للسلام العادل والشامل والدائم..إنه أمر مهم لأمن دولنا وشعوبنا ومنطقتنا واستقرارها وتنميتها .. والإعتدال لا يعني التفريط في الثوابت والحقوق. العالم كلهفيه دول معتدلة وأخرى متشددة إزاء هذه القضية أو تلك... هذه ليست ظاهرة عربية... أنظر ــ على سبيل المثال ــ لتباين مواقف دول الإتحاد الأوروبي من (الدستور الأوروبي)... وعمومًا عدم تطابق المواقف ظاهرة صحية ويأتي في مصلحة أية قضايا مطروحة.
٭ هناك تحركات عربية تشمل الآن دولاً دون غيرها... وهناك من يرى أن دول الخليج ومصر والأردن... تعمل في اتجاه يناقض الاتجاه السوري.. فهل تريد هذه الدول عدم تحمل تبعات الحسابات السياسية السورية؟
كل منا يستهدف المصلحة العربية... كلنانريدهذا، وكل منا يسعى لتحقيق ذلك في تحركاته واتصالاته ومساعيه.. والمهم أن ننقي الأجواء العربية لنضمن أكبر قدر من التنسيق، ولنتحدث بصوت واحد يدافع عن قضايانا ويحقق مصالح أمتنا. التنسيق والتشاور بين عدد من الدول العربية لا يعني استبعاد الآخرين، وأنا بطبيعتي لا أميل إلى سياسات المحاور والتحالفات.. واتصالاتي لا تنقطع مع جميع الزعماء دون استثناء، وأنا على ثقة من أن الرئيس بشار يدرك أن مكان سوريا الطبيعي إنما هو في محيطها العربي ووسط أشقائها.
٭ في ذلك الإطار ... يرى بعضهم أن هناك فتورًا بين مصر وسوريا.. ما هي صحة ذلك؟
ليس صحيحًا.. لا فتور.. ولا توتر .. والوزير الشرع كان يزورني قبل أيام.. وحمل لي رسالة من الرئيس بشار.. ونحن نتشاور.. وعلى ثقة من أن كل القادة العرب يريدون لهذه القمة أن تحقق المصالح العربية.
٭ في ما يتعلق بالسياق ذاته... أي وجود فريقين بين الدول العربية... وهو ما نفيته... من الملاحظ أن دول المغرب العربي وشمال أفريقيا.. لم تعد منغمسة بالقدر نفسهالذي كانت عليه من قبل في قضايا المشرق العربي.. فهل هذا يؤثر على مجريات الأمور.. وهل صارت الأمة العربية أمتين.. واحدة في المشرق وأخرى في المغرب؟
٭٭ الرئيس مبارك: هوذا بالضبط ما يريد أن يوحي به من لا يريدون خيرًا في عالمنا العربي... العالم العربي واحد وكل لا يتجزأ... ومصر لا ترتاح لهذا التقسيم بين المشرق والمغرب في كتابات بعض المحللين، بل في إطار بعض التجمعات والتنظيمات الدولية والإقليمية.
٭ في إطار السؤال نفسه... لا يحظى ملف دارفور.. بالاهتمام نفسهمن دول المشرق العربي... كما أن ملف لبنان لا يحظى بالقدر نفسهمن الأولوية في دول المغرب... وأعود لكي أصيغ سؤالي بطريقة مختلفة... هل تجزأ الأمن العربي... وهل تغيرت أبعاد أمْننا القومي؟
أعاود تأكيد عدم اتفاقي مع هذا الطرح.. فهو يأتي على خلاف الواقع ولا أساس له من الصحة.. الأمن العربي ــ بالرغم منتشابك قضاياه ــ كل لا يتجزأ ويمثل منظومة مترابطة غير قابلة للانفصال. قد يعطي الإخوة في مجلس التعاون الخليجي، أو في الإتحاد المغاربي تركيزًا أكبر لهذه القضايا أو تلك، لكننا عندما نلتقي كعرب في إطار القمة أو خارجها، فإننا نتناول شواغلنا وقضايانا في الإطار العربي الأشمل... دون تفرقة بين مشرق أو مغرب.. أقول مرة أخرى إننا عالم عربي واحد... وقوتنا في تضامننا.
٭ سيادة الرئيس.. عفوًا.. لأننا أثقلنا عليكم... ولكن القراء ينتظرون إجابات على العديد من الأسئلة... وإذا سمحتم لنا فإن ملف لبنان... قبل وبعد الحرب... ينتظر الكثير من القمة... في ظل وضع سياسي لبناني داخلي مأزم... بماذا تعلق على ذلك؟
الأزمة السياسية في لبنان تشغلنا جميعًا... وستكون مطروحة بقوة في مداولات القمة العربية المقبلة... الوضع الراهن غير قابل للإستمرار.. ويحمل في طياته مخاطر عديدة على لبنان وشعبه والمنطقة.. اتصالات مصر والسعودية وقطر والجامعة العربية بالأطراف اللبنانية والإقليمية تستهدف إنهاء الأزمة الراهنة، وتفادي انزلاق لبنان لمواجهة خطرة بين أبنائه.. هناك مقترحات مطروحة لإنهاء الأزمة وفق صيغة (لا غالب ولا مغلوب)، ونبذل كل الجهد من أجل تسوية تحقق إنتصار شعب لبنان على نوازع الطائفية والتشرذم.. تسوية تنأى بلبنان عن أي أجندة أو تأثيرات خارجية.
٭ في هذا السياق، هناك من يقول إن هناك حربًا جديدة مقبلة في الطريق.. سواء في لبنان.. أو في اتجاه جوارها.. بخلاف احتمالات الحرب في الخليج.. هل المنطقة تنقصها حرب جديدة؟
أنا أتابع بالكثير من القلق تقارير عديدة في هذا الإتجاه، يقولون هذا الكلامفي أماكن مختلفة، لكن أنا أقول إن المنطقة في حاجة إلى السلام وليس إلى حروب جديدة.. وأحذر من التهديدات التي تخرج من آن لآخر لكل من لبنان وسوريا، فهي تزيد من مشاعر الغضب والإحتقان، وتأخذ المنطقة برمتها لنقطة اللا عودة، وتقضي على الأمل في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
٭ في ما يتعلق بلبنان، فرض حزب الله تواجده السياسي والعسكري في المعادلة اللبنانية... وبدعم إيراني معلن... كيف يمكن أن يؤثر ذلك على بنيان لبنان.. واستقراره؟ وهل هناك أي حوار بين مصر وحزب الله؟
مصر لها اتصالات مستمرة مع جميع الأطراف اللبنانية بما في ذلك حزب الله.. نحتفظ بمسافة متساوية منهم ولا ننحاز لطرف على حساب الآخر.. ليس لنا "أجندة خفية" في لبنان.. ما يعنينا وما نحرص عليه هو سلام وأمن لبنان واستقراره ووحدة أبنائه واستقلال إرادته. حزب الله قاد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.. انسحاب إسرائيل العام 2000 فتح الباب أمام الحزب للاندماج بالعملية السياسية كطرف مهم في المعادلة اللبنانية، ومن شأن تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من مزارع (شبعا) أن يساعد على استكمال تحقيق ذلك، سواء بالمسارعة بترسيم الحدود بين سوريا ولبنان لتحديد هوية شبعا، أو بتسليمها من إسرائيل للأمم المتحدة لحين البت في هويتها.
حزب الله أبدى تعاونًا في بسط سيطرة الجيش اللبناني في جنوب لبنان بعد حرب الصيف الماضي، ومن حق لبنان ــ كغيره من الدول ــ أن يستكمل مقومات السيادة من خلال مؤسسات ديمقراطية لا مكان فيها لدولة داخل الدولة.
٭ وفيما يخص دارفور، وفي ظل تدهور الأوضاع هناك، وفي ضوء قرار الإتهام الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية... ما الذي تستطيع القمة أن تقدمه... أو أن ذلك الملف من الأفضل أن يخضع للمعالجة من جانب الآلية الإفريقية وحدها؟
للسودان هويته العربية الأفريقية، وهناك بند مدرج على جدول أعمال القمة المقبلة حول دعم السلام والتنمية والوحدة في السودان الشقيق.. سواء ما يتصل بالوضع في دارفور، أو إتفاق السلام الشامل مع الجنوب، أو إتفاق السلام مع جبهة الشرق. السودان يحتاج إلى دعم عربي وأفريقي ودولي يخدم قضية السلام بين جميع أبنائه، وجهود تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
مصر وليبيا بذلتا جهودًا ضخمة مع حكومة السودان وأطراف النزاع في دارفور، ومع الدول المجاورة في تشاد وأفريقيا الوسطى، ومع الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والقوى الدولية داخل مجلس الأمن وخارجه... وسوف نتدارس الوضع الراهن مع القادة العرب خلال القمة... والجهود التي نبذلها لتوسيع إتفاق السلام في دارفور لتضم جميع الفصائل، باعتبار أن ذلك هو السبيل الأمثل لتسوية الأزمة بالحوار والتفاوض، وليس بالمواجهة والتلويح بالمحكمة الجنائية الدولية أو بفرض عقوبات على السودان.
٭ قبيل سنوات، وفي القمة العربية في تونس، تبنى القادة العرب مبادرة من أجل الإصلاح الداخلي.. وقد كانت رؤيتك الدائمة التي أثبتت الأيام صوابها أن الإصلاح يجب أن يتوافق مع الثقافة والبيئة العربية... هل نحتاج من خلال القمة إلى آلية لتقييم جهود الإصلاح؟
أنظر... مقررات قمة تونس أكدت إلتزام القادة العرب بالإصلاح وفق رؤية عربية تعكس هويتنا وخصوصياتنا وظروفنا، وتستجيب لتطلعات شعوبنا وروح العصر ومقتضياته... هذه المقررات جاءت في مواجهة محاولات لفرض الإصلاح من الخارج على نحو لا يراعي هذه الإعتبارات. هذا الإلتزام العربي مستمر، والدول العربية تمضي في الإصلاح وحققت على طريقه مكتسبات عديدة، كل بحسب ظروفه وخصوصياته وأوضاعه ووفقًا لمفهوم السرعات المتفاوتة، فليست كل المجتمعات العربية متساوية... ومن المؤكد أن هناك تقدمًا مطردًا وفي الاتجاه الصحيح.
تتذكر المؤتمر الذي إستضافته مكتبة الإسكندرية حول الإصلاح في العالم العربي قبل قمة تونس.. وشارك فيه ممثلو المجتمع الأهلي ومنظماته من الدول العربية... واعتمد "وثيقة الإسكندرية" حول الإصلاح.. ونحن في مصر حريصون على متابعة ذلك، بمؤتمرات سنوية عقد آخرها في مكتبة الإسكندرية مطلع هذا الشهر... الشعوب العربية هي الراعي الأول لسياسات الإصلاح والمستفيد الأول من ثمارها... والمجتمع الأهلي العربي هو الأقدر على متابعتها وتقييمها... كما أن للبرلمان العربي الإنتقالي دورًا مماثلاً في أهميته... كآلية من آليات العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية.
٭ على خلفية التفاعلات الإقليمية، لقد أجبت عما سوف اسأل عنه من قبل.. ولكني أريد أن أطرح زاوية أخرى من السؤال نفسه.. فعلى خلفية هذه التفاعلات سطع في الأفق نجم الصراع المذهبي بين السُّنة والشيعة في الدول العربية.. وفي ظل معلومات متواترة حول رغبات شيعية بالتوسع المذهبي في عدد من الدول العربية... هل ترى احتمالات صراع من ذلك النوع.. إقليميًا؟
أتمني ألا يحدث ذلك.. وأحذر دائمًا من الإنقسام الطائفي والمذهبي داخل البلد الواحد، وبين بلاد العالمين العربي والإسلامي بعضها البعض.. كما أحذر من الخطورة المماثلة لخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين، ومن توظيف المعتقدات.
٭ هل على القمة أن تتخذ موقفًا واضحًا من الهجمة التي تتعمد تشويه الإسلام في الغرب... وتأثير ذلك على العلاقة بين الحضارات؟
هناك بند مدرج بالفعل على جدول أعمال القمة حول حوار الحضارات... ولا شك أن محاولات الإساءة للعروبة والإسلام ستكون مطروحة أمام القمة... فهذه الإساءات تحاول النيل من هويتنا العربية والإساءة لمعتقداتنا وثقافتنا.. مستترة بحرية الرأي والتعبير والصحافة... وهي حق يراد به باطل.
موقفنا معروف وواضح... وقد حذرت مرارًا من محاولات تذويب الهوية العربية تحت ذرائع ومسميات عديدة... وقلت... ومازلت أقول... صدام الحضارات الذي يتم الترويج له في الغرب لا يعدو أن يكون صدامًا للمصالح... ونحن في حاجة إلى حوار حقيقي وجاد بين الحضارات والثقافات والأديان... يقوم على الإحترام المتبادل والتكافؤ والمصالح المشتركة والمتبادلة.
٭ أخيرًا.. نحن نشكر لك سعة صدرك على إحتمال كل تلك الأسئلة.. ولكن قبل أن نختتم الحوار.. أسألكم: هل على المواطن العربي أن ينتظر القمة العربية المقبلة متفائلاً؟
ولماذا نتشاءم؟ التشاؤم لا يفضي لتحقيق أي نتائج.. ويتعين أن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وثقة.. حتى نستطيع أن نمضي إلى الأمام.