خلف بن هذال... 50 عامًا من الشعر والحرب والغربة

"إيلاف" تنشر قصيدته الجديدة وتحاوره حول مسيرته
خلف بن هذال .. 50 عامًا من الشعر والحرب والغربة

إيلاف من لندن: من بين غبار طائرات الشبح النفاثة وصواريخ توما هوك التي استخدمت في حرب تحرير الكويت، كان من أهم الأسلحة المشاركة في المعركة شاعر شعبي سعودي يرتدي كوفية حمراء فوق زيه العسكري إسمه خلف بن هذال العتيبي الذي يصفه محبوه بأنه شاعر الحرب والوطن.

وحين يقف خلف اليوم الاثنين أمام ملكه كما اعتاد في هذا الوقت من كل عام ليلقي قصيدة الحج في حفل رسمي فإنه سيكون قد أكمل نصف قرن بالعدد والعدة في مسيرته الشعرية التي قال عنها خلال حديث له مع " إيلاف "، عبر الهاتف ليلة السبت، أنها ستستمر طالما بقي على قيد الحياة.

وخلال حرب الخليج الثانية التي قادت فيها كل من السعودية وأميركا تحالفًا دوليًا لتحرير الكويت لمع نجم خلف بن هذال كشاعر إستطاع تجييش مشاعر أهل الخليج خلف حكامهم في هذه المعركة إلى حد أصبحت فيه قصائده أناشيد على ألسنة الجنود في معسكراتهم وخنادقهم المتربة.

ومع اشتداد المعارك على الجبهات أصبح ينظر إليه على أنه وزارة إعلام متنقلة بل كان بالنسبة إلى مواطنيه أهم من جنود 33 دولة شاركت في التحالف الدولي لطرد صدام وإعادة الكويت إلى الخارطة.

وجاءت قصيدة خلف بن هذال، "الميمية"، التي سوف يلقيها أمام العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في منى، متناغمة مع العصر يتحدث فيها عن تجربته من خلال خمسين بيتًا هي موجز عمره الشعري الذي تلاطمت فيه بحار الشعر مع الحب والحرب والغربة والحنين إلى الوطن.

ويقول في حديثه مع "إيلاف": "هذه القصيدة تعبر عني إن لم تكن حياتي كلها وضعتها في هذه القصيدة التي سألقيها أمام خادم الحرمين. هذه مسيرتي منذ الصغر حين تغربت وعشت سنينًا في الغربة إلى أن عدت إلى الوطن وإلتقيت بخادم الحرمين الملك عبد الله وبدأ فصل جديد في حياتي".

ويضيف بصوت هادئ كمن يتذكر: "حين ألقيت أول قصيدة أمام خادم الحرمين كان ذلك عام 1384 هجرياً وقال لي بعدها "ماذا تريد؟" قلت "أريدك والبقاء جوارك" قال لي "الله يحييك" .. ومنذ ذلك الوقت أفضاله علي لم تنقطع منذ أن أدخلني في المدرسة العسكرية حتى الآن".

ونشأ خلف بن هذال يتيمًا بعد أن توفي والده وهو يبلغ من العمر سبع سنوات وبدأ بعدها رحلة مضنية من مسقط رأسه التي ولد فيها مدينة "ساجر" إلى الرياض ومن ثم الكويت إلى أن حانت اللحظة الذهبية في حياته عند لقاءه الملك عبد الله.

وفي ماذا يفكر الآن بعد أن أمضى خمسين عامًا في الشعر يقول بتأن :"أنا الآن أفكر في طباعة ديوان يضم جميع قصائدي .. ولقد شجعني الكثيرون من معارفي وأصدقائي وجمهوري كي أنشره وأنا سأفعل ذلك قريباً .. إنها تحتاج التفرغ".

وعلى الرغم من أن شهرته اللافتة للنظر قد صنعتها قصائد الحرب التي كتبها في أوائل التسعينات من القرن المنصرم فإن معجبيه يرون بأنه لم يعد يشبع نهمهم في هذا الجانب كما كان في السابق. ويدافع عن ذلك قائلاً :" الرأي للمجتمع والقارئ وأنا أحوال التنويع قدر الإمكان".

وكانت "إيلاف" قد قرأت القصيدة خلسة من الشاعر والعيون وتنشر نصها كاملاً هنا :

اشهد إنك في مسيرتك ولشعبك وفيت
خلف بن هذا العتيبي

من فيافي ديرتي جيت أحث الرجل جيت
ممتطي مطية ما تخالطها الوسوم

في شداد الراحلة كم سرحت وكم سريت
أطرد الأيام طرد النعام مع الحزوم

وكم رضيت وكم زعلت وزعلت وكم رضيت
طاويٍ بطني وأسج عن الوجبة وأصوم

وكم بكيت وكم ضحكت وضحكت وكم بكيت
تدبر الدنيا بعض النواجذ فالبهوم

الزمان اللي كواني بناره واكتويت
ماحجبت الوجه بالقيظ عن لفح السموم

الولد دون الوطن والمعيشة يستميت
ما يخلي الواجب الي تخليه الرخوم

اقتلب وادور الرزق وبحظي رضيت
واقتطع مناكب الأرض ما اسمع من يلوم

اطلب الخيرة ليا اخترت فرجة وانتويت
ما يرد المنتوي صوت ذيب وحس بوم

كان ماجاك الولد يجتلد لو حي ميت
من حساب اللي مريف المقابر من اللحوم

عيب اردد ليت وانا ولد واقول ليت
منوة من قبلنا ما قضت لحدن لزوم

غبت عن داري مغرّب وعنها ما سليت
جيتها يوم الفرج لاح من روس الرجوم

والسلام مبارك العيد وانا لك فديت
ياحبيب الشعب وابرك من الايام يوم

يوم سقت القافية فيك والله ما غديت
مثل سوق القافلة للجدي بين النجوم

فيك يالقطب الشمالي بمسراي اهتديت
كل ما يممت يمك تعرضت اليموم

فيك يابن اليعربية وانا منك ابتديت
رايم العليا ولا غير عبد الله يروم

المواقف غالية كم عطيت وكم خذيت
الحياة لها ضريبة وتتبعها رسوم

اشهد انك نخوة المجد للمجد انتخيت
نخوة ماتارد ألا مواريد السهوم

واشهد انك في مسيرتك ولشعبك وفيت
منك واصلنا المسيرة وحققنا الحلوم

واشهد انك يوم خضت المناصب ثم وليت
كرسي التدبير بالفعل شتت الوهوم

واشهد انك صايب الراي بأفكارك سعيت
للتآلف والتكاتف وتسكيت الخصوم

في ميادين الديانات حاورت ومضيت
ومن يعارض في مساعيك جعله ما يقوم

ثور النايم وقله علامك ما صحيت
الأفاعي تدخل الناس من تحت الهدوم

ناس ما تدري عن اللي يدور وكيت كيت
خوض حوض ورجل خيل على الفارس تعوم

المخاطر واردة وأنت عنها قد دريت
كل طلعة شمس منها يبينن السلوم

ياعمر في رحلتك ماهدمت إلا بنيت
ما تعرضت لكنيسة ولا روعت قوم

معدلك فاروق وأعظم أخطاك اللي خطيت
كل من ودعك مستقبلك عند القدوم

وانت يا قايد وطنا مشينا اللي مشيت
المثابر بالصبر والغنايم بالعزوم

ارفع الراية وسل السلاح ليا غزيت
بالأماني كم قطع الايادي والخشوم

يستتب الامن وليا اهتنى الشعب اهتنيت
يسهر القبطان واللي على المركب ينوم

شاهر سيف العدالة وللمصحف قريت
تنقذ المظلوم من تحت لحيان الظلوم

انجبك صقر الجزيرة وفي حضنه ربيت
فيصليٍ مر كبده على كبده يزوم

حنكك حنكة بطل للمواجيب ارتكيت
من نصيبك يكبر القسم من بين القسوم

يا عريب الأصل والفصل للجوزا سميت
عن شومة الغدر والشك والشرك معصوم

بالمغارب والمشارق لك السمعة وصيت
ديدينك بالكون تحت السما فوق الغيوم

يابعيد الحوم ياللي على الرجم اعتليت
الطيور موقعة لا تطير ولا تحوم

شامخ الهامة حشا ما خضعت ولا انحنيت
يا صميدع من يعاندك مفلس ومهزوم

من تدخل في عقيدتك للحق اعتزيت
عزوة العوجا ولا زال للعوجا قروم

سطوة الجبار في المعتدي لا من سطيت
ورحمة الغفار جاتك من الرب الرحوم

يا زعيم العرب للعرب بالنية صفيت
الزعامة يازعيم العروبة لك تشوم

يا عزيز الجاه يا كثر من صنت وحميت
من يذود بجانبك يرقد آمن ومخدوم

يا كثر ما أصلحت من حال وأحوال ورعيت
من مشاريع تخليك مكرم ومحشوم

السياسة يا سياسي لها بعت وشريت
وين يالشراي في سوقها محد يسوم

وانت يا تاريخ سجل بعينك ما رأيت
زف عصر الملحمة للبشر لما لموم

في ولي العهد ابمدح وللمدح اهتويت
راعي الفزعات ضافي الشمايل والكروم

مبتسم وقت الشدايد ويعجبك ان نصيت
في عيونه يصغرن الكبار من العلوم

في المهمة يابو خالد على القمة رقيت
للدفاع مدافعي مستعد للهجوم

ردك الله بالسلامة ومن قلبي دعيت
مرتجي عودتك رجوة صحاري للسوم

والقصيدة تمت ابياتها خمسين بيت
والسموحة ياملكنا عسى عزك يدوم