الفلسطينيات عاريات على حواجز إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اسامة العيسة من القدس:تغطي التجاذبات السياسية بين الفرقاء الفلسطينيين، على واقع يعيشه الفلسطينيون في ظل الإحتلال ويصفونه بالمرير. وفيما يختلف الفرقاء السياسيون على كل شيء، بدءًا من طبيعة الحكومة وشرعيتها، والمجلس التشريعي وتعطيله، وطبيعة التدخلات الدولية سواء كانت أميركية - إسرائيلية بالنسبة إلى فريق محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية، أو إيرانية - سورية بالنسبة إلى حركة حماس، يجد الفلسطينيون أنفسهم في واد آخر، كشعب يعاني مما يطلقون عليها ويلات الإحتلال، ويكادون لا يأبهون بما يجري على الساحة السياسية من تجاذبات واتهامات وشتائم، التي لا تغير ولا تضيف شيئًا على معاناتهم المستمرة.
ومن أصعب ما تواجه الفلسطينيات في الضفة الغربية الآن، هو إجبارهن على التعري على الحواجز العسكرية الإسرائيلية بحجة التفتيش، وهو ما يرين فيه قمة الإهانة الإنسانية.
وتقسم الحواجز العسكرية الإسرائيلية إلى قسمين الأولى حواجز عادية، والأخرى يطلق عليها المعابر والتي تربط القدس والأراضي الإسرائيلية بالمدن الفلسطينية، والتي تشبه الحدود الدولية بين الدول.
وفي هذا القسم الثاني من الحواجز، يتم إدخال الفلسطينيات اللواتي يحملن تصاريح مرور مسبقة، حصلن عليها لأسباب شتى، وبعد جهد كبير، وصلاحياتها محددة بيوم أو يومين، إلى غرفة تفتيش خاصة ويطلب منهن التعري بشكل كامل بحجة التفتيش.
واشرن إلى أن المجندات الإسرائيليات اللواتي يتولين التفتيش، يتفحصن كل شيء حتى الأمكنة الحساسة في أجساد الفلسطينيات مما يزيد، كما قلن، من الإحساس بالعار والدونية.
وتضطر نساء فلسطينيات إلى الخضوع للتفتيش العاري أكثر من مرة في اليوم، مثل أمهات وشقيقات وزوجات الأسرى في السجون الإسرائيلية، اللواتي يذهبن في حافلات يخصصها الصليب الأحمر لزيارة رجالهن الأسرى في سجون داخل إسرائيل، ويتم تفتيش الحافلات عند أكثر من نقطة تفتيش إسرائيلية.
وتروي والدة الأسير ساهر محمد خلف شواورة، بأن الحافلات يتحركن في الساعة الرابعة فجرًا، وبأن أهالي الأسرى يعودون في الليل، وتصف مشوار الزيارة إلى السجن بأنه رحلة عذاب حقيقية، ومع ذلك لا يستطيع الأهالي تفويت موعد الزيارة، لأن حصول الواحد منهم أو الواحدة منهن على تصريح زيارة ليس سهلاً أبدًا، وكثيرًا من المرات وبعد أن يصل الأهالي إلى السجون يتم إلغاء الزيارة.
وتحدثت عن زيارتها الأخيرة لابنها المعتقل في سجن بئر السبع، قائلة "عندما وصلنا إلى الحاجز العسكري الإسرائيلي قرب بلدة ترقوميا، أجبرتنا المجندات على خلع ملابسنا". ووصفت هذا التفتيش بأنه مذل جدًا، حيث أن المجندات يتمادين في فحص وكشف كافة أجزاء أجسام النساء، وذلك تحت تهديد السلاح، وبحجج وصفتها بالواهية مثل أن أهالي الأسرى قد يحملون مواد مشبوهة أو ممنوعة.
وقالت إن ما يمارسه الإحتلال على حاجز ترقوميا، هو نفس ما يلاقيه أهالي الأسرى على باقي الحواجز وداخل السجن عند الزيارة "حيث التفتيش العاري والمذل بحقنا دون أي أسباب مقنعة".
ويمكن أن تمثل حالة ابنها الأسير شواورة، نموذجًا لما يعانيه باقي الأسرى الذين يحرمون من رؤية أهلهم، مما يجعل هؤلاء لا يجازفون بالتخلي عن أي فرصة تسنح للزيارة، على الرغم منالصعاب والتفتيش العاري.
وتقول والدة الأسير شواورة إن ابنها البالغ من العمر 27 عامًا وضع، بعد اعتقاله في العزل الإنفرادي لمدة ثلاثة أشهر في معتقل المسكوبية بالقدس، وتعرض للتعذيب أثناء التحقيق، ونقل على أثر ذلك إلى مستشفى سجن الرملة للعلاج عدة مرات قبل إصدار الحكم عليه، ومنع أهله من زيارته مدة سنة وثلاثة أشهر وهو في سجن عسقلان، ثم تم نقله بعد ذلك إلى سجن بئر السبع وبعد سنتين ونصف حكم عليه مدة 14عامًا أمضى منها ثلاثة سنوات.
وتضيف "ابني مريض ويعاني من قرحة في المعدة وحصى في الكلى ولديه ضعف نظر نتيجة للإهمال الطبي وعدم تلقيه للعلاج، ولا أستطيع والحالة هذه تفويت أي فرصة لزيارته، على الرغم من التفتيش العاري المذل جدًا جدًا".
وتروي فاطمة احمد عبد الرزاق الحجاجرة والدة الأسير اشرف حجاجرة والمعتقل في سجن نفحة منذ ست سنوات ومحكوم 12 مؤبدًا، بان ابنها كان معزولاً لمدة ستة أشهر انفراديًا، وأنها منعت من زيارته لمدة سنتين ونصف.
وتقول: "كل شيء يهون في رحلة العذاب إلى زيارته، إلا التفتيش العاري على الحواجز وفي السجن قبل الدخول لزيارته، ولكن ماذا نفعل؟ هل أستطيع تفويت فرصة زيارته بعد أن منعت من رؤيته مدة عامين ونصف؟".
وتضيف: "عندما إلتقيت ابني في الزيارة الأخيرة، أكد هو وزملاؤه، على الرغم من القهر والعذاب الذي يعانونه ونعانيه معهم، على ترسيخ الوحدة الوطنية ورص الصفوف في كافة المواقع الفلسطينية وصولاً إلى إعادة الهيبة للقضية الفلسطينية والحفاظ عليها".
وإذا كانت الفلسطينيات يجبرن على التعري لتفتيشهم على ما يسمى بالمعابر، فإنهن يجدن انفسهن ضحية التحرش من قبل الجنود على الحواجز التي تقطع أوصال الأراضي الفلسطينية.
وعادة ما يلجأ جنود الإحتلال المسؤولين عن الحواجز، ومعظمهم من الشباب ومن قوات حرس الحدود، إلى إيقاف السيارات التي تقل فتيات لفترات طويلة من دون سبب يوجب ذلك.
وأكثر ما يعانين في هذه المجال طالبات جامعة القدس في بلدة أبو ديس، شرق القدس، اللواتي يمرن كل يوم صباحًا ومساء عن حاجز يعرف باسم حاجز (الكونتينر).
وتضم وحدات حرس الحدود الإسرائيلية، ما يطلق عليهم أبناء الاقليات مثل الفلاشا والدروز، إضافة إلى الأقل تعليمًا من المجندين الإسرائيليين.
ويتم عادة إنزال ركاب السيارة منها، ووضع الرجال في مكان والنساء في مكان، بينما يأخذ الجنود في إطلاق التعليقات واسماع النساء كلامًا بذيئًا وخادشًا للحياء.
ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، يطلق بعد كل لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية تصريحات تعد بتخفيف القيود على الحواجز، وهو ما فعله أخيرًا في قمة شرم الشيخ، إلا أن لا شيء يتغير على الأرض: الفلسطينيات يتعرضن لما يصفنه أقسى ما يمكن أن يحدث لإمرأة، بينما اللقاءات بين اولمرت وعباس تواصل ومعها الوعود كذلك، وفي الساحة الفلسطينية لا يتوقف القصف الإعلامي بين الفرقاء الفلسطينيين، في حين انه لا توجد على اجندتهم أي شيء يتعلق بمعاناة الفلسطينيات والفلسطينيين العاديين.
وبين الفترة والأخرى تخرج أصواتًا من العالم تستهجن بما يفعله الجنود الإسرائيليون على الحواجز، مثل رابطة الأكاديميين في بريطانيا التي أعلنت مقاطعة الأكاديميين الإسرائيليين، الذين يمضي الكثير منهم فترة خدمته الاحتياط السنوية على الحواجز الإسرائيلية التي تشهد يوميا عمليات تنكيل بالفلسطينيين والفلسطينيات.