الرياض عاصمة العرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الرياض عاصمة العرب... في عهد الملك عبد الله
عدنان العجمي
يدرك القادة العرب قبل غيرهم أن بلادهم تمر في هذه اللحظات بأحلك لحظاتها سوادًا مع تفاقم أزمات العراق ولبنان ودارفور وفلسطين، ويبدو هذا التجمع أقرب ممّا يكون إجتماعًا طارئًا خصوصًا وأن الملك عبدالله كان قد شبه الوضع على أنه خزان بارود قابل للإنفجار في أي لحظة .
السؤال الذي يدور في عقول كثيرة هو كيف يمكن التخلص من هذا الوضع؟ هناك عدة أفكار مطروحة للحل على الطاولة العربية منها مبادرة الملك عبد الله في 2002 من أجل إنهاء الأزمة الفلسطينية والتي وضعت فيها خلاصة ستة عقود من التفكير العربي في هذه القضية، كما ناقش القادة أيضًا سبل إنهاء العنف الطائفي في العراق، وإيجاد طريق من أجل الوصول إلى إستقرار سياسي في لبنان، والبحث في سبل زيادة التجارة العربية إضافة إلى مناقشة التحديات التي يطرحها البرنامج النووي الإيراني ويضع إيران في مواجهة الغرب ويقلق المنطقة.
النتائج المرجوة من هذا الإجتماع قليلة لأن غالبًا ما تأتي النتائج فيما بعد حينما تتطابق الكلمات التي تقال في مثل هذه المؤتمرات مع الأفعال التي تأتي لاحقًا، وحتى الآن فإن العرب لديهم الكلمات فقط.
و يسعى الملك عبد الله بكل ما أوتي من قوة لتغيير هذا التسلسل الزمني الذي أعتادت القمم العربية السير فيه. فهو في خطابه القصير والقوي في الوقت نفسه، طالب إخوته من القادة العرب بتفهم أسباب إخفاقاتهم وإتخاذ خطوات فعلية، ويقول الملك: "اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الأمة العربية، فخلافاتنا الدائمة، ورفضنا الأخذ بأسباب الوحدة، كل هذا جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتنا ، وتفقد الأمل في يومها وغدها".
وتشكل القمة العربية من عدة نواحي مراجعة لكل ما شهده العرب خلال عام من عمرهم ظهر فيها الملك عبد الله بإعتباره صانعًا للسلام، فمن نجاحه في إنهاء الخلاف الفلسطيني الفلسطيني بتوقيع إتفاقية مكة بين فتح وحماس مرورًا بالتفاهمات على الساحة اللبنانية مع حزب الله والقادة الإيرانيين.
ويبدو أن سياسة الملك عبد الله مستمرة في توحيد المسلمين على مستوى العالم فيما يلعب قادة عرب آخرون بالورقة الطائفية ـ تلك السياسة التي أوقفت في مكة حربًا أهلية كانت من الممكن أن تنهي آمال الفلسطينين في دولة مستقلة على الأقل إلى مجيء جيل فلسطيني آخر، سياسة اللقاءات التي إتبعها مع الجانب الإيراني أيضًا بإعتبارهما قوتين كبيرتين في المنطقة أوصلت التجاذبات في منطقة الخليج إلى منطقة التفاهم.
يقول محلل أميركي لأوضاع المنطقة:"كان أداء الملك عبد الله خرافيًا، لقد نجح في جلب الهدوء إلى المنطقة رغم أنه عمل لوحده، هناك الكثير قد ترك للعمل عليه خلال الفترة المقبلة وهناك كثير من التحديات في الأفق ولكن قيادته للمنطقة الآن تجلب الأمل للمنطقة، رغم أنه لن يستطيع إكمال الدرب لوحده الآن إلا أنه يرينا الطريق إلى السلام والسؤال هل سنسلك ذلك الطريق".
إسرائيل تريد سلوك هذا الطريق لكن بشروطها وذلك عبر تغيرات تحدث في مبادرة السلام العربية قبل الجلوس على مائدة المفاوضات ويزعجها كثيرًا التحدث عن مصير اللاجئين الفلسطينين وكنتيجة لذلك فإن واشنطن وتل أبيب تدفعان نحو التغيير وهو ما يناقض الروحية التي كتبت بها المبادرة.
الحقيقة إن القليل من القادة العرب اليوم يملكون الوزن نفسه،وتأثير الملك عبد الله وهو الأمر الذي يتفق عليه كثيرون من الكتاب في العالم مثل توماس فريدمان من النيويورك تايمز، وهو أمر يجب تفهمه وأن يؤخذ على محمل الجد، فيقول دبلوماسي غربي: "حينما يعدنا الملك عبد الله أو الأمير سعود الفيصل بشيء فنعرف أنه ينفذ وهذا الأمر لا يوجد في حالة أي من قادة المنطقة الآخرين".
ويقول آخرون إن إجتماع القادة العرب يمثل إنتقال الثقل العربي من القاهرة إلى الرياض ويبدو واضحًا أنه لا توجد أي منطقة عربية ما الآن ولا تجد فيها جهدًا دبلوماسيًا سعوديًا، فالسعوديون والإيرانيون يعملون معًا وبإيجابية من أجل إعادة التوازن إلى الساحة اللبنانية كما يقول دبلوماسي سعودي، العلاقات السعودية السورية تعود إلى سابق عهدها بعد أن إلتقى الرئيس بشار الأسد لساعتين و وصف أجواءه أحد الدبلوماسيين السوريين بالإيجابية.
ويبدو أن إستعادة العلاقات الجيدة بين الرياض ودمشق سيعني إستقرار أكبر في المنطقة، كما أن جهوده على الساحة العراقية واضحة رغم أن المسلحين هم من يحكم العراق اليوم لكنه يتعامل مع الوضع العراقي بنفس طويل يقوم على مبدأين أساسيين الأول إبعاد الحرب الطائفية عن البلد ووحدته.
ومع طائفة من الإزمات المختلفة التي تمر بها المنطقة اليوم، يبدو من الصعب على قائد واحد أن ينقذ هذه المنطقة برمتها، ولكن من المؤكد أن الأمر سيتغير إن سار أكثر من قائد عربي على خطى الملك عبد الله وفي النهاية يبدو أن ما يحدث في القمة العربية هو درس للقادة العرب الآخرين أكثر منه ضمن إجتماع وكلام منمق في قاعة رائعة الجمال تتدلى منها الثريات الضخمة التي تضيء على القادة العرب لكن وهجها يأمل له أن يصل إلى الواقع العربي كي يضيأه قليلاً.