مؤتمر باريس اللبناني اهتز ولم يسقط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موفد فرنسي يسعى إلى حل في طهران
مؤتمر باريس اللبناني اهتز ولم يسقط
إيلي الحاج من بيروت: بلغت حركة الاتصالات السياسية بين فرنسا ولبنان ذروتها بعد كلام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن "حزب الله الارهابي " ورمت في شكل أساسي الى أمرين : حصر تداعيات هذا الموقف والحؤول دون انعكاسات سلبية له على العلاقة بين فرنسا و"حزب الله " وانقاذ مؤتمر سان كلو الحواري في ضاحية باريس وتجنيبه خطر عدم الإنعقاد .
فبعد صدور موقف الرئيس الفرنسي ساركوزي، سادت "حزب الله "ضجة وموجة استياء عارم وحركة مناقشات كثيفة على المستوى القيادي للرد وتحديد التعامل مع هذا الموقف الذي أثار حفيظة "حزب الله" في ثلاث نقاط : وصفه بأنه حزب ارهابي، واعلان عدم رغبة الرئيس الفرنسي في لقاء ممثلي الحزب، والتلميح الى نية فرنسا اثارة موضوع الجنديين الاسرائيليين لدى" حزب الله" واغتنام فرصة مؤتمر سان كلو لإمرار هذا الطلب . وعكست المناقشات وجود اتجاه قوي الى مقاطعة مؤتمر سان كلو احتجاجا على هذا الموقف الذي يتعارض مع ما كان حزب الله أبلغ به من وزيرالخارجية برنار كوشنير وموفده جان كلود كوسران .
وقد أبلغ الحزب موقفه الى حلفائه، وكان جواب الرئيس نبيه بري والجنرال ميشال عون انهما يتضامنان معه ولا يذهبان الى باريس في حال قرر هو عدم الذهاب. وتوافق الرئيس بري مع السيد حسن نصرالله على التريث بانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من ايضاحات فرنسية وتصويب للموقف .
ومع شعور كوشنير الذي رافق الرئيس ساركوزي في جولته على دول المغرب العربي ان مؤتمر سان كلو بات مهددا جديا، بادر الى محاولة احتواء الوضع عبر اتصالات تهدئة تولاها السفيربرنار إيمييه مع المسؤول عن العلاقات الخارجية في "حزب الله "نواف الموسوي ، ومن خلال اصدار بيان عن وزارة الخارجية الفرنسية أشار الى ان "حزب الله" هو قوة سياسية مهمة في الحياة السياسية اللبنانية، وان فرنسا ترغب في انضمامه الى اللعبة السياسية وتتمنى ان يشارك في لقاء الحوار اللبناني .
لكن الحزب اعتبر ان ما صدر عن الخارجية الفرنسية غير كافٍ وطالب بصدور موقف عن قصر الاليزيه أكثر وضوحا . وبالفعل صدر هذا " الموقف- البيان " ليل أمس بناء على الحاح كوشنير على ساركوزي، وشكل تراجعا ضمنيا عن اتهام" حزب الله" بالارهاب . وجاء في هذا الموقف كما أعلنه المتحدث الرسمي باسم قصر الاليزيه : "حزب الله ليس مدرجا في لائحة الاتحاد الاوروبي للمنظمات الارهابية، وأن وفرنسا لا تطلب وضع اسمه في هذه اللائحة ... و"حزب الله" هولاعب سياسي مهم في لبنان ويشكل أحد مكونات الحوار الوطني، وتحت هذا العنوان دعي الى الحوار في سان كلو . وإن الرئيس ساركوزي يرغب في ان يصبح "حزب الله"حزبا سياسيا كاملا يلعب اللعبة الديمقراطية" .
وعلى أثر صدور الموقف التوضيحي ـ وليس الاعتذاري ـ عن الاليزيه، جرت عملية تقويم للموقف في قيادة "حزب الله "الذي تفادى اصدار رد فوري وانتظر إلى اليوم ليبلغ السفارة الفرنسية أن مندوبيه الوزير المستقيل محمد فنيش والموسوي سيشاركان في اللقاء الحواري. وكان تردد حديث عن إتجاه لديه الى خفض مستوى مشاركة الحزب وادخال تعديلات على وفده بحيث لا يكون في عداده الوزير المستقيل فنيش.
وعنى "الإشتباك السياسي" بين باريس و"حزب الله" قبيل انعقاد المؤتمر من 14 إلى 16 من الشهر الجاري ان مؤتمر سان كلو واجه اهتزازا عنيفا وزادت الاشكالات والتعقيدات المحيطة به، وخفضت فرص نجاحه او قدرته على احداث اختراق ... وبات انعقاده والتقائه بكامل أعضائه " انجازا " في ذاته. كما إن ان الادارة الفرنسية الجديدة لم تستقر على سياسة واضحة محددة ونهائية بخصوص لبنان، وهي ما زالت في مرحلة انتقالية غير مستقرة بين ما " ورثته " من الحقبة الشيراكية وما تتطلع اليه من تغييرات . وقد تكون الدبلوماسية الفرنسية وقعت في " دعسة ناقصة " واستعجلت تنظيم، ورعاية، مؤتمر حوار لبناني غير مكتمل في تحضيراته وظروفه، وقد تكون واقعة تحت تأثير ضغوط اميرآية، ولكن النتيجة ان وزير الخارجية كوشنير يخوض تحديا ويشهد انتكاسة ويقاتل بمفرده على جبهة " حوار سان كلو " من دون تفويض مطلق من رئيسه في الاليزيه ومن دون انسجام مطلق مع سفيره في بيروت .
وأظهرت هذه الحادثة أن العلاقة بين " فرنسا ساركوزي " و"حزب الله" ما زالت في مرحلة اعادة التقويم واعادة الصياغة وليست مقبلة على تطوير وتحولات مهمة قياسا الى ما كانت عليه أيام شيراك، ولكنها أيضا لن تشهد تدهورا وتراجعا لأن ثمة حاجة ومصلحة مشتركة في هذه العلاقة : فرنسا تدرك حجم "حزب الله" في لبنان ودوره في الحل والاستقرار الداخلي وفي حماية القوات الدولية ... و"حزب الله" يدرك أهمية موقع فرنسا كبوابة اوروبية ودورها في منع قيام موقف اوروبي مناهض له .
باريس- طهران
وللمسألة أبعادها الإقليمية أيضاً في ضوء الترابط بين "حزب الله" وإيران ، وحاجة النظام الإيراني إلى التعامل مع فرنسا لكسر حدة العزلة حوله .
وفي هذا الإطار ، وزعت السفارة الايرانية في بيروت بيان اشارت فيه الى "ان المبعوث الفرنسي الخاص جان كلود كوسران الذي يزور ايران حاليا، أجرى محادثات ومشاورات مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي تناولت قضايا المنطقة واخر التطورات في لبنان"، مشيرا الى ان هذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها المبعوث الفرنسي لايران".
وقال البيان "أن وزير الخارجية الايرانية إشار الى "الظروف الخطيرة التي يمر بها لبنان"، مؤكدا "ان اي مبادرة يراد تطبيقها لا بد ان تكون شاملة وتراعى ادق التفاصيل الخاصة بالمجتمع اللبناني. وإن ايران ستبذل كل مافي وسعها لتحقيق التقارب بين الافرقاء اللبنانيين، لكن كل جهد يبذل في هذا المجال لا بد ان يأخذ في الاعتبار ما يتميز به لبنان من خصائص وان يتناغم مع واقع لبنان الخاص".