أخبار خاصة

لا معنى للحياة عند غسان تويني خارج الحرية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شخصيات وكتاب عرفوه وشهدوا لظاهرته الفكرية والسياسية:
لا معنى للحياة عند غسان تويني خارج الحرية

إيلي الحاج: عام 1995 كتب أنسي الحاج ، وكان رئيس تحرير جريدة "النهار" مقدمة لكتاب روى فيه غسان تويني ذكرياته في الصحافة والسياسة والحياة بعنوان "سر المهنة ... وأسرار أخرى"، واختصر في تلك المقدمة انطباعات عمر مع تويني .

أنسي الحاج أكثر من عرف غسان تويني، ورث علاقته به من والده رئيس تحرير "النهار" الراحل لويس الحاج الذي رافق مؤسس الجريدة جبران تويني الجدّ. كتب الحاج الإبن في تويني الإبن : "أكثر ما يستوقفني ( في ذكريات غسان تويني) شخصيته، شخصية رجل صنع جريدة يقرأها الحكام ويتساءلون ما الذي فيها يضاهيهم ويفوقهم سلطة ، ويقرأها الناس ويرون من الطبيعي أن يدمنوها.

شخصية "وحش صحافي" تنطوي على حاكم زائد معارضاً ، وعلى وجدان شعبي يحترق بقلقه ويستضيء بطموح لا يهدأ وبحث لا يرتاح عما يعتقد انه الأفضل. شخصية إغريقية بفكر أوروبي وغراماتية أميركية ولغة عربية يضسق بها فلا يني يوسّعها . شخصية عاقل يشبه منطقُه الجنون وقد بات العقل شذوذاً. شخصية حكيم يَسحره العقل حتى في الحب. شخصية تُسفر وتظل سراً.، لأنها تمتلىء حيث تدفق، وتستبهم حيث تشفّ، وتصمت فوق الكلام، وتفتح الباب فإذا به مغلق، وتغلقه فإذا به مفتوح.

وهذا الضاحك المبطّن بالفواجع، العابس المجنّح كهواء الليل، صنع جريدة لتكون نهاراً أكثر من النهار، وليجمع فيها ما لا يُجمَع، هارباً بها ومعها من ضجر النوع الواحد، وخالقاً فيها ومعها نهراً من التنوع والإختلاف هو نهر الحياة التي يغنّيها في مقالاته ومحاضراته منذ نصف قرن: حياة لا معنى للحياة خارجها، لأنها، وسط التناقضات وبفضل ديناميكيتها، تُفتّح في الشعوب والأفراد تلك الزهرة البسيطة الهائلة المحفورة في سراب العيون، والتي اسمها الحرية.
كيفما تقلبنا معه ، نجدنا معها، الحرية.

مجبولة بعذاب المعاناة الفردية، أو بالصراع ضد التعصب والإرهاب، مطلة كالوعد وراء الوعد، شمس الغيم شبه الدائم . تقع وتنهض، تخطىء وتصيب، ولا يجدها خصمٌ متلبسةً وصاحبها بجرم الاضطراب.
فلا شيء يُربك طمأنينة الحرية عند غسان تويني (...)".

وفي ملحق ثقافي أصدرته صحيفة "الجزيرة" السعودية بعنوان "إنه غسان" استلزم إعداده نحو سنة ونصف السنة ووزعته على عددين في 3 و4 آذار/ مارس 2008 تكريماً لتويني، كتب 88 كاتباً وشخصية ينشطون في حقول الصحافة والسياسة والديبلوماسية وهم من جنسيات عدة لبنانية وعربية واوروبية واميركية، خصصت لكل منهم صفحات من تجارب ومعارف ومقاربات لغسان تويني وطبعت منه 200 الف نسخة وزعتها في لبنان والمملكة العربية السعودية وبلدان عربية اخرى على أن تصدر لاحقاً في كتاب.
وهنا بعض المختارات- الشذرات من ذلك الملحق :

رئيس مجلس النواب نبيه بري كتب: "(...) في كل نهار ابحث عن وقع قلمه في النهار، فأجده، بخلاف الآخرين، حيث تركت يده الخضراء اشجارا وقمحا وتبغا في حاكورة الصفحة الاولى لتلك الصحيفة المعتقة، فاعرف ان الوطن بخير لأن غسان مستمر في الكتابة".
وكتب رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة يروي بدوره كيف اقبل على قراءة تويني في مطالع الستينات "وما تركت هذه العادة الحميدة الى اليوم"، وقال: "(...) بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وخروج الجيش السوري من لبنان، ما لجأ الأستاذ تويني الى استراحة المحارب ، خصوصا بعد استشهاد نجله النائب جبران تويني بل اعتبر نفسه بين القلة المسؤولة عن استمرار لبنان وصيغته وحرياته ودوره في المنطقة والعالم".
وكتب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى: "يكفي ان تجلس مع غسان تويني لتخوض معه دائما حوارا شيقا تكسب في نهايته، سواء اتفقت او اختلفت في الرأي معه، رؤية شاملة وتسمع فكرا متقدما (...)".
أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فوصف تويني بأنه "لم يكن مميزا في عمله الصحافي فقط انما ايضا في عمله الديبلوماسي في الدفاع عن قضية بلده لبنان وعن القضية الفلسطينية في مرحلة كانت في غاية الصعوبة والتعقيد (...)".
واستحضر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مقاله علاقة والده الراحل كمال جنبلاط مع تويني ومراحل القرب والبعد بينهما. "بقي الخلاف السياسي في اطاره الديموقراطي الطبيعي، بل ان هذا التنوع في الرأي السياسي انعكس غنى على الحياة الدستورية والديموقراطية في لبنان (...)".
أما رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان فنشر الكلمة التي القاها في تويني في حفل تقليده وسام جوقة الشرف من رتبة ضابط. وحملت المقالة عنوان "روح الاستقلال والحس النقاد".
ووصفه الامير الحسن بن طلال بـ"استاذ الحكمة وحكمة الاستاذ". وتناول في مقالته معاناة تويني العائلية و"انكسارات الامة ونكباتها عبر ما يناهز الستين عاما". "بقيت قامة غسان تويني شامخة عصية على خذلان الايام كما ارز لبنان في اعاليه عصي على حلكة الليالي، ولو بأقل ضوء يستمده القمر من شمس النهار".
وكتب مؤسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" جورج حبش مقاله قبل اربعة اشهر من رحيله، قال: "(...) في هذه المناسبة ثمة اعتراف ابتداء لا بد منه وهو ان غسان تويني، اختلفنا معه او اتفقنا، هو ظاهرة ثقافية في لبنان ومحيطه".
أما الوزير السابق غسان سلامة فيروي قصة عشق مع تويني ويفاخر بالقول انه "سميّي الكبير"، ويتحدث "عن الولع التويني بكل جديد وبكل مجهول".
وحملت مقالة حفيدته نايلة عنوان: "اعوامه المعارضة تفوق ايام المعارضين مجموعة".وكتبت: "(...) انا الفتاة الصغيرة التي اجلسها الى مكتبه الخشبي، ممهدا لي الطريق لخوض غمار مهنة المتاعب، وقد قبلها والدي جبران من قبلي، كأننا من جبران الى غسان فجبران ادمنّا هذه المهنة - الرسالة".

وقال وزير الخارجية العراقي السابق عدنان الباجه جي: "غسان تويني شخصية لبنانية عربية فذة ديبلوماسي وسياسي لامع ذو تأثير كبير على كل من سعد بمعرفته واعجب بمواهبه".
وتزين عضو مجلس الاعيان في الاردن ليل شرف مقالتها بعبارة "رجل النهضة" وتقول "ان تكتب عن غسان تويني هو ان تكتب عن اكثر من رجل فهو من اولئك الذين يطلق عليهم في علم الحضارة الغربية لقب رجل النهضة".
وختم رئيس تحرير "الحياة" غسان شربل مقالته بالقول: " بالحبر والحلم كان غسان تويني يقاوم ظلام الحرب وظلم من يتدفأ على النار المندلعة في حنايا الوطن. وبالايمان والصبر كان يقاوم قسوة القدر حين يخطف عزيزا من شجرة قلبه. وتحول هذا القلب دفتر جروح تتجاور فيه اوجاع بلاد واوجاع زوج واب. انها قصة غسان المقيم بين جبرانين الاول انهكته لعنة الكتابة والثاني قتلته لعنة الوطن"..
وقال ناشر صحيفة "السفير" طلال سلمان في مقالته "تعلمت منه هاويا ومحترفا ومنافسا". وروى كيف شاهده للمرة الاولى في صيف عام 1952 في دير القمر وكيف اجرى معه حديثا في ما بعد.
وختم ادونيس مقالته عن تويني بـ"(...) "لبنان كمثل موسيقى تملأ رأسه، لكن عندما يفكر فيه، او يكتب عنه وحوله، لا يفعل ذلك الا فيما يصغي الى هذه الموسيقى بجسده كله وحياته كلها. ولقد وجه وعيه كله لفهم التناقضات، يسارا ويمينا، علوا وعمقا. اضطرب. احتار. انكسر.
صعد، تعذب، غير ان رعشته الحقيقية ظلت تجيئه من هذا المشروع، المغامرة، الهشاشة، المفاجأة، الخطر، الغبطة، من هذا الكل العجيب الذي يسمى لبنان.
انت، يا غسان تويني.
المغروس في تربة التجربة المريرة العالية، وفي تربة الفلسفة - السياسة،
هل اسألك السؤال الذي كاد ان يهرم: ما العمل؟
هل تحب رفيقا ينضم اليك في هذا الخطر الغامض - العمل؟
اذاً، هل تمد لي يديك؟".
ويقص الناشر رياض نجيب الريس كيف تعرف على تويني عام 1955 وانضمامه الى اسرة "النهار". ويختم مقاله بالآتي: "(...) اذا ما سئلت ما هي حصيلة سنوات العمل الصحافي في (النهار)، اقول بلا تردد، ان هذه السنوات كانت (العصر الذهبي) للصحافة العربية لا اللبنانية فقط، وانني كنت من جيل المحظوظين الذين عاشوا هذا العصر وعملوا في صحافته. وان (النهار) وفرت لي مجموعة تجارب وفرص صحافية ما كان لها ان تتوفر لي في مكان آخر، والفضل في ذلك يعود الى رجل واحد فقط اسمه غسان تويني، مهما اختلفت فيما بعد المواقع المهنية لكل منا، وفرقت المواقف السياسية بيننا".
وكتبت الدكتورة سعاد محمد الصباح "في غسان تويني شيء، من كل شيء. فيه عبقرية الكلمة، وجموح الريح وسكينة العاصفة، وغضب الفرح، وغصة الحلم، وانكسار الرمح وتمرد المؤمن وثورة المهزوم. فيه كل ما تريده للبطل من مزايا ولكنه يصر على خلق البطل في سواه. غسان تويني: ايها الاستاذ لك الحياة، وبمثلك ولمثلك يطلع النهار ويبقى".
وكتبت الاعلامية جيزيل خوري عن علاقة زوجها الشهيد الزميل سمير قصير وتويني "(...) معا يطلقان كل مساء على كأس الحياة وسجائر فرنسية مغامرات ثقافية كبيرة تكون نضالات المستقبل.
لا يتعبان، يذهبان بعيدا في التأمل ثم في العمل السياسي. فيرتسم على وجوهيهما شيء من الحزن الدفين المختبئ بسخريتهما العارمة".
وكتب رئيس تحرير "الجزيرة" السعودية خالد المالك مقالاً حمل عنوان "غسان" تناول فيه كيف تعرف على تويني في لقاء تعارف جمعهما في مؤتمر نظمته جامعة الدول العربية في القاهرة في بداية السبعينات: "(...) هذا إذاً رجل نادر، فقد انتصر على معاناته الشخصية، وهزم كل التحديات الصعبة والانتكاسات المريرة التي واجهها في حياته، وبقي الاقوى والاشد مع كل محنة جديدة كانت تمس في الصميم شخصه واهله وبنيه. لا اعرف ان احدا من الاعلاميين والمثقفين واجه ما واجهه غسان تويني وتحمل ما تحمله وبقي هو الاقوى والاشد برغم كل الانكسارات، وهو لهذا يستحق ان اقول عنه بانه رجل نادر لانه اعتاد ان يفاجئ الجميع بالتغلب وبسرعة مذهلة على محنه ودفن كل احزانه، رغم مرارة الحرمان التي يكتوى بها المرء حين يفقد على فترات ابنته وزوجته وابنيه ليعيش وحيدا مع حفيداته ومع عالمه المدلل والكبير والتاريخي صحيفة "النهار" التي تقود الفكر باطيافه المختلفة.
دلوني اذاً على إعلامي ثمانيني يمتلك كل هذه القوة والعزيمة والارادة وهو يودع آخر ابنائه في مقتبل عمره وشبابه الى مثواه الاخير بعد ان غُدر بفلذة كبده وقرة عينه (جبران) لإسكات صوته وتكسير قلمه وتجفيف حبره الذي ظل من خلاله يمارس حقه بان يعبر عن افكاره ورؤاه، فلا يجد اعداء الحرية من سبيل لمقارعته الرأي بالرأي والحجة بالحجة الا باستدناء السلاح بدلا من استدناء القلم (...)".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف