أخبار خاصة

بريطانيا طاردت بيغن بعد إقامة إسرائيل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باعتباره إرهابيًا مطلوبًا للعدالة
بريطانيا طاردت بيغن بعد إقامة إسرائيل
بيغن مطلوب للعدالة سامة العيسة من القدس:
تظهر وثائق كشف عنها مؤخرًا، لجهاز المخابرات البريطانية الخارجية (sis)، أن المملكة المتحدة، طاردت مناحيم بيغن الزعيم الصهيوني إبان انتدابها على فلسطين، حتى بعد إقامة دولة إسرائيل. وكان بيغن الذي كان يقود التيار الأكثر يمينية وتطرفًا في الحركة الصهيونية، مشبعًا بأفكار جابتونسكي، منظر التيار الإصلاحي في الحركة الصهيونية الأكثر تطرفًا، اصبح رئيسًا لوزراء إسرائيل في عام 1978، وشن حربًا على لبنان في عام 1982، وقبلها وقع على اتفاقية السلام مع مصر، بعد مفاوضات كامب ديفيد. وطاردت السلطات البريطانية، بيغن وعددًا من رفاقه مثل اسحق شامير، الذي اصبح هو الآخر رئيسًا لوزراء إسرائيل، لإرتكابهم أعمالاً إرهابية ضد جنود بريطانيين، وموظفين أمميين، مثل الوسيط الدولي الكونت السويدي فولكي برنادوت، الذي اغتيل في القدس يوم 17/9/1948. ووفقًا لصحيفة معاريف، التي نشرت تقريرًا موسعًا عن الوثائق البريطانية المتعلقة ببيغن، فإن ملف هذا الأخير لدى الاستخبارات البريطانية يحمل رقم (94,495). وطارد جهاز (sis)، (المعروف أيضًا باسم MI6)، أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، بيغن ورفاقه، ووزع صوره مع عدد من رفاقه بإعتبارهم إرهابيين مطلوبين للعدالة.
وفي حين أن البريطانيين لم يتمكنوا من النيل من بيغن، الذي تحول إلى سياسي بعد قيام الدولة العبرية، إلا انهم واصلوا تعقبه غير مصدقين أن من اعتبروه إرهابيًا، أصبح، بين ليلة وضحاها سياسيًا، يتمتع بحماية دولته. وتظهر الوثائق البريطانية التي تحمل عنوان "سري للغاية" أن المخابرات البريطانية استمرت في جمع المعلومات عن بيغن، ومراقبته بعد إقامة إسرائيل، ولم تترك أي فرصة سانحة لجمع معلومات عن بيغن أو ملاحقته خلال سفره إلى الخارج، إلا واغتنمتها. واعتقدت المخابرات البريطانية، أن بيغن، يعمل لصالح جهات استخبارية معادية لها، وفي بعض الفترات أصبح لديها تقديرات أن بيغن مجند للعمل في المخابرات الروسية.
ويذكر بأن بيغن تعرض للإعتقال في الإتحاد السوفياتي السابق، لنشاطه في الحركة الصهيونية، الذي كان محظورًا، وأمضى سنوات معتقلاً في سيبيريا، وفي مذكراته التي صدرت في حياته، يقدم بيغن تفاصيل وافية عن تجربة سجنه السوفياتية، قبل وصوله إلى "ارض الميعاد" وهي عنده ليس فقط فلسطين وإنما أيضًا شرق الأردن، ويذكر كيف أنه عندما وطأت أقدامه شرق الأردن، قبّل الأرض باعتباره وصل أخيرًا إلى ارض الميعاد. وارتبط بيغن مع صديقه اسحق شامير في ارتكاب أعمال إرهابية عديدة، ومثلما اصبح بيغن رئيسًا لوزراء إسرائيل في عام 1977، فيما اعتبر حينها انقلابًا سياسيًا، أصبح شامير أيضًا رئيسًا لوزراء إسرائيل، وترأس وفدها إلى مؤتمر مدريد الشهير لسلام الشرق الأوسط (تشرين أول /أكتوبر 1991)، وفي هذا المؤتمر وقف وزير خارجية سوريا آنذاك فاروق الشرع لإلقاء كلمة وفد بلاده في المؤتمر أسوة بباقي الوفود. وقدّم الشرع كلمته ارتجالاً، مدافعًا عن بلاده التي هاجمها سابقًا شامير في كلمته في افتتاح المؤتمر، وفجأة استل الشرع ورقة من جيبه وعرضها على الموجودين في القاعة وعلى الملايين الذي يتابعون ذلك الحدث الاستثنائي وقتها في قضية الشرق الأوسط، ولم تكن تلك الورقة إلا صورة عن ملصق وزّعته الشرطة البريطانية لإسحاق شامير عليها صورته كمطلوب للعدالة بسبب نشاطه الإرهابي في المنظمات الصهيونية الإرهابية قبل عام 1948. كان شامير الذي ألقى كلمة إسرائيل في المؤتمر في وقتٍ سابق قداعتذر عن الإستمرار في المؤتمر وغادر إلى إسرائيل متذرّعًا بأسباب اعتبرت واهية مثل دخول عطلة (السبت اليهودي) أثناء أعمال المؤتمر وفي حينه قدرت مصادر في الوفد الفلسطيني، تحدثت لمراسلنا، بأن شامير أحس على ما يبدو بما يخفيه له الوزير السوري ففضّل المغادرة. ولا ينكر قادة إسرائيل عادة، تورّطهم في أعمال الإرهاب خلال فترة الانتداب البريطاني، بل كثير منهم تحدثوا عن تفاصيلها في مذكراتهم وأوراقهم وفي مقابلات صحافية عديدة. ولم تتوقف تلك الأعمال على فلسطين، بل وصلت إلى دول مجاورة مثل مصر، مثلما حدث في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1943، عندما اغتال إرهابيون من منظمة (شتيرن) الصهيونية اللورد والتر موين، وزير الدولة وممثل الحكومة البريطانية المقيم في القاهرة. وكان إسحاق شامير أحد قادة عصابة شتيرن الثلاثة الذين أصدروا أمر الاغتيال. وبعد ذلك بسنوات في نيسان (أبريل) عام 2000، لم يبدِ شامير أي ندمٍ على ذلك وقال لصحيفة يديعوت أحرنوت عن اللورد موين إنه كان يعتبر عدوًا للشعب اليهودي، ولم يكن هناك أدنى شك بذلك. وقدم الأستاذ محمد حسنين هيكل، رواية عن اغتيال اللورد موين في كتابه الأول عن "المفاوضات السرية بين العرب و اليهود"، ويذكر، أن اتحاد المنظمات الصهيونية في مصر تقدم بطلب في تلك الفترة إلى مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر للاعتراف بالإتحاد كممثل للشعب اليهودي في مصر، ولكن النحاس لم يكتف برفض الطلب، بل قرّر أيضًا وقف نشاط الإتحاد. وحسب هيكل فإن النحاس كان مشغولاً في عملية إنشاء جامعة الدول العربية، وكان قد دعا إلى عقد مؤتمر لرؤساء الحكومات العربية في قصر (أنطونيادس) في مدينة الإسكندرية الساحلية، للانتهاء من إقرار نص ميثاق الجامعة العربية. ويقول هيكل إنه من الغريب أن ردّ الاتحاد الصهيوني على رفض النحاس باشا له بالعمل رسميًا، كان الترتيب مع جماعة شتيرن في فلسطين لنسف قصر أنطونيادس يوم الاحتفال بالتوقيع. ولأن محاولة نسف ذلك القصر بمن فيه لم تنجح، ولكي لا يعود إرهابيو شتيرن خالي الوفاض، على ما يبدو، نفّذوا عملية اغتيال اللورد موين، الوزير البريطاني المقيم في الشرق الأوسط، وكان السبب في قتله، كما يذكر هيكل "معارضته لمشروع هجرة مئة ألف يهودي من أوروبا إلى فلسطين". ومن المعروف أن شامير، ارتبط بأشهر عملية اغتيال حدثت أثناء حرب فلسطين، وهي اغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت، ابن عم ملك السويد، الذي حضر إلى فلسطين، وأبرم هدنة بين الطرفين العربي والصهيوني وأعد تقريرًا اقترح فيه أن تكون منطقة النقب ضمن حدود الدولة العربية المقترحة، وكان ذلك سببًا كافيًا بالنسبة إلى شامير وبيغن ورفاقهما لقتله بالرصاص في القدس. وعمل شامير، حسب مصادر صحافية إسرائيلية في جهاز الموساد، الذي يتولى الأعمال الاستخبارية في الخارج. و في أواخر نيسان (أبريل) عام 2000، كتب الصحافي شلومو نكديمون تقريرًا في صحيفة يديعوت أحرنوت، عن تلك السنوات التي عمل فيها شامير في الموساد، ويتبين من المعلومات القليلة التي قدّمها شامير نفسه، أنه تورط في التخطيط لما يسميه كاتب التقرير "التصفيات الجسدية" أي الاغتيالات، وأنه قام بمهمات في الدول العربية. ويشير التقرير إلى أن شامير إلتحق بالموساد و عمره 40 عامًا، بعد فترة إعداد استمرت ستة أشهر تعرّف خلالها على وحدات الموساد المختلفة، وعمل في قسم يتولى مهمات في الدول العربية، ثم أسس وحدة أطلق عليها اسم "مفراس" هدفها زرع عملاء لإسرائيل في الدول العربية. وتدرّج شامير في سلم الرتب في الموساد وجال في عدة دول في العالم للقيام بالمهام الموكلة له. وخلال المقابلة أعرب شامير عن تأييده لأسلوب الاغتيالات، ولم ينفِ أقوالاً لزملاء له من وحدة "مفراس"عن تأييده لاغتيال زعيم عربي، ربما يكون جمال عبد الناصر، ولم تنفذ بسبب قرار من القيادات السياسية، ولو نفذت تلك العملية، لكانت العنوان الرئيسي حتى اليوم، حسب الصحافي نكديمون. واعتزل بيغن السياسة، بعد غزو لبنان في صيف 1982، وتوفي بعد سنوات، أما شامير، فاعتزل السياسة هو الأخر، وما زال يعيش حتى الآن، هانئًا مطمئنًا،وأن لا أحد في العالم يمكن أن يفكر في ملاحقته أو تقديمه للعدالة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف