أخبار خاصة

إيلاف ترصد تراجع الثقة بدور الأحزاب العربية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

القبيلة والعشيرة والطائفة أقوى أحزاب المنطقة
إيلاف ترصد تراجع الثقة بدور الأحزاب العربية

كتب ـ نبيل شرف الدين: يدرك أي متابع أو مراقب لأحوال المنطقة، أن للشعوب العربية تجارب مريرة مع الحزبية والأحزاب، ففكرة التحزب ـ ابتداء ـ ليس لها جذور، ولا حتى مجرد ظلال في الثقافة العربية، كما أن دلالة مصطلح "الحزب والأحزاب" في التراث الديني تختلف تماماً عن مفهوم الحزب السياسي بمعناه المتعارف عليه في الديمقراطيات المعاصرة، إذ أن هناك مظلات اجتماعية تبدو أكثر رسوخاً في ذهنية أبناء المنطقة، كالطائفة والقبيلة والعشيرة والعائلة، وربما الجماعة في أفضل الحالات وأكثرها تمايزاً عن الدائرة القبلية. أما الحزب السياسي ككيان يجمع بين أعضائه تحت مظلة القناعات السياسية والمصالح المشتركة، فإن هذه التجارب على ندرتها وتواضع دورها في المنطقة العربية، لم تزل متعثرة في الكثير من تطبيقاتها الراهنة في البلدان التي تسمح بوجود أحزاب سياسية، كمصر وتونس والسودان والمغرب وغيرها .

الحزب والعشيرة

ولعل هذه المفاهيم السلبية في الخبرة العربية قد ساهمت مع عوامل أخرى من بينها سياسات الأنظمة الشمولية، على تآكل مكانة الأحزاب السياسية العربية، خاصة ذات المرجعيات العلمانية أو الليبرالية أو اليسارية أو الوطنية، كما ساهمت أيضا في انحسار دور الجماهير التي يفترض أن تخاطبها تلك الأحزاب، وتستعين بها لتحقيق أجندتها الإصلاحية، التي تصب في نهاية المطاف في صالح القاعدة العريضة من المواطنين، لكن ما حدث طيلة القرن الماضي هو تقريباً عمر التجربة الحزبية المتعثرة في بلدان المنطقة، أن هذه الأحزاب لم تلعب دوراً يذكر لتهيئة المناخ السياسي والاجتماعي لتطبيق الديمقراطية. ومن هنا فقد كان السؤال الذي طرحته (إيلاف) في استفتاء الأسبوع الماضي يقول : هل خلقت التجارب الحزبية في الدول العربية نوعا من الديمقراطية ؟

ولم تأت نتائج الاستفتاء مغايرة للانطباعات الأولى التي يمكن لأي من أبناء بلدان المنطقة أن يعبر عنها، إذا سُئل عن رأيه لتقويم أداء الأحزاب السياسية العربية، وما إذا كانت قد أسهمت في خلق واقع سياسي واجتماعي مواتٍ للديمقراطية، كما هو حال بلدان كثيرة في الغرب والشرق، فقد رأت غالبية ساحقة قوامها (2473)، أي بنسبة 82%، إلى اختيار الجواب (لا)، مقابل نسبة متواضعة لعدد بلغ (467) مشاركاً، يشكلون نسبة 16% من بين المشاركين في الاستفتاء هذا الأسبوع . وبقيت أخيراً نسبة الذين اختاروا الجواب بـ (لا أعلم) حول معدلاتها المعتادة، إذ لم يتجاوز عدد المشاركين الذين صوتوا لصالح هذا الخيار عن (59) شخصاً، بنسبة قوامها 2% من مجمل عدد المشاركين الذين بلغ 2999 شخصاً.

الحزب والدين

وبرزت جذور غالبية الأحزاب والتيارات السياسية في البلدان العربية خلال ثلاثينات وأربعينيات القرن الماضي، لكن دورها تراجع على نحو لافت خلال الستينيات والسبعينيات، على خلفية الانقلابات العسكرية والثورات، والانغماس في الحروب مع إسرائيل، كما تراجع أيضاً دور الطبقة الوسطى، التي كانت في ما مضى تتمتع بقدر كاف من التعليم والثقافة والإمكانيات الاقتصادية، إلى جانب الطموح في الارتقاء على كافة الأصعدة، وقد تواترت اليوم قناعة لدى خبراء الاجتماع السياسي بأن هذه الطبقة تتآكل على نحو يثير القلق في شتى بلدان المنطقة.

وعلى الرغم من الهامش المتواضع للأنشطة الحزبية في بعض الدول العربية، غير أن هذه الأحزاب في واقع الأمر لا تملك فرصة جادة للمشاركة السياسية على أسس المنافسة النزيهة والتداول السلمي على السلطة، لأن الأنظمة الحاكمة ببساطة لا تقوم على المنافسة السياسية، بل على حكم الفرد وأجهزة الأمن والهيمنة على الإعلام والموارد من دون رقابة جادة لا تخضع للهيمنة السياسية.

وفي النهايةً تبقى أهمية الإشارة إلى أن مفهوم الحزبية في التراث الديني والحضاري ينطوي على معانٍ سلبية، كالخروج على الحاكم، وربما النظام بأسره، وبالتالي فإن الأحزاب في الثقافة السائدة عربياً تنقسم بين نوعين هما، "حزب الله وحزب الشيطان". ولعل هذا ما يفسر ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ وجود ظاهرة فريدة من نوعها كحالة "حزب الله" اللبناني، فهو في حقيقة الأمر ليس حزباً سياسياً بالمفهوم الراسخ في الدول العصرية، إذ ليس في وارد هذه الكيانات فكرة التداول السلمي على السلطة ومقاليد الأمور، كما أنه يقوم على فكرة دينية وتحكمه آليات عقائدية تصطدم بقواعد الديمقراطية الغربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف