بوش 5 نوفمبر: هاجس التاريخ أم الحريق الأخير؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ترقب عربي وخليجي لما قد يفعله قبل تسليمه السلطة فعليًا
" بوش 5 نوفمبر ": هاجس التاريخ أم الحريق الأخير؟
في هذه الحالة سنكون أمام جورج بوش جديد ربما يطلق عليه إسم " بوش الخامس من نوفمبر "؛ الرئيس الذي يقضي أيامه الأخيرة في ظل ساعات قلقة تتآكله فيها عدة أسئلة وجودية تبدأ من هاجس التاريخ، الذي يود أن يكون ضربته الأخيرة قبيل إنهاء سنوات الرئاسة، ولا تنتهي عند فكرة "الحريق الأخير" الذي قد يورط فيه الرئيس المقبل.
لا أحد يمكن له أن يرسم صورة دقيقة لحالة الملك في لحظات نزوله الأخير عن سلم العرش، أو التنصت على أفكاره وهو يغادر قصر الحكم الذي أدار منه شؤون الدين والدنيا لسنوات طويلة، إذ هي بالتأكيد إحدى اللحظات الشكسبيرية التي ليس من السهل نقلها لآخرين لم يعيشوا تفاصيلها على أرض الواقع.
( هل كنا نعرف ما الذي كان يفكر فيه زين الدين زيدان، في الصورة الشهيرة التي نشرتها صحيفة التايمز اللندنية لكابتن المنتخب الفرنسي، وهو ينظر بعينيه نظرة لا تُفسّر إلى كأس العالم الذي كان على بُعد خطوات منه لو لم يُطرد بالبطاقة الحمراء؟).
ربما يفكر جورج بوش خلال هذه الساعات في أن يقدم للتاريخ هديته الأخيرة عبر السعي إلى تحريك فعلي لعملية السلام في الشرق الأوسط، النائم على صفيح ساخن، مدفوعاً بالقوى الجمهورية في الحزب بغية إعادة تحسين صورته، بدلاً من أن يحتفظ الناخبون بوجهة نظر سلبية إلى الأبد إزاء الحزب الجمهوري.
وهناك سوابق حدثت مع رؤساء سابقين في نفس الفترة كان آخرهم بيل كلينتون الذي حاول عدة محاولات مستميتة لتوقيع إتفاقية سلام نهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
أو أنه وهو يجلس على ضوء خافت في غرفة الجلوس، التي طالما جلس عليها صديقه السعودي الأمير بندر بن سلطان، قد يفكر في ضربة خاطفة يوجهها إلى منشآت نووية إيرانية كي يقطع الطريق أمام أي تنازلات تقدمها الإدارة الديمقراطية للدولة التي صنفها بوش نفسه بأنها إحدى دول "محور الشر".
ومحتمل أنه وهو على طاولة الطعام العائلية قد يفكر بصوت مرتفع، وهو يتناول إحدى أطباقه البحرية المفضلة، في الإعداد العائلي لتمهيد الطريق أمام أخيه جب بوش الثالث، حاكم فلوريدا السابق، في أن يتولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية خلال الانتخابات المقبلة بعد أربع سنوات من حكم الديمقراطيين.
وفي هذه الحالة قد ينصح بوش الأب الأكبر أبنه الآخر بالاستماع إلى نصائح صديق العائلة الأثير الأمير بندر كما فعل تماماً مع جورج بوش الإبن قبل أن يترشح للانتخابات.
وينتمي بوش إلى أسرة عرفت بالعمل السياسي، فجده برسكوت خدم عضوًا في مجلس الشيوخ الاتحادي بين سنتي 1952 و1963، وعمل والده نائبًا في البرلمان الاتحادي سنة 1966 ثم نائباً للرئيس الأسبق رونالد ريغان في الفترة من 81 إلى 1989، وأصبح الرئيس رقم 41 للولايات المتحدة الأميركية سنة 1989، إضافة إلى أن أخاه جب بوش تولى حكم ولاية فلوريدا.
بالنسبة إلى منطقة الخليج التي يخيم عليها القلق الإيراني منذ نصف قرن فإن سيناريو "الحريق الأخير" أو "العاصفة الرملية"، التي قد يثيرها بوش قبيل مغادرته البيت الأبيض من خلال مهاجمته منشآت نووية إيرانية، يثير في قلوب عواصم الخليج الست ما هو أبعد من القلق : إنه الفزع الأكبر.
وتعلم "إيلاف" أن أجهزة الاستخبارات في هذه البلدان قد التقطت عبر مصادرها أن السي آي إيه لم تكن تعلم عن الإغارة الأميركية على أحد المواقع السورية، التي نّفذت الأسبوع الماضي مخلفة ثمانية قتلى، إلا قبيل تنفيذها بثلاث ساعات، مما يعني أن هذا الأمر قد يتكرر في أي وقت لاحق حسب رغبة الرئيس.
وحاليًا لا ترغب دول الخليج في أي تصعيد عسكري مع إيران النووية طالما أن الاقتصاد يمكن له أن يؤدي الغرض في ذلك رغم أنه يحتاج إلى وقت أطول وقد يسبب خسائر مالية جمة، إذ أن هبوط أسعار النفط وضمان بقاءها عند سعر منخفض خلال الأشهر المقبلة كفيل بإحداث أضرار لا تحصى في صفوف حكومة طهران ونخبتها السياسية.
ولا تتمتع العلاقة بين البرلمان وحكومة أحمدي نجاد بعلاقة طيبة. وسبق وأن أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أن الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة هي "عمل حربي" دون تحديد.
كما أن الخليجيين، والسعوديين على رأسهم، قلقون من نائب أوباما الجديد الذي يعرف بمواقفه المهادنة بشكل زائد عن الحد لإيران بينما تتخذ مواقفه شكلاً أكثر عنفاً حينما يتعلق الأمر بباكستان التي تعتبرها الرياض إحدى قلاعها الإستراتيجية في حديقة شرق آسيا، وهي قوة سنية موازية قد تقف حائلاُ في وجه طموحات طهران.
وحسب مصادر "إيلاف" فإن بوش سوف يلتقي بالملك عبد الله في نيويورك الأسبوع المقبل. وربما يتحدث في تلك الجلسة عن هواجسه قبيل أن يسلم مفاتيح البيت الأبيض لرئيس جديد قال عن نفسه إنه "حلم أميركا".