أخبار خاصة

تعيش السياسة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

صلاح نيّوف :الانتخابات الرئاسية الأخيرة في فرنسا قلبت المعطيات السياسية. الأغلبية اليمينية تقدم وصفتها في ثورة محافظة وفي مواجهة معارضة في طريقها لإعادة التشكل. أسئلة كثيرة يطرحها الفرنسيون: أي يمين،أي يسار ؟ فمنذ انتخاب نيكولا ساركوزي، هذه الأسئلة أصبحت بلا توقف ورئيسة في الوقت نفسه. لأن تاريخ 6 أيار يشير إلى انقلاب في الحياة السياسية لفرنسا. المعطى الكلاسيكي تغير : في اليمين، الغموض في ما يتعلق بالإجراءات الأولية التي اتخذت كما الانفتاح الاستعراضي للحكومة على شخصيات في المعارضة كل هذا شوش تعريف " الساركوزية" sarkozysme؛ في اليسار، سقوط الحزب الاشتراكي، تبعثر اليسار الراديكالي والحرب بين قادته يفتح أزمة طويلة في الهوية و القيادة لهذا الحزب.

يسأل الفرنسيون: أي يمين يحكمنا؟ و أي يسار هذا الذي في طور إعادة التشكل؟ إلى جانب الحوارات الثقافية،الفلسفية أو الاقتصادية، هذان السؤالان الرئيسان سيسيطران على المنتدى الذي يقام في مدينة "غرونوبل" الفرنسية (شرق فرنسا) اعتبارا من اليوم ويستمر ثلاثة أيام تحت إشراف صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية. هذا المنتدى سيكون بحضور شخصيات سياسية، نقابية، وأخرى تعمل في مجال المجتمع المدني، جامعية و أدبية أيضا، كما سيسمح بعرض جميع التحليلات، فهم المشهد الوطني السياسي واكتشاف طرق المستقبل. ولكن لابد في النهاية من الإجابة على السؤالين السابقين...

أي يمين ؟

في البداية، كان كل شيء سهلا. قبل سنة، نيكولا ساركوزي كان مرشحا يعتقد اليسار أن له أهميته. ليبرالي ـ محافظ، تجسيد فرنسي " للثورة المحافظة" التي حولت العالم الأنكلوساكسوني قبل سيطرته على العالم ككل، منافس شيراك و فيلبان رئيس الوزراء الشيراكي. صديق لرجال الأعمال و للناس، ناشط كبير في مجال الإصلاح اليميني، مبشر بانتهاء القطيعة مع الليبرالية.اليسار له شكوكه بخطابه حول الأمن و الأمة فالهدف هو إعاقة هذا الزعيم اليميني الجديد بتقديم أو بناء مميزاته كسيد وزعيم، لذلك اختار أن يطرح على المرشح الليبرالي مشروعا اجتماعيا يشكل الفرق بينهما، في بلد يعاني القلق و الاضطراب من أن العولمة الليبرالية ستذهب بحمايته مهب الريح.

نيكولا ساركوزي رأى كما يبدو هذا التصدع الفرنسي. تفكيره السياسي البراغماتي، ولقاؤه "هنري غينو" صانع الشيراكية الاجتماعية، أقنعه أن حقيبته و بضاعته الليبرالية ستكون حقيبة من الحجارة على الظهر في السباق الذي افتتح نحو الإليزيه. خلال الشتاء، وفقط قبل الاقتراب من الهدف النهائي، خطابه سيغير من طبيعته، واضعا العمل في قلب الحملة الانتخابية مستحضرا حتى خطاب الرموز التاريخية لليسار الفرنسي.
هل من تغير في اليسار؟ لا يعتقد خبراء السياسة الفرنسية ذلك. لأن التغير يعني الوضع في المساءلة الخطاب التاريخي لليسار، ووعد الفرنسيين بمزيد من المال والعمل.لقد هيمن ساركوزي بخطابه عن الأمن مستثمرا مفهوم الهوية الوطنية عن اليمين المتطرف الفرنسي، لقد جاء ساركوزي مع أسلحته الخاصة أيضا وفي ميدان منافسيه من اليسار، ومنعهم من الاعتماد حتى على نقاط قوتهم التقليدية،و أهمها الخطاب الاجتماعي. ويرى بعض المراقبين في فرنسا أن ساركوزي فاز بالانتخابات بسبب أخطاء منافسته سيغولين رويال و الخطاب الإيديولوجي المتأخر لليسار الفرنسي.

إذا أي يمين يحكم فرنسا؟

يمين له القرار في تحديث فرنسا بعيدا عن الانقسامات، كما يقول أصدقاء ساركوزي. يمين ليبرالي ـ محافظ متشدد، يختبئ خلف ستارة من التسامح، كما يقول أنصار اليسار. يمين "بونابرتي" bonapartiste ، يقول آخر، حيث تمركز السلطة مع خطاب سلطوي وعمل موجه مباشرة إلى الشعب، من فوق كل المؤسسات التمثيلية.

أي يسار؟
هزيمة المعارضة هي على مقاس تفاؤل ساركوزي كما يقال في فرنسا. كل ديمقراطية تحوي معارضة؛ والعولمة هي قاسية بما فيه الكفاية بالنسبة إلى الضعفاء وبما يكفي لحزب العدالة الاجتماعية بأن يلعب دوره المحدد في تصحيح ما يحدثه الاقتصاد من تصدع، و أن يقترح على الأفراد أن يختاروا حياتهم التي لا يمكن اختصارها بتبضيع كل شيء. لكن كيف يترجم اليسار هذه المواقف والمقولات بل هذه اللغة في مشروع معاصر.
زعماء اليسار الفرنسي متفقون على نقطة : التجديد هو في رأس القائمة. ويعتبر هذا تقدما بعد الخمول في السنوات الأخيرة وفق رأي المتابعين لشؤون اليسار الفرنسي. لكن هذا التجديد هل هو جديد؟ الأغلبية القديمة للحزب الاشتراكي تعطي رأيها بفوارق في ما بينها : عصرنة واقعية aggiornamento. ثم قبول السوق، إصلاح الدولة، رؤية أكثر إيجابية للعولمة، تبني خطأ أكثر صرامة في ما يتعلق بالأمن.
في النهاية، هذه هي المفردات أو المواضيع التي سيتبناها مؤتمر "غرونوبل" حيث يتواجد أنصار الفكر الليبرالي وخصومهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف