ماذا يعني الإتفاق العسكري الأميركي- اللبناني؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تباين في الرؤية والتقويم بين 8 و14 آذار
ماذا يعني الإتفاق العسكري الأميركي- اللبناني؟
إيلي الحاج من بيروت: عكست زيارة نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل لبيروت اهتمامًا أميركيًا بلبنان بدا أنه يتجاوز التغييرات المرتقبة والحالية في واشنطن، لكنه لم يترجم دعمًا مهمًا للجيش اللبناني، بل بقي ضعيفًا وغير محدد في طبيعته وحجمه ومداه.
ووُضع برنامج مساعدات عسكرية أميركية للبنان خلال لقاء في وزارة الدفاع في اليرزة بين قيادة الجيش والوفد الأميركي الذي شارك فيه مسؤولون من البنتاغون برئاسة مساعدة وزير الدفاع ماري بيث لونغ، ووقع الجانبان اتفاقًا لإطلاق عمل اللجنة العسكرية اللبنانية - الاميركية المشتركة.
وأعلن الوفد الأميركي تقديم مساعدات للجيش اللبناني، عبارة عن آليات وأعتدة ووسائل إتصالات آمنة وذخائر بقيمة ٦٣ مليون دولار يبدأ تقديمها مطلع السنة المقبلة، على أن تدرس الولايات المتحدة حاجات الجيش من المروحيات العسكرية لتقديمها لاحقًا، وتدرب ضباطًا لبنانيين على مدى خمس سنوات. وتردد في بيروت أن الدفعة الأولى من هذه المروحيات ستكون عشرًا من نوع "كوبرا" مزودة بصواريخ يتم تجهيزها في الأردن الذي سيزوره وفد من قيادة الجيش اللبناني قريبًا للإطلاع على ما يستلزمه استخدامها من تدريب. لكن أي مصدر لم يؤكد ذلك، علمًا أن نوعية المساعدات تركز على ما يمكّن لبنان من مواجهة الارهاب وفق ما جاء في نص الإتفاق العسكري.
ورأى سياسيون من قوى 14 آذار / مارس أن الأهم من المعدات العسكرية هو أن زيارة هيل، الثانية للبنان خلال شهرين، والمرتبطة بنتائج زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان للولايات المتحدة، تكمن في ثبات الالتزام الاميركي حيال لبنان واستمرار مواكبة أوضاعه وتطوراته، على الرغم من انهماك ادارة الرئيس جورج بوش في معالجة تداعيات الأزمة المالية في بلاده وتطورات المعركة الانتخابية الرئاسية.
وتوقف هؤلاء السياسيون عند أبعاد مدة السنوات الخمس التي تم التوافق عليها للتدريب. واعتبروا ان ادارة الرئيس بوش - بفعل الوكالة المعطاة لها للتصرف في الشأن اللبناني، من الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي - تستطيع أن تربط الادارة الاميركية المقبلة بتعهدات تغطي كل ولاية الرئيس الاميركي الجديد سواء أكان باراك أوباما أم جون ماكين . وهذه السياسة الأميركية التي يرمز إليها الاتفاق العسكري تؤكد ان الواقع اللبناني لا يمكن ان يصيبه أي ضرر على المستوى السيادي، لا خلال الفترة الانتخابية الاميركية، ولا في الفترة الانتقالية التي تشهد تشكيل الادارة الاميركية الجديدة.
ويرى هؤلاء ان الاتفاق يشكل ردًا على الجهات التي تشكك منذ أشهر بصدقية الوعود الاميركية للجيش اللبناني، ويعتبرونه ترسيخًا لدعم المؤسسة التي توفر وحدة اللبنانيين وأمنهم واستقلالهم، وأنها وحدها مخولة مواجهة أي حال ارهابية "ناشئة"، من دون تدخل من هنا أو هناك، ولا سيما من النظام السوري.
أما أوساط قوى 8 آذار/مارس التي يقودها "حزب الله" فقللت من أهمية الاتفاق العسكري، مشيرة إلى أنه يتضمن ببساطة تشكيل لجنة مشتركة لدرس حاجات الجيش اللبناني وتقديم ما يمكن منها. وتضيف أن هذه اللجنة تقع في خانة "لزوم ما لا يلزم"، لأن حاجات لبنان معروفة في واشنطن، وتم التنسيق في شأنها بين الطرفين منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
أما المساعدات المرصودة فليست جديدة بل سبق للكونغرس أن فوّض الحكومة الاميركية صرفها يوم تشاء لمصلحة الجيش اللبناني وتسليحه، وما جرى تقديمه في هذه الدفعة من المساعدات وقيمته ٦٣ مليون دولار لا يتجاوز البرنامج القديم الذي تعهدت به الادارة الاميركية عام ٢٠٠٦ ، وهو عبارة عن عتاد عسكري وآليات للنقل وأدوات إتصال وزيوت وشحوم للآليات وذخائر وتدريبات للضباط، بينما يطلب لبنان تزويده أنظمة دفاع جوي وصاروخي مضاد للآليات ومدفعية ودبابات وأسلحة متطورة بينها معدات قتال ليلي، إضافة الى المروحيات القتالية.
ويسأل قريبون من "حزب الله" عن جدوى استراتيجية وطنية دفاعية يكون الجيش فيها مؤهلاً لمكافحة الارهاب في الداخل فحسب، وعاجزًا عن خوض حرب دفاعية أقله مع إسرائيل ، وما الجدوى كذلك من استراتيجية دفاعية يكون سياجها سلاحًا اميركيًا تديره أو تشرف على استعماله لجنة اميركية - لبنانية قد يكون مركزها في وزارة الدفاع اللبنانية، وقد تنتظر ما يعتبر ضرورات أمنية ووطنية وسيادية للبنان؟
في المقابل يؤكد مسؤولون أميركيون، عبر من يلتقونهم، أن لا مشكلة مبدئية لدى الولايات المتحدة في تزويد الجيش اللبناني بما يحتاج إليه وما يستطيع استيعابه حتى لو كانت مروحيات قتالية من نوع "كوبرا" أو منظومة صواريخ حديثة مضادة للدروع أو غيرها. لكن الإدارة الأميركية تنتظر حسم المعنيين في لبنان الحاجات والمتطلبات في ضوء قدرات الجيش الاستيعابية والأولويات. ويضيفون :"ثمة في لبنان من يخوض حربًا سياسية وإعلامية على الولايات المتحدة ، ويتهمها بشتى أنواع الاتهامات. وفي الوقت نفسه يأخذ عليها ما يعتبره قرارًا أميركيًا بعدم تزويد الجيش اللبناني السلاح. فكيف لمن يريد معاداتنا أن يطالبنا بتسليحه ليحاربنا؟".
وقال مسؤول أميركي إن"الإدارة الأميركية لم تتلق حتى الآن من وزارة الدفاع اللبنانية طلبًا رسميًا مفصلاً بنوعيات محددة من الأسلحة من أجل مناقشته. ولفت الى أن التأخير مصدره الجانب اللبناني، ذلك أن "وزارة الدفاع الأميركية كانت تنتظر زيارة لوزير الدفاع اللبناني الياس المر للولايات الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر للدخول في تفاصيل حاجات الجيش اللبناني. لكن هذه الزيارة لم تتم لاعتبارات لبنانية وليست أميركية".