عون يعيد تموضعه في باريس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف" من بيروت وباريس: التقى النائب الجنرال ميشال عون في باريس اليوم الإثنين ، وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير على مدى 45 دقيقة, ثمَّ اجتمع مع عدد من كبار مساعديه. وتأتي زيارة عون لفرنسا التي كانت محددة قبل أحداث مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" في ظل تغييرات واضحة في سياسة الجنرال وتأخذ شكل "اعادة التموضع" عشية الاستحقاق الرئاسي. وهذا ما ظهر من خلال مواقف متمايزة عن مواقف حليفه "حزب الله" في مواضيع عدة، مثل الموقف من تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري والمواجهات في نهر البارد حيث حض الجيش على حسم الموضوع بالقوة في حين رسم الأمين العام للحزب الشيعي السيد حسن نصرالله "خطاً أحمر" على المخيم الذي يتحصن فيه الإرهابيون. كذلك تميز عون عن حليفه بلقاءات لافتة ، مثل اجتماعه مع مساعد وزيرة الخارجية دايفيد ولش في مقر السفارة الأميركية في عوكر، بينما كان الحزب ينتقد عبر أحد نوابه حسين الحاج حسن وفي إعلامه "الزاحفين إلى السفارة الأميركية" ينتقد ولقاءاته هذا الأسبوع في فرنسا حيث يستبعد أن يستقبله الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي .
وهي الزيارة الأولى للجنرال عون الى فرنسا منذ أيار/ مايو ٢٠٠٥ تاريخ عودته من المنفى الباريسي الذي أمضى فيه ١٤ عاما من دون ان يلتقي ولا مرة الرئيس جاك شيراك . وزيارته الحالية مخصصة في الأساس لتوقيع كتاب جديد وضعه عنه أحد الصحافيين الفرنسيين، يشرح فيه وجهة نظره في الوضع اللبناني ورؤيته إلى سبل الخروج من الأزمة السياسية المتعددة الوجه في لبنان، ويتطرق باسهاب الى علاقته مع "حزب الله" والأسباب التي دفعته إلى التحالف معه عبر ما يسمى ب"وثيقة التفاهم" . وبطبيعة الحال ستكون الزيارة مناسبة لمحاولة فتح صفحة جديدة مع السلطات الفرنسية، بعدما وصلت علاقة عون بها في الأشهر الأخيرة الى أدنى مستوياتها وإلى نفور متبادل، بسبب علاقة الرئيس السابق شيراك المميزة مع رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري وقوى آذار/مارس، الأمر الذي اعتبره عون انحيازا فرنسياً إلى فريق لبناني ضد فريق آخر، في حين يعود النفور من وجهة النظر الفرنسية إلى تحالف عون مع "حزب الله" الذي تعتبره باريس متعارضا مع سياستها في لبنان.
ولوحظ في العاصمة الفرنسية أن أنصار قوى الغالبية لم يحضروا إلى قداس الأحد في كنيسة سيدة لبنان في باريس لئلا يحظى بلقاء جماهيري كبير . وكانت قوى ١٤ آذار/ مارس سجلت انتصارا انتخابيا نقابيا باهرا الأحد على "التيار العوني" وحلفائه من قوى المعارضة الموالية لسورية في انتخابات نقابة الأطباء، وهي إحدى ثلاث نقابات مهمة في قطاع المهن الحرة ، اضافة الى نقابتي المهندسين والمحامين. إذ فازت اللائحة المدعومة من قوى الغالبية بكامل أعضائها ال ١٤ ، اضافة الى مركز النقيب الذي فاز به الدكتور جورج افتيموس، وجرت الانتخابات على دورتين: الأولى لانتخاب أعضاء مجلس النقابة وصندوقي التقاعد والتأمين، وفي الدورة الثانية لانتخاب النقيب. وبعد سقوط مرشح" التيار الوطني الحر" والمعارضة الدكتور بيار شبيب في الدورة الأولى، رشحت المعارضة الدكتور جاد عقيص وهو صهر النائب العوني ابرهيم كنعان وعضو حالي في مجلس النقابة، وذلك في محاولة متأخرة للحد من الخسارة في ظل تضعضع وبلبلة في معسكر المعارضة، مما أدى الى فارق آبير في النتيجة النهائية لمصلحة افتيموس الذي نال ٢١٩٢ في مقابل منافسه عقيص ١٠٤٨ صوتاً، لكن ما أبرز معالم الخسارة أن الأطباء في مجملهم غير ملتزمين حزبياً وأن المسيحيين منهم يشكلون غالبية وقد صوّت 70 في المئة منهم لمصلحة خصوم عون في معركة اتذت طابعا سياسياً نافراً بعدما كانوا أعطوه غالبية أصواتهم في المرة الماضية .
وعزت مصادر نقابية قريبة من "التيار العوني" الخسارة الكبيرة إلى سوء إدارة التيار للمعركة ، في حين تحدثت مصادر أخرى في التيار نفسه عن تأثير سلبي للتطورات الأمنية والسياسية التي شهدها لبنان أخيراً ، إذ أحدثت مناخات جديدة وحالة من البلبلة في صفوف تحالف المعارضة فتراجعت أجواء التعبئة السياسية في قواعدها.
لكن متابعين أكدوا أن خطاب الأمين العام ل"حزب الله" الأخيرالذي وضع خطاً أحمر حول مخيم عين الحلوة حيث يتحصن مسلحو "فتح الإسلام" كان له وقع سيىء لدى مؤيدين تقليدياً للجنرال، إذ فهموا عن حق أو عن خطأ أن نصرالله ساوى بين الجيش اللبناني والإرهابيين، ولم يذكر بأي كلمة تهديد "فتح الإسلام" بالتعرض للمسيحيين في لبنان، فانعكس رد فعلهم في نقابة الأطباء حيث صبت أصواتهم ضد لائحة حليف نصرالله .