أخبار خاصة

الجبهة الإعلامية مشتعلة... الصحافة الإلكترونية نموذجًا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ذخائر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (4-5)
الجبهة الإعلامية مشتعلة.. الصحافة الإلكترونية نموذجًا

خلف خلف- إيلاف: شكل ظهور الإعلام الإلكتروني نقلة نوعية في ثورة الاتصالات، فهذه الوسيلة لم تلغ ما قبلها من الوسائل الإعلامية، كما توقع البعض، بل إحتوتها، فباتت هناك الصحافة الإلكترونية، والإعلام الإلكتروني المرئي والمسموع، وهذا الدمج والتداخل بين الأنماط المتنوعة افرز قوالب إعلامية متعددة، لا يمكن حصرها، كونها في تطور سريع يتخذ أشكالا متنوعة. هذا ما دفع العديد من الجماعات والأشخاص، بل حتى الدول إلى التنبه لأهمية هذه الوسيلة للتعبير عن مواقفها، والوصول لأكبر عدد ممكن من الجماهير من خلال ضغطة زر واحدة. ونتيجة لإحتدام الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عمل كل طرف على ترويض هذه الأداة لصالحه، كمحاولة لكسب الرأي العام العالمي، والتعبير عن آرائه ومواقفه من كافة المسائل والقضايا.

وبما أنه غالبًا ما يتحدث الكثيرون عن قدرة الصحافة الإلكترونية الإسرائيلية في التأثير على المجتمع الدولي، بينما يوصف نظيره الفلسطيني بالضعيف والمترهل. فإن هذا التصور، وفر أرضية خصبة، لإجراء مقارنة جزئية بين ملامح وخصائص المواقع الإعلامية الإلكترونية لكلا الجانبين، في محاولة للإجابة على سؤال شائك ذي حدين، هو: من يتفوق على الآخر، وكيف؟، ولتقصي الإجابة أجرينا مقابلات مع إعلاميين وباحثين فلسطينيين في هذا المجال، بالإضافة للتوقف على الموضوع بالنقد والتحليل.

لمحة عامة
هناك ما يزيد عن 100 موقع إخباري إلكتروني فلسطيني، معظمها غير معروف للجمهور بشكل واسع، وجزء كبير منها لا يمتلك كوادر صحافية مدربة ومعدة بشكل جيد أو حتى مراسلين، وبالتالي فهي تستمد معطياتها وموادها من وسائل إعلام أخرى، بالإضافة لبيانات المؤسسات والترجمات عن الصحف العبرية، وكذلك نادرًا ما يكون لدى هذه المواقع لغة مساندة للعربية، باستثناء المركز الفلسطيني للإعلام المحسوب على حركة حماس، الذي ينشر بأكثر من لغة. منها اللغة الروسية، واللغة المالاوية، والفرنسية، واللغة الفارسية.


أما إسرائيليًا، فيوجد عشرات المواقع الإلكترونية الإخبارية، متعددة اللغات، منها الروسية، والصينية، والفرنسية، بالإضافة للموقع الإلكترونية للصحف اليومية الثلاث، يديعوت، وهآرتس ومعاريف، والأولى والثانية تنشران بالانجليزية، بالإضافة إلى اللغة العبرية، كما يوجد موقع صحيفة جيروزليم بوست، الناطق باللغة الانكليزية، وهي مواقع ترتيبها من حيث عدد الزوار متقدم على المستوى العالمي، فمثلا موقع "هآرتس" يحمل الترتيب (5,887) بحسب موقع اليسكا.

لا مجال للمقارنة..!!
الكاتب والصحافي الفلسطيني مهيب النواتي، يقول لـ "إيلاف": "الإعلام الالكتروني لأي دولة يستمد قوته أو ضعفه من الحالة الإعلامية لهذه الدولة, وبالمجمل فلا مجال للمقارنة بين الإعلام الإسرائيلي القوي والمؤثر في الإعلام العالمي بشكل كبير, وبين الإعلام الفلسطيني الذي يظل إعلامًا متلقيًا وغير مؤثر حتى على صعيد الرواية الفلسطينية المغيب تأثيرها في الإعلام الدولي".

