السنيورة والشيعة: 3 سجالات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من إعادة الإعمار إلى أجهزة الأمن وسلاح "حزب الله"
السنيورة والشيعة : سجالات على 3 جبهات
إيلي الحاج من من بيروت: يبدو أن الهدوء الأمني هو أقصى وأفضل ما يمكن ان يحصل عليه اللبنانيون في الوقت الضائع الحالي الذي يفصل لبنان عن موعد الاستحقاق الرئاسي في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل ولعدم اضاعة صيف واعد . أما الهدوء السياسي فإنه متعذر وصعب المنال في مرحلة مزدحمة بالملفات الساخنة وتتحرك فيها الأوضاع على ايقاعات متوترة من المحكمة الدولية العالقة بين بيروت ونيويورك، الى انتخابات الرئاسة التي بدأت فعلا.
فبعد الصدمة التي أحدثتها جريمة اغتيال فتى وشاب من أحد أحياء بيروت التي يوالي أهلها "تيار المستقبل" برئاسة سعد الحريري والحزب التقدمي الإشتراكي برئاسة وليد جنبلاط ، وما رافق تلك الجريمة من انكسار جليد العلاقات إثر تصريحات جنبلاط المهدئة والتفاعل الايجابي معها، تعززت احتمالات معاودة الحوار الوطني بطريقة ما ومن مكان ما، ولكن هذه الأجواء تبددت سريعا لمصلحة أجواء تصعيد وتأزم اضافي، نتيجة التوتر السياسي المتجدد بين الرئيس فؤاد السنيورة والتحالف الشيعي المتشكل من "حزب الله" وحركة "أمل". وتمثل التصعيد في شكل فوري وحاد في سجال مثلث الأضلاع دار حول ثلاث مسائل ساخنة وحيوية .
محاور الخلاف والسجالات
أول مواضيع الخلاف يتعلق بالإعمار وإعادة بناء ما هدمته إسرائيل خلال حرب الصيف الماضي بينها وبين "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب. ففي حين توجه قيادتا الحزب والحركة الشيعيين إلى الحكومة ورئيسها السنيورة اتهامات بالتقصير والتلكؤ وافتعال العراقيل في صرف التعويضات للأهالي المتضررين، وتلصقان بالحكومة ورئيسها وصمة التصرف من خلفية سياسية لمعاقبة السكان على خياراتهم وولائهم ل"المقاومة الإسلامية"، وفي وقت يهيئ الفريق الشيعي في المعارضة للانتقال الى مرحلة التحركات الشعبية لمزيد من الضغط على الحكومة، لم يتردد الرئيس السنيورة في مواجهة هذه الاتهامات بالوقائع والأرقام في مؤتمر صحافي مطول عقده في السرايا، معتبرا ان أي تباطؤ ،اذا كان من تباطؤ، ليس مقصودا بل هو نتيجة لضخامة الكارثة وفداحتها.
إلا أن مؤتمر السنيورة ساهم في تأجيج مواقف الحزب والحركة الشيعيين، خصوصاً بسبب إعلانه تأجيل دفع التعويضات وإجراءات جديدة اعتبراها أكثر تعقيدا وبيروقراطية.، في حين رآها ضماناً لمزيد من الدقة ومنع الإهدار والتسيب الماليين وللتأكد من ذهاب الأموال إلى مستحقيها الفعليين.
الموضوع الثاني للخلاف المتفاقم محوره القرارات والتعيينات في الإدارات والأجهزة الأمنية. هذا الموضوع دفع رئيس حركة "أمل " ومجلس النواب نبيه بري إلى الخروج عن صمته الذي بدأه قبل أسابيع ليحذر من "تجاوز الأكثرية الخطوط الحمر وروح الوفاق الوطني عبر اتخاذها قرارات بتعيينات تستهدف الطائفة الشيعية، ومن تكرار تجربة عزل حزب الكتائب المسيحي في بداية حرب لبنان عام 1975 .
ويبدو ان ما أثار حفيظة بري وغضبه هو ما نقل اليه عن اجحاف يلحق بالشيعة في مؤسسات أمنية وعن عمليات ترقية وتطويع غير متوازنة بين الطوائف، للشيعة فيها الحصة الأقل، اضافة الى ما يلقاه رئيس جهاز الأمن العام العميد وفيق جزيني، الذي خلف اللواء المسجون في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري جميل السيّد، من معاملة حذرة ومن إقصائه عن الاجتماعات الأمنية التي تعقد في مقر رئاسة الحكومة في السرايا.
وفي حين ترد مصادر السنيورة على هذه الاتهامات بأنها غير صحيحة ومبالغ بها وتتحدث عن معلومات مغلوطة مررت الى الرئيس بري تضمنت في ما تضمنت معلومات عن توظيف أو ترقية لموظفين شيعة غير موالين له سياسيا ، تشير مصادر بري الى ملف كامل بات جاهزاً لدى رئيس المجلس حول ارتكابات الحكومة ومخالفاتها على صعيد قرارات جلساتها وعلى صعيد قرارات اتخذت في ادارات مدنية وأمنية تابعة لرئاسة الحكومة مباشرة . وتضيف أن بري سيعلن هذه الوقائع قريبا في مؤتمر صحافي.
أما موضوع الخلاف الثالث فهو" النقاط السبع" التي انتهت على أساسها حرب الصيف الماضي بين "حزب الله" وإسرائيل . وقد دخلت هذه النقاط على خط الأزمة بعد ورود اقتراح الرئيس السنيورة بشأن صيغة حكومية على أساس 17 وزيراً للموالاة و13 للمعارضة، ولكن مشروطة ومربوطة باتفاق مسبق على برنامج سياسي في أساسه خطة النقاط السبع والقرار الدولي رقم 1701.
والمشكلة ان فريق الأكثرية، حكومة وسياسيين، يتهم "حزب الله" بأنه تراجع عن" النقاط السبع" وفي صدد التنصل منها والتنكر لها ، رغم ان كل الوثائق والمحاضر والتصريحات إبان حرب الصيف وبعدها تثبت موافقته عليها، وبأنه يبدأ هجوما مضادا في سياق خطته الانقلابية على الوضع والمعادلة الداخلية، متكئا على متغيّرات دولية واقليمية مساعدة.
وفي هجومه هذا يحاذر "حزب الله" الاقتراب من القرار الدولي 1701 الذي أنهى الحرب ويحصر اعتراضه ضد" النقاط السبع" التي ارتكز عليها القرار المذكور. ويبرز منها خصوصاً البند المتعلق ب "حصرية السلاح في الدولة وحدها والعودة الى اتفاقية الهدنة"....
و لا يجهد" حزب الله" في المقابل في نفي ورد تهمة التراجع عن "النقاط السبع"، لا بل لا يرى احراجا في اعلان رفضه هذه النقاط ، قائلاً إنها "مررت بطريقة الابتزاز وتحت وطأة التهديدات والضغوط الاسرائيلية والأميركية". ويضيف أنه لم يوافق على هذه النقاط في مجلس الوزراء بل" أخذ علما" بها لا أكثر، وان "النقاط السبع" تختلف عن القرار 1701 الذي لا يتحدث عن "سلاح حزب الله".
ويكاد بعض وزراء الغالبية يقفزون عن كراسيهم وهم يصرحون أن الحزب المذكور وافق بوضوح على تلك النقاط التي شكلت أساسا للقرار 1701 ، ويطالبون بنشر تسجيلات صوتية ومشهدية لجلسة مجلس الوزراء التي شهدت إعلان وزراء الحزب والحركة الشيعيين موافقتهم .