ويضيف: "هذا بشكل عام أما بشكل خاص فالتقنيات التي يستخدمها الإعلام الالكتروني الإسرائيلي هي أعلى بكثير من التقنية التي يستخدمها الإعلام الفلسطيني, ناهيك على أن الإعلام الالكتروني الفلسطيني هو إعلام مستهلك للمادة الإعلامية، وليس إعلاما منتجا مثل الإعلام الإسرائيلي. كما أن تأثير الإعلام الالكتروني الفلسطيني عالميًا محدود للغاية في مقابل الإعلام الالكتروني الإسرائيلي الذي هو في كثير من الأحيان مرجع خبري لمؤسسات إعلامية دولية".

والمتابع للمواقع الإعلامية الإلكترونية الفلسطينية أيضا يلحظ في اغلبها كثافة المعلومات المتدفقة يوميًا، وهو ما يؤدي لإغراق القارئ بكمية كبيرة من المعلومات، مما يعيق هضمه وفهمه للتوجه السياسي الفلسطيني بشكل عام، وهذا بدوره يحول دون تشكيل الرأي العام لفكرة أو رأي معين تجاه الأحداث والقضايا المتسارعة.

الترجمة دلالة ايجابية أم تبعية؟
تقوم معظم المواقع الإعلامية العربية والفلسطينية بترجمة ما تنشره المواقع الإعلامية الإسرائيلية التابعة للصحف اليومية الثلاث، يديعوت، هآرتس، معاريف، وحول الدوافع الكامنة وراء ذلك، يقول الباحث الإعلامي الفلسطيني سعيد أبو معلا: "الترجمة دلالة إيجابية، ونابعة من أن القوى يفرض منطقه وأخباره، كما أن الضعيف يريد أن يعرف أخبار خصمه، وهذا أمر عادي، فهناك أيضًا ترجمة لأبرز التقارير المميزة التي تنشرها الصحف الأميركية".

وباعتقاده أيضًا أن سبب النقل عن المواقع الإلكترونية العبرية جزء منه مرده أيضا لقوة الصحفيين الإسرائيليين، وعلاقاتهم سواء مع المسؤولين الإسرائيليين أم الفلسطينيين، وهذه العلاقات تفتح الباب للتسريبات ومن ثم تتيح السبق الصحافي الذي يسيل لعاب أي صحافي.

ويشير أبو معلا المقيم في مصر بغرض إكمال دراساته العليا في الصحافة الإلكترونية: "إن الصحافي الفلسطيني تحول في أحيان كثيرة لصحافي بيانات، وذلك نتيجة، منظومة متكاملة ومتشعبة، منظومة ادوار، ومنظومة علاقات مع السلطة، فالصحافي الفلسطيني لا يعتقد أن دوره أن يكون تحقيقي إلا في أضيق إطار، وبالتالي لا يحارب ليحصل على السبق، الصحافي الحقيقي يجب أن ينتزع من مصادره معلومات، وليس تصريحات".

"الصحفي الفلسطيني بلا أظافر"
وعن الأسباب الكامنة وراء "تقليم أظافر الصحفي الفلسطيني" إن جاز التعبير،، يرجع أبو معلا ذلك لجملة أسباب، منها، ما يرتبط بمن يحفظ الحقوق في حال الصحفي أصبح ضحية أو هدف قوى سياسية، حيث أن البيئة الإعلامية وفي تقاطعها مع المجال العام السياسي والاقتصادي تفرز ذلك الواقع المحبط المحزن".

ويضيف: "الكل يعمل حجم الفساد الذي انتشر في السلطة على مدار سنوات، ولكن السؤال هنا: "لماذا لا يوجد ملف واحد، صغير أم كبير، فتح بفعل كشفه في وسائل الإعلام؟" وأستطرد قائلا: "إن واقعنا أو نمط عمل صحافتنا (الفلسطينية) قاد لما نحن عليه الآن"، موضحا: "فنحن تعودنا أنه لا يوجد إلا عدو واحد وهو الاحتلال، ومهاجمة الاحتلال سهلة جدًا، وليس عليها ضريبة، بينما بقية أعداء الشعب الفلسطيني من داخل هذا الشعب لم يكن ينظر إليهم على أنهم أعداء".

ويشدد الباحث الإعلامي في الصحافة الإلكترونية على أن "الإعلام الالكتروني الفلسطيني ضعيف، وبإمكان الشخص اكتشاف ذلك بسهولة عبر مدخل بسيط، هو أن يولج لقائمة أهداف كل موقع، حيث يرفق كل موقع رسالة منصعة ومكثفة عن أهدافه وأمانيه، ومن مقارنة سريعة سيجد أن هناك بون شاسع بين الأهداف وما تحقق على الأرض.

"عمليا الأهداف الكبرى ليست عيبا، لكن كل مواقعنا تضع أهداف كبرى لكنها لا تستطيع تحقيقها بمفردها في ظل تبعثرها وعملها الفردي غير الممنهج، أكبر دليل على ذلك معرفة المتابع أن حركة فتح أنشأت لها عبر جهات ومؤسسات مختلفة أكثر من 12 موقعاً إعلامياً جديدًا منذ تاريخ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، تضاف إلى أكثر من الرقم السابق عليها، وبغض النظر عن أهداف هذه المواقع ومن يقف خلفها، إلا أنها تعاني من الويلات ويكتشف فيها المصائب على صعيد الخدمة أو المضمون، أسوة بغيرها من المواقع". حسبما يقول أبو معلا.

ويختم أبو معلا حديثه قائلا: "للأسف لم تعتد الصحافة الفلسطينية عبر جميع وسائطها على القيام بدور الكشف والفضح، وبالتالي خسرنا الكثير الكثير، ووصلنا لما نحن عليه الآن من ضعف وتردي وترهل وادوار محصورة ومحاصرة بما يمليه السياسي ويفرضه الحزب".

إعلام يحكمه المنظور الأمني
قبل نحو عامين، كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتسيد أجندة الإعلام الإلكتروني الفلسطيني، بينما في الوقت الحاضر حلت مكانه المواجهة بين فتح وحماس، وأصبحت القضايا الاجتماعية والاقتصادية شبه مغيبة، بينما حافظ الإعلام الإلكتروني الإسرائيلي على نوع من الموازنة، فهناك ترتيب للأولويات، الداخلية والخارجية، يتوفر في الأولى هامشًا واسعًا للمناورة وطريقة المعالجة، أما القضايا الخارجية، فهي محكومة بالمنظور الأمني.

ولذلك يعارض الكثير من الباحثين والإعلاميين التعامل مع الإعلامي الإلكتروني الإسرائيلي بنية صافية، ويشددون على ضرورة تناول ما تنشره المواقع الإسرائيلية بالنقد والتحليل والمقارنة، وليس مجرد نقل لمعلوماتها وتقاريرها، التي بعضها يحتوي على شوائب، وبالونات اختبار وإشاعات لضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية.

وفي الحلقة الخامسة والأخيرة من الحلقات المخصصة للبحث في ذخائر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيسلط الضوء على "الصواريخ البدائية.. وتاريخها في المواجهة"، حيث دأب الفلسطينيون في قطاع غزة على تطويرها وإطلاقها على بلدات جنوب إسرائيل طوال سنوات مضت، ولكن في الشهور الأخيرة قام مستوطنون بتصنيع صواريخ محلية أيضًا لضرب بلدات فلسطينية في الضفة الغربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